شاب مرهق
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أود أولا أن أشكركم على المجهودات التي تقدمونها من خلال الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية. جزاكم الله كل الخير.
منذ قرابة إحدى عشرة سنة بدأت أعاني من التعب والإرهاق الشديد، لقد بدأ ذلك بشكل تدريجي، وذلك على المستوى الجسدي والفكري. فحتى القيام بالأعمال الروتينية اليومية يبدوا مرهقا جدا بالنسبة إلي أتعايش لا أعيش الحياة، لا أشعر بلذتها، لم أعد أستمتع كما كنت من قبل. أقل مجهود جسدي أو فكري يرهقني.
لقد أثر ذلك على مختلف جوانب حياتي، منها أنني كنت قد انقطعت عن الدراسة لمدة تقارب الثلاث سنوات "بدأت في التغيب تدريجيا حتى انقطعت كليا، لكنني رجعت فيما بعد".
عندما ألتقي بأناس درسوا معي سنوات مضت أشعر بالخجل لأنني لم أعد ذلك الشخص المتميز الذي يعرفون، بالخصوص أنني أعمل في مجال أقل من تخصصي.
لا أطمح أن أكون شخص مثاليا، أريد فقط أن أكون إنسانا عاديا أستطيع التقدم للأمام. أثق في نفسي جيدا أنني أستطيع أن أحقق نجاحات عدة، لكن هذا المشكل يضعني في حيرة من أمري. لسنوات عدة اعتقدت بأن ما أعاني منه هو اكتئاب، لكنني الآن لم أعد أعرف إن الأمر برمته متعلق بهذا المرض!
سبق لي أن زرت عدة أطباء، كانت لدي تجربة إيجابية بأخذ دواء Paroxetine 30 مغ، فحياتي تغيرت جذريا لقرابة 4 أشهر، لأبدئ في الشعور بتراجع تدريجي فيما بعد حتى بعد أن رفع الطبيب الجرعة إلى 40 مغ. فما كان بعد ذلك إلا أن أجرب أدوية أخرى مثل Fluoxetine، Sertraline، Venlafaxine
Citalopram، Escitalopram,Clomipramine ، Vortioxetine، Bupropion كما أنن سبق لي أن أخذت أدوية مع بعض "مثلا Escitalopram 20mg/day مع Clomipramine 37.5 mg/day" لكن لم أشعر بعد ذلك بالتحسن المرجو "يقلل ذلك من التعب قليلا لكن ومع ذلك أظل مرهقا"، كما أن ذلك يساعدني للتقليل من التوتر "عادة ما أشعر بالتوتر كثيرا لقلة تركيزي وخوفي من المستقبل، وذلك لأنني أجد أمامي تحديات حياتية وهذا أمر عادي، لكنني مرهق لا أستطيع التعامل بفعالية مع هذه الأخيرة".
ذات مرة قال لي طبيب نفسي متمكن بأنني لا أعاني من الاكتئاب دون توضيح أكثر، استغربت لكلامه، وأخذت أفكر في أنني لم أحصل على الاستجابة المرجوة بتلك الأدوية "حاليا لآخذ أي دواء" فالتجأت للطب العام والباطني وكذلك أطباء متخصصين في الجهاز الهضمي، اكتشفوا أن لدي نقص طفيف في مادة الفيريتين وكذلك فيتامين د، مع جرثومة المعدة Helicobacter pylori كذلك. بعد أخدي للأدوية ومعاودتي للفحوصات خرجت سليمة الحمد لله ويشمل ذلك أيضا فحص الكالبروتيكتين، Sedimentation Rate، CBT، فحص الغذة الذرقية، Cortisol، فحص أمراض الكبد.
أود أن أشير بأنني أشعر دائما بشد أو انزعاج على مستوى جانبي البطن وخاصة الأيسر وهذا يزعجني جدا"، فأنا لا أشعر بالراحة أبدا على مستوى القولون "تخطيط الصدى لم يظهر أي مشكل". من ناحية أخرى كثيرا ما أعاني من الإمساك أعزكم الله، وألاحظ أن ذلك يتلازم مع الشعور بالحكة في مختلف مناطق جسمي مع زيادة التعب.
أشعر بالحيرة لأنني لا زلت لا أعرف التشخيص الدقيق لما أعاني منه، إن هو اكتئاب أم كذلك للأمر ارتباط بالقولون وبمتلازمة التعب المزمن.
لم أجد حتى الآن تفسير لهذا الإرهاق، وأشعر بأنني تائه لأنني لا أعرف أي طريق أسلك.
19/8/2024
رد المستشار
شكرا على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالشفاء.
ما تشير إليه في رسالتك كثير الملاحظة في الممارسة المهنية. يصل المراجع إلى مراكز الطب النفساني بسبب أعراض قلق واكتئاب ويستجيب لمضاد اكتئاب لفترة زمنية محدودة ثم تبدأ الجولة الثانية من تغيير العقاقير مع أعراض اكتئاب وقلق جزئية لا يستطيع المراجع التخلص منها٬ وعند ذاك يتم تشخيصه باكتئاب مقاوم للعلاج أو اكتئاب وقلق مزمن. كذلك هناك من يشعر بالتعب المزمن ويحصل على تشخيص متلازمة التعب المزمن وتبدأ رحلة فحوص طبية تنتهي بحصوله على مختلف العلاجات وفي مقدمتها مضادات الاكتئاب بأنواعها. كذلك الحال مع ما يسمى بالقولون العصبي حيث تبدأ أعراض معوية تخضع لمختلف الفحوص ومن ثم وصفات طبية متعددة واحدها مضادات الاكتئاب.
بعبارة أخرى جميع هذه التشخيصات تصل إلى طريق مسدود وعند ذاك لابد للمراجع ومن يعالجه صياغة الحالة بصورة علمية تستند على استعمال نماذج اجتماعية ونفسانية وسلوكية وليس الطبية فقط. التركيز على الجانب الطبي المرضي طريقه مسدود ويشعر الإنسان بأنه في زنزانة طبية أبدية يستلم فيها العلاج بعد الآخر.
الطريق إلى الشفاء هو مسؤوليتك وما عليك أن تفعله أولا مراجعة ما حدث لك قبل عشرة أعوام ودفعك باتجاه المرض. لا يصل الإنسان إلى مكان ما من لا مكان وإنما هناك عوامل لعبت دورها قبل شعورك بالإرهاق ومع مراجعتك الطبية الأولية. لم تتحدث عن ظروفك العائلية والمهنية والاجتماعية ولكنها بالتأكيد ظروف لا تسد احتياجاتك الشخصية. النموذج النفساني يحتاج الى مراجعة الماضي والعقد النفسانية التي يحملها الانسان معه، ورغم ان لكل إنسان المقدرة على مراجعة ماضيه وعقده النفسانية ولكن هناك الحاجة إلى الحديث الصريح مع معالج نفساني أو إنسان مقرب منه. وأخيراً هناك سلوكيات الإنسان نفسه التي تحتاج إلى مراجعة دقيقة والعمل على تغييرها.
الموقع لا ينصحك بتغيير أو توقيف العلاج الطبي ولكن اكتفي بعقار واحد مضاد للاكتئاب لا تغير جرعته ولا تبدله. تراجع معالجا نفسانيا وهناك من لهم خبرة في علاج متلازمة التعب المزمن.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
الأعراض النفسجسدية: حالة واقعية!
اضطراب الضائقة الجسدية: لا سيكوسوماتيك..!
من وسواس لاكتئاب لقلق معمم!