زوجي يعمل بإحدى دول الخليج، واعتاد أن يأتي إلينا مرة واحدة، خلال الإجازة السنوية، وقد أوشكت إجازته على الانتهاء واقترب وقت الفراق.. والمشكلة ليس في المعاناة التي نعيشها بعد سفره من غربتنا في وطننا بسبب غيابه عنا، ولكن المشكلة أن زوجي بعد حادث سقوط الطائرة الأخيرة في البحرين يُصِرُّ على عدم السفر بالطائرة خوفا من تكرار الحادث..
وعندما الْتَفَفنا حوله لتهدئته من حالة الذعر التي أصابته، أصر على أن نصحبه علما بأن هذا الأمر مكلف ماديًّا بصورة ينتفي معها جدوى السفر بسبب ارتفاع تكلفة الإقامة، خاصة وأن موعد دخول أولادنا إلى المدارس قد أوشك ولا نستطيع أن نتحمل تكلفة التعليم هناك. كما أن زوجي قد ترك عمله في بلده ولم يَعُد لدينا دخل سوى العمل في الخليج، فهل أنصحه بعدم السفر أم أن هناك وسيلة لتهدئته؟
مع العلم أنني محافظة على الفرائض وزوجي كذلك رجل متدين ومؤمن بالقضاء والقدر.
أفيدوني أفادكم الله.
14/9/2024
رد المستشار
أختي العزيزة:
الحالة التي يعاني منها زوجك هي رد فعل طبيعي، ليس فقط نتيجة الحادث المؤسف الذي وقع للطائرة الأخيرة قرب ساحل البحرين، ولكن لتكرار سقوط طائرات من شركات وجنسيات متعددة، ومن شأن هذا التكرار أن يخلق نوعًا من الخوف بدرجات قد تصل إلى "الخوف المرضي" أو "الرهاب" من ركوب الطائرة، وفي حالة زوجك فإن هذا الخوف يبدو تفاعليًّا بمعنى أنه يأتي كرد فعل على مجموعة الحوادث السابقة، وبدليل أنه كان يركب الطائرة من قبل دون أية مشكلات، على عكس آخرين يرفضون طيلة حياتهم ركوب الطائرة، ومن أمثلتهم الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب الذي عاش يرفض ركوب الطائرة، ويعيش متناقلاً ومسافراً بغيرها من وسائل المواصلات!!
وبالنسبة لزوجك فنحن أمام عدة احتمالات:
الأول: أن هذه الحالة من الخوف ستستمر وتزداد خلال الأيام القادمة بحيث تتحول المسألة إلى ما يمكن تسميته بالعقدة النفسية المرضية تجاه ركوب الطائرة.
الثاني: أن يهدأ زوجك ويستعيد اتزانه النفسي، ويعود إلى يقينه بالقضاء والقدر، وأنه لا يُنجي حذر من قدر، وأن الإنسان لا يمكنه أن يفر من قدر الله، وإن كان دوما يسأله اللطف فيه.
الثالث: أن يدخل زوجك في حالة من التردد والتخبط بشأن مسألة السفر نفسها وجدواها، ويراجع الأمر برمته وقد يتراجع عن استكمال العمل في الغربة، ويفضل البقاء في الوطن على ما في هذا الخيار من مصاعب ومشكلات.
وكلا الاختيارين الأول والثالث سيحتاجان منك إلى هدوء ورفق في التعامل معه، وترك الفرصة لاختيار حر، ولكن مدروس بعناية، يأخذ في اعتباره كل المتغيرات والملابسات، وفي حالة وصول الخوف إلى مستوى العقدة سيحتاج الأمر إلى علاج وإعادة تأهيل نفسي يستغرق بعض الوقت، وفي هذه الحالة قد تقرران أن يسافر بوسائل أخرى غير الطائرة على ما في ذلك من مشقة بدنية.
وعلى كل حال فإن الخوف من ركوب الطائرات سيكون حالة عامة منتشرة في الفترة القادمة، وسيكون لذلك أثره في أن يراجع كل منَّا نيَّته وأهدافه من وراء السفر، ولا يخلو هذا الأمر من مميزات لا تخفى على اللبيب. وتمنياتي لك ولزوجك بالسعادة والسلامة في الإقامة أو الترحال.
واقرئي أيضًا:
رهاب ركوب الطائرة : رهاب نوعي م
الخوف من الطائرة: رهاب معين!
مشكلة مع الطائرة: رهاب نوعي
الرهاب وعلاجه