لطالما أسعدني ردودكم على ذلك الكم الهائل من المشاكل، ولا أدرى هل تتذكرونني أم لا؟ ولكنى الآن في أمس الحاجة لمساعدتكم أكثر من أي وقت مضى، ولا أدري ما الحل!!
مشكلتي تتلخص في "الغضب"..! عندما أغضب تسود الدنيا في عيوني فلا أرى ما أقول ولا أستطيع السيطرة على لساني فأتفوه بأمور وكلام بشع تجاه الشخص الذي يقف أمامي، وفي معظم الأمور يكون ما يتفوه به لساني حقيقة.. ولكن لا يصح التفوه بها بأي حال، وقد حدثت تلك الأمور مع والدي، وأدى غضبي هذا إلى تقطع العلاقة بيني وبين والدي للدرجة التي وصلت للكره، وقد أكون ورثت تلك الصفة عنه، سامحه الله.
والآن حدث نفس الشيء مع خطيبي وتفوهت بكلام فظيع وأهنته بشدة، وغضب وبدأ في معاملتي بأسوأ معاملة منذ الأمس، ووصل به الغضب إلى أنه بدأ في رد الإهانات لي الآن.. هذه هي المرة الثانية فقد كنت مخطوبة له سابقا، ويعلم الله كم عانيت وكدت أتحطم بسبب فسخ الخطوبة، وكم عانيت في إرجاعه، وكم ساعدته على أن يقف على قدميه، والآن أنا بغبائي وغضبي أضيعه مني مرة أخرى.
أرجوكم ساعدوني.. ماذا أفعل كيف أتحكم في نفسي؟ فأنا حياتي محطمة، وكم عانيت من هذا الأمر، وللعلم فإن ذلك الغضب نابع من داخلي بسبب معاملة والدي لنا عندما يغضب، ومن صغري وبسبب ما تعرضت له من محاولات تحرش واغتصاب وأنا أخاف من الصوت العالي.. وأخاف أن أصبح كما والدتي ضعيفة مستكينة مهانة طوال الوقت، لا حق لها في أي شيء.. أخاف أن أتفوه بكلمة تجاه أي شخص فيتهمونني بأنني أنا التي أغريته أو ساعدته على أن يتعامل معي هكذا، مع أن خطيبي - على الرغم من طول لسانه - يعشقني ويضحي من أجلى بكل شيء؛ غالٍ ونفيس.
وفي تلك اللحظة التي أكتب فيها أحاول الاتصال به من الصباح بلا فائدة؛ فقد أغلق هاتفه، وبالأمس خلع "الدبلة" من أصبعه، ولو حدث ذلك فسأفضح أنا في كل مكان، وله الحق.. نعم.. ولكني والله كنت تحت ضغط من كل الجهات ولا أدري ما الحل؛ ففي الوقت الذي احتجت فيه المساعدة انفض الجميع من حولي ولا أجد أحدا يساعدني حتى أتزوج، وللأسف كلما مر الوقت كلما زادت المشاكل يوما عن يوم.
فماذا أفعل؟! فوالدي يجعل أعصابنا تتحطم من كثرة مشاكله معنا وخناقه، وما عدت أستطيع تحمل ذلك مهما حدث.. ماذا أفعل؟! أرجوكم.. لو تركني فسأموت.. أفيدوني ماذا أفعل وكيف أعتذر له كي يسامحني ويساعدني على تخطي كل ما بداخلي.
أرجوكم لا تتركوني بدون رد أفيدوني.. ردوا علي ساعدوني.. هل أحتاج إلى الذهاب لطبيب نفساني؟
وقتي لا يساعدني على المزيد من الكتابة.. فماذا أفعل؟! أرجوكم لا تتركوني!!
17/7/2024
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. وأهلا ومرحبا بك من جديد يا "نهى".. أود أن أشير في البداية إلى أن الكم الهائل من المشاكل المعروض على موقعنا لا يمثل كل المشكلات التي قمنا كمستشارين بالرد عليها، ولكن كل مشكلة تعرض لفترة من الزمن فقط، كما أن هناك مشكلات يتم إرسالها إلى الإيميل الشخصي لصاحب المشكلة دون عرضها على الموقع، وذلك تبعا لحساسية ونوع المشكلة.. فالحمد لله من قبل ومن بعد.
الفكرة العامة عن مشكلة الغضب هو أنه نتيجة الاندفاعية، فإذا عالجنا الاندفاعية كان علاج الغضب أسهل، فنجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا حين نغضب بأن نجلس إن كنا واقفين، وأن نتكئ إن كنا جالسين، كما أن الوضوء يذهب الغضب.. فيقول صلى الله عليه وسلم: "إذا غضبت فإن كنت قائما فاقعد، وإن كنت قاعدا فاتكئ، وإن كنت متكئا فاضطجع". ويقول أيضا: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تبرد النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ". ومن ذلك نخرج بفكرة رائعة وعملية حول التعامل مع الغضب.. فإذا جلس الإنسان فسيقلل من مشاعره الغاضبة وسيعطي للعقل فرصة ليفكر لحظات قبل أن يرد بأبشع الردود أو يضرب.
أما إذا انتقلنا إلى مشكلتك الحالية فأدرك أنك تكتبين وأنت في حالة سيئة نتيجة رد فعل خطيبك ونتيجة ندمك على ما فعلت، ولكن هذا الندم ينبغي أن نقف عنده ساعات وأيام بحيث نبدأ صفحة جديدة، فلا تكون الفكرة أو الرغبة في التغيير نتيجة موقف طارئ، ولكن الرغبة في الحياة بشكل أفضل وتكوين علاقات اجتماعية أكثر نجاحا والعمل على تحسين العلاقات بالوالدين من الآن.. نعم قد تحتاجين إلى مساعدة طبيب نفساني ... وذلك لأن كثيرا من الأشخاص الذين يعانون من مشكلة الغضب مثلك تكون مشكلتهم الأساسية هي الاكتئاب، لكن هذا الاكتئاب يظهر على هيئة عدة أعراض نفسية أكثرها وضوحا هو الغضب، وبالتالي يساعد العلاج في التخفيف من الاكتئاب ومن ثم الغضب.
وقد يكون السبب هو ما حدث لك في الطفولة من محاولات تحرش واغتصاب، فما أدرانا.. فلعل هذه المحاولات لا يزال تأثيرها إلى درجة جعلتك تنفرين وتبعدين عمن يقترب منك!! بمعنى أنك بشكل لاشعوري تتصرفين بهذه الطريقة مع خطيبك لأن بداخلك خوفا منه أو رغبة في إبعاده عنك، وبالتالي فهذه المشكلات النفسية لا بد من حلها من الآن.
من جانب آخر وبعيدا عن الاكتئاب وأعراضه فأنت حبيبتي تحتاجين إلى تعلم مهارات ضبط الذات والتحكم في النفس، وأيضا تحتاجين إلى قراءات عن حقوق الوالدين وأساليب معاملتهم.. وليست الفكرة في اكتساب معلومات ومعارف جديدة بقدر ما تكون الفكرة في تطبيق ما نقرؤه.. فيكون الأمر بالمران المستمر حتى تحلو لك الحياة، سواء مع أسرتك الحالية أو أسرتك المستقبلية بإذن الله.
لقد استرددت خطيبك بصعوبة ولكنك بقيت كما أنت بنفس الاندفاعية.. لذا أقترح عليك متابعة معالج نفسي والانضمام إلى العلاج النفسي الجماعي لفترة حتى تحلي مشكلة الغضب والتهور وتمسكي نفسك وتضبطي لسانك!!
المشكلة ليست ما حدث اليوم من حيث إن خطيبك أغلق المحمول أو خلع الدبلة، ولكن الفكرة في اليوم وبعد غد سواء أرجع إليك أم خطبت إلى غيره.
واقرأ أيضًا:
الغضب يحطم الأثاث ويحطم الحب أيضا
نار الغضب والانفعال
عدم التحكم في الغضب والنشوة الشديدة!