ترددت كثيرا قبل أن أكتب لكم، خاصة أنني أعلم أنه حتى لو أعطيتموني حلا لمشكلتي فربما لن أستطيع تنفيذه لضعفي وضعف عزيمتي.
مشكلتي باختصار وببساطة أنني سيدة متزوجة منذ عشرة أعوام، لدي ثلاثة أطفال من زوجي الذي قد أحترمه لبعض الأحيان، ولكن أعود وأقول إنني لا أحبه، أحيانا الاحترام يتواجد، وأحيانا أشعر أنني لا أطيقه ولكن ما يهمني هو أطفالي فقط، وهذا ما دعاني للاستمرار بحياتي مع زوجي ووالد أبنائي.
لكن ليست هذه هي المشكلة.. المشكلة أنني وقعت بحب شخص آخر وأنا متزوجة... لا أدري ما الذي أوقعني بذلك؟ وأنا إنسانة نوعا ما متدينة، مواظبة على الصلوات والصيام، ومن عائلة محافظة جدًّا ومحترمة جدا جدا، وأنا بطبيعتي محترمة.
أنا لست تلك الفتاة اللعوب التي هي معتادة على إقامة علاقات مع رجال أو الوقوع بقصص حب وغرام.. بالعكس أنا لا أسمح لأحد أن يمسني أو يتجاوز حدوده معي ولو بكلمة واحدة صغيرة.
شخصيتي المحترمة جدا ووقوعي في حب هذا الشخص برغم تديني جعلني أقع في حيرة شديدة من أمري، كيف ادعي الاحترام وتصرفي مع هذا الشخص ليس له علاقة بزوجة محترمة؟ كيف أمنع الآخرين من التطاول معي بالحديث وأعطيهم تلك الفكرة المحترمة عني وأنا لم أحافظ على زوجي وعلى بيتي وأبنائي؟.
تضارب في الأفكار هائل.. أرق.. تأنيب ضمير.. حزن.. بكاء.. شعور بالأسى.. هزل وتعب نفسي.. خوف فظيع من الموت وعقاب الآخرة.. ولكن وبعد كل ما أشعر به هل أنا تبت؟؟ لم أتب.. أتعرفون لماذا؟ لأن الشخص الذي أحب.. لا بل الذي أعشق.. أصبح جزءا مني ومن كياني ومن دمي، أحبه بجنون.. أحبه حتى النخاع.. لا أستطيع أن أتخيل حياتي بدونه.
أشعر وأنا معه أنني لست آثمة ولست أفعل شيئا ضد الشرع والدين، علاقتي معه تجاوزت خمسة أعوام، بنينا أحلاما وآملا.. وكان بإمكاني أن أهدم بيتي وأدمر عائلتي لأجتمع مع حبيبي بالحلال إلا أن أولادي هم من وقف بطريقي.
فأنا وازنت الأمور بعقل ومنطق وتوصلت إلى نتيجة واحدة، لو أنني لا أستطيع العيش بدون حبيبي فأنا لا أستطيع أيضا العيش بدون أحباء قلبي أبنائي، هم أغلى ما أملك ومستعدة لأن أموت وأضحي بنفسي في سبيل أن يبقوا في حضني وفي حضن والدهم.
إذن هي معادلة صعبة والخيار صعب، لا مجال لترك أبنائي ولن أفكر بذلك مطلقا، ولكن لا أستطيع أن أتوقف عن حب هذا الشخص الذي تغلغل في أعماقي وفي داخلي، الحل صعب.
لست أسأل عن حل بل أفضفض ما بداخلي..
سامحوني..
18/4/2024
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. وأهلا ومرحبا بك أختي على صفحتنا استشارات مجانين.
سأبدأ من نهاية مشكلتك، وتحديدًا بالجملة التي تقولين فيها إنك لا تطلبين حلا للمشكلة، بل إن حديثك نوع من الفضفضة، وأظن أن الفضفضة –في حد ذاتها مريحة لنا جميعا- وأرى أنك تتوقعين منا ومن أي شخص ستحكين له مشكلتك أن يطلب منك قطع علاقتك بذلك "الحبيب" وينصحك بأن تقاومي وأنت لا تريدين أن تسمعي هذه النصيحة.
سيدتي لن أطلب منك أن تبتعدي عنه، ولكن أطلب منك أن توازني الأمور بينك وبين نفسك فكم الألم والإحساس بالذنب وعدم الرضا الذي لمسته في كلماتك، حين تقولين: "تضارب في الأفكار هائل.. أرق.. تأنيب ضمير.. حزن.. بكاء.. شعور بالأسى.. هزل وتعب نفسي.. خوف فظيع من الموت وعقاب الآخرة" .. كل هذه المشاعر المزعجة تعيشينها كل يوم وكل لحظة وتحاولين أن تتناسيها لحظات قليلة حين تكونين معه، إلى متى ترضين بهذا الجحيم؟ إلى متى تعذبين نفسك وتقصرين في حق أبنائك؟
مشكلتك لم تبدأ اليوم، بل بدأت من سنوات، وحلها لن يكون في يوم، غير أن الرغبة الحقيقية في الحل تبدأ في لحظة، وعلى ذلك فإن الدافع الحقيقي للتخلص من الألم وتأنيب الضمير يبدأ بلحظة توقف وتفكر من داخلك.
إن كان الحب إحساسا داخليا ليس بأيدنا أن ننقصه أو نزيده فإن ما يترتب على هذا الحب من أفعال أو تصرفات هي ما يمكن التحكم فيه.
فإن كان حبه قد تغلغل بداخلك فلا أحد يستطيع أن يخلصك من هذه المشاعر، ولكن إعادة التفكير فيما يحدث أمر مهم، فلكل منا أخطاء وهنات، والله سبحانه وتعالى هو الذي يمدنا بالطاقة والقوة فهو القوي، ييسر لنا كل عسير ويبدل الأمور من صعب إن سهل إذا أراد.. التوبة والاستغفار يمحوان ما فات وإن كانت توبة صادقة تذلل بعدها كل الصعاب فتجدي نفسك كلما التقيت به تشعرين وكأن هناك من يراقبك ويسير خلفك.
كذلك ستشعرين عندما تتحدثين معه عبر الهاتف وكأن هناك من يتصنت على المكالمة، فيتحول التفكير في كل لحظة كنت ترينها جميلة معه إلى تفكير في آثام وذنوب، وتجدين أن محافظتك على دنياك وآخرتك أمر يسير وليس صعب كما تظنين.
إن مشكلتك سيدتي قد تكون أعمق من هذه العلاقة، فقد تكون بهدف الهروب من مشاكل زوجية في حياتك، وقد تكون الرغبة في تعذيب الذات وإهانتهاهي السبب، وقد يكون عدم حبك لأبنائك هو ما دفعك لأن توجهي كم كبير من الحب خارج المنزل.
أنت لديك ثلاثة أبناء يحتاجون إلى حب وحنان وعطاء، بل يحتاجون إلى ذهن صافي مرتاح حتى يمكن أن يأخذ بأيديهم ويربيهم ويستمع إليهم ويتحاور معهم.
إن الله سبحانه وتعالى جعل للرجل قدرة على أن يحب أكثر من امرأة، وجعل للمرأة قدرة على أن تحب رجلا واحدا!! فهل تحبين اثنين؟ أم تحول الحب من زوجك إلى ذلك الرجل؟
سيدتي أنت بحاجة إلى مراجعة معالج نفسي متخصص ليكتشف المشكلة النفسية التي تختبئ خلف هذه العلاقة التي تقيمينها خارج إطار الزواج.
وتابعينا بأخبارك.