أشكركم كثيرًا على هذا المجهود المبذول في خدمة الناس ومحاولاتكم الجديرة بالاحترام لحل مشاكلهم، وأدعو الله أن يوفقكم ويعينكم.
أنا فتاة في الرابعة والعشرين من عمري، على قدر من الجمال والجاذبية والحمد لله، ولكنها أحيانًا تسبب لي مشاكل وهذا ما حدث فعلاً، فمنذ صغري وأنا أتعرض لتحرشات جنسية، وأتذكر وأنا في السابعة تقريبًا من عمري قد حاول شخص كان دائمًا ما يلاعبني ويضحكني، ولكنه ذات مرة قبلني في فمي بطريقة غريبة لم أستطع نسيانها حتى الآن وحضنني بشدة، وهذه على ما أتذكر كانت البداية، ثم توالت الأحداث بعد ذلك فيجيء صديق والدي في زيارة لنا، وعندما كنا بمفردنا في الغرفة أخذ يلاعبني ويضع يده على مناطق حساسة في جسدي لفترة طويلة، ووقتها كنت مستمتعة بما يفعله، حيث إنني كنت في العاشرة من عمري تقريبا ولم أكن أعي ماذا يفعل.
وبعدها حدثت مواقف شبيهة بذلك ولكنني كنت أرفض هذا بشدة ولكن كان يحيطني شعور باللامبالاة ولم أكن أتأثر بهذه الأفعال. فذات مرة كنت تقريبا في الثانية عشر من عمري وكنت أشتري بعض المشتريات لوالدتي وبعد ما اشتريتها وأنا في طريق العودة وعلى درجات السلم الخاصة بمنزلي كان يوجد شخص يتتبعني وكان تقريبا في العشرينيات أخذ يسألني عن جار لنا يسمى فلان فقلت له لا يوجد أحد بهذا الاسم في المنزل، فاقترب مني ووضع يده على أماكن حساسة في جسمي، وكنت أبعده على قدر استطاعتي وهو ممسك بي بقوة حتى أفلت منه بصعوبة وذهب يجري خوفا من أن أنادي أحدا ولكنني لم أناد أحدا ولم أصرخ أو أشتم أو أي شيء، بالعكس أخذت الأمر كأنه لم يحدث ورجعت للبيت ولم أقل أي شيء عن هذا.
والكثير من المواقف المتشابهة مرت بي وبنفس اللامبالاة أتقبلها وكأن شيئا لم يحدث. حتى التحقت بعمل ولم أكن قد تخرجت من الجامعة بعد، وكنت سكرتيرة في مكتب صغير فحاول صاحب المكتب أن يتحرش بي فتركت العمل ومشيت، ولكنني عدت بعدها بعد ما اتصل بي واعتذر عن هذا الموقف، ولم يكرره حيث إنني تركت العمل سريعا، وعملت في مكان آخر وأيضا تكرر الحادث المخجل وتركت العمل نهائيا في هذا المكان. بعدها التحقت بعمل وأنا في سن العشرين بشركة وعملت مديرة مكتب، ولهذا الوقت لم يخطر ببالي أي شيء ولم أتأثر بأي من المواقف سوى أنني أصبحت حادة بعض الشيء في تعاملاتي ليس أكثر.
وفي هذه الشركة كان صاحب العمل في الأربعين من عمره وكانت طريقته في الكلام مريحة وكنت أتكلم "معاه" كثيرا في كل أموري واعتبرته أخي الكبير أو صديقا، وكنت أعامله باحترام طبعا لحكم السن ومكانه في العمل. حتى جاء يوما وحاول أن يقبلني ويحضنني وكنت أحاول أن أبعده ولكنني لم أعرف لأنني صغيرة وهو كان أقوى مني كثيرا ولم أستطع أن أفلت إلا بعد فترة وبصعوبة بالغة؛ فأخذت حقيبتي ومشيت مسرعة وذهبت للبيت. وهو اتصل بي أكثر من مرة يتأسف ويعتذر وأنا صممت أني لن أذهب للعمل مرة أخرى واعتذر كثيرا عن هذا حتى وافقت أن أعود بعد أن وعدني أنه لن يكرر هذا الفعل مرة أخرى.
وبعدها بفترة سارت الأمور كالأول.. أحكي له وأشكي همومي ومشاكلي، وهو يحاول أن يحلها لي والعكس أيضا فكان يحكي لي وأنا أحاول أن أخفف عنه. حتى جاء يوم حدثت مشكلة كبيرة جدا بيني وبين والدي وإخوتي في البيت، فكنت أبكي كثيرا وعندها استغل ظروفي النفسية واقترب مني وقبلني وأنا استسلمت له وعاد لسابق عهده ولم أمنعه. وظل هذا يحدث كل ما تتيح الفرصة ذلك بعدم وجود أشخاص بالشركة أو عمل يتطلب منا القيام به. وقد تعلمت على يديه العادة السرية وأصبحت أمارسها باستمرار وأشاهد المواقع القبيحة على النت، وهو أيضا صاحب الفضل فيها حيث أعطاني عناوين هذه المواقع دون قصد؛ لأنه كان "يفرجني" عليها، ومن ثم عرفت عناوينها.
واستمر هذا الموضوع تقريبا لمدة سنة ونصف. وبعدها منعته من أن يقترب لي ولكنني كنت أمارس العادة السرية دون أن أعرف أنها هي، وأشاهد المواقع الفاضحة وأيضا أدخل مواقع الدردشة وأتكلم كلاما فاضحا وأسمع كلاما فاضحا، ولم أكن أعرف أن هذا حرام، حيث لم يلمسني أحد، وهي مجرد رؤية. وأيضا لم أعرف أن العادة السرية حرام ولذا كنت أفعل ذلك دائما. ولكنني ولله الحمد أفقت من هذا الذي أفعله في نفسي وعرفت أنه حرام، حيث إن كل أعضائنا ترتكب الفاحشة فالعين تزني وزناها النظر واللسان يزني وزناه الكلام الفاحش والأذن تزني وزناها سماع الفاحشة؛ ولذلك أيقنت أنني أزني كل يوم دون أن أشعر. وأيضا حدثت لي مشاكل كثيرة كلها كانت بسبب الذي أفعله باستنتاجي فكنت أنسى كثيرا ولا أتذكر شيئا. وأيضا واحدة من معارفي نصبت علي في مبلغ نقدي كبير بالنسبة لي وكنت على وشك الارتباط بإنسان مهذب ولم يحدث. وحدث كل هذا في وقت واحد.
وأدركت أن ما أفعله هو السبب في كل هذه المصائب، واستغفرت ربي كثيرا ومنعت نفسي من كل هذا وأوقفته كله والحمد لله. وكان هذا من سنة وشهرين تقريبا، ولكنني حتى الآن أتذكر هذه المناظر وأصبحت أخاف من كل من يعاملني فأشعر أنه ينظر لي نظرة جنسية، وإذا لم يكن هكذا فأخاف أن يظن أنني أنظر إليه هكذا، وأصبحت أتوتر كثيرا. وأيضا أشعر بهذا مع النساء ولا أعرف لماذا؟ وأظن أن السبب هو أنني أصبحت أرى كل الناس همهم الشاغل والرئيسي هو الجنس وإشباع رغباتهم على حساب أي شخص.
أرجو أن تدلوني للعلاج إذا كان هذا مرضا،
وأعتذر للإطالة.
25/8/2024
رد المستشار
الابنة الكريمة:
نعم.. قد نكون في حالتك بصدد أعراض مرضية لما يسمونه "الإدمان الجنسي"، وفيه يشتكي الشخص من انشغال ذهني دائم التفكير في ممارسة الجنس، وهو دائم السعي إلى إشباع رغبته الجنسية التي غالبا لا ترتوي مهما فعل، وإنما تزداد وتزداد! ولكنك تقولين إنك أقلعت عنه تمامًا.
وأرجو ألا تعتبري كلامي هذا نوعًا من التشخيص الدقيق لحالتك؛ لأن التشخيص يلزمه عرض مباشر على الطبيب المتخصص أو الطبيبة النفسانية المتخصصة، وهو ما تحتاجين إليه في أقرب فرصة للتأكد مما قد توقفت عنه أو تستمرين فيه.
وبالنظر إلى تاريخك الجنسي يمكن أن نربط بين التحرشات التي حدثت لك في الصغر والمراهقة بوصفها من المقدمات، والنتائج التي وصلت إليها متوقعة لأن الآثار النفسية للتحرش الجنسي تتضمن التورط في أنشطة جنسية انحرافية قد تتفاقم وتصل إلى ممارسة الدعارة، وقد تتطرق إلى اشتهاء نفس الجنس، وغيرها من الاضطرابات الجنسية النفسية المعروفة.
ومن الآثار النفسية أيضًا أن تحدث للضحية نظرة تعميم لكل الرجال بأن شغلهم وهدفهم الحقيقي والأهم هو الجنس، وإشباع رغباتهم بأي ثمن دون النظر إلى أي حدود أو ضوابط أو أصول اجتماعية أو دينية تجب مراعاتها. ومن الآثار أيضًا أن تحدث اضطرابات عميقة في تكوين الشخصية، وما تندرجين فيه من متابعة للمواقع الفاضحة أو الدردشة بكلام فاضح، أو حتى ممارسة العادة السرية، أو المداعبات والممارسات مع صاحب العمل.. كل هذه تعتبر روافد تغذي اشتعال رغبتك أكثر، وستعمل على زيادة تفاقم الأعراض أكثر وأكثر ما لم تكسري هذه الحلقات المتصاعدة بالعلاج.
وأحسب أن تنمية الوازع الديني والأخلاقي -ولديك منه قدر لا بأس به- سيكون له أبلغ الأثر في تخلصك مما يضايقك، وما تريدين التعافي منه، ولكنني ألفت انتباهك أن تنمية الوازع الديني لا تلغي حتمية طلب العلاج المتخصص لأن حالتك تحتاج إليه اليوم قبل غد.
ولدينا على صفحتنا إجابات سابقة تحدثنا فيها باستفاضة كبيرة عن التحرش الجنسي وآثاره النفسية ومنها:
ضحية التحرش: كالعادة تتألم وتلوم نفسها!
السيناريو المكرر: ضحية التحرش تتألم وتلوم نفسها!
فعل بي وبه: ذاكرة التحرش الجماعي
التحرش بالمحارم.. السكوت أخطر من الفعل
بين الكبت والتفارق: عواقب تحرش جنسي عائلي!
ضحايا التحرش: حتى لا تقع فريسة جديدة
ولدي اهتمام علمي خاص بهذه المشكلة فقد كانت موضوع رسالتي لنيل الدكتوراه منذ ما يناهز العقدين من الزمان، وأرجو مراجعة كل ما كتبناه حولها فهو قطعًا يفيدك، كما يفيدك أيضًا الإطلاع على الإجابات التي تحدثنا فيها عن كيفية استثمار الطاقة الجنسية والتعامل معها حتى يتم الزواج ومراجعة هذه الإجابات تفيدك أيضًا بمشيئة الله.
وأنت لم تذكري في أي بلد تقطنين، ولكنني أذكرك مرة أخرى أنك محتاجة إلى العلاج فلا تترددي في طلبه بأسرع وقت. وتابعينا بأخبارك.