السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي تكمن في كوني قد تمت خطبتي لأحد الشباب من قريتي، ودعوني أحدثكم بمجريات الأحداث التي أدت إلى وجود المشكلة.
أما عن نفسي فأنا طالبة أدرس في إحدى الكليات النظرية، في العشرينات من العمر، حاصلة على منحة دراسية كاملة بسبب تفوقي الدراسي، معروفة في الكلية بكوني "موسوعة علمية" -وأنا عادة لا أحب الحديث عن نفسي ولا أتكبر- كما أنني معروفة بالتزامي وتديني، جميلة على حد وصف الناس.. والدي متعلم وحاصل على البكالوريوس كما أن عائلتنا معروفة بنسبة ذكائها وتفوقها العلمي.
منذ سنوات قليلة ذهبت لأقوم بعمرة مع مجموعة من أهل بلدي، كانت مجموعتنا تحوي في أغلبها رجالا متقدمين في السن وشبابا، كان بينهم شاب يكبرني بعام، أهله أصدقاء مقربون لنا، في البداية لم يلفت انتباهي ولكنني وخلال الرحلة بدأت أكتشف أجزاء من شخصيته كان شابا محترما جدا ومتدينا، بارا بوالده، يحترم الجميع حوله، كما أنه معروف بنسبة ذكائه العالية جدا (أكثر مني)، بدأت أعجب به ولاحظت إعجابه بي، وهو صديق حميم لأخي
بعد عودتنا من الرحلة علمت أنه كان دائم السؤال عن أحوالي وأخباري، تعلقت به جدا فقد وجدت فيه كل الصفات التي أتمناها في شريك حياتي (على خلق ودين، ذو عقل ناضج مفكر ذكي ومتعلم ومن عائلة محترمة جدا) وقد قام بإخبار أخي برغبته في الارتباط بي بعد أن يتم دراسته وأعلن له عن جديته في الموضوع إلا أن والديه وبسبب تفوقه الدراسي أصرا على أن يدخل كلية الطب الأمر الذي يعني ان علي ان انتظر كثيرا، وتقدم لي خلال هذه الفترة الكثير من الشبان ولربما كان منهم من هو على خلق ودين إلا أنني كنت دائمة الرفض أبكي دوما لأنني أشعر بحبه لي، كما أنني أحبه إلى درجة الجنون.
سئم أهلي من كثرة رفضي خاصة أنني البنت الكبرى وقبل ما يقارب الشهر والنصف تقدم لي شاب في أواخر العشرينات معروف بأدبه وأخلاقه بين الناس إلا انه غير متعلم (تعليما جامعيا) وأعرف عائلته بكونها عائلة بسيطة، ليست على مستوى من العلم والذكاء والثقافة، في النهاية وافقت تحت ضغط اهلي، فجميعهم قال لي إنه شخص مناسب ملتزم ومحترم، قمت بالجلوس معه إلا أنني لم أشعر نحوه بشيء ولم أكن متحمسة أبدا للارتباط، ومع ذلك تمت قراءة الفاتحة
أما عن الشاب الذي أحببته فقد قامت أمي بالاتصال به بعد أن رأت حالتي التي تدهورت وأخبرها بألمه و بأنه معجب بي ويحبني إلا أن أهله لن يوافقوا بتاتا على ارتباطه الآن؛ لأنه لا يزال في السنة الثالثة ووضعهم الاقتصادي في هذه الأيام تدهور؛ ولديه أخ أكبر منه وإذا ما قام بفتح الموضوع فإن والده سيطرده من البيت وسيعتبره عابثا غير مراعٍ لأوضاعهم ولقد أشار لها بكثير من الألم أن أقبل الارتباط بغيره وتمنى لو استطاع أن يفعل أي شيء لتغيير الواقع إلا أن الأمر صعب جدا
أما أنا فلا أستطيع احتمال ذلك، دائما أراه أمامي، أسمع صوته وقلبي يلفظ اسمه، أصبحت أتضايق من خطيبي، إلا أنني وافقت على إتمام الأمر وكتب الكتاب لرغبة أهلي الجامحة في إتمامه
خطيبي شاب متدين فعلا إلا أنني وجدت أسلوب حديثه ركيكا (بلدي) بعض الشيء فهو لا يتحدث مثلي أو حتى مثل أي متعلم كما أنه رومانسي أكثر من اللازم وأنا فتاة جادة بطبعي وعادة أقارن بين مستواي التعليمي ومستواه وبينه وبين طالب الطب الذي أحببته.
أجد صعوبة في التواصل معه فأنا أشعر أن فيه "ميوعة" وصراحة أنا لا أحبه، لست متكبرة أبدا ولا أتعالى على أحد فأنا لدي الكثير من الصديقات من مختلف المستويات أحبهن وأتعامل معهن دون تعال إطلاقا.
أشعر أن قلبي مغلق وأنني أسير دون عواطف.. أصبحت كثيرة البكاء، لا أشعر بالسعادة أبدا..
أرجوكم أنا أعاني، فقدت إحساسي بالحياة فأنا لم أعد أحتمل.
24/8/2024
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
على الرغم من تكرر إشارتك لذكائك فإنه لم ينفعك في حياتك.. وكل ما يمنحه الله لنا عبارة عن أدوات لتسهل علينا رحلة الحياة لا لتعقدها.
تقولين إنك قرأت معظم ما كتب على الصفحة وبالتالي تعرفين كم من المحبين يعانون ما تعانين، ومن بين ما قرأت لا بد من أنك عرفت أن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه، فهل تراك غفلت عن قراءة القصص التي تشير إلى تجاوز حالات التعلق والحب وأن الحياة تستمر وبسعادة على الرغم من عدم نيلنا جميع ما نتمنى.
لا تبحثي عن أسباب لتعبري عن رفضك لخطيبك بأنه يذكرك بخاله المبغوض من الجميع، فأهلك حين رحبوا به كانوا يعرفون خاله وكذلك أنت، لا تحاولي التملص من مسئوليتك تجاه خطبتك بأنك رضخت لإلحاح أهلك، فما الفرق بين فتاة ذكية متعلمة وأخرى عادية إن كانت ستعجز عن استخدام ذكائها في حياتها وقراراتها والتعبير عن رأيها.
الضحية الحقيقية هو خطيبك الغافل الذي أتاك بوضوح راغبا في الاستقرار مع فتاة متدينة، فلماذا تنكرين عليه تعبيره البريء عن رغبته فيك ولا تنكرين على نفسك تعلقك بمن أعرب بوضوح عن عجزه عن التقدم لك؟! فهل مشاعرك له جائزة شرعا؟!
لا علاقة بين التفاهة والحب كما أشرت سامحك الله، ولكن عندما يتعثر القلب في علاقة بلا أمل نلجأ للعقل كي يقيل عثرة القلب فاستخدمي ذكائك لتخرجي نفسك من المأزق الذي مشيت إليه بقدميك، لن يلومك أحد على مشاعرك طالما بقيت في قلبك ولم تحوليها إلى سلوك مخالف لشرع الله، ولكن أين مسئوليتك أمام الله عمن قبلته خاطبا والتزامك معه بعهد من الله، ولا أظن والدك (دارس الشريعة إمام المسجد) عقد قرانك دون أن يستشيرك، أو أنه عقده بالقوة.
أعط نفسك فرصة أخيرة مع خطيبك، انظري له كما هو حقا دون استعلاء منك على مستوى تعليمه أو طريقة تعبيره أو عمله، فالرزاق لم يخلقنا جميعا على نفس الشكل أو الدرجة، ولكنه يحبنا جميعا، ولا يرضى الظلم بين عباده، فلا تستمري عابثة بحياة هذا الخطيب الذي أنت فيه زاهدة، دعيه ليدخل الفرحة على قلب من تقدِّره وتستحقه لأنها ستبادله حبا بحب، وشوقا بشوق؛ ليكون لديك كل الوقت لتنتظري من قد يأتي وما قد تأتي به الأيام.
تصرفي بذكاء في حياتك فما للدرجات الجامعية فقط وهبنا نعمة العقل، قدري وقرري ما تريدينه وما هو ممكن في الحياة دون أن تسقطي في دوائر الاكتئاب فقط، احزمي أمرك إما بالمضي في خطبتك والبحث عن إيجابياتها، أو بوقف التزام لا يجلب لك السعادة، أرجو من الله أن ينير بصيرتك ويقدر لك الخير ويحببه إليك. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته