بداية أقدم شكري الجزيل للعاملين في هذا الموقع على كل ما يقومون به لأجل هذه الأمة وأفرادها، جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم.
في الواقع، ترددت كثيرا قبل أن أكتب لكم، لكنني قررت في النهاية عملا بقول نبينا العظيم علية الصلاة والسلام "ما خاب من استشار"، أما الاستخارة فقد قمت بها مرات ومرات وما زلت على حالتي.
مشكلتي هي أنني فتاة حالمة جدا، لا يعيبني شيء لا من حيث الشكل ولا العلم والثقافة ولا الخلق ولا الأصل.. حاصلة على الدكتوراة، لكنني شارفت على الأربعين دون أن أدخل قفص الزوجية.
والسبب هو أنا.. نعم كنت أرفض كل من تقدم لخطبتي بحجة أو بأخرى، لا أدري لماذا، ربما لأنني كنت أبحث عن رجل أرتاح إليه وأكتشفه بإحساسي وألتقي معه في جوانب معينة.. ولم أنتبه لسرعة مرور السنوات إلا بعد أن تجاوزت سن الثلاثين، عندها بدأت أحس بخطورة الموقف الذي وضعت فيه نفسي.. وللأسف توالت السنون تباعا دون أن يتقدم لخطبتي رجل مناسب.
المشكلة هي أنني التقيت في مكان عملي برجل دخل قلبي من أول لقاء، تعرفت عليه عن قرب وبدأ إعجابي به وارتياحي له يزداد يوما بعد يوم، إلى أن تفاجأت في أحد الأيام بأنه متزوج، أردت التراجع وإيقاف عقلي عن التفكير به، لكن دون جدوى.. حاولت ذلك بكل صدق مرارا، لكنني لم أستطع؛ أولا: لأنني ألتقي به في المدرسة، وثانيا لأن علاقتنا أصبحت وطيدة.
من خلال أحاديثي معه فهمت أنه يعاني من مشاكل في زواجه، منها أنه لم ينجب أولاد بعد 6 سنوات زواج، وقال لي أكثر من مرة: ليتنا كنا التقينا منذ زمن.. ازداد تقربي منه وتعرفت على جوانب كثيرة من حياته وشخصيته وطباعه، أرى فيه نفسي، نتشابه في صفات عديدة، ونتفق على أمور كثيرة.
حدسي يقول لي إنه يحس نفس إحساسي.. ومع ذلك، علاقتنا أخوية يطبعها الاحترام والتقدير المتبادلين.
مشكلتي الكبيرة هي أنني أصبحت أتعذب يوميا، وكأنني أعيش في جحيم ليل نهار، عقلي لا يتوقف عن التفكير به، لا أعتقد أنني قد أقبل برجل غيره زوجًا، أفكر في الامتناع عن الزواج نهائيا؛ لأنني على يقين أنه الزوج الذي أريده في الدنيا والآخرة، أغار عليه من كل أنثى حتى لو كانت تلميذة له.. أمرض ويمضي يومي أسود عندما يذكر زوجته عرضا في أحاديثه.. أتذكره في كل الأوقات وفي كل المناسبات، أقفل هاتفي حتى لا أتصل به، ولكنني، ودون أن أتحكم في نفسي، أعود وأفتحه لأكتب له رسالة قصيرة، أسأله عن أحواله، أو أتمنى له فيها ليلة سعيدة.
صليت وبكيت وتضرعت إلى الله أن يساعدني على أن أتخلص من هذا العذاب، وأخرجه من عقلي وقلبي، لكنني لم أستطع، وما زلت أعاني وأعاني.. أفكر في ترك هذا العمل والسفر خارج البلد، وهو أمر ميسر لي، ولكنني أخشى أن تزيد معاناتي في الغربة، إذ إنني عانيت منها وقلبي فارغ، فكيف وحالتي هكذا.. لا تسألوني عن إحساسه هو، أنا متأكدة أنه يعاني مثلي، لكنه أقوى مني في تغلبه على هذه المعاناة، ربما لأنه متزوج، ورضي بقسمته ولا يريد أن يظلم زوجته، لا أدري؟
ما أتمناه هو أن أخرج من هذه المعاناة التي تزداد يوما بعد يوم.. لا أعاني من وقت فراغ وما إلى ذلك، على العكس، لدي اهتمامات عديدة، ووقتي مملوء عن آخره بالأبحاث والدراسات، لدرجة أنني أسهر لكي أتم أعمالي المتراكمة.. ومع ذلك فإنني أتعذب في صمت، ولا أستطيع منع نفسي عن التفكير به.
أريد منكم حلا، أفيدوني جزاكم الله خيرا، أريد أن أضع حدا لمعاناتي هذه، أريد أن يأتي يوم ألقاه فيه دون أن تتسارع دقات قلبي فرحا برؤيته، وأن أنام وأستيقظ دون أن أفكر فيه، ودون أن أتلهف لمعرفة أخباره كل يوم، ودون أن أشتاق إلى رؤيته، ودون ودون ودون..
ماذا أفعل لأحقق هذا الحلم؟؟
أجيبوني جزاكم الله عني خيرا.. والسلام عليكم.
30/06/2024
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا ومرحبا بك سيدتي على موقعكِ موقع مجانين.
- قرأتُ رسالتك التي فيها من الآلام والعذاب ما فيها، وأفهم جدا ما تتحدثين فيه، ومثل هذه الأمور الخروج منها أشبه بالمعجزات، وتحتاج إلى إرادة توازي العاطفة المتجذرة، إذ لا سلطان على القلوب لا شك، وفي مثل هذه المناطق تتهاوى النصائح وتتساقط مع أول مثير ومنبه للعاطفة، سواء تذكر أو تواصل أو لقاء، ولذا هي مناطق صاحبها وحده هو القادر على إخراج نفسه من طرق عديدة، ولذا لا أتحدث في نصائح مباشرة ولكن يمكن أن أسير معك إلى منطقة ذات ضوء تمون بمثابة توضيح للأمر من زوايا عديدة ووحدك الأدرى من بعدها على تقييم الأنفع والملائم لك.
- بم أن هذا الإنسان يعلم حالك، ورمى لكِ بعض الكلمات الواضح جدا مرماها، كـ - ليتنا تقابلنا- وما يشبهها أي يقر هو الآخر بشيء واضح، وعليه: فإما أن يتخذ ما بينكما خطوة بالفعل وزواجه ليس عائقا حينئذ ما دام قد علقك وتمادى في سلوكه، وهو ما يبدو أنه ليس في نيته أصلا، أي يمكن أن يُقدّر أيضا أنه أراد أن يعيش شيئا من المشاعر بلا التزامات بحجة زواجه، وحتى لو كانت مشاعره صادقه فالصادقون حريصون على عدم الإيذاء، فهو يعلم أنه بتصرفه هذا يؤذيك، ولكن الحجة الجاهزة زواجه، وهو كان متزوج من بداية الأمر،
على كل، ما نقول تحليل للسلوك والله أعلم بالنوايا، فإن لم يكن لديك مانع في أن تكوني زوجة ثانية وكان جادا، فانظري في هذا كإحدى الخيارات.
- وأما إن كان لديك مانع، أو ظهر عدم جديته وكان هناك تلاعب، فأنت أولى بك، فلملمي حالك من الإهانة سيدتي، نعم مشاعرك ستبقى تؤلمك، لكن عليك هنا أن تتصرفي تجاه الألم بوعي، أن تعلمي أن هذا شيء سيبقى يوجعك ويؤلمك وبالتالي كلما تألمت تصرفت بوعي تجاه ألمك أي كشيء سيأخذ وقته وسيمضي كلما أطبق عليك، ولن يدفعك للتصرفات غير مدروسة، لأنك أيضا ستبقين عارفة أن وضعك في منطقة كهذه لا يليق بكِ، لا يليق بكِ معرفته بمشاعرك ويتصرف كما لو أنه يبادلك ثم يبقى هناك بعيدا، لا يتركك لغيره ولن يقدم على شيء، هذا عبث وفيه إهانة وسامحيني لكن هذه الحقيقة،
مهما كان ما في قلبك والمشاعر شيء لا يوجب سوى الاحترام، واحترام هذا الانسان لكِ يوجب عليه أن يأخذ خطوة فعلية، أو ألا يقترب من البداية أصلا، أما جعله إياك هكذا عبث مهين وأنت أكبر وأشرف من هذا.
- أتمنى في النهاية أن أكون صنعت لك استنارات تتبصرين من خلالها حقيقة الأمر، وتضعين معها ذاتك وكيانك في الأماكن اللائقة بكِ، وأيضا تدرسين كل شيء من جديد، وترجحين بين الاحتمالات، وتفصلين حينئذ القرار، وأيما كان قرارك قفي خلفه كالأسد المهم أن يكون مكانك لا يتخطى حرمتك ومكانتك.
- أتمنى لك من كل قلبي السعادة والسلام وأن يفيض الله بثلوج الحلول التي تحفظك وتبرد قلبك،
وفي انتظار مشاركتك من جديد