أنا سيدة متزوجة منذ حوالي أربع سنوات وقد رزقني الله بابن، ولكن كانت هناك مشكلة عند الولادة لا أعلم هل هي مشكلة بسبب الدكتور، أم ماذا؟ ولكن الله أراد أن يحدث عسر في الولادة مما أثَّر على ابني؛ فقد أصيب بنقص في الأكسجين، ومن ثَم تلف في بعض خلايا المخ أثر على الحركة عنده، وهناك بعض الخلل في وظائف المخ الباقية.
وقد نصحنا الأطباء بالصبر؛ لأنه لا يوجد حل آخر، أي أنه ليس هناك علاج. وقد سافرت به إلى الأردن مرتين، وما زلت أتابع عند الأطباء هناك أو حتى هنا في بلدي وليس هناك أي تقصير منا، فنحن - أنا ووالده - نتابعه بشكل دائم، والحمد لله هناك تحسن في حالته لكن بشكل بطيء. ليس أمامنا إلا الصبر، ولكن في بعض الأحيان أشعر بالاكتئاب والتعاسة، وأحس أن الشيطان قد سيطر على تفكيري، خاصة إنني أحس أن الدكتور هو السبب فيما أعاني منه.
وهذه المعاناة منذ عامين ونصف وهي عمر ابني، فهو يعاني ونحن نعاني معه، فهو دائم البكاء ولا ينام بانتظام، وأحيانًا يواصل الليل بالنهار ونحن معه طبعًا، وهذا ما يجعلني أمضي ليالي كثيرة في بكاء مستمر، ولا أعلم متى الفرج من عند الله.
أرجو أن أجد عندكم ما يعينني على الصبر ويشدُّ من عزمي؛ حتى أقوى على المواصلة،
كذلك أرجو أن أعرف ما هو ثواب صبر الأم على وليدها المريض. وشكرًا لكم على اهتمامكم.
30/6/2024
رد المستشار
أختي الكريمة: تريدين أن تعرفي ثواب الصابرين، وهذا شأنٌ كُتِبَ فيه الكثير من المصنفات، منها ما صنفه الإمام "ابن القيم" تحت عنوان: "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين"، وجمع فيه من الآيات والأحاديث والآثار ما يضيق المقام هنا عن ذكره، يكفي أن الصبر نصف الإيمان، و"إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب"، وفي الحديث أنه: "يُنادى يوم القيامة على أهل البلاء في الدنيا، ويعطيهم الله ويعطيهم، وما زال يعطيهم حتى يتمنى أهل العافية أن لو كانت أجسادهم قرضت بالمقاريض في الدنيا لعظم ما رأوه من أجر المبتلين".
عندما يكتب الله منزلة لعبد لا يبلغها بعمله يبتليه؛ فيكون صبره على البلاء بمثابة تعويض عمَّا فاته أن يصل إليه من منزلة بعمله، بمعنى أن أجر الصبر على الابتلاء يكون بديلاً عن التقصير في العمل، فيرتقي العبد ويرتقي شريطة أن يكون في الدنيا من الصابرين.
أختي الصابرة:
حضرت منذ سنوات مؤتمرًا دوليًّا فريد التكوين والنظام، ومن برامجه أن يجلس الناس ليتبادلوا الخبرات والتجارب، وفي صبيحة يوم من الأيام كانت الجلسة بعنوان: "من موقف الضحية إلى المعالج"، وفي هذه الجلسة تحدث زوجان عن تجربتهما - وهما من روسيا - في ولادة طفلة يشبه حالة طفلك، وكان السبب المباشر وراء معاناتها هو إهمال الطاقم الطبي الذي قام بعملية الولادة، وروى الزوجان قصتهما، وكيف تفهّما الموقف، ومارسا "الصبر الإيجابي".
أولاً: بالبحث والتنقيب عن موضوع الخلل، وَجَدا أنه بسبب تقصير التمريض في العناية بالطفلة بعد ميلادها مباشرة.
ثانيًا: قاما بالبحث في المراجع العلمية، وعلى الإنترنت لمعرفة حالة الطفل وتشخيصها بدقة، والبحث والاتصال بأهم المراكز التي تعالج مثل هذه الحالات، وقاما بالاتصال بأحد هذه المراكز، وتلقَّيا منه برامج تدريبية وعلاجية تفيدهما في التعامل مع حالة طفلتهما وتطويرها.
ثالثًا: قاما بتطبيق هذه البرامج، وكل ما من شأنه تسريع تحسن حالتها، وتحسين قدرتهما على التعامل معها، وتفهم حالتها بما في ذلك الاتصال بالأسر التي لديها أطفال يعانون من نفس المشكلة عن طريق الإنترنت، وتبادل الخبرات معهم.
رابعًا: كوّن الزوجان ما يشبه الجمعية لتطوير وتنمية وزيادة مهارات الممرضات العاملات في حقل رعاية ما بعد الولادة؛ حتى يتم التقليل من احتمالية حدوث هذا الخطأ ثانية مع أطفال آخرين، وفي هذا السبيل تحولت الأم من التدريس - مهنتها الأصلية - إلى التمريض، وساعدها هذا في التفرغ أكثر لفهم ورعاية حالة ابنها، وإدارة هذه الجمعية الجديدة.
وفي نهاية كلمتهما قالا: نودُّ أن نقدم لكم ثمرة من ثمار هذا الجهد المضني الذي استمر لسنوات، ودخلت طفلتهما تتهادى مثل البطة الصغيرة بعد أن شفيت "بشكل شبه تام" من الحالة التي نتجت عن قصور ولادتها.
درجنا يا سيدتي على الحديث عن الصبر والرضا والتسليم، وكأن الأمر يعني مجرد التحمل حتى يأتي قضاء الله فنموت أو يموت الطفل المُبْتَلى، وهذا أضعف الإيمان.
خطأ أن تتمركز حياة الإنسان حول أية ناحية من النواحي، فما بالنا إذا كانت هذه الناحية مؤلمة ومزعجة ومحزنة.
تحتاجون إلى استعادة بقية نواحي الحياة من مرح ونزهات واجتماعيات، وأنشطة أخرى، فهذا كله مصادر للطاقة، وعون على الصبر.
ويفيدكم مثل الزوجين اللذين حكيت لك عنهما أن تتحولا تدريجيًّا من نفسية الضحية - بالاستعلاء عليها - إلى نفسية المعالج والمشارك في هموم الآخرين، وستجدين في الإنترنت تجمعات وهيئات تفيدك بمعلومات واتصالات أساسية في هذا.
ومع تحسن طفلك أكثر قد تفكرين في الإنجاب ثانية؛ مما يدعم تعايشكم مع حالته وممارستكم التدريجية لحياتكم كأسرة عادية تراعي احتياجات كل فرد فيها كما هي.
تمنياتي لك بالسعادة في الدنيا والآخرة.. وتابعينا بأخباركم.
التعليق: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختي في الله، الآن أريدكِ أن تأتي بورقة و تكتب نسبة الهم والحزن والضيق من 1 إلى 10، كم مقدار الهم تعانيه؟ ثم مباشرة قومي بقراءة آية الكرسي مرة واحدة، وسورة الإخلاص ثم الفلق ثم الناس 3 مرات، وقول ( بسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) 3 مرات، ثم قول ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) 3 مرات، ثم قولي ( أستغفر الله وأتوب إليه 100مرة) ثم رددي تاج الذكر ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير _ 100 مرة ) ثم قولي مثلها في العدد ( سبحان الله 100مرة) ( الحمدلله 100مرة) و( لا إله إلا الله 100مرة) و(الله أكبر 100مرة) و(لا حول ولا قوة إلا بالله 100 مرة ) ( اللهم صل وسلم على نبيّنا محمد 100 مرة ) ( سبحان الله وبحمده 100 مرة) ثم إرجعي لتلك الورقة و أكتبِ كم تعاني من الهم والحزن والضيق من [1] مسرورة ومطمئنة وسعيدة - ورقم [ 10 ] شديدة الضيق والهم والغم والحزن. ستجدني بأن هذه الوصفة هي أفضل طريقة لإزالة أو تخفيض درجة الهم والضيق والغم اليومية. بارك الله فيكِ، إتعبي خطوات المذكورة، حتى تصلي لمرحلة اليقين في قرارة نفسك وفي حُجرات فؤادك، بأن وصفة لعلاجك سهلة وفي متناولة اليد.