- المشاركة الأولي : د . ليلي أحمد
سيدتي الكريمة، أشكرك على مشاركتك الهادفة وأسلوبك الهادئ، وأتمنى من كل الإخوة القراء أن يزودونا دائمًا بمقترحاتهم واعتراضاتهم، لنستنير بآرائهم وأفكارهم من جهة، ولنستطيع أن نبين لهم ما غاب عن أذهانهم ونوضح لهم ما التبس على أفهامهم من جهة أخرى..
فالغاية من هذه الصفحة ليست مساعدة بعض السائلين في حل مشاكلهم فقط، بل هي -في اعتقادي- التوصل إلى خفايا وأمراض مجتمعاتنا المسلمة، وإخراج ما تراكم فيها من مفاهيم خاطئة بسبب عادات جاهلية وموروثات قبلية، حولت الإسلام في نظر البعض من دين الفطرة الصافية إلى مجموعة من التقاليد البالية، مما جعلهم يرغبون عن هذا الدين العظيم بحجة أنه دين التخلف والرجعية!! ونهض آخرون وهم من أبناء جلدتنا ويتكلمون بلساننا -للأسف- بدعوى نبذ هذا الدين واستبداله بأفكار غربية، ونسوا أن النبتة عندما تنقل من بيئة لأخرى مختلفة عنها كليًّا فلن تصمد طويلاً... فكيف إذا كانت هذه النبتة تحمل السم الزعاف لأبنائها؟ كيف ستصلح لنا أفكار الغرب الذي يتقدم اقتصاديًّا وماديًّا بينما يتهدم معنويًّا وحضاريًّا؟
ومع ذلك لا زال دعاة التغريب يضعون على أعينهم عصابات الحب الأعمى للغرب، وينادون بتحرر المرأة على الطريقة الغربية.. وبتحرير الجنس من قيود الزواج.. وبضرورة تعدد التجارب الجنسية للشبان والشابات..
وبعبارة أخرى: اتباع النهج الغربي في الثقافة والمبادئ والأفكار.. ونسي هؤلاء -أو تناسوا- أن الغرب يعاني من هذا النهج تفسخًا عائليًّا، وتفككًا اجتماعيًّا، وانحدارًا أخلاقيًّا، وشذوذًا جنسيًّا..
فكيف نسكت، ونحن نرى ركب المخذّلين والمتخاذلين يفعلون بديننا ما يشاءون؟ وكيف ندعهم يخدعون أمتنا لإرضاء أهواء قوم لا يعلمون؟
هدفنا –يا سيدتي الفاضلة- أن نؤكد أنه لا حياة لنا ولا نهضة لأمتنا إلا بعد أن نعود لفهم ديننا كما فهمه إخواننا الذين سبقونا بالإيمان، فكانوا مشاعل نور للإنسانية كلها.
هذا يتحقق لنا مبدئيًّا إذا فهمنا آية واحدة من القرآن الكريم فهمًا صحيحًا، هي:
"قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"، فالدنيا لا تنفصل عند المسلم عن الدين أبدا.. إنما عمله وتعامله مع الناس، ومع أسرته، ومع نفسه، كله حلقات متصلة من الدين..
وبما أنك مطلعة على أحوال الغرب، فلا بد أنك تعرفين الفرق بين كلمة دين في العربية، وترجمتها إلى أي لغة أخرى، وأن هذه الترجمة تبقى ناقصة، ومفهومها غالبًا لاهوتيٌّ بعيدٌ عن الدنيا.. أما كلمة دين في العربية فتعني: طريقة حياة كاملة.
وإذا كان رسولنا -صلى الله عليه وسلم- قد قال وهو يعدد طرق الخير: "وفي بُضع أحدكم صدقة"، أي أن في جماع المسلم لزوجته قربى إلى الله، وهو عمل دنيوي بحت، فلماذا تبقى مناقشة الأمور الجنسية ممنوعةً كأنها من المحرمات "الطوباوية" ؟ وإلى متى يبقى الجنس في أذهان الكثيرين موضوعًا مرتبطا بالحرام والخطيئة؟ لماذا لا يعتبر الجنس جزءًا من حياة المسلم الدنيوية، والدينية، كأي جزء مهم آخر من حياته؟ وما المانع أن نشرح لإخواننا المتزوجين، أو المقبلين على الزواج الطرق المثلى التي يؤدون بها هذا الجزء.. أو هذه القربى؟ أليس ما جهلوه عن الجنس هو بسبب تشويه الفطرة أو غيابها؟
لو كانت فطرتهم سليمة لما اضطررنا إلى خوض هذا المعترك الصعب.. ولما احتجنا إلى فتح هذا الملف الساخن.. لكن، أيهما أفضل: أن نجيبهم إلى ما يطلبون أم أن نتركهم يبحثون في أفلام الفيديو –مثلاً- لمعرفة كيفية الجماع وأوضاعه، ويرون القبائح تُرتكب أمامهم، خاصة أنهم قد يرون ما يشوه فطرتهم أكثر وأكثر؟
أنت تقولين: "فطرتي تقول لي.." وهذا كلام جيد، لكنه لا ينطبق على الكثيرين –يا أختي- لأن الله رحمك –على ما يبدو- فلم تتعرضي إلى ما يشوه فطرتك كما تعرض غيرك.. ولا يعني أنك إذا كنت لا تعانين أن غيرك لا يعاني، فكم من زواجات فشلت بسبب الجهل بالجنس أو الخوف منه! وكم من بيوت هُدمت بسبب فتور الزوجة أو إهمال الزوج!
وأنا حقيقة لا أعرف مَن المسؤول عن هذا التشويه في المفهوم الجنسي ، فقد قرأت في سيرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وسيرة أصحابه، فلم أر إلا وضوحًا في هذه الأمور، وبدون خجل مصطنع، فما رأيك مثلاً في أم سُلَيم، وخولة بنت حكيم -رضي الله عنهما-، وقد سألتا الرسول عليه الصلاة والسلام -وهو رجل- عن الغسل بعد احتلام المرأة؟ ألم يكن بإمكانهما أن تطلبا من إحدى زوجاته أن تكفيهما مؤونة السؤال والحرج؟ لكنهما لم تفعلا، ولم تشعرا بأي حرج أساسًا.
وما رأيك فيما روي عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه طاف على نسائه ذات يوم يغتسل عند هذه وعند هذه.. ولما سأله أحد الصحابة: يا رسول الله ألا تجعله غُسلاً واحدًا؟ قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "ذلك أزكى وأطيب وأطهر". ولم يقل له عليه الصلاة والسلام أنت قليل الحياء، أو عيب عليك.. لأنهم لم يكونوا يعرفون شيئًا اسمه العيب، بل هو إما حلال أو حرام، أي لم يكن يهمهم نظرة الناس بقدر ما كانت غايتهم رضا الله.. ولذلك كانوا منفتحين خالين من العقد النفسية، عكس ما نحن عليه تمامًا الآن.. ولعل السبب في تشويه المفهوم الجنسي يعود إلى ما ساد من مفاهيم مستمدة من ديانات أخرى، ومنها أن الجنس إثم ينبغي التطهر منه.. وأنه لا يجوز أن يكون الزواج بقصد قضاء الوطر والتمتع، وإنما يجب أن يتزوج الإنسان فقط لتحقيق مفهوم خلافة الله في الأرض عن طريق التناسل.. لكن هذا يتناقض تمامًا مع قول الصحابة للرسول -عليه الصلاة والسلام-: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ فيقول لهم: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ كذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر".
فهي شهوة، وقضاء الشهوة فيه متعة، وليس من المعقول أن يأتي الرجل زوجته في كل مرة بنية أن تحمل منه، وإلا كان من المفترض أن يمتنع عنها وهي حامل! وماذا تفعل المرأة التي أنهت حياتها التناسلية إذا أرادت أن تستجيب لنداء الفطرة؟ وماذا يفعل الرجل الشبق، والذي لا تكفيه زوجته بعد أن اكتفى بما عنده من أولاد؟ وهل يمتنع الرجل العقيم أو المرأة العاقر عن الجماع ما داما لن ينجبا أصلاً؟
أعود إلى أسئلتك التي ما زلت أشكرك عليها؛ لأنها فتحت لي المجال في بحث هذا الموضوع المسكوت عنه:
تسألين: هل الجنس مشكلة راسخة في حياة الناس؟
يا سيدتي أعتقد أن 50% من المشاكل الواردة إلى الصفحة على الأقل هي مشاكل جنسية، ولكنها لا تظهر كذلك؛ لأنه كما تفضلت الأخت "د . فيروز عمر" وأجابتك أن بعض الأسئلة شخصية، فتحول الإجابة إلى بريد السائل أو السائلة. وإن كنت أنا أرى أنه من الأفضل تجاوز هذا الموضوع، وطرح المشاكل كلها علنًا، ما دمنا لا ندلي بأي معلومات عن السائل، لأنني أتمنى أن ينتبه المصلحون والدعاة ورجال الفتوى والرأي، وأهل الحل والعقد، لما يحصل في الخفاء، لنكون جميعًا على مستوى المسؤولية، ويدًا واحدة في الإصلاح الفكري والنفسي والمجتمعي. فوالله إن ما يحدث في الحقيقة لهو أضعاف أضعاف ما يظهر على هذه الصفحة، وأضعاف أضعاف الأسئلة الواردة، سواء كان الرد عليها سرا أو علانية. ولن يتم علاج مرض إلا بتشخيصه جيدًا، ولن يتم التخلص من الخراجات المنتفخة بالبكتيريا والصديد... والتي يمتلئ بها جسم المجتمع المسلم إلا بتشريطها بمشرط صحي.. وبكل جرأة وعلى مسمع المسلمين جميعًا وتحت أبصارهم.
وقد عرفنا أن ديننا دين الوضوح، وهو الدين الكامل الذي يعترف للإنسان بنوازعه الجسدية وأشواقه الروحية، لذلك نحن نعتمد في هذه الصفحة الصراحةَ والوضوحَ كما علمنا ديننا.
وجوابي الصريح على سؤالك هذا من الناحية النفسية والدينية هو باختصار:
إن الحياة الجنسية جزء مهم في إنجاح الحياة الزوجية، وإذا كان الحب هو الذي يضفي على الحياة الزوجية السعادة المنشودة، فإن الجنس ما هو إلا التعبير الجسدي عن هذا الحب. ويحتاج الرجل والمرأة إلى الرفقة والحب، كما يرغبان بالمتعة والجنس، وهذه الحاجة وتلك الرغبة تختلف بين الأفراد والأعمار والثقافات عند الرجل والمرأة على السواء. وتختلف نظرة كليهما إلى الحب والجنس اختلافًا كبيرًا.. فبالنسبة للرجل مفهومه عن الحب جنسي بالدرجة الأولى، وذلك بحكم طبيعته البيولوجية وتركيبته النفسية، ولكن هذا لا يعني أنه لا يهتم بالحب، أو لا يفرق بين الجنس في حالة امرأة يحبها وأخرى لا تهمه.. فالرجل من الناحية النفسية يستطيع أن يعدد شريكاته في الجنس (زوجاته) وإن كان قلبه لا يهوى سوى واحدة. طبعًا هناك استثناءات، وهي إما حالة الرجل البدائي الذي لا يفرق بين امرأة وأخرى، فالنساء كلهن أدوات للجنس وآلات للإنجاب، أو حالة الرجل المتمدن جدًّا الذي لا يستطيع ممارسة الجنس إلا مع التي يحبها.
وأقصد بالرجل المتمدن أي المتحضر نفسيًّا سواء كان غير مسلم أو مسلمًا لم يضبط إيقاعاته النفسية كما يريد الشرع؛ لأن الإسلام عالج مشاكل أخرى حياتية غير مشكلة تمدن الرجل أو بدائيته. فتعدد الزوجات أحيانًا يعتبر حلاًّ لمشاكل كثيرة لا مجال لتفصيلها هنا. ويمكنك مراجعة مشاكل سابقة علي صفحتنا حول هذا الموضوع منها تلك التي بعنوان : الزواج الثاني … الشرع والنفس والمجتمع .
أما بالنسبة للمرأة فإن الحب هو حياتها من الناحية النفسية، وهي لذلك لا يمكن أن تمنح نفسها إلا لمن تحب، وهنا أيضًا نجد استثناءات، وهي حالة المرأة التي هذَّب فطرتها الشرع الحنيف، فعرفت أنها عندما تُعفُّ زوجها حتى لو لم تكن تحمل له الحب الكبير فإنما هي تطيع الله سبحانه. وليس أكثر البيوت يقوم على الحب كما قال عمر -رضي الله عنه-. أو امرأة شُوهت فطرتها واعتقدت أن المرأة جنسية كالرجل، فراحت تعدد شركاءها بعد أن نخر سوس النسويات في عقلها. أو عاهرة تمنح الجنس مقابل ثمن.. عافى الله أمتنا من هذا البلاء.
بالنسبة لفكرتك الثانية وهي أن التربية الخاطئة يتلقاها كل من الفتى والفتاة، فأنا معك في جزء منها فقط، وهي أن الوالدين لا يرغبان بفتح أي موضوع جنسي مع الأولاد، وبالتالي يخجل الأولاد من سؤال الوالدين.. مع أن هذا ليس من الدين، بل يجب أن يكون لدى الأولاد ثقافة جنسية تختلف باختلاف أعمارهم ومداركهم.. فكثير من آيات القرآن الكريم حافلة بهذه الكلمات: الرفث، المحيض، نساؤكم حرث لكم، الزنى.. تمسوهن.. الفاحشة.. قصة لوط -عليه السلام-.. قصة يوسف -عليه السلام-... إلخ. فلو كان الطفل يدرس كتاب الله فلا بد له أن يسأل عن معنى هذه الكلمات، هذا إذا اقتصرنا على القرآن. لكن من منا لا يسمع ابنُه تعابير جنسية من الأصدقاء أو من الشارع؟ ومن منا لا يرى أولاده إعلانات الفوط الصحية مثلاً في التلفاز؟ وإذا منعنا الأولاد منه أو من الأصدقاء أو من الشارع... -وهذا خطأ طبعا؛ لأننا يجب أن نعلمهم السباحة في هذا البحر الفاسد- ألن يسأل الولد أمه وقت الطمث لماذا لا تصلي؟ أليس من المفترض أن تجيبه، أم أنها يمكنها التهرب منه أو نهره؟
يجب أن يعطى الطفل الثقة بنفسه أن يسأل عما يخطر له، وتتم الإجابة بشكل واضح ومبسط، وهذا عكس ما يجري في بيئاتنا التي تنظر إلى الجنس بأنه شيء معيب، فيحمل الطفل نفس النظرة المعقدة، أو يلجأ إلى من يجد عنده جوابًا لأسئلته سواء كان مصدرًا آمنًا أم غير آمن. أما ما لا أوافقك عليه فهو قولك إن الفتى يتعرض لما تتعرض له البنت.. وكذلك مقارنتك المرأة في مجتمعاتنا الشرقية بمثيلتها في المجتمعات الغربية. فهنا يوجد -وأرجو معذرتك– خطل كثير، فالمرأة يا سيدتي في مجتمعاتنا العربية يُحجر عليها لأنها ناقصة عقل ودين، وهذا نتيجة فهم خاطئ لحديث المصطفى -عليه الصلاة والسلام-.. ويتحكم بها الرجال في العائلة من الأب والإخوة.. إلى الزوج والأولاد .
هل أحكي لك عندما عملت في بلد قريب لبلدك كيف كان الولد يدخل مع أمه عيادتي، فيأمرها أمرًا أن تستلقي على طاولة الكشف، وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره!! أو كيف يخجل أن يقول إن أمه ساعدته في واجباته المدرسية كي لا يسخر منه زملاؤه؛ لأن من ساعدته حرمة!! أو كيف يعتبر الرجل اسم زوجته نقيصة في حقه، فيسميها في الملف باسم غريب!! هل أقص عليك الحالات النفسية التي كنت أراها نتيجة ظلم المجتمع للمرأة... هل أروي لك عن زوج يسهر الليل كله على الأفلام الفضائحية ثم يطلب من زوجته أن تمارس معه الجنس بنفس الطريقة المتفلتة، مع أنهما من بيئة لا تكشف المرأة عن وجهها أمام زوجها لا قبل الزواج ولا بعده! سأكتفي بهذا القدر من الأمثلة هنا، لأنني لا أريد أن أفتح ملفات يصعب إغلاقها.
لكن لا تنكري -أرجوك- أنه ما تزال المرأة في بعض المجتمعات كلها عورة، وصوتها عورة، واسمها عورة، وعباءتها عورة... فليتك تساهمين في إبعاد شبح الظلم عن المرأة، وهو -والله- ظلم للرجل الذي لا يعرف أن المرأة لا يمنعها أي شيء من فعل أي شيء، وإذا لم يكن لها من دينها وأخلاقها وضميرها حصنٌ واقٍ فلن تقيدها أعتى الحصون.
أما المدنية الغربية فرغم أنها قائمة على المادة والمتعة، وثقافتها خالية من مفاهيم الحياء والعفة، فإن ذلك يطبَّق –بتشديد الباء وفتحها- على الرجل والمرأة والولد والبنت. فلا تحمل الفتاة المسؤولية الباكرة عن تصرفاتها، بينما يتنعم أخوها في الدلال، ويفعل ما يحلو له لأنه ذكر. وتُمنع البنت من القفز أو الجري أو ركوب الدراجة، خوفًا عليها أن تقع فيتمزق شرفها!! وهل الشرف في تلك المنطقة السفلى؟ أم أن الشرف هو شرف الروح والفكر والقلب؟ وإذا وقعت البنت، فلا تجد إلا الأم وقد حملتها، وهي تهرع إلى أقرب طبيبة نساء لتطمئنها على غشاء البكارة!! وربما كان الأولى بها أن تعرضها على جرَّاح عظام لمعالجة كسر ساق، أو خلعٍ في مفصل. فما يهم هو فقط غشاء البكارة؛ مما يورث الطفلة المسكينة عقدة نفسية بالغة الأثر؛ لأنها لا تعرف لماذا تكشف عورتها بينما لا تشكو منها.
وكم صرخنا -وما زلنا نصرخ- أن غشاء البكارة ليس دليل العفة المطلقة؛ فنسبة من الفتيات لا تنزف عند الجماع الأول بسبب أشكال الغشاء المختلفة بين فتاة وأخرى... وكم من فتاة هوت وكونت علاقات غير شرعية، وتعلمت كيف تحافظ على غشائها، نكاية في عادات مجتمعها الباطلة والتي تبيح للشاب أن يفعل ما يشاء، بينما تُكبل الفتاة بكل أنواع القيود . ويمكنكم مراجعة صرخاتنا السابقة في مشاكل كثيرة منها :
الضحك والبكاء وسلامة الغشاء!
كوابيس الغشاء ومواقف الأطباء!
حك الشفر الكبير الأيسر، هل الغشاء تأثر؟
مجتمعنا الشرقي عقدة الغشاء... ووهم العفة!
هل تراك سمعت -كما سمعت- أحدهم يستشهد بهذا البيت من الشعر الذي قيل في مناسبةٍ ساميةٍ، ألا وهي الدفاع عن الوطن:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ***** حتى يراق على جوانبه الدم
ولكن الغبي الجاهل فهمه أنه قيل في مدح غشاء البكارة ليلة الزفاف!! هل للفتى غشاء بكارة يا سيدتي؟ أم تراك تعيشين في عالم أوربي؟! لماذا تخلطين الأوراق وتقارنين وضع المرأة عندنا بوضع المرأة في الغرب، وقد أبيح لها ما أبيح للرجل؟ المرأة الغربية تمارس الجنس قبل البلوغ، وتدرس في المدرسة أخطار حمل المراهقات، وضرره النفسي والجسدي، وتتناول حبوب منع الحمل بمجرد بلوغها، أما في بيئاتنا المتخلفة فليس للبنت أن تسأل أمها عن أبسط أمورها الجنسية! فالفتاة ما زالت عارًا على أهلها في كثير من البيئات! ولأن الإسلام حرم الوأد.. فقد مارست أُسر بكاملها وأد بناتها، ولكن بطرق أخرى.
أنا لا أبرر للفتاة أي سقوط إلى هاوية.. بل على العكس أطلب من كل فتاة أن تحافظ على أخلاقها وضميرها ودينها، حتى لو عانت الأمرَّين من أهلها؛ إذ بين سقوط الرجل وسقوط المرأة فرق كبير.. فبينما نجد فساد الرجل -وأقصد الزنا بالتحديد- لا يسيء إلا إليه أو إلى من زنا معها، نجد أن فساد المرأة يحمل إفسادًا للمجتمع بأكمله؛ لأن الرجل لا يستطيع أن يغوي امرأة واحدة، أما المرأة فما أسهل أن تغوي مئات الرجال.. وكلامي هذا رد على دعاة الإباحية والنسوية، والذين يريدون أن تهوي المرأة في مستنقعاتهم الآسنة. وموجه أيضًا إلى من لا يخاف الله، فيعمل كل عمل شائن لأنه رجل.. بينما يمنع حريمه من أبسط الحقوق، وما علم أن الله بالمرصاد، وأن العقاب قد يكون في الدنيا عندما يُزنى- بضم الياء- بأهله وهو لا يدري "ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" .. جزاك الله خيرا يا أختي.
ولعلك تساهمين معنا بإصلاح أي خلل في مجتمعنا المسلم بعد أن نجعل أفكارنا أكثر واقعية.
وشكرا لهذا الموقع المختلف.
7/12/2023
المشاركة الثانية: د . سحر طلعت
الأخت الحبيبة، جزاك الله خيرا على فتح هذه الصفحة وطرح هذا التساؤل، وقد وجدت أنه من المفيد أن أضيف بعض الكلمات على رد المستشارة دكتورة " فيروز عمر" ومشاركة الزميلة الدكتورة "ليلى أحمد"، فأقول لك:
أنت تؤكدين على أن الاختلاف بين الرجل والمرأة يكمن في أن الرجل يطلب أكثر والمرأة تطلب أقل، وتتصورين أن على المرأة ألا تمتنع عن الرجل كلما طلبها، وتقنع نفسها أنها بذلك تؤدي حق الزوج – حتى وإن كانت لا تريد- طاعة لله. أمر جميل ومحمود أن تكون طاعة الله ومرضاته منتهى أملنا، ولكن التساؤل هو هل هذا يرضي الله فعلا، الله لا يرضى حتى يرضى الزوج، ألم نسمع قول رسولنا الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة"؟ وتصورك هذا –وبالمناسبة أعتقد أنه ليس تصورك أنت فقط، ولكنه تصور الكثير من النساء- كان يصلح في زمن الأجداد والأباء، ساعتها كان الرجل يتصور أن كل النساء كزوجته لا تريد ولا تستمتع، وليس له مصرف غيرها ولا يرتضي لنفسه الزنا فيضطر لقبول الأمر الواقع والاكتفاء بما هو متاح وميسر.
الأمر الآن في عصر السماوات المفتوحة يختلف كثيرا عن ذلك؛ فضغطة على زر الكمبيوتر تدخله في عالم فسيح يرى فيه ما خفي عليه من أمور النساء وخبايا المعاشرة، وقد يجد من تخاطبه وتقول له أريدك أنت وأشتاق إليك أنت، وتعقد المقارنة بين الزوجة التي لا تريد ولكنها لا تمتنع والأخرى التي تريد وتشتاق.. اسألي نفسك ولتسأل كل امرأة نفسها: أيهما أكثر إثارة ومتعة، لا مفر من أن نقبل التحدي لنثبت أن المرأة المسلمة تستطيع أن توازن أمورها جيدا، وأنها يمكن أن تقتدي برسولنا الكريم فتكون كالعذراء في خدرها في المواطن التي يحمد فيها الحياء، ولكنها تستطيع أن تنزع عنها رداء الخجل المذموم –الذي ارتدته طويلا- مع زوجها، وبداية ذلك في تصحيح التصورات الخاطئة وهو ما نحاول فعله على هذه الصفحة.
هذا التصور أرى فيه أيضا امتهانا للمرأة كجسد؛ لأنه يعني أن الله سبحانه خلق النساء أجسادا لمتعة الرجال، وينفي هذا التصور علمنا وقناعتنا بعدل الله المطلق؛ فالله سبحانه لم يخلق نصف المجتمع لإمتاع النصف الآخر، الله سبحانه يقول: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"، ويقول رسولنا الكريم: "النساء شقائق الرجال"، ما أفهمه وأقتنع به أن الله سبحانه خلق الرجال لتلبية احتياجات النساء وخلق النساء لتلبية احتياجات الرجال وهذا منتهى العدل، وجعل تلبية هذه الاحتياجات في إطار العلاقة الزوجية.
أوافقك تماما على وجود اختلافات جوهرية بين الرجل والمرأة في أمر الممارسة الجنسية، فالله سبحانه الحكيم العليم خلقنا مختلفين لحكم كثيرة قد ندرك بعضها وقد لا ندرك غيرها ولكنها حكمته ومشيئته، ولكني أختلف معك في طبيعة هذه الاختلافات، ليس وجه الخلاف أن المرأة تطلب أقل والرجل يطلب أكثر، الاختلاف لا يكمن في الكم، ولكنه في الكيف، ما يثير المرأة يختلف عما يثير الرجل، كما أن المرأة تعتبر وتستمتع بالممارسة الجنسية على أنها قمة التعبير عن الحب، ولذلك لا يسعدها الوصل إلا مع الحبيب، ويشقيها ويتعسها أن تشعر أنها فقدت حظوتها وتأثيرها عليه.
يأتي السؤال الآن: ما الذي يثير المرأة وما الذي يثير الرجل؟ المرأة تثار عن طريق الكلمات الناعمة الدافئة واللمسات الرقيقة والتفكير في متعة وجمال لحظات الوصل مع من تحب، أما الرجل فإنه يثار بداية عن طريق النظر والشم والسمع، وحتى نتمكن من تخيل حال الرجل تصوري أنك دعيت إلى طعام، وفي طريقك لمنزل الداعي كنت لا تشعرين بالجوع، ولكن عندما فتح لك الباب وصل إلى أنفك رائحة الطعام الشهي وقرعت أذنيك أصوات الأطباق وهي تصطف على مائدة الطعام، يبدأ اللعاب يسيل وتزيد إفرازات الجهاز الهضمي ويبدأ الشعور القارص بالجوع، فإذا وقفت أمام المائدة العامرة بأطايب الطعام والتي حرصت ربة المنزل على تقديمها في أبهى صورة يزداد الشعور بالجوع القارص وتمتد الأيدي لتناول الطعام، هذا هو حال الرجل قبل وبعد الزواج.
بداية إثارته أن يرى جسد المرأة الجميل أو يشم رائحة عطرها أو يسمع صوتها الرقيق وضحكاتها المثيرة، يتحرك ويطلب الإشباع، يطلب الزواج إن لم يكن متزوجا أو يطلب الوصل مع زوجته، (ولاحظي هنا أن هذه المثيرات هي التي جعلها الله سبحانه خالق البشر والعالم بحالهم ضوابط للمرأة المسلمة وهي تتحرك في المجتمع، فلزيّ المرأة مواصفاته وكذلك نهى عن الطيب والخضوع بالقول أمام الرجال الأغراب).
الوضع مختلف بالنسبة للمرأة فهي لا تثار بمجرد النظر إلى جسد الرجل، لماذا؟ الله سبحانه وتعالى يعلم أنه فطرها على الحياء وأن حياءها قد يمنعها من أن تكون طالبة (قبل الزواج)، وأضع هنا ألف خط تحت كلمة قبل الزواج، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يعينها على أن تحبس المارد الموجود بداخلها في قمقمه حتى يأتي الفارس المغوار ويأذن له بالخروج، وهنا تتجلى حكمة ربي سبحانه فلو كانت مثيرات الفتاة مثل مثيرات الرجل لوجدنا فتياتنا ممن تأخر بهن سن الزواج على حافة الجنون، ولو كان الرجل كالمرأة لما وجدنا رجلا يقبل على الزواج ويتحمل تبعاته، سبحانك ربي فما أعظم إبداعك؟
الوضع يجب أن يختلف تماما بعد الزواج، لماذا؟ ستقولين أنا لا أمتنع عن زوجي وأؤدي حقه وأعلم بأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومنها: "إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور" تشعر المرأة وكأن هذا الحديث وغيره سيوفا مسلطة على رقبتها، تذهب إليه ولسان حالها يقول خذ ما تريد على أي وضع وأنا لاهية عنك أو نائمة أو منشغلة عنك، ها أنا لم أمتنع عنك، وما أحسب أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أراد ذلك؛ فالدعوة ردها استجابة وتجاوب، ويأتي الرجل يصرخ زوجتي لا تمتنع عني، ولكنها تؤدي الواجب، أريد زوجة تمتعني، ويمكنك مطالعة مشكلة: ظمآن.. والكأس في يديه، لتتأكدي من صدق ما أقول.
وقد تجدين أنت وغيرك في هذه الأحاديث دليلا على صدق تصورك، ولكن إذا نظرنا للأحاديث التي تتناول شأن العلاقة الزوجية نظرة تكاملية فلا نركز على حديث دون الآخر لأمكننا أن ندرك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى علم أن الرجل ستتحرك شهوته عندما يرى أو يسمع أو يشم من النساء ما يثيره، فيطلب زوجته لا لتمتعه، ولكن ليتمتعا معا، وعليه ساعتها ألا يقع على زوجته كما يقع البعير، وأن يكون بينهما رسول والرسول هو القبلة والكلمة وهما ما تحتاجه المرأة لتثار.
إذن البداية تكون بأن نقتنع نحن النساء أننا نحتاج إلى الممارسة الجنسية كما يحتاجها الرجل، والثابت علميا أن دورة الاستجابة الجنسية مختلفة عند الرجل عنها عند المرأة؛ فالرجل لا يمكنه الوصول إلى قمة اللذة (القذف) إلا مرة واحدة، وبعدها لا يستجيب للمثيرات مهما كانت قوتها لفترات تختلف طولا أو قصرا من شخص إلى آخر. أما المرأة فيمكنها الوصول إلى قمة اللذة (رعشة الشبق) أكثر من مرة في اللقاء الواحد، ولا توجد فترة يستحيل فيها إثارتها.
من هذا يمكن أن نقول بأن المرأة لو أخرجت المارد المحبوس في القمقم بإزالة غطاء المفاهيم والتصورات المغلوطة لكان طلبها للوصل مع الزوج أكثر من طلبه هو، وهذا بالطبع يسعده ويجعله يتيه فخرا لأنه ما زال الرجل المرغوب فيه.
سيأتي السؤال التالي: وهو كيف أفعل ذلك بعد يوم شاق ومسؤوليات عظيمة ملقاة على عاتقي، بالي مشغول بهموم كثيرة فكيف لي أن أستمتع بهذا اللقاء؟ حمام دافئ كفيل ببعث النشاط في الأوصال، ووقفة أمام المرآة للتجمل والتزين، تحرص المرأة فيها على أن تظهر أجمل ما فيها وتخفي عيوبها وتكون في أبهى صورة تعلم أنها تثير زوجها، في هذه الأثناء عليها أن تركز تفكيرها في الدقائق القادمة، تتذكر جمال وروعة لحظات الوصل السابقة، تسأل نفسها ما الجديد الذي يمكن أن أقدمه لزوجي؟ كيف يمكن أن أسعده وأسعد معه؟ وأعتقد ساعتها أن المرأة لن تقول إنه يحتاجني أكثر مما أحتاجه، بل ستقول كلانا يحتاج الآخر.
كلمة أخيرة للأزواج :
المرأة تحتاج لدفء الرومانسية بشدة، فلا تبخلوا في العطاء، هل يضير أحدكم أن يربت على يد زوجته بحنان وتتلاقى الأعين تحمل رسالة حب صافية، هل يقلل من قيمته أن يمسح على شعرها أو أن يتلمسها في جنبات المنزل ويسمعها كلمة حب رقيقة أو... أو...، فيكون بذلك قدوة لأبنائه،
أرجوكم أعيدوا الرومانسية إلى بيوتنا صباحا
تجدوا من زوجاتكم كل استجابة وتجاوب.
7/7/2024
رد المستشار
الأخوات والإخوة ، نعم.. هذا فضل الله علينا أن طهرنا من أدران الوثنية، وكرمنا بدين الفطرة الإنسانية المستقيمة، فلا رهبانية كما في النصرانية حاليًّا، ولا تمييز ضد المرأة . نعم.. هذا دين الله إلينا يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وهي معانٍ عامة وهامة، وتحتمل تأويلات ومستويات شتى.
وهذه هي صفحتكم – استشارات مجانين- بدأت الجملة الثورية، وأنتم تكملون وتبدعون، وهتفت بما كاد أن يغيب من معالم هدي الحنيفية السمحاء، فكنتم ومشاركاتكم نعم الأصدقاء والداعمين.
لدينا هنا مشاركتان من أختين كلتاهما في الأصل طبيبة تختص بفرع تعمل فيه، ولكنهما هنا تشتركان ليس فقط بهذه الصفة، ولكن أيضًا بوصف كل واحدة منهن لها خبرتها كامرأة تزوجت، وعرفت الزواج، وقرأت على صفحاتنا ما أعادها إلى المفاهيم الأصلية، والمعايير السليمة، وربما يتفق ذلك مع ما تهديه إليه خبرات البشر الأسوياء مسلمين كانوا أو غير ذلك؛ فكانت هذه المشاركات التي وقفت أمامها مأخوذ بعظمة هذا الدين وقدرته على أن يشرق نورًا ساطعًا يبدد الظلمات، وحجة ناصعة تعصم من الشكوك والريبة حول ما هو صواب وحلال وفطرة وما هو خطأ وحرام وتقاليد بالية آن لها أن تسقط من ممارستنا إلى غير رجعة.
لا نعدكم إلا بأن نظل -بعون الله ثم بدعمكم- دائرة لمناقشة ما يهرب منه غيرنا، أو يحاولون التغاضي عنه، أو تجاهله تحت مسميات شتى.. وأن نرفع أصواتنا على قدر استطاعتنا بالحق المر. ولنقل معكم للدنيا كلها: الحمد لله... هذا ديننا.