السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. مشكلتي هي: أنا شاب مقبل على الزواج، وأنا الآن في مرحلة اختيار شريك الحياة المناسب، وقد وضعت في أسس الاختيار مجموعة من المقاييس حسب ما وجهنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ وأولها وأهمها: الدين، والخلق.
ولقد وجدت فتاة تتوفر فيها المواصفات المطلوبة، فتاة طالبة جامعية ذات خلق ودين وفهم ووعي وجمال، ومن عائلة طيبة.. والفارق بيننا في السن ليس فارقًًا كبيرًا، والمستوى الاجتماعي والثقافي متساوٍ بيننا، وتسكن في نفس الحي الذي أسكن فيه، ونعرف بعضنا.
وقد تقدم لها عدة شبان قبل أن تصل للمرحلة الجامعية ورفضت الزواج، وعندما أردت أن أعرض عليها الأمر صليت الاستخارة، واستفسرت عنها سابقا، ثم أرسلت لها أحدًا من العائلة، وعندما طرح عليها الموضوع ردت عليه أنها ستفكر، ودامت مدة التفكير شهرًا كاملا.
ثم لما عادت من الجامعة في فترة العطلة عاودت الاتصال بها عن طريق فرد آخر من العائلة، وطلبت مدة أخرى للتفكير، ولما طالت مدة التفكير طلبت منها أن تعطيني ردا، وكان ردها ما يلي:
"أنها لا تفكر في الزواج حاليا، وأنها لا ترفضني أنا كشخص؛ بل اعترفت بأنني شخص ذو خلق ودين، ومحترم في المجتمع، ومن عائلة طيبة خيرة تتمناه كل فتاة".
وعند لقائي بها عرضت عليها أمر الزواج، وشرحت لها الموضوع جيدا من كل الجوانب، لكن بقيت مترددة وغير قادرة على اتخاذ القرار، مع أنها تعرفني جيدا؛ لأننا نسكن في حي واحد.
وكان الرد:
مرة تقول لي: إنها لا تفكر في الزواج الآن، ومرة تقول لي: "أعطني مهلة للتفكير"، ومرة تقول لي: "لا بد أن يكون معي أحد من العائلة لأتخذ قرارًا مثل هذا"، ومرة: "حتى أستشير عائلتي"، مع أن عائلتها غير معترضة على أن أخطبها، ومرة توحي لي أنها راضية دون أن تصرح لي بذلك.
ولذلك أعطيتها مدة أخرى للتفكير، وشرحت لها أن الزواج بها لن يكون بعد شهر أو شهرين أو...، وإنما أريد القيام بخطوة واحدة وهي الخطوبة، ثم تكمل دراستها، وإن أرادت أن تعمل فلا مشكلة لدي، ثم نتفق على الزواج بكل راحة، وحددت معها موعدًا للقائها.
وعند اللقاء بها تكرر نفس الجواب، تتهرب من الجواب، وتقول لي: إنك لديك أسلوب إقناع رائع، وإنني شخصية جيدة، وفي المستوى. وقد سألتها كم من مرة: أين المشكلة؟ فلم تجبني، وقالت: إنها غير عارفة، وتحاول أن تصرفني عن نظرها، فأحسست أنها متخوفة من الزواج، ومترددة في اتخاذ القرار، ما السبب في ذلك؟ لا أعرف.
* من فضلكم ساعدوني لكي أقنعها بالقبول، فقد أعطيتها مدة أخرى للتفكير، وأنا على موعد معها بعد أسبوعين، وهذا للفصل في الموضوع.
كما أني معجب بها من ناحية أخلاقها ودينها وجمالها، ولا أريد أن أتركها؛ لأنني أظن أنها الفتاة المناسبة لي، وهي خياري الوحيد ليس لدي خيارات أخرى، ومع أن عائلتي وجدت لي اختيارات أخرى فإنني أريد هذا الاختيار. وشكرا لكم، وجزاكم الله خيرا.
30/6/2024
رد المستشار
الأخ الكريم..
عندما يعجبك نوع من الفاكهة، أو صنف من الحلوى، أو قميص، أو حقيبة، أو حذاء، فإنك تستطيع اقتناءه بمجرد أن تطلب هذا من صاحب المتجر وتدفع له الثمن.
أما في العلاقات الإنسانية الوجدانية كالزواج أو الصداقة، فإنه لا بد أن يكون الطرفان على نفس الدرجة من الإقبال والترحيب بمشروعهما المشترك.. فإذا كان الحماس والاقتناع متحققين في طرف واحد -وهو أنت- فلا أعتقد أنه من الحكمة أن تبذل المزيد من الجهد والمحاولات الملحة لإقناع الطرف الآخر.
أنت كررت طلبك عدة مرات، والفتاة بين الرفض -وهو الغالب- وبين التردد، وأنت الآن في انتظار ردها الأخير؛ لأنها كما ذكرت قد وعدت بالرد بعد أسبوعين، فإن أجابت بالقبول فهذا هو ما يتمناه فؤادك، ونتمناه لك بإذن الله.
ولكن السؤال هو: ماذا إذا أجابت للمرة الثالثة أو الرابعة بالرفض؟ فهل هناك معنى أو منطق لإعادة الطلب مرة أخرى بوسيلة جديدة؟!.
أعتقد لا.. إذا رفضت الفتاة فهذا يعني أنها غير مقبلة على فكرة الارتباط بك نهائيا، ولا يعنيك هنا أن سبب الرفض هو خوفها من الزواج، أو عدم وجود قبول منها تجاهك، أو...، أو...
السبب هنا لا يخصك، وليس من شأنك، فهذا أمر شخصي يتعلق باختيارات الفتاة، وليس من حق أحد –ما دام غير مسؤول عنها- أن يعرفه أو يستكشفه، وأي فتاة في الكون ليست مضطرة للقبول بشاب قد تقدم إليها، واعتقد أنها هي اختياره الوحيد، وأن كل المواصفات التي يطلبها قد تحققت بها.
الأخ الكريم.. كل ما سبق من كلمات هو مقدمة لرسالة أريد أن أوجهها إليك، وهي: إن هناك فكرة واحدة مسيطرة عليك، وهي أن هذه الفتاة هي الزوجة المناسبة لك، وأنه لا بد أن هناك وسيلة لإقناعها وتحقيق حلم الزواج بها.
والحقيقة هي أن تحقيق هذا الحلم ليس بيدك وحدك بل هو بيد إنسانة أخرى قد توافق وقد ترفض، والحقيقة الأهم هي أن هذه الفتاة التي سكنت عقلك وقلبك ليست بالضرورة هي الأفضل أو الأنسب.
أنت ربما تعلم الكثير عن خلقها وسيرتها، ولكنك لا تعلم شيئا عن عشرتها وعن أدائها كزوجة أو كأم، وعن مدى "التوافق" بينكما كزوجين.. وهو أمر يعلمه الله؛ لذلك حاول أن تتحرر من أسر الفكرة -إن هي رفضت الزواج بك- وتذكر قوله تعالى: (وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ) [البقرة: 216]