وسواس قهري العبادات علاج الاكتئاب أولى م1
في قبضة الوسواس
من بين جميع الوساوس التي مرَّت علي والتي تجاوزتُ بعضاً منها بفضل الله بمفردي والبعض الآخر بمساعدة العلاج الدوائي، يظل هنالك وسواس واحد متشبث يأبى الزوال، وسواس التكبير، صحيح أنني بتُ أستغرق وقتاً أقل من أجل التكبير، ففي الماضي كنتُ أُكَبِّر في مدة لا تقل عن الربع ساعة وغالباً تصل إلى النصف ساعة، والآن أُكَبِّر في خمس دقائق ولكن لا يزال الأمر مزعج جداً ولعلّه هو السبب الأساسي في جعلي أكره الصلاة وأقوم لها بشق الأنفس، جهادي من أجل التكبير ليس بالهيِّن وإن قلَّت مدته، ففي النهاية نحن لا نصلي لمرة أو مرتين في اليوم، حاولتُ أن أستخدم مختلف الأساليب من أجل أنْ أخدع نفسي وأُكَبِّر، كأن أقول الله أكبر لعدد من المرات وأحاول استغفال نفسي والتكبير فجأة أو أن أقول سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر وأحاول رفع يدي عند الأخيرة ولكن الحيل هذه وإن انطلت مرة فلن تنطلي كل مرة، فمن الممكن أن تروني أكرر الله أكبر لفترة طويلة ومن الممكن أيضاً أن تسمعون مجنونة تكرِّر سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر بشكل يوحي أنّ هذا الشخص سيفقد عقله.
شكوتُ ذلك مراراً لطبيبتي النفسية وأخبرتني أنه يمكنني أن أدخل إلى الصلاة دون تكبير وأنه يسقط عني، حقيقة كنتُ أعرف هذه المعلومة سلفاً ولكن لم أطبقها ولا زلتُ أخاف من تطبيقها، أخاف ألا أكون قد بذلتُ قصارى جهدي واستسلمتُ دون أن أُبرأ ذمتي عند ربي، موجع لي بالذات عندما أصلي في مسجد أو في مكان فيه ناس أن أرى كل من حولي يكبِّر بكل سهولة ويُصلي السنة أيضاً من بعد صلاته وأنا لا أزال عند البداية ولكن الأمر ليس بيدي، أنا حقاً لن أقول أعجز بل حقاً أجد صعوبة كبيرة في التكبير والتلفظ بأعظم عبارة "الله أكبر"، أشد على يديّ وأحاول أن أجبر لساني على النطق بها وأقول أنه مع تعويد نفسي على ذلك سأصبح أفضل، أنجح مرات وأفشل مرات، وها أنا لم أصبح أفضل بعد، كم سنة يُريد الوسواس أن يأخذ من عمري وإلى متى سأتحرر من قبضته؟
أنا لا أعلم ولكن يبدو أن كل ما وقعت نفسي فيه من بعده لم يكن كافٍ، فبعد كل ذلك هل يجوز لي فعلاً أن أدخل في الصلاة دون تكبير؟ وأرجو أن تشرحوا لي كيفية ذلك كي لا أوسوس حياله. وأريد أن أستفسر حيال مفعول الأدوية النفسية، تناولتُ سيروكسات بجرعتي 25 و 12.5 لمدة تسع شهور وقطعته منذ شهرين، والآن بدأتُ أشعر لتويّ بنفس الشعور الذي كنتُ أحس به قبل تناول الدواء، شعور بأنني متحكم بها من قبل وسواسها، فمثلاً هذه الفترة كنتُ أصلي وبسبب الوساوس وجدتُ نفسي قد خرجتُ من الصلاة فجأة مثلما كنتُ أفعل سابقاً، أنا مذ بدأتُ العلاج بدأتُ أحاول أن أتحكم في وساوسي ومن ضمنها الخروج من الصلاة ونجحت.
ولكن بعد كل هذه المدة أجد نفسي أعود لبعض أفعالي السابقة، ولو أنني الآن أقوى في تحكمي بها ولكن بدأتُ أخاف من أن أعود لسابق عهدي، فهل من الطبيعي أن تعود لي بعض أفكاري في هذه الفترة القصيرة؟ مع أن الدكتورة أخبرتني أن مفعول الدواء في جسدي من المفترض أن يستمر لسنة بعد قطعه؟
6/8/2024
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك وباستشارتك يا بنيتي، شرفت مجانين....
بالنسبة لحالتك، لم تصلي إلى مرحلة يجوز لك فيها أن تصلي دون تكبير، لأنك في النهاية تكبرين، وليس كمن يخرج الوقت ولا يستطيع التكبير! ولكن لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، كبري كيفما اتفق وأكملي صلاتك، ستشعرين أن صلاتك باطلة وغير مقبولة بمثل هذا التكبير، ولكن لا يهم، دماغك لا يستطيع إعطاءك إشارة بأن تكبيرك تام وصحيح، فعليك أن تقتنعي بهذه الإشارة التي يعطيك إياها، فهي التي تدل على أن الفعل صحيح 100% بالنسبة لك.
وأما العلاج الدوائي إذا لم يقترن بالعلاج السلوكي المعرفي، فهناك 50% من الحالات التي تنتكس بعد إيقافه.... وإلى هنا حدود علمي، ولعل د.وائل لديه إضافة
عافاك الله
ويضيف د. وائل أبو هندي، الابنة الفاضلة أهلا وسهلا بك، ما أضيفه لا يتعلق بالعقاقير فهي لا تكفي بالمرة لعلاج الوسواس القهري على المدى الطويل، وإنما بما يصح علاجيا فعله وما لا يصح، وفي مثل حالتك تكون المشكلة المتعلقة بالتكبير راجعة إلى خلل في شعورك باكتمال الفعل وصحة وقوعه -والفعل هنا هو تكبيرة الإحرام-، ودائما تشعرين أنه لم يكتمل أو أن شيئا ما ليس صحيحا بشكل أو بآخر فتضطرين للتكرار، ويجب أن يكون العلاج موجها إلى تعليمك وتدريبك على التكبير بشكل طبيعي وليس تحاشي التكبير، والتكبير بشكل طبيعي في حالتك معناه التكبير مرة واحدة دون استعداد قبلي ولا مراقبة ثم عدم الاهتمام بمشاعر النقص أو عدم الصحة، وربما في الحالات الشديدة أو في وجود الاكتئاب الجسيم تعطى الرخصة بعدم التكبير مرحليا، وربما في حالات عدم إتاحة العلاج النفساني المتكامل تعطى الرخصة مفتوحة حتى يتيسر العلاج.