في البداية ومن خلال تصفحي لموقعكم، وما يعرض فيه من مشاكل الشباب وجدت أن أكثر المشاكل تندرج تحت عنوان "الحب والزواج" وأنا سأعرض مشكلتي ضمن هذا الموضوع إلا أنني أخجل من نفسي عندما أجد أن السواد الأعظم من الشباب ـ ومنهم أنا، نعاني من هذه المشكلة.. ولست أدري ما السبب؟
ومشكلتي أنني أحب شابًّا، ولا أدري كيف تم هذا الحب، كان هذا لمدة سنتين، كنت أشعر بإحساسه نحوي، هذا الشاب متدين، خلوق، مثقف، ولا أكذب عليكم إن قلت لكم إنني لا أعلم شيئا لا يجيده، أهم شيء فيه هو حبه للإسلام، وهذه من أهم المواصفات عندي في شريك حياتي.
منذ حوالي أسبوع، لا أعلم كيف أعلنا عن هذه المشاعر المتبادلة بشكل شبه صريح، لم نقل هذا الكلام الذي يقال في مثل هذه الحالة؛ لأن كلا منا يعرف حدوده أمام الله أولا، وأمام نفسه ثانيا، لست أدري كيف حصل ذلك، لكن هذا ما حصل.
هذا الشاب أكبر مني بحوالي السنتين، وهو يدرس بالجامعة، والمشكلة أنه حتى تتم النهاية التي نريدها سيلزم ذلك الكثير من الوقت، أكثر من سنتين، وكل ليلة أصلي صلاة الاستخارة وصلاة الحاجة، أصحو من نومي متمسكة به أكثر من قبل، لا أعلم هل هذا من الاستخارة أم هو إحساسي وشعوري الخاص.
أنا أرى فيه كل شيء جيدا، وأحسبه كذلك، والمشكلة في الوقت وطول الانتظار، هل سيتغير ما يشعر به وأشعر به؟ هل ما أفعله صحيح؟
لا أدري ماذا أفعل؟ كل ما أعرفه أنني أرى فيه كل ما أريده من الشخص الذي سأربط به نفسي طوال حياتي.
أرجوكم أريد جوابا كافيا.
19/7/2024
رد المستشار
وهكذا سيظل دوما لحديث القلب صدى أعلى من كل الأصوات حوله، وستظل مشاعر الحب لها جاذبيتها الساحرة، التي تبعث في القلب دوما حياة من جديد.
وكأنها كأس الماء البارد الذي نحتاج إليه حين يستبد بنا الظمأ في يوم اشتدت علينا حرارته، وليظل الحب محافظا على رونقه وقوته فلا يكون حبيسا في بيت شعر أو لون زهرة مهداة فيستطيع أن يهبط معنا إلى أرض الواقع فنحيا به ويحيا معنا فلابد وأن نتم بناءه. فيكون المتعة التي لا تمنح إلا بالمسؤولية، ويكون المسؤولية التي ينتج عنها المتعة.
فكلما كانت أرض الحب صلبة قوية تنبأنا له بالنجاح والاستمرار؛ فالحب إذن لا يهدى ولا يمنح ولكنه "يصنع"، ونبدأ صنعه حين نتمكن -قدر المستطاع- من توضيح الرؤية للمحبوب؛ فحديثك يا ابنتي كان حول مساحة الأخلاق العامة، حيث ذكرت أنه خلوق.. مثقف.. محب لدينه فما أجملها من صفات!، بل ونبحث عنها ونتمناها فيمن حولنا، ولكنها تظل عامة يراها الجميع، ويشعرها الأصدقاء والزملاء، ولكن حين ينتقل المحبوب من وسط الجموع إلى شخص تريدين العيش معه طيلة حياتك؛ فحتما سيتغير الحديث وستتبدل الحسابات!
قلت: "إن كل ما تعرفينه أنك ترين فيه كل ما تريدين من الشخص الذي سترتبطين به طوال حياتك" فهل الرؤية حقا واضحة؟ هل حقا تعلمين ماذا يحب وماذا يكره وبماذا يحلم على المستوى الشخصي؟
هل تعرفين حاله عندما يغضب أو حين يصاب ولده بحمى شديدة في الثانية صباحا ماذا سيفعل؟ وكذلك لم تتحدثي عن أمر ما يزعجك وجوده فيه.. فلم يخلق الله بشرًا يرصد الدرجات النهائية في كل شيء أو العكس.
فأين تلك الأمور التي لا يحظى فيها؟ فقد تجدينها وتقبلينها وتتأقلمين معها -دون أن تخوني نفسك بوعود التحمل أو وعود التغيير- ولكن لا بد أن ترينها أولا لأنها موجودة! وهذا يتطلب منك أن تري نفسك أيضا بوضوح لتحددي ما يناسبك وما لا يناسبك.
والآن.. دعيني أعرض عليك عدة نقاط لتتدبريها:
1. الحب غالٍ وكل غالٍ ندفع له ثمنا غالي ونحتاط له بالكثير لنحافظ عليه أكثر فيأتي الثمن تارة في شكل تقلبات وتارة في شكل تعارض مصالح وتارة في طول الوقت حتى يتحول الحب من مشاعر "غير مسؤولة" إلى دعامة هامة ضمن دعامات أخرى هامة في بناء عش الزوجية وهذا ما أنت بصدده الآن.
2.لا تنزعجي من طول الوقت وبدلا من أن تفكري بأنك تقعين تحت وطأة "أزمة" اجعلي منها "فرصة" فهي فرصة لاختبار حقيقة مشاعركما وجدية فكرة الارتباط وهي فرصة لنضوج شخصياتكما عاطفيا وعقليا وهي فرصة لتقطعين شوطا مرضيا في دراستك دون مواجهة تحديات الارتباط الآن، وإذا فكرت أكثر ستستخرجين فرصا أكبر.
3.الاستخارة.. هي دعاء مأثور عن النبي "صلى الله عليه وسلم" يدعو فيه المرء ربه لييسر له أمرا ما إن كان فيه خير له أو يبعده عنه إن كان غير ذلك وفيه يرجو المرء أن يكون جديرا بأن يستجيب الله له هذا الدعاء وهذا الدعاء لا يرتبط بأحلام أو أحاسيس.
4. ما تفعلينه يصبح صحيحًا إذا ظللت على ما أنت عليه الآن من سيطرة على مشاعرك فنحن لا نختار من نحب، ولكننا نختار كيفية التواصل معه.
يبقى لدي تساؤل هام:
وهو كيف سيكون شكل التواصل مع هذا الشخص خلال فترة الانتظار لكي تعرفيه -كما اتفقنا وليس كما تعرفينه الآن- وأقول لك إذا كنت تستطيعين -وضعي تحت كلمة تستطيعين عشرين خطا- أن تتواصلي معه من خلال الاختلاط العام المنضبط فبها ونعمت، أما إذا كنت لا تستطيعين فلا تتواصلي معه ولتنتظري رضاء الله وجوائز صبرك عن معصيته بجانب انتظارك لمحبوبك ترى هل تستطيعين؟ فإذا كنت جادة مع نفسك وتجدينها غير قادرة فلم لا نتحدث في الارتباط تحت سمع وبصر الأهل حتى يحين الوقت المناسب إذا كان مستقبله واعدا؟!