أرجوكم أن تساعدوني فمنذ أمد طويل وأنا أتعذب وأصبر، مشكلتي هي كالآتي:
تزوجت وأنا بنت 17 سنة، كنت أدرس عندها كتب لي أن أترك دراستي لأهاجر مع زوجي نحو موطن الغربة، المهم عشت مع زوجي عيشة راضية، وكان فخورًا بي أمام أهله، كنت دومًا أحب أن أراه فرحًا، وهو أيضً، كنت أحرص على إسعاده، كنا نتشاور في كل شيء وكنا في غاية التفاهم، مما زاد ذلك في أن أحبه أكثر، رغم أن علمه في الدين ضعيف، فكنت أساعده في التعلم، والحمد لله.
بعد مُضي 4 سنوات من زواجنا بدأت المشكلة، حيث طلبت منه أن يذهب ليتم دراسته، لكن كان في نهاية كل يوم دراسي توصله فتاة نصرانية إلى المنزل، فتألمت لذلك، أفهمته أن ذلك غلطة كبيرة؛ لأنه متزوج، فترك المدرسة، عندها ذهبنا للوطن لقضاء العطلة، لكن المشكلة أنه تعرف على فتاة هناك كان يوهمني بأنها جميلة، وسوف يخبر أخاه عنها للزواج منها، فصدّقته.
لكن عندما رجعنا إلى الغربة رأيت تغيرات كثيرة عليه، فبدأت أستفسر عن الأمر، وحينها انفعل بشدة، فتأكدت من حدسي، وفي يوم ضبطته يهاتفه، فذهب إلى أسرته ليخبرهم عن الأمر فاندهشت عندما زارني والده ليخبرني عما أخبره ابنه، فوجدت أكاذيب كثيرة نقلها إليه ابنه، فأخبرته بالحقيقة، وزاد الطين بلّة تدخل الأسرة.
المهم بعد مدة أتى إليّ زوجي ليطلب المسامحة، فسامحته لكن الذي أثر فيّ كثيرًا هو أن يخبر الناس بأنني عاقر، والأمر ليس كذلك، لقد كان عندي طفلة معه عمرها الآن 6 سنوات؛ لذلك عند رجوعنا حملت بطفلة، وهذا أكبر خطأ لي.
كنت في ذلك الوقت محتاجة إلى زوج، أنيس، وعطوف، خاصة أنني وحيدة هنا لا قريب ولا حبيب سواه، لكن هيهات، لم يستطع أن يمسك توازنه من جديد ليرجع كما كان، فأصبح ينزلق كل مرة ونتشاجر على أتفه الأسباب، كأنه لا يعلم بأنني مجروحة.
المهم كم مرة ضربني، وكم شتمني، كم من مرة دخلت المستشفى، رغم كل ذلك كنت لا أستطيع أن أنسى تلك السنين التي قضيناها معًا، وكنت أقول في نفسي إنه عصبي فقط، عندها أخذ يجمع المال (حيث كوّن علاقة مع امرأة أخرى عن طريق الإنترنت) اشترى هدايا لها، وتركني في هذه الغربة وحيدة حاملاً لا مال ولا شيء، دون مأكل ولا مشرب أنا وابنتي وجنيني.
كنت أبكي كثيرًا وحدي وأصرخ، كان عمر ابنتي آنذاك 3 سنوات، رأت كل شيء بعينيها، لكن مهما حدث فهو أبوه، عندما رجع زوجي من العطلة فاجأني، حيث كان يجبرني على أن أطلب الطلاق، فقلت له اذهب واطلبه إن كنت تريده، كنت أتألم كثيرًا عندما أسمع أقوالاً مثل هذه منه هو.
المهم تدخل والده مرة أخرى، عندها ولدت ابنة أخرى عمرها الآن سنتان، فأنفقت كل مالي على ابنتي، حيث كنت أريد أن أحسسه بأنني أثق فيه لعل المياه ترجع إلى مجراها.
بعد القليل من الفرحة اعتقدت بأن كل شيء رجع إلى ما هو أفضل، لكن ل، فسرعان ما أفقت حيث ذهب مرة أخرى، لكن هذه المرة قررت أن أنفصل عنه، عندما علم بذلك وأنه وجب أن يدفع مقدارًا من مال رجع مرة أخرى ليؤكد لي أنه تغير، والدليل هو أنه سيعود إلى صلاته وإلى ربه ويترك كل شيء ليتوب إلى الرحمن.
طبعًا لا أستطيع أن أثق فيه، لكنني أوهمته بالعكس وبعد مدة ظهر عليه مرض يشبه داء الصرع لم يستطع أن يُشفى منه بالدواء، فكان والداه يطلبان أن يذهب إلى المغرب ليقصد السحرة، فقلت له إن السحرة حرام، فكم فرحت عندما قال لي أريد أن أذهب إلى حج بيت الله الحرام.
منذ تلك اللحظة عادت ثقتي فيه محوت كل شيء من قلبي، فرحت لأن الحياة ستبدأ من جديد، ثقة وحب وهناء، ذهب مع والده، كان دائمًا يسأل عن أخبارنا وهو في الحج، لا بد أنكم تعلمون مدى فرحتي؛ لأن هذه الأسرة ستعود كما كانت أو أحسن.
رجع زوجي من الحج وأنا أكاد أطير فرحًا، أفتخر به أمام الجميع، عاملني بكل احترام وحب، كان يقول لي سوف أعوضك عن كل شيء، سوف نذهب لقضاء العطلة معًا، سوف تذهبين أخيرًا لرؤية أسرتك.
فرحت كثيرً، أصبحت أستعد لكل شيء، لكنه بدأ يترك بيته بالتدريج ويستعد مع أصدقائه وتركني وحيدة، قلت في نفسي فليكن المهم أنني عندما أكون معه فسينسى أصدقاءه، لكنني اندهشت عندما قال لي سوف أذهب مع أصدقائي وعندما سأعود لتذهبي أنت، فبكيت وقلت له لماذا أنت هكذا أهذه هي الحياة بالنسبة لك؟.
المهم كان لا يريد أن يفارق أصدقاءه، فأنا منذ 4 سنوات لم أرَ فيها أسرتي، أما هو فدائمًا أسرته معه هن، المهم تركته وقلت في نفسي قد يتأثر بما قلت، سوف أرى، وما هي إلا أيام حتى وجدته يجمع أغراضه، قلت له إلى أين قال إلى الوطن، طبعًا مع أصحابه، فقلت له إن تركتني هذه المرة فستكون النهاية، فسننفصل؛ فرأيت في وجهه علامات الخوف، عندها قال افعلي ما شئت لكن تذكّري الأطفال.
وذهب ففعلت، وبعد 6 أشهر أتى إليّ في البداية ليطلب المسامحة، لكن قلت له بأنني محتاجة إلى وقت طويل لأفكر، فما هي نصيحتكم لي؟ علمًا بأنني أحيانًا أفكر في كل الأيام الجميلة التي قضيناها، وأحيانًا في الأيام المرة، بماذا تنصحونني في كلا الحالتين؟ إن رجع، وإن لم يرجع، ولكم جزيل الشكر.
أكثر ما يؤلمني هو أنني أحيانًا أحبه ولا أعلم إذا ما كان يبادلني نفس الشعور أم لا، ففي هذا اليوم أتى وطلب مني أن أترك معه البنات لأسبوع، لكنني خفت أن أبقى وحدي فرفضت.
على كل حال هو يأخذ الدواء المهدئ ضد الاكتئاب، لكنه رغم ذلك يطلب أن يرجع أحيانًا، وفي نفس الوقت يقيم علاقة مع امرأة أخرى، إن لم نرجع فسوف يكون قد أقام علاقة مع أخرى، ولن يبقى وحيدًا.
فأرجوكم ساعدوني، فأنا لا أستطيع أن أفهم شيئًا، وشكرً
أنا أعلم أن أفكاري متشتتة وذلك راجع إلى كثرة المشاكل، فأرجو المعذرة.
14/7/2024
رد المستشار
هناك مساحة غامضة في رسالتك حول طبيعة شخصية زوجك، حيث إنه -على ما يبدو- يعاني من اضطراب نفسي ما والذي يؤكد هذا أنه -كما ذكرت- يتعاطى عقاقير نفسية، بالإضافة إلى إصابته بما أسميته "نوبة صرع"، فضلاً عن سلوكه العجيب من حيث هجره لأسرته دون مال أو طعام، وكذلك علاقاته النسائية الطائشة وشكل علاقته بأصدقائه.
هذه كلها مساحة غامضة في رسالتك، وأنا هنا لا أستطيع الوصول لتشخيص دقيق لحالته، ولكني يمكن أن أستنتج -مبدئيًّا- أنه مصاب باضطراب نفسي ما، وليست المسألة مجرد أنه يتصرف على هذا النحو؛ لأنه فقط بعيد عن الدين.
عرضت هذه المقدمة لأصل منها إلى نقطة هامة، وهي أنك إذا اخترت الاستمرار مع هذا الزوج فعليك أن تستعدي لطريق طويل من "الصبر" على هذه الحال، وتوقع تحسن تدريجي طفيف محتمل مع مرور الزمن والذي قد يدفعك لهذا الاختيار هو حبك له، وكذلك حبه هو أيضًا لك، بالإضافة إلى الرغبة التي لدى كل منكما للحفاظ على هذه الأسرة، ولكن عليك أن تضعي في اعتبارك أنك إذا اخترت هذا الطريق للأسباب السابقة فعليك أن "تؤمِّني" حياتك مع هذا الرجل بأقصى سبل ممكنة، ومن أمثلة هذه الإجراءات التأمينية:
1 - أن يتعهد في حضور شهود أمناء بالالتزام بالعلاج من اضطرابه النفسي مدى حياته.
2 - أن يتعهد أيضًا بأداء التزاماته المالية تجاه أسرته، وأن تكون هناك ضمانات من أهله أن يستمر هذا الالتزام مهما كانت حالته المزاجية، وأن تؤخذ كافة الضمانات لهذا.
ثم عليك -بعد إتمام هذين الشرطين- ألا تبالغي في الثقة فيه، فهو ربما يكون "صادقًا" في نيته، ولكن لخلل ما في شخصيته لا يستطيع الالتزام بما نواه.
يمكنك أن تختاري الطريق الثاني وهو الانفصال، وهناك ستواجهك مشكلتان:
الأولى: هي الحرمان من هذا الشخص الذي تحبينه.
والثانية: هي الإنفاق على نفسك -وربما ابنتيك- بعد الطلاق.
والآن يأتي السؤال: أي المشقتين أيسر بالنسبة لك في تحمله؟ الاستمرار مع هذا الزوج المتقلب المزاج والسلوك؟ أم الانفصال والاعتياد على حياة الوحدة والمسؤولية المادية؟
أنت -وحدك- القادرة على إجابة هذا السؤال، وكل ما أستطيع أن أقدمه لك هو عرض إيجابيات وسلبيات كل اختيار بالتفصيل لكي تستطيعي اتخاذ قرارك على بيّنة.
ولا تنسي الدعاء والاستخارة، لعل الله تعالى يقدر لك الخير حيث كان.