هذه رسالة أرسلتها لي ابنة عمي لأبعثها لكم لنأخذ رأيكم ولكم جزيل الشكر.. وهذا نص الرسالة:
لقد مللت هذه الحياة ومن فيها، وأريد أن أصنع شيئًا يهز حياتي وأقلع خوفي من جذوته ولا أعرف كيف.. وكثيرًا ما فكرت بترك البلد وهو حلم لن يتحقق.. تزوجت منذ ثلاث سنوات من قريب لوالدي دون أخذ موافقتي بعد فترة خطوبة استمرت سنتين أو أكثر حاولت فيها أن أقنع أهلي بأنني لا أناسب الشاب؛ إنني صغيرة وأريد أخذ الثانوية العامة ومتابعة تعليمي، وأخبرتهم أننا غير متوافقين من كثير من النواحي فهو لا يفهمني ولا أفهمه، وهو غير متعلم، ومن حقي الارتباط بمتعلم و.. و.. و..، ولكن أهلي كل مرة يعيدون عليّ نفس الكلام: ماذا تريدين أن يقول عنا الناس؟ و"مو حلوة"، وإذا رفضنا "سيزعل" منا أقرباؤنا وكثير من التبريرات الأخرى.
بعد ذلك قررت أن أقبل بنصيبي مقنعة نفسي بأنه سيتغير وربما أساعده ويساعدني لنعيش أفضل من أيام الخطوبة التي كانت مليئة بالمشاكل، وخاصة بسبب تعصبه وعناده..، ثم بعد أقل من أسبوع على زواجنا ابتدأت المشاكل وأولها ما يتعلق بلباسي وجسمي، ففي كل مرة يقول لي البسي هذا وانزعي ذاك، واضبطي الحجاب واعملي كذا و.. و.. و.. و..، وهذا كله بعصبية ونكدية وأمام أهله أغلب الأحيان.
فما ذنبي أنني ممتلئة الجسم قليلاً، ومع ذلك ألبس الثياب العريضة الفضفاضة، وألبس البلوزات ذات الكم الطويل تحت ثيابي لتستر يدي حتى المعصم، وأحاول مراعاة ديني من كل الجوانب والحمد لله.. ولكن أيضًا ذلك لم يحُل دون شتمه لي إذا جاء بالصدفة ووجدني غير ملفوفة من الأعلى إلى الأسفل بالثياب.
الشيء الثاني.. أننا نسكن مع أهله، والمشاكل تزداد مع كذب أمه، وقلة أدب أخيه الصغير الذي يصرخ بوجهي ووجه زوجات إخوته الذين يسكنون معنا، وإذا أخبرته أن أمه أو أخاه يضايقني فيقول لي عليك أن تصبري وتتحملي.. "طيب إلى متى؟؟".
إضافة لكل ذلك زوجي في أغلب الأحيان خارج البيت يغيب أيامًا طويلة، وبالفترة الأخيرة أصبح عندما يعود إلى البيت لا يكلمني إلا بعصبية ولا يغازلني كما السابق، حتى إنه قال لي مؤخرًا إنه كرهني، ولم يَعُد هناك محبة وإنه يلعن الساعة التي أتيت فيها إليه.. أضف إلى ذلك أنه يضربني كالأطفال من أجل أمور تافهة أو من أجل أمه أو من أجل أنني سرّبت نقطًا من المازوت على الأرض وأنا أملأ جرة المدفأة.. وفوق كل شيء فهو لا يعتذر، بل يأمرني ويطلب مني أن أفعل كذا وكذا بنكدية.
عندما ساءت الأمور في الفترة الأخيرة طلبت منه أن نجد حلاًّ، ولكنه لا يهتم ويقول لي أخبري أهلك وأنا لا أستطيع ذلك؛ لأن أهلي لن يتفهمونني، كما أنني إذا طلبت الطلاق فالعيش عند أهلي ليس أكثر رحمة.. فإخوتي كزوجي إن لم يكونوا أشد، وسأصبح مطلقة بنظر الناس، وأنا ما زلت صغيرة.. اعذروني على هذا التشاؤم، ولكن الذي أستطيع أن أقوله لكم إنه لي الآن ثلاث سنوات من الزواج متحملة ما ألاقيه من كلام قاسٍ، وأضحك ووراء ضحكي ألف دمعة.. أصبحت لا أستطيع أن أعبّر عن رأيي أو أن أقف في وجه من يجرحني لكي لا أخرب بيتي المخروب أصلاً ولا أحد يعرف.
أنا الآن خائفة وجبانة لا أقدر على عمل شيء، أسكت على أمور بالأمس كنت أدافع عنها، أخاف من مصيري بعده إذا تطلقنا ومن أهلي الذين لن يرحمونني.. كم كنت أحلم أن أتزوج من رجل لو حزنت أسندت رأسي على صدره وأبكي فيه، وإذا تضايقت ألاقي حنانه وصبره وسعة صدره.. اعذروني على الإطالة، ولكن هذه قصة فتاة سكتت بالبداية، ولم تناضل جيدًا فوقعت بالهم والأحزان، حاولت كثيرًا أن أناقشه، وأن نتحاور وفي كل مرة يقول لي: منك.. منك.. فأقول له: نعم مني أخبرني ماذا أفعل؟ وسأفعل كل ما تريد، ولكنه يتجاهلني، ويقول لي تغيري وسأتغير.
والله مللت ولم أعد أعرف ماذا يريد.. صحيح أن المادة جيدة الحمد لله، لكن المادة ليست كل شيء، ونحن لم نرزق بمولود إلى الآن.
أخيرًا.. أتمنى أن تردوا عليّ بسرعة.
واعذروني على ذلك، ولكن لو تعرفون كم أتألم!! والسلام عليكم.
31/8/2024
رد المستشار
الابن الفاضل "نبيل" حفظه الله، السلام ورحمة الله وبركاته... أما بعد...
رسالة ابنة عمك تحمل الكثير من الألم والمعاناة التي لا يجب تجاهلها. من الواضح أنها تمر بظروف صعبة للغاية داخل زواجها، وتعاني من عدة ضغوطات نفسية واجتماعية. سأحاول تقديم بعض النصائح الجوهرية في صورة نقاط محددة قد تساعدها على اتخاذ قرار صائب بخصوص وضعها:
1. الاعتراف بالمشكلة: أول خطوة هي أن تدرك أن ما تعانيه ليس شيئًا يجب عليها تحمله إلى الأبد. من المهم أن تفهم أن من حقها أن تعيش حياة كريمة مليئة بالاحترام والسكينة.
2. التواصل مع العائلة: من الواضح أن التواصل مع أهلها صعب، لكن يجب أن تحاول التحدث مع شخص قريب منها، ربما والدتها أو أحد إخوتها أو حتى صديقة مقربة تفهمها وتستطيع مساعدتها على إيصال مشاعرها ومخاوفها إلى أهلها.
3. طلب المساعدة الخارجية: إذا كانت لا تجد دعمًا كافيًا من أهلها، فمن الممكن أن تستعين بمستشار نفسي أو أحد المتخصصين في قضايا الأسرة الذين يمكنهم مساعدتها على تنظيم أفكارها واتخاذ قرارات مبنية على أساس منطقي وليس عاطفيًا فقط.
4. الخطوة القانونية: إذا استمر الوضع في التدهور، عليها التفكير في الاستعانة بمحامٍ أو التوجه إلى القضاء إذا كان هناك عنف أو إساءة جسدية. الطلاق قد يكون خيارًا صعبًا لكنه ليس نهاية العالم، خاصة إذا كان السبيل الوحيد للخروج من هذه المعاناة.
5. التحضير للمستقبل: من المهم أن تبدأ في التفكير في حياتها بعيدًا عن زوجها، سواء كان ذلك بالتركيز على تطوير نفسها من خلال التعليم أو العمل. إذا لم تُرزق بمولود، فقد يكون الوقت مناسبًا للنظر في خيارات أخرى قد تكون أسهل عندما لا يوجد طفل يربطها بهذا الزواج.
6. الصلاة والدعاء: أخيرًا، عليها ألا تهمل الجانب الروحي. الدعاء واللجوء إلى الله تعالى يمكن أن يكون مصدرًا كبيرًا للقوة والصبر في هذه الأوقات الصعبة.
الخلاصة: ابنة عمك تحتاج إلى دعم عاجل. ليس عليها الاستسلام لهذه الحياة الصعبة دون محاولة إيجاد حلول، سواء من خلال التحدث مع أهلها أو البحث عن مساعدة مهنية أو قانونية. إنها تستحق حياة مليئة بالاحترام والكرامة، وإذا لم تجد ذلك في زواجها الحالي، فمن حقها السعي إلى إيجاد حياة أفضل.
وأخيرا، أدعو الله أن يوفق ابنة عمك إلى اتخاذ القرار الصائب، وأن يصلح لها الحال والبال، وبالله التوفيق.