أشكركم على هذه الصفحة التي أتاحت لنا أن نعبر عن مشاكلنا التي لا تنتهي والتي تكبر معنا كلما كبرنا وكأنها رفيقة دربنا.
مشكلتي قد تبدو بسيطة ولكنها عميقة في قلبي فأرجو أن تساعدوني على حله، أنا فتاة أبلغ من العمر 23 عاما، طالبة جامعية وأقيم في إحدى الدول الأوروبية، أنا لست عربية ولكنني مسلمة من إحدى الدول الإسلامية، مشكلتي أني وحيدة على الرغم من أنني أعيش مع أهلي، ولكن لا أحس أني أعيش معهم لأن أفكاري تختلف عنهم قليلا إن لم أقل كثيرا، أنا متدينة ولله الحمد وعائلتي أيضا هكذا.
في حياتي لم أرتبط بشخص عاطفيا لخجلي وخوفي من تعليقات عائلتي لم أفعل، قد تسألوني كيف أقول لكم وببساطة إنني أتهرب من الحب، هذه الحقيقة التي أتهرب من إفصاحها للآخرين أو حتى مع نفسي لأني لا أريد أن أرتبط بشخص من نفس جنسيتي، وهذا مستحيل بالنسبة لعائلتي لأنه لم يفعله أحد من أهلي من قبل، وإن فعلت أنا فإن أهلي سيرفضون، وخاصة أمي التي أحبها كثيرا، قد تقولون أقنعيها، أقول لكم مستحيل، قد تقولون لا يوجد شيء اسمه مستحيل، أقول لكم لا فائدة.
هكذا وصلت قناعتي، فكلما تقدم لي أحد زملائي أو شخص ليس من نفس جنسيتي ولكنه مسلم مثلي أرفضه فورا خوفا حتى من سماع أهلي ذلك، خاصة أمي وأبي.
فقررت ألا أحب، ولا حتى أفكر في الحب لأن تلك المشاعر الطيبة ستكون عائقا بيني وبين أهلي فاخترت الهروب من الواقع.
مشكلتي لم تقف لحد هنا، فأنا إنسانة حساسة كتومة ومحتفظة بمبادئ للأسف أكثر الناس نسوها، ووفية لأبعد حد، ورغم كل هذا لم أجد الصداقة الوفية التي أبحث عنها طوال عمري، وقد يرجع لذلك لأسباب منها أني عشت في أكثر من دولة، ومنها إحدى الدول العربية التي اكتسبت منها أشياء كثيرة، مثل الثقافة الشرقية التي أحملها الآن والتي أفخر بها.
والمجتمع الذي أعيش معه هنا يجعلني لا أكون صداقات معهم لأنهم مختلفون عنا في التفكير وفي كل شيء مع احترامي لدينهم، فقررت أن أبحث عن الصداقة عبر النت، ذلك العالم المليء بكل شيء فلم أعرف أأصدق هذا أم أكذب ذاك، فقررت أيضا أن أنسحب ولكن قبل انسحابي تعرفت على شخص لن أنساه ما حييت.
كان صادقا وصريحا معي ويقيم في إحدى الدول العربية وكنت أعتبره أخي الصغير لأني أكبر منه بست سنوات، كان خفيف الظل، روحه ممزوجة بشقاوة المراهقين، حنونا، وهو أيضا اعتبرني أخته الكبرى، وكنا كذلك فعلا، فطلب مني أن نكون أصدقاء وقلت في نفسي آنذاك الصداقة التي لم تنجح مع الكبار قد تنجح مع الصغار، فقبلت وصرنا أصدقاء وإخوة في نفس الوقت.
كنت جادة أن نكون أصدقاء للأبد لأني ارتحت له كثيرا، فكنا نتحدث كل يوم مع بعض أكثر من ساعتين، واستمرت صداقتنا سنة وأشهر، ولكن في الفترة الأخيرة أخدنا نتشاجر أكثر من مرة، وعلى سبيل المثال طلب منى عنواني لكي يرسل لي هدية؛ لأنه يحب أن يهديني شيئا فرفضت، سأل عن سبب رفضي فأخبرته أني لا أريد أن أغلبه في شراء هدية، وقال لي ليست غلبة، ولكن أصررت على موقفي ورفضت، أما هو فزعل مني لأني رفضت هدية أخي الصغير وطلب منى ألا أتحدث معه مرة أخرى وفعلا حزنت من قراره هذا.
وكنت أعلم أن هذا القرار كان صعبا عليه فتركت له حريته، وبعد مرور فترة اتصل بي وطلب أن يتحدث معي وقال لي إنه لا يستطيع نسياني أبدا وإني صرت فردا من أهله، وكل ما فعل كان من أجل أن أوافق على طلبه، ولكن هل تعرفون لماذا رفضت هديته؟! بسبب تعليقات أهلي، فهم لا يعرفون أن لي صديقا صغيرا وعربي الجنسية، وهل تعرفون ماذا تعني العرب بالنسبة لأهلي؟! إنهم ليسوا أهلا للثقة. وأنا لم أخبره أن أهلي لا يحبون العرب، كان دائما يقول لي لماذا أنت كتومة، كان دائما يقول لي أنا أخبرك بكل شيء عن حياتي ولكن أنت لا تفعلين مثلي لماذا أنت ساكتة وكتومة ألسنا أصدقاء؟! ألسنا إخوة؟! أخبريني ماذا يضايقك؟! فلا أجد جوابا.
وعرفني على أهله وتحدثت مع أمه وأخته وكانوا أناسا طيبين مثله، أما أنا فلم أستطع أن أمتلك تلك الجرأة التي يمتلكها أخي الصغير، بحيث أعرف أهلي به. أحيانا كان يطلب منى أن أتحدث معه على الهاتف، كنت أعتذر منه بسبب أنه قد تكون أختي أو أمي بقربي بالله عليكم هل تلك الصداقة كانت ستستمر بهذا الشكل، أحيانا تمنيت أن أكون صبيا لكي أتحدث معه بحرية.
فقررت أن أنسحب معللة ذلك بأننا لا نفهم بعض، ومشاجراتنا قد كثرت في الآونة الأخيرة، هل تعرفون كم من الوقت أخذ مني هذا القرار؟! أخذ من وقتي الكثير، قد تسألوني لماذا وافقت على صداقته أو معرفة به في بداية الأمر ما دمت أعرف أن صداقتنا لن تستمر بسبب أهلي؟! أقول لكم إني لم أستطع فراقه كلما حاولت أن أفارقه أرجع وأقول لا أستطيع.
قد تتعجبون من تصرفي فهو لم يكن أخي الصغير فحسب، كنت أحيانا أشعر أنه ابني الصغير، لدرجة فكرت أن أتكفل بكل مصروفات الجامعة التي سيدخلها في المستقبل القريب كي أحقق أحلام ابني الصغير. وآخر مكالمة طلبت منه أن ينساني، قال كيف؟! قلت له لا أعرف وتركته وقلبي يتقطع حزن، ما ذنبه؟! ظلمته وأنا التي لم أر منه سوى الاحترام والتقدير والوفاء، والآن يحاول الاتصال بي أكثر من مرة في اليوم، ولكن لا أرد عليه فهو لا يتصور أني سأرحل هكذا في يوم وليلة دون سبب مقنع.
أسألكم بالله هل ما فعلته كنت محقة فيه على الرغم من أن فراقه صعب، وكلما أتذكره تنزل دموعي دون أن أشعر؟!
أريد أن تكون صداقاتنا معروفة وأن يعرف أهلي ذلك، ولكن هذا مستحيل، فأنا لا أريد أن أفعل أشياء في الخفاء وكأني أسرق شيئا ما، وهذا الإحساس يقتلني، هل حرام أن يكون لي أخ لم تلده أمي هل هو مستحيل أن أختار شخصا من غير جنسيتي؟! أخبروني بالله عليكم ماذا أفعل، تعبت من كثرة التفكير لدرجة أنى فقدت من وزني الكثير، ومن رآني يقول لي ماذا حدث بك؟! قررت أن أرجع مثلما كنت وحيدة، يبدو أن الوحدة ألفتني وألفتها
فهل تجدون لي حلا غير هذا لأني سئمت من أن أستسلم في كل مرة؟!
أنتظر ردكم بفارغ الصبر فلا تتأخروا في ردكم علي.
30/06/2024
رد المستشار
أهلا بكم أختنا الكريمة
لعلي ألحظ فيكم مشاعر حزن وكثرة تفكير وتحليل مستمر ودائم، هذا التحليل لما فات نسميه اجترار، والقلق فيما هو آت نسميه ترقب وهمّ ولا أعتقد أن المشكلة في وجود الصديق وتقبل الأهل لوجوده من عدمه، ولكن يبدو أن كثرة التفكير تأخذ منك وقتا طويلا، وتعمق مشاعر الحزن واللوم وتقلل حركتك الاجتماعية، فالتفكير الكثير يحتاج لتفرغ وكلما تفرغت له زاد معك، وزادت المشاعر المؤلمة، لذا هل فكرت أن توقفي هذا التحليل الزائد، ربما تتحدثين مع الصديق ويكون أخا لك لكن ماذا بعد؟ ربما تجدين زوجا من جنسيتك لكن ماذا بعد؟ هل هذه المشكلة؟
أنصحك بالذهاب لمختص نفساني يتناول معك تنظيم روتينك وحياتك، خاصة حياتك الاجتماعية ويساعدك على تقليل التفكير والتحليل الزائد.