أنا مخطوبة مع عقد قران ولي 4 أشهر، ومدة خطوبتي هي سنة، أحب خطيبي جدًّا وهو أول شاب أحبه وأتعرف عليه في حياتي، أعبّر له عن حبي بإرسال رسائل ومكالمات لأطمئن عليه؛ فهو يرد بقليل من الرسائل، ويكلمني في اليوم مرة واحدة، ولا تتجاوز المدة ثلث الساعة، ويزورني مرتين في الأسبوع، ونجلس مع بعض لمدة ساعة، ولكن لا يتحدث معي بشيء ولا يشاركني مواضيع تهمه أو تهمني، حتى أمور تجهيز البيت لا يشاركني فيها.
ولكنه يقول لي إنه يحبني، ولكن لا يأخذني إلى أي مكان ولا نخرج سويًّا ولا يحضر لي هدايا، أحيانًا عندما أقول له إنني أحبه يقول لي: "احلفي بالله". وأنا حقًّا أحبه وأعبّر عن حبي له، ولكن هل أعبّر بطريقة زائدة أو هو لا يحبني، كيف أتعامل معه وأجعله يشاركني ويحدثني بالمواضيع التي تهمه وتخص حياتنا المستقبلية؟.
وكيف أتأكد أنه يحبني حقًّا أم لا؟.
أرجوكم ساعدوني فأنا في حيرة كبيرة.
21/6/2024
رد المستشار
لن أدافع عنه وأقول لك إنه ذلك المحب الولهان؛ فحين يقرأ أحد رسالتك فسيجده يحدّثك يوميًّا أكثر من ربع ساعة، ويرسل لك بعض الرسائل، ويزورك مرتين في الأسبوع، فسيقول لك كُفّي عن طمعك واهنئي به!.
فأنا أعترف لك -إذا كنت ترين حقًّا ما تقولين- بأنه رجل عمليّ ليس له خبرة بعالم النساء واحتياجاتهم كنتيجة طبيعية للتربية العامة لدى مجتمعاتنا العربية التي لم تُعلّم الرجل كيف يكون رجلاً مسؤولاً أو أبًا أو كيف يتعامل مع المرأة بما يتناسب مع تكوينها النفسي وغيره -إلا من رحم-، وكذلك فعلنا بالفتيات؛ فلا هنّ يعرفن كيف يكنّ زوجات ولا كيف يكنّ أمهات، ولا كيف يتعاملن مع الزوج بما يتناسب مع تكوينه النفسي وغيره، ولأنك أنت من أرسلت تتساءلين، فسأعطيك عدة نقاط لتعلميها عن ظهر قلب عن عالم الرجال حتى تستطيعي فهمه والتعامل معه بالطريقة التي ترغبين أن يعاملك بها، ومنها الآتي:
* الرجل حين يتزوج يغلب عليه شعور "المسؤولية"؛ فيكون في حالة "ترقب" وينشغل بكيفية إدارة العلاقة مع تلك الزوجة المسؤولة منه، ويكون أصعبها عليه إدارة المشاعر بينهما حتى يتبينها.
* الرجل يعبّر عن حبه بلغة "الفعل" أكثر من لغة "الكلام" فحين يعمل ويكد ويتحمل أعباء الزواج من متطلبات مادية ومواقف حياتية تحتاج قرارات مسؤولة وتنازلاً لا بأس به عن جزء من حريته فهو يُحبّ.
* الرجل طفل كبير يحتاج من زوجته اهتمامين؛ اهتمام "حب" واهتمام "رعاية" وحين تقوم الزوجة بهما تأسره.
* الشريكة هي من تُشير لشريكها على "مواطن" الاهتمام في العلاقة بينهما، فيتعلّمها بمرور الوقت ما دامت تُعلّمه إياها بلباقة وحسن تصرف وذكاء؛ فتعلّمه ما تحبه وتهواه منه، وتعلّمه -بالمواقف- أنها موضع ثقته، وتعلّمه -بالقرب النفسي والمبادرة- الحوار معها عن أحلامه ومخاوفه واهتماماته فيحدث التفاهم والانسجام.
أعلم أن سؤالاً مشروعًا ومتوقعًا يدور في خلدك الآن يأخذ أحد تلك الصيغ وهو: "ماذا سيفعل هو لي؟ أو هل سأقوم بكل ذلك وحدي؟ أو يبدو أن الزواج ليس هينًا فماذا أنا صانعة به؟". وأقول لك الزواج هبة ونعمة ومتعة منحها الله عز وعلا لنا، وكذلك هو مشروع "مهم" في حياتك، والمشروع يحتاج فهمًا وإدارة وأدوات لنجاحه، ولا ينجح بفرد واحد منه، وإنما ينجح بكلا الشريكين، وكلما قام أحدهما بما عليه حصل على ما له في أجمل صورة وأفضل حال؛ فحين تُعطي ستأخذين حتمًا؛ ولا تكوني إحدى تلك النماذج لتهنئين بحق:
الأول: متعجل لا يعرف كيف يخطط، ولا كيف يصبر ليحيا حياة أفضل، ولا يرى سوى احتياجاته ومتطلباته فيضر بنفسه وبشريكه ضاربًا مفهوم الصبر المخطط وتقصير المجتمع في تعلمينا مفاتيح الحياة الزوجة وأُسُسها عرض الحائط، ولتذهب كل تلك النصائح للجحيم.
الثاني: يفهم ويعي ويتأثر لحظيًّا، ثم ينسى ما وعاه، ونظل نكرر له فيتأثر، ثم ينسى، وهكذا دون أن يستنفر ويستخدم أدواته التي أشرنا إليها على أرض الواقع.
الثالث: مستسلم أو غبي فلا يُفكر للحياة الزوجية أصلاً؛ لذا فهو لن يخطط ولن يبذل ولن يصبر، فقط يقرر أن يحيا كما يحيا البشر دون عناء ودون مشاعر ما دام البيت قائمًا فيكون نسخة جديدة من النسخ الموجودة.
الرابع: مُتفان معطاء لدرجة "الخبل"، متصورًا أن تلك هي الحياة الزوجية؛ غافلاً عن أنه ينسج بيديه "توحش" الأخذ لدى الطرف الآخر، واعتماده وتحرره من المسؤولية.
وكل هؤلاء سينفجرون بعد وقت طال أو قصر ويكونون رموزًا لصفحة استشارات مجانين!!
لكنني أتمنى أن تكوني النموذج الخامس ؛-فهو موجود وإن ندُر- حين تتعاملي بهدوء ورفق تجاه حياتك الجديدة الجميلة والتي يزيّنها زوج مُحب يكتشف نفسه معك وبك؛ تبادرينه الحديث لتُعلميه الحوار معك وتشاركيه اهتماماته التي يتحدث عنها أحيانًا، أو التي ستسألين أنت عنها أحيانًا أو التي ستطلبين الحديث فيها أحيانًا؛ مستحضرة مبدأ "الشراكة" لا مبدأ "العطاء الأعمى" فتكونين الشريكة التي تنعم بتلك الأدوار؛ الحبيبة والصديقة والأم والتلميذ والأستاذ والابنة؛ لتبدئي في الحصول على ما تريدينه منه بالقرب والتخطيط لا بالركل والعويل.