السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالب أنهيت الثانوية العامة بمعدل 91.5%، وأنا أفكر في الالتحاق بكلية الطب، ولقد نصحني أهلي والعديد من الناس بذلك، حيث أن معدلي عالٍ، ولا أعرف ماذا أفعل؟ فأنا لا أعرف عن هذا المجال شيئا غير ما يتردد على ألسنة البعض من أن مهنة الطب مهنة إنسانية ولكن هذا ليس كافيا بالنسبة لي؛ فأنا بالدرجة الأولى أبحث عن شيء لنفسي، أعني شيئا يمتعني وأشعر فيه بالراحة والطمأنينة والرضا عن النفس، ثم بعد أن أكون قد حققت ما تصبو إليه نفسي -لا أعنى بالضرورة ماديا- أتجه إلى منفعة الآخرين.
هل أدرس الطب لكي أحقق أمنية والدي، أم أدرس لكي أتبوأ مكانة اجتماعية مرموقة، أم لكي أحصل على ثروة، أم أدرس لإشباع رغبة علمية وطموحة للإنجاز؟ الحقيقة أن القرار صعب جدا. لا أملك نظرة شاملة عن حياة الأطباء ولكني أظن أنها صعبة وشاقة ولا تخلو من تضحية.
وهنا وقفة عند كلمة تضحية؛ فأنا لا أؤمن بالتضحية على حساب نفسي، أنا إنسان أحب الحياة أحب فيها النزهة والمرح وممارسة الرياضة وصلة الأرحام والأصدقاء، وأحب الاطلاعات الأخرى ومن أهمها الدينية وكذلك الثقافية المنوعة، ولا أعرف إن كان الطبيب يجد وقتا لكل هذا ولعائلته ونفسه، ولهذا أريد منكم أن تبينوا لي بعض ما خفي علي.
حسب مشاهدتي لبعض الأطباء وصداقتي لبعض أبناء الأطباء رأيت أن الطبيب يمضي صباحه بين المستشفى والجامعة ومساءه في العيادة وليله بين المراجع الطبية. لا شك أن خدمة الإنسانية شيء جميل ولكن ليس على حساب نفسي، حبذا لو أعرف كل شيء عن المجال الذي سأرهن حياتي له، هل سأتمكن من الحصول على دخل مادي يشبع حاجتي.
أنا أحفظ نصف كتاب الله، هل سأتمكن من حفظ الباقي ومن نيل حظ من العلوم الشرعية البسيطة وليس التخصص؟
هل يجدر بي أن أدرس كأني أؤدي مهمة أم أحقق أمنية؟
وهل يتمكن من يملك ذاكرة ضعيفة ولا ينسجم كثيرا مع دراسة الحفظ من النجاح في دراسة الطب؟
وما هو متوسط ساعات الدراسة لطالب الطب أثناء البكالوريوس وللطبيب من بعد ذلك؟
إنني أحيانا أشعر بالإحباط من جدوى التعليم في بلادنا، وأعتقد أنني قد لا أتمكن من إعالة نفسي وأسرتي بمرتب الدولة المتواضع، ولا يوجد حل سوى أن أعمل في العيادة صباح مساء حتى أتمكن من العيش، وعندها ماذا بقي لي من الدنيا؟
وأخيرا هل يوجد مواقع على الإنترنت تعنى بمثل هذه المواضيع؟
وشكرا جزيلا.
02/09/2024
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع وألف مبروك على نجاحك الباهر.
ما يثير الاستغراب هو غياب الطموح وأهداف المستقبل في رسالتك المرسلة من شاب على قدر كبير من القابلية والاجتهاد وكان من المتوقع أن تحدد طريقك في التعليم الجامعي منذ أكثر من عام، وربما هذا له علاقة بظروف الوطن الحالية. هناك الكثير من المواقع التي تتحدث عن الدراسات الجامعية وفرص العمل في المستقبل، ورغم أن الطب لا يزال يثير اهتمام الكثير ولكن العلوم التكنولوجية المختلفة بدأت تتفوق عليه في الأعوام الأخيرة.
القاعدة الأولى: أن نجاح الإنسان مهنيا بعد الدراسة الجامعية يعتمد أولا وأخيراً على ولعه بالمادة التي درسها جامعيا وكان بالأصل مولعا بها قبل الدراسة الجامعية. هذا العامل لا وجود له في استشارتك. الطالب المولع باللغات أو الاقتصاد أو الأدب أو الفيزياء تراه ناجحا في المهنة التي يختارها بعد التخرج.
القاعدة الثانية: هي ولكي تدرس الطب فعليك أن تكون مولعا في دراسة البيولوجيا والكيمياء ومن الأفضل كذلك الرياضيات. إذا كانت هذه المواد تثير اهتمامك فدراسة الطب ستثير اهتمامك.
دراسة الطب طريقها طويل مقارنة بالمهن الأخرى٬ ولا تتوقف بعد التخرج ويستمر لفترة طويلة ولكن الحقيقة هو أن جميع التعليم الجامعي المهني لا يتوقف بعد التخرج ويستمر إلى فترة طويلة بسبب تطور العلوم بسرعة هذه الأيام. ساعات العمل طويلة ولكن ساعات العمل في المهن الأخرى ليست قصيرة هذه الأيام والعمل يلاحقك ليلا ونهارا. كذلك فإن دراسة الطب لا تمنع الطالب من ممارسة هوايات معينة والاستمرار في تواصله الاجتماعي مع الآخرين وتطوير نفسه ثقافيا لكن هناك ناحية إيجابية لمهنة الطب وهي إمكانية ممارسة المهنة في مختلف الثقافات وبلاد العالم.
الطب مهنة إنسانية وتفتح للطالب أبواب متعددة لدراسة مختلف الفروع الطبية والعلوم الأساسية أيضا. الكثير من المبدعين في علوم الجينات هم أطباء وليس من خريجي العلوم البيولوجية.
ما هو واضح في رسالتك عدم وجود هدف معين ونصيحتي لك أن تباشر بدراسة طب فهو أفضل اختيار لك.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
حلم الطب ووجع القلب والنصيحة الصريحة!