أنا شاب خليجي متزوج. أعيش الآن في أمريكا، وكذلك زوجتي خليجية وتدرس دراسات عليا.
المشكلة أنني أحس بالرغبة في ممارسة وتكوين علاقة جنسية سرية؛ وذلك لإحساسي بالرغبة الجنسية الشديدة ذلك لعدم حصولي على المتعة الكافية من زوجتي، وكذلك لعدم إحساسها بهذه المشكلة.
قد يكون الحل في الزوجة الثانية ولكن أجد من الصعب القيام به.
وفي الختام شكرًا لكم
19/8/2024
رد المستشار
أخي العزيز: شكراً لك على صراحتك، ولأنك أعلنت ما يتهرب الكثير من إعلانه.
حالتك نموذجية في توضيح جانب من جوانب المرحلة التي نعيشها في علاقتنا بالحضارة والثقافة الغربية التي أصبحت مطروحة بقيمها واختياراتها ليس في بلدان الغرب فحسب بل في عقر دارنا، وهي حضارة وثقافة متحدية ومغرية وظاهرة في الأرض، ولكنها مدمرة.
أعود إلى ما ذكرته عن مشاعر ورغبات جنسية ربما لم تكن تشعر بها في بلدك الذي جئت منه، فالخليج يبقى -رغم كل الانفتاح المتسارع- محافظاً خاصة فيما يتعلق بالمرأة والجنس، ولست هنا بصدد مناقشة صواب هذا أو مواضع الخلل فيه؛ إنما أشير إليه لتعرف أنك تعيش أعراض صدمة ثقافية حدثت لك على إثر انتقالك إلى أمريكا، ونفس الصدمة يمكن أن تحدث لأي عربي أو عربية في بلده إذا وضعته الظروف في موضع التعرض لجرعات مركزة من الثقافة الغربية، وأسلوب ونمط الحياة هناك حيث الجنس موضوع محوري في كل الأنشطة، وحيث الأمور كلها مفتوحة للتناول العلني دون تكتم أو خجل.
أنا أيضاً لست بصدد نقد النموذج الغربي في إيجابياته وسلبياته لكنني أخلص إلى أن هذا المناخ لا يصلح معه تفكيرك بطريقة العلاقات السرية فأنت تعيش في مجتمع عشقه الأول فضح الأسرار، وهتك الأستار، يتضاجع فيه الرجال والنساء في "عطلة نهاية الأسبوع"، ويعودان بمغامرة تلوكها الألسنة مع الأصحاب وزملاء العمل طيلة الأسبوع كما يتناولون الحديث عن جولة تسوق، أو برنامج عرضته شاشة التليفزيون.
رغبتك الجنسية التي زادت في سياق اجتماعي وثقافي يثير شهوة الحجر تحتاج إلى تعامل أكثر رشداً وتركيباً:
أولاً: احذر من جرعات الإثارة الزائدة المعروضة بالمجان، وفي كل مكان فإن هذه الإثارة تشعل الرغبة أحياناً بما يفوق الطاقة الإنسانية المحدودة وتصل ببعض الناس إلى إدمان العقاقير لحل التناقضات، وملء الفجوات بين الرغبة والقدرة، أو "إدمان الجنس"، وطالب الجنس عندما يدمنه لا يشبع مثل طالب المال، وطالب العلم بل أكثر.
ثانياً: إياك والزنا فإنه ليس سوى لذة لحظة وإن طالت ثم ندم الأبد، ولا تتبع خطوات الشيطان والهوى الفاسد من تبريرات وتلفيقات؛ فالحلال بيّن والحرام بيّن، والشبهات تجرُّ إلى الحرام جرّاً، وللفقهاء المعاصرين آراء في أنواع من الزواج تصلح لمن هم في مثل ظروفك.
ثالثاً: تحتاج إلى مراجعة مسألة المتعة الكافية هذه في ضوء ما أسلفت لك. فهل تتحدث عن كم أم كيف محدد لا تجده عند زوجتك؟!
ما هو تصورك عن "المتعة الكافية"؟ وكيف ومتى بنيت هذا التصور؟!!
رابعاً: تحتاج إلى تركيز أكبر في دراستك فأنت في فرصة قلما تتاح لآخرين تحصيلاً للعلم النافع، واحتكاكاً بالثقافة بل بالثقافات المتنوعة، وبأنواع البشر الأصفر منهم والأسود بما لا نجده في بلدنا، إن العيش في الغرب لفترة يمكن أن يكون إضافة ثرية لتجارب الإنسان ومعارفه، كما يمكن أن يكون نقطة سوداء، وذكرى غير جميلة فلا تعد من الغرب، ولا ترى فيه سوى النصف الأسفل المتعلق بالشهوات، وتغفل عن النصف الأعلى الممتلئ بالخيرات، والمعلومات، والفرص، وآفاق الرقي الإنساني فتكون بهذه الغفلة كمن عاد من السوق العامر صفر اليدين
اغتنم الفرصة الذهبية فإن الغرب ليس جنساً فقط كما يراه المغفلون.
ثم دعني بمناسبة كلامك أبدد وهماً شاع حتى بلغ مبلغ التواتر عن التشكيك في أنوثة المرأة العربية عامة والخليجية خاصة، هذه الأنوثة يا أخي مطمورة مدفونة وسط ركام الجهل والتجاهل، أو يساء استخدامها، والتعامل معها من سماسرة الأفكار المنحرفة، ومقاولي شركات متحضرات التجميل والملابس الفخمة داخلياً وخارجياً فالمرأة العربية والخليجية في مقدمة نساء العالم رغبة وأنوثة، ودلالاً ورقة، لكنها لا تجد من يخاطب هذه الأنوثة ويحترمها بما يحفظ لها الحياء، ولكن يؤدي الواجبات قبل أن يسأل عن المزيد من الحقوق.
وأنت مع زوجتك مثل كل عربي ومسلم ينبغي أن تخاطبها من قريب دون شكوك أو خجل في غير موضع، أفضِ إليها تفض إليك، نقب عن الكنز المدفون، وأعد فتح المنجم المهجور، وتقرب إليها في ود علني، وحسن مغازلة هي واجبك معها قبل أن تفكر في أخرى سرية أو علنية.
تحدث معها فإنها تعيش في نفس السياق وتسمع وترى، وتتخيل وتحلم، ولكنها تستحي وتعبر صمتاً أو إعراضاً.
تحتاج وزوجتك إلى ما يشبه "الاتفاق الجديد" لأنك تزوجتها في مجتمع وسياق ثقافي مختلف يرى الأمور بشكل مختلف، ويعبر عن المشاعر والرغبات بشكل مختلف، كأنك تخطبها من جديد على أسس جديدة.
التمس عند زوجتك ما تتعطش إليه، وأحسن في طلبه يرزقك الله ويرشدك إلى أفضل الحيل. وستجد عندها الينابيع تتفجر، وستندهش من خفايا وعجائب النفس الإنسانية، وستستقر عينك حين تجد عندها ما تطمح إليه عند الأخريات، وربما أكثر... وفقك الله.