أرجو منكم مساعدتي في إيجاد حل لمشكلة أعاني منها وتؤرق حياتي، فأنا فتاة أبلغ من العمر 28 سنة، عُقد قراني منذ أشهر قليلة على شاب من عائلتي يكبرني بـ10 سنوات، بعد استخارة الله سبحانه وتعالى واقتناعي بالموضوع، لم تكن هناك أية علاقة تربط بيننا قبل الزواج؛ لهذا فما نعرفه عن بعضنا قليل جدا.
المهم، بعد عقد القران مكثنا مع بعضنا أسبوعا، بعدها سافر إلى البلد الأجنبي الذي يشتغل به ريثما أجهز أوراق سفري، وألحق به بعد أن نقيم حفلا للعرس؛ حيث لم يعد يربط بيننا سوى مكالمات هاتفية مرة في الأسبوع أو الأسبوعين، وبعد سفره أثير بيننا مشكل بسيط حول بعض الأمور المالية، وتأزمت الأمور بيننا لمدة، بعدها عادت الأمور طبيعية إلى حد ما، ولم نعد نتحدث بالموضوع.
لكن يبدو أن ذلك المشكل قد أحدث شرخا في علاقتنا، وهي في بدايتها. الآن مشكلتي أنه ليس لدي أدنى إحساس بكوني متزوجة، وأن بحياتي شخصا يهتم لأمري، علما بأني دائما أحاول التقرب منه وإظهار اهتمامي الحقيقي به وبأموره، ولو من خلال المكالمات الهاتفية، أو حتى من خلال الرسائل (سواء الإلكترونية أو الهاتفية)، لكن للأسف لا أجد عنده أي صدى أو استجابة، فهو دائما مشغول بعمله بشكل متواصل، واهتمامه بي لا يذكر، وهو ما يعطيني إحساسا شديدا بالإحباط، والأكثر من ذلك إحساس بالخوف من مستقبلي معه، خاصة أني سأعيش بعيدا عن أهلي ووطني.
فالأحاسيس والمشاعر الجميلة الموجودة بين كل زوجين -خاصة في بداية حياتهما الزوجية- ليس لها أي أثر بيننا، فعلاقتنا جافة وجامدة، يغلفها الغموض والبرود واللا مبالاة خاصة من جهته هو، وكأن هناك حاجزا من الصلب قائما بيننا لا نستطيع تجاوزه، فأين يكمن الخلل يا ترى؟ فعلا لا أدري، يا ترى هل لفرق السن دور في هذا الحاجز الموجود بيننا؟
مؤخرا مرّ زوجي بظروف عصيبة في عمله، لكنني لم أستطع مساعدته -ولو معنويا- لأنه لا يهتم – ولن يهتم- لمساعدتي، حتى إننا لم نتصل ببعضنا قرابة الشهر. فبالله عليكم أي زواج هذا؟ ربما أنا لم أوفق في اختيار شريك حياتي، الآن بعد هذه المدة أصبحت أخاف من شخصيته، فهو مدخن، وغير مواظب على صلواته، وبارد المشاعر... وما خفي كان أعظم.
لا أخفيكم أمرا أني فكرت مرات عديدة في طلب الانفصال عنه، لكني أتراجع لأن نفسيتي لا تقبل نتائج هذا الانفصال، ربما يظهر أنه مشكل بسيط ولا يستحق الذكر، ولكني ألجأ إلى منبركم، وأترجاكم أن ترشدوني إلى الطريق السليم، فأنا فعلا عندي رغبة حقيقية في التواصل معه، وإثارة اهتمامه، والوصول بمشروع زواجي إلى بر الأمان، لكن لا أدري كيف.
لقد أصبحت متعبة نفسيا، وأحس أني في دوامة لا أعرف كيف أخرج منها، هل بالاستمرار أم بالتراجع قبل أن تتعقد الأمور أكثر؟
أنا دائما أدعو الله في أثناء صلاتي أوقيامي بأي فرض لعله يجد –سبحانه- لي مخرجا، ويكون السبب على أيديكم،
وجزاكم الله عنا ألف ألف خير.
16/8/2024
رد المستشار
تسألين: كيف أخرج من الأزمة بالاستمرار أم بالتراجع؟
أقول لك: لا هذا ولا ذاك، بل تخرجين منها "بالمواجهة".. المواجهة مع (نفسك) ومع (زوجك).
أنت تحتاجين إلى مواجهة نفسك أولا، والإجابة عن عدة تساؤلات:
هل هناك عيوب (جوهرية) بالنسبة لي قد اكتشفتها في هذا الشخص يستحيل معها استمرار الحياة الزوجية؟
وهل هناك عيوب أخرى أقل خطورة أي يمكن التأقلم معها أو محاولة تغييرها ببطء؟
وعلى الجانب الآخر.. هل هناك مميزات تعدل هذه العيوب؟.. فلا يوجد زوج كامل، ولكن هناك دائما إيجابيات وسلبيات، ونحن نستطيع تحمل السلبيات عندما تكون كفة الإيجابيات أرجح.
كل التساؤلات السابقة خاصة بمواجهتك لنفسك، ولتقييم (شخصية) هذا الزوج. ومعرفة هل صفاته كشخص أو كإنسان مقبولة (بالنسبة لك) أم لا؟ وأؤكد على كلمة (بالنسبة لك)؛ لأن ما تقبلينه قد لا تقبله غيرك.. والعكس صحيح.
ثم يأتي الشق الثاني من المواجهة، وهو مواجهة (زوجك) نفسه.. ليس لتقييم شخصيته هنا، ولكن لتقييم العلاقة بينكما.. هناك عدة تساؤلات يجب أن تجيبا عنها معا، واجهيه بهذه الأسئلة:
-ما سر هذا البرود بينكما؟
-هل أنت لا تشعر تجاهي بالحد الأدنى من الحب الذي يمكن أن نبدأ به حياتنا؟
-إن كنت لا تشعر بهذا فإن الانفصال أفضل، أم إن كان هناك درجة من القبول فلماذا لا نحاول أن نبذل الجهد لتنميتها ورعايتها؟ هل الانشغال هو السبب؟ أم عدم إحساسك بأهميتها هو السبب؟
-هل نحن مستعدون لتعلم ألف باء تواصل وحوار وتفاهم؟ هل نحن مستعدون أن يغير كل منا في نفسه وفي الآخر حتى نحيا حياة سعيدة يملؤها السكن والمودة والرحمة؟!
اطرحي عليه هذه الأسئلة بروح الود والحنان، واطرحيها على نفسك كذلك، والإجابة هي التي ستحدد مصير هذه العلاقة، وهل سيكتب لها النجاح أم لا؟
أختنا الكريمة.. أدعو الله تعالى أن يقدر لك الخير، ويوجهك إليه حيث كان، فهو سبحانه وتعالى يقدر ولا نقدر، ويعلم ولا نعلم، وهو على كل شيء قدير.