السلام عليكم،
أنا صاحبة مشكلة التوقف قبل خط النهاية.. أولا شكرا كثيرا د.محمد المهدي، والله يجزيك الخير وجميع من يساهم في هذا الموقع الذي أعتبره ملاذي، وأنا متأسفة على تأخري في الرد على تساؤلاتك بسبب انشغالي بالامتحانات التي كانت أشبه بكابوس أعد الأيام حتى ينتهي، والآن الفصل الجديد سوف يبدأ قريبا وأنا خائفة جدا من أن يتكرر هذا الكابوس وأن أبقى عالقة في شباك هذا الاكتئاب؛ فأنا تعبت جدا ولم أعد قادرة على التحمل.
لقد سألتني إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي أعاني فيها من هذه المشكلة وهذا جعلني أفكر متى بدأت هذه المشكلة معي، وقد بدأت منذ سنة ونصف عندما كنت في السنة الثانية من الجامعة، لا أعرف إذا كان هذا هو السبب الذي قد يبدو تافها، ولكن أنا لم يسبق أن شعرت باكتئاب وكانت أطول فترة حزن تدوم يوما وكنت أشعر بسعادة أفتقدها اليوم وكنت دائمة الضحك والمزاح وواثقة من نفسي، وقد قلّت هذه الثقة قليلا عندما دخلت الجامعة.
ولكن في سنة أولى تعرفت على بنت أصبحت صديقتي المقربة وكانت علاقتنا قوية جدا، وأنا كنت أشعر بالثقة بجانبها وكانت تحكي لي كل مشاكلها، وأنا لا أعرف لماذا كان هذا يجعلني أشعر بالراحة.
وبعد سنة من الصداقة قالت لي إنها تغيرت وإنها شخصية جادة، ومزاحي وشخصيتي لم تعد مناسبة لها، وإنها كانت تمر بفترة صعبة قد انتهت، وإنها عندما صادقتني لم تكن إذا صح التعبير بكامل قواها العقلية، وقالت لي إن الناس يبتسمون في وجهك ويضحكون على نكتك ولكن من ورائك يحكون عنك وهم يستخفون فيك، وهذا الشيء أثر علي وقد ساءت علاماتي في الفصل الأول من السنة الثالثة.
ولكني الآن نسيت أمر هذه الفتاة وأصبحت علاماتي السيئة هي همي الأكبر؛ فأنا في الفصل الثاني من السنة الثالثة لم أقدر أن أحسن علاماتي وهكذا كان بداية الفصل السابق الأسوأ، فكان يجب أن أبدأ الدراسة أولا فأولا، ولكن أصبت باكتئاب ولقد تغيبت عن المحاضرات وطبعا أثر ذلك على علاماتي.
وأنا خائفة جدا أن يتكرر هذا في الفصل القادم؛ فأنا الآن أشعر بالفشل وبالضعف وأنني بلا قيمة، وأنا أكره هذا الشعور وأنا الآن أشعر بالضيق والحزن قبل قدومه ولا أشعر برغبة في رؤية أحد حتى صديقاتي والأقارب، وقد فقدت الاهتمام بأي شيء وأشعر برغبة دائمة في البكاء وأي شيء بسيط يجعلني أبكي وقد زاد وزني كثيرا وهذا زاد الوضع سوءا.
وبالنسبة للنوم فأنا الآن عادة يجب أن أسمع الأناشيد حتى أنام وأنا أسمعها، بالنسبة لتمني الموت فقد مرت علي لحظة تمنيت فيها الموت وشعرت بضعف شديد وبأني أضعف من أن أعيش، ولكني الآن أخاف من الموت فأنا أشعر أنا ربنا غير راض عني فأنا لا أعرف لماذا في الفترة الأخيرة قلّ إيماني فأنا لا أشعر بخشوع في الصلاة ولم أعد أقرأ القرآن كالسابق وفقدت لذة الدعاء التي كانت تملأ قلبي بالسعادة وهذا أيضا زاد الوضع سوءا.
أنا آسفة على الإطالة، ولكنْ هناك موضوع أريد أن أوقف التفكير فيه وأجعله لا يؤثر في وهو أن عمري الآن 21 سنة، وأنا لا يتقدم لي العرسان على العلم أن لي أختين تزوجتا وهما في مثل سني وأصغر وكانت العرسان بالطابور كما يقولون.
وأنا أعرف أن شكلي لا يجذب أي أم كي تخطيني لابنها فلا يوجد أم تخطب لابنها فتاة تضع النظارات (فأنا أعاني من حول في عيني اليمنى منذ كنت صغيرة) والآن زيادة في الوزن، أنا أعرف أن الله خلق كل إنسان جميلا، ولكن الناس هلا غريبة والتعليقات منها لا تنتهي، وصدقني المظهر الخارجي هو رقم واحد هذه الأيام؛ فالكل يهمه المظهر الخارجي وللأسف معظم دكاترة الجامعة.
أنا آسفة جدا على الإطالة، ولكن آخر ملاحظتين أحببت أن أخبرك أنه قبل فترة قالت لي أختي إنها حلمت بي حلما بخوف فقد حلمت بأني أغرق في رمال ولا يظهر إلا وجهي ويدي، وأنا لم أخبرها ما أشعر فيه، والغرق هو تماما ما أشعر به.
والملاحظة الثانية أن ذهابي إلى طبيب نفساني صعب مع أن لي أطيب وأحن أم وأب، ولكني لا أتجرأ أن أخبرهما بمشاعري فأنا لم أخبرهما بها يوما عكس أخواتي وأنا أخاف أن يعلموا بعلاماتي وهي شيء مهم بالنسبة لهم، وأنا لا أريد أن أخيب ظنهما وأن أسبب لهم الحزن وشكرا كثيرا.
2/8/2024
رد المستشار
الأخت الفاضلة "نسرين".. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ألاحظ في رسالتك إدراكا انتقائيا ومتحيزا للأشياء، وهذا الإدراك يعمق من اكتئابك شيئا فشيئا ويجعل الصورة التي رأتك أختك فيها في الحلم قريبة من الواقع؛ فأنت تغوصين في الاكتئاب شيئا فشيئا، ومع هذا لا تبحثين عن مصادر المساعدة؛ فأنت ترفضين الإفصاح للوالدين (رغم أنك وصفتهما بأحن وأطيب أب وأم) وترفضين الذهاب لطبيب نفساني لتلقي العلاج.
أنت تركزين طوال الوقت على الجوانب السلبية من حياتك فلا ترين في نفسك غير فتاة بدينة لديها حول في عينيها وتلبس نظارة وعلاماتها سيئة وتهجرها صديقتها ويبتعد عنها الناس.
هذا الإدراك السلبي لذاتك يجعلك تشعرين بفقد التقدير لنفسك وتشعرين بفقد حب الناس وتقديرهم لك ويجعلك ترين المستقبل غامضا وخاليا من احتمالات النجاح والسعادة، أي أن هذا الإدراك السلبي وتلك الأفكار الانهزامية تعتبر قاعدة مناسبة لنمو هرم الاكتئاب الذي يجثم على صدرك.
ونحن لا ننكر أن يكون في حياتك بعض الصعوبات أو المشكلات، ولكننا فقط ننبهك لمحاولة رؤية الجوانب الأخرى من حياتك، وهى موجودة بالتأكيد؛ فالله سبحانه وتعالى برحمته وعدله لم يحرم أحدا من مميزات، ولكننا أحيانا لا نرى هذه المميزات، فنصبح أشبه بمن زار مدينة كبيرة ولكنه لم ير منها غير محطات الصرف الصحي وأماكن جمع القمامة ثم خرج ليصف المدينة كلها بما رآه في تلك الأماكن التي زارها، وهو صادق في وصفه لما رأى، ولكن المشكلة أنه لم يهتم بزيارة الأماكن السياحية الجميلة في تلك المدينة، وهكذا يفعل المكتئبون أو المعرضون للاكتئاب.
وبناء على ذلك أتمنى أن تكوني قادرة على فتح منافذ وعيك وإدراكك لتري نعم الله عليك في جوانب حياتك المختلفة، وأن تفتحي مسارات لتلقي الدعم والمساعدة من والديك ومن أخواتك ومن صديقاتك ومن الطبيب النفسي الذي يساعدك في التغلب على الاكتئاب الذي كدت أن تغرقي فيه.
ولا يحبطنك عدم توفيقك في هذا الفصل الدراسي أو غيره، ولكن انظري إلى مسار حياتك عموما، وتأكدي أن هناك فرصا حقيقية للنجاح تنتظرنا دائما، وأن الإنسان إذا حرم شيئا ما في مظهره أو غيره فإن هناك دائما مساحات تعويض هائلة يمكن النظر إليها والاستفادة والاستمتاع بها وشكر الله عليها. وكل عظماء التاريخ كان لديهم مشكلات في مظهرهم أو ظروف حياتهم، ولكنهم كانوا قادرين على رؤية الوجه الآخر لحياتهم فاكتشفوا أنه مليء بفرص النجاح والتميز والعبقرية، وتابعينا بأخبارك.