السلام عليكم
سيدتي الفاضلة.. جزاكم الله ألف ألف خير على موقعكم هذا وعلى صفحتكم هذه التي لن تتخيلوا كم ساعدتني لكي أتخطى الكثير من العقبات النفسية، خصوصا التي واجهتني في ظل عدم وجود إنسان أستطيع أن أحاوره بكل ما يختلج نفسي.
أنا فتاة في 21 من عمري، جامعية، لدي خمس أخوات وأخ، لم أحس طوال حياتي أن أهلي ميزوا أخي علينا بتاتا، وأنا لدي كامل حريتي، وحياتي طبيعية وهادئة (أستطيع أن أقول إن حياتي سعيدة ولكن سعادة سلبية).. أي أننا نعيش كل ملتزم بالخط الصحيح، ليست لدينا مشاكل، ولكن لا يوجد تفاعل بيننا أبدًا، قد نجتمع ولكن كل لديه عالم خاص، وإن احتجت أن أتحدث مع أحد أستصعب الأمر جدا لوجود اختلاف في شخصياتنا، ولأننا لم نتعود على ذلك.. حواجز وهمية.. أعلم ذلك، ولكن كسرها فعلا أصعب مما تخيلت.
لا أدري إن كان لهذا كله علاقة بالمشكلة والتي هي.. أنني أقلق كثيرا وأحس بأن سكاكين تطعنني في الأعماق، ليس هذا حالي في كل الأمور ولكن هو على أشد حالاته عندما تغضب أمي من أخي، أخي الآن متزوج؛ مما أضاف عنصرًا آخر إلى الصراع ولديه ولد عمره أشهر.
منذ أن كان أخي في عمر المراهقة كانت المشاكل تملأ البيت بسبب عدم تحمل أمي، كنت أحس بأنني سأموت من الألم على أمي، لا تظنوا أنه كان كثير المشاكل، لا.. على العكس بالنسبة لجيله يكون ملاكا فعلا، ولكن أمي مثالية جدا ولا تتحمل الخطأ مطلقا.. من وقتها ومن شدة الحزن الذي أراه على أمي لا أطيق الأولاد ومشاكلهم، حتى إنني بقيت أدعو لفترة طويلة ألا يرزقني الله ذكورًا في المستقبل!!
وإلى الآن مجرد أن أشك أو أسمع أن أمي غير راضية عن أخي ترتفع نبضات قلبي وأقلق، وأحاول قدر الإمكان أن أضعه عندها بصورة مشرقة حتى لا تقلق، (ملاحظة إنه مهما كان الألم في داخلي فإنني لا أفرغه عمليا على أحد ولا حتى أخي أو زوجته، بل دائما أحاول أن أظهرهما لأمي بأحسن صورة، ولكنني أحس أن أمي تصلها الفكرة بالمعكوس!!!) ولا تتخيلوا أن أمي من النوع الذي ينكد على الآخرين عيشتهم.. على العكس؛ فهي لا تتدخل بتاتا في شئونهم، وحتى عندما تغضب لا تصب غضبها عليهم، المشكلة أنها تحبس ذلك داخلها هي حساسة ومثالية جدا، المشكلة أنه لا يوجد مشكلة، كل الذي يحدث أمور طبيعية، ولكنني أحس أنها نهاية العالم، والمفارقة أنني لا أحس بنفس الإحساس مع أخواتي البنات أو أزواجهن، حتى لو غضبت أمي عليهم!!.
أريد أن أخرج من كل هذا، أريد أن أرتاح.. أريد أن أميز عندما تحزن أمي أن هذه أمور طبيعية أحس في أحيان أنني في مثل دور أمي (الحماة) لا أقصد التسلط ولكن المشاعر والأحزان، لماذا.. لا أدري!!.
ولكي أصدقكم القول فأنا عندما أحاول أن أقنع نفسي بأن هذا ليس مكاني أحس بالذنب؛ لأنها أمي ويجب أن أحس بها!!! السادة الفضلاء أرجوكم، أنا مستعدة تماما للتغير ودعوت ربي كثيرا أن يساعدني، ولكن أسئلة كثيرة تدور في ذهني وتحيرني:
أولها: أن المشكلة قد تكون طبيعية وتحدث في كل بيت، ولكن أخي فيها أخطأ، مهما كان فهو خطأ؛ فلماذا نتغاضى عن الخطأ إن كنت سأقنع نفسي أنها أمور تحدث في كل بيت!
- أحيانا أحس أن لي موقفًا تجاه المسألة مغايرا لموقف أمي ولكني لا أستطيع أن أثبت عليه فيساعدني على التخفيف من حدة المشكلة؛ لأنني أحس أن أمي لا تخطئ طبعا، هذا لم يأت من فراغ؛ فأمي عصامية جدا ملتزمة وقوية لم أتخيل يومًا أنه سيخالجها بعض من مشاعر الحماة الطبيعية مثلا؛ فلذلك هي دائما على صواب، ولا أحس أنها تحكم على الأمور؛ لأنها تريد مصلحتها!! لا أدري.
- كيف سأقنع نفسي أن هذا الخطأ لن يجر إلى خطأ أكبر؟ كيف لا أحس بأني متبلدة إن لم أحس بالمشكلة؟ أتمنى أن يأتي اليوم الذي أكون فيه قادرة على أن أكون موضوعية وأن أقول لا للقلق ولا للكآبة التي تحصد أحلى أيامي، وأتمنى أن أكون عبرت بشكل صحيح عن ما يؤلمني،
آسفة على الإطالة
وشكرا مسبقا على كل شيء.
28/8/2024
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عزيزتي المعاناة التي نجلبها على أنفسنا حين ننكر وجود المشكلة هي الأسوأ على الإطلاق؛ لأنها تمنع فرص حل المشكلات وتؤدي لتراكمها وبالتالي تعقدها.
يظن الكثيرون أن للحياة صورة مثالية خالية من المشكلات والحقيقة أنها مجرد أسطورة خرافية توقع الناس في فخ الإنكار وتمنعهم من طلب المساعدة.. ومن بين الصور المثالية التي تجلب الألم الحديث عن "الأم المثالية والأسرة المثالية" ونحن جميعا نعرف أن الكمال لله وحده سبحانه، أما نحن فنجتهد ونسعى لأداء ما وكلنا به رب العالمين من أمانات وأدوار.
هناك اندماج خاطئ بينك ووالدتك يؤثر على نفسيتك ويصبغها ببعض سمات الوسواس القهري، وأطلب منك أن تراجعي طبيبا نفسيا كي لا تحصد الكآبة والقلق أيامك.