باختصار أنا مطلقة منذ سنتين وخمسة أشهر، ولم يكن الطلاق برغبتي، ولكن زوجي ـ في أثناء خلاف بيننا ـ قام برمي الطلاق، وكنت حينئذ حاملاً في الشهر السابع، ويعلم الله أنني رأيت الظلم والذل في فترة زواجي القصيرة، وهي عشرة أشهر فقط. وكانت مشكلته أنه يطيع والدته بشكل غير طبيعي، ولقد لقيت على يدها الكثير من السب والإهانة، والله على ما أقول شهيد، ولكن بالرغم من كل هذا، فإنني ما زلت أحب هذا الشخص، ولم أستطع نسيانه، وأدعو الله ليلاً ونهارًا أن يصلح بيننا ويعيده لي ولولده، رغم زواجه بأخرى، ولا أدري ماذا أفعل؟؛ فحبه كبير في قلبي، وبكائي وحزني لا يتوقفان؟ وكنت أعتقد أن الزمن كفيل بأن يجعلني أنساه، حتى قسوته على ولده وإهماله له لم تجعلني أكرهه ولو قليلاً، بل بالعكس؛ حبه يزداد داخلي يومًا بعد يوم. أرجوكم ساعدوني، ودلوني.
ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف؟
ولكم مني جزيل الشكر
28/4/2024
رد المستشار
الأخت الكريمة: شكرًا على صراحتك، وصدقك مع نفسك ومعنا، ولكن ما الذي تغير في ظروف زوجك عن تلك التي أدت إلى الخلافات بينكما؟! أليس هو كما هو، وأنت كما أنت؟!
أليست والدته كما هي، وهو يطيعها بشكل غير طبيعي، كما كان معك؟!
وأين كان الحب الذي في قلبك لزوجك السابق، حينما كنتما في بيت واحد؟! وأين ظننت أن هذا الحب سيذهب عندما تنفصلان؟!
هل كنت ترين وقتها إساءات أمه، فتحجب عنه صورة الحب الذي في قلبك نحوه، ثم لمّا ابتعدت عن أمه عادت الصورة الأصلية، وظهرت بعد زوال الغيوم؟!
إن الزوج الذي ينقاد لأمه ويرمي على زوجته يمين الطلاق – كما أسميته – وهي حامل في شهرها السابع، وبعد عشرة أشهر فقط من الزواج، ودون استنفاذ كل جهود الإصلاح الممكنة بينهما، إما أنه لئيم الطباع، خسيس الأخلاق، لا يستحق البكاء عليه، أو الحرص على الرجوع إليه، وإما أنك تذكرين جانبًا من الحقيقة، وأنك كنت السبب وراء هذا الطلاق، رغم أنه هو الذي اتخذ قرار الانفصال؛ ولذلك فأنت اليوم نادمة – ربما – بعد فوات الأوان.
إن قرار الطلاق أخطر من قرار الزواج، وينبغي حسابه بحكمة ودراسته بعناية، وإدارة شئونه على مهل، وهو يحتاج إلى ترتيب واتفاق على التفاصيل، وبخاصة حين يكون هناك أطفال.
والحاصل عندنا غالبًا، أننا لا نعطي الاهتمام الكافي لقرار الزواج، وكثيرًا ما يتسرع الطرفان في قرار الطلاق حلاًّ لمشكلات يمكن حلها بأساليب عديدة ومتنوعة غير فصم عرى أسرة، والإضرار بالزوجة والأولاد. ولعلك وقتها لم تحسبي حسابات هذا الوضع الذي أنت فيه، وظننت أن الطلاق انعتاق، فإذا به كما ترين.
أختي... بهدوء يمكنك الآن التفكير، وتحديد دورك فيما حدث، وحساب مكاسبك وخسائرك بدقة. وبناء على هذه المعايير والمقدمات جميعًا، وبناء عليها فقط، يمكن التفكير في المستقبل، فالحب كما تعرفين ليس كافيًا لإقامة أسرة أو استمرارها، أو إعادة ترميم شئونها، وخبرتك خير دليل على ذلك، فإذا كنت المخطئة يلزمك الاعتراف بذلك لنفسك أولاً، ويمكنك توسيط من يعرض على زوجك إعادتك إلى عصمته للحفاظ على الولد بينكما، وفي إطار تنازلات واضحة من طرفك تصلحين بها صورتك عند زوجك، وتستوعبين دروس التجربة الأليمة التي عشتها، وإذا كان هو المخطئ، ولكنك ما زلت تحبينه وترغبينه، رغم كل شيء، فأخشى أنك أيضًا ستضرين إلى بعض التنازلات لتعود المياه إلى مجاريها، وعندما أتحدث عن التنازلات فأنا أقصد المادي منها والأدبي، فليس سهلاً على أي رجل أن يكون مسؤولاً عن إعالة أسرتين وكفالة بيتين، ورعاية امرأتين، فلهذا تكاليفه المعنوية قبل الاقتصادية، وحين أتحدث عن عودة المياه لمجاريها فإن هذا سيكون مشروطًا باقتناع زوجك، ولن يحدث هذا إلا إذا وجدنا من يقوم بإقناعه أن وضع العودة سيكون الأفضل، على الأقل بالنسبة للطفل الذي بينكما.
ولعل الله أن يقدر بينكما الخير حيثما كان، وأن يرضيك به، فقد يكون الأفضل هو استمرار الانفصال: "وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم" .. وكوني معنا