بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه..
أشكركم على هذا الموقع الرائع وعلى الخدمات الجليلة التي تهبونها للمجتمع الإسلامي، وكان الله في عون الجميع.
أنا شاب مسلم في العشرينيات من عمري، ناجح، متميز في دراستي، عملي جدا، وأعتمد كثيرا على نفسي حيث إني أدرس وأعمل في نفس الوقت. أحب والدَي كثيرا، وبارّ لهما وتحاسبني نفسي كثيرا إن حاولت أن أسيء لهما بقول أو عمل.
قصتي بدأت عندما أُعجبت بفتاة غير محجبة تكبرني بسنة أثناء دراستي الجامعية، ولم أكن أبادلها مشاعري حتى وصلتني رسالة من إحدى صديقاتها بأنها معجبة بي؛ فصارحتها بمشاعري وتكلمت معها كثيرا، وكنت دائما أقول لها إننا يجب أن ننتظر رأي أهلي بهذا الموضوع، وأتمنى أن تتحول هذه العلاقة إلى خطبة.
بالنسبة لها فأهلها كانوا معجبين بي، وقد أحببت أهلها أيضا لما رأيته فيهم من دين وحب؛ حتى إنني سألت الفتاة مرة عن نيتها في الحجاب؛ فأجابت أنه بإمكانها أن تتحجب إذا أراد زوجها ذلك. لم تستمر علاقتنا وأحلامنا أكثر من ثلاثة أشهر يعلم الله فيها أنني لم ألمس يدها.
وقد صارحت أهلي بالموضوع والغريب في الأمر أن أتت الإجابة بالرفض القاطع، وأول أسباب الرفض موضوع عمرها، وأن بيئة الفتاة "غير المحجبة" أو التي "تصارح الشاب بمشاعرها" خارجة عن إطارنا وتربيتنا، حتى أنهم لم يسألوا عنها ولا عن أهلها.
وبعد محاولات عديدة مع أهلي باءت بالفشل أقنعتني أمي أن أقلع عن هذه الفكرة حتى أتخرج، وأنه من الحرام أن أعلق البنت ومصيري غير معلوم بعد. عرفت حينها أنني يجب أن أوقف العلاقة مع الفتاة، وألا أكمل معها علاقة قد تؤول بالفشل.
تكلمت معها في موضوع رفض أهلي، وأني لا أستطيع أن أعدها بأي شيء، وقد اعتبرت أني لم أستطع أن أعطيها وعدًا؛ لأنني لست واثقًا من أني سأكون على قدر هذا الوعد، لكن من حبي لها لم أعدها بأي شيء قد يسبب لها جرحًا آخر في المستقبل؛ حتى أن أهلها حاولوا أن يرسموا لها صورة سيئة عني ولكنها حاولت نسيان كل ذلك.
بعدها بفترة قصيرة قررت أن أنقل تعليمي إلى جامعة في الغربة، وأتى وقت سفري وتحدثت حينها معها، وقلت لها إني لن أنساك أبدا، ولكني لا أستطيع أن أعدك بأي شيء الآن، وسوف نرى ماذا تخبئ لنا الأيام، وإن كنت نصيبي فسوف يجمعنا الله في يوم من الأيام.
في كل الفترة التي قضيتها بعيدًا عن الوطن كانت الفتاة لا تفارق مخيلتي، ولم أراسلها إلا ببعض الرسائل لكي لا تتعلق بي كثيرا.. ولكني كنت أتابع أخبارها عن طريق أصحابي في الوطن.
الآن قرب موعد تخرجي ومصيري العملي تحدد، وهو عمل يحلم به أي شاب في مجالي؛ فتحدثت مع أهلي في الموضوع مرة أخرى على أمل أن يوافقوا؛ لأنني سوف أتخرج قريبا، فأتت الإجابة بالرفض القاطع الذي ازداد عن المرة السابقة؛ حتى أن أبي قال لي: "إن كنت تريدها فاذهب بنفسك واخطبها"، وأمي تقول "كيف بشاب مثلك متفوق في عمله ودراسته أن يفكر ببنت تكبره بسنة، ويوجد آلاف البنات الصغيرات الأفضل منها".
طبعا الفتاة ترفض فكرة الارتباط بها في حالة رفض أهلي. أنا الآن في حيرة كبيرة من أمري؛ فأنا لا أستطيع أن أرفض رأي أهلي، لكني حزين جدا في داخلي، ولا أعرف كيف أقنعهم في نفس الوقت، ولا أعرف هل ما فعلته صحيح أم خطأ؟ وهل من الخطأ أن أرتبط بفتاة تكبرني بسنة أم أنها التقاليد التي طغت علينا؟
27/8/2024
رد المستشار
من الضروري أخي الكريم أن تكف عن تحميل اللوم لوالديك على رفضهما لهذه الفتاة رغم حبك لها، فمن الواضح أنك أيضا متردد ولم تحسم اختيارك حتى الآن أو كما يقولون "عين في الجنة وعين في النار"؛ حيث تريد هذه الفتاة لحبك لها وتعلقك بها، وفي نفس الوقت تتمنى وترى نفسك أجدر بأفضل منها، أو بمعنى أصح تتمنى الفتاة الكاملة التي تخلو من كل العيوب، وهذا الفتاة غير موجودة على أرض الواقع.
وأهم ما في الأمر أن تحدد ما تريده أنت بالضبط في شريكة حياتك، ويساعدك أن تطلع على المقال الموجود على موقعنا هذا بعنوان: خريطة طريق لاختيار شريك الحياة، وقد يكون من ضمن هذه الضوابط ضابط السن، وقد تلغي هذا الأمر من تفكيرك، ولقد شاع في مجتمعاتنا أن الأفضل أن يكون فارق السن لصالح الزوج، ولكن هذا القانون أو هذا العرف ليس قرآنا منزلا، وهناك أمثلة كثيرة لزيجات ناجحة كان فيها فارق السن لصالح الزوجة، ولا توجد قاعدة لهذا الأمر، وخصوصا لو كان الفارق غير كبير مثل حالتك، والأهم هو نضج طرفي العلاقة وقدرتهما على حسن الاختيار تبعا لضوابط العقل والقلب معا، وكذلك قدرتهما على إدارة أمورهما الحياتية بنضج وتفهم.
أما بالنسبة لمسألة رفض أهلك لارتباطك بهذه الفتاة فلقد تحدثنا كثيرًا في هذا الموضوع، ويمكنك الرجوع له، وكررنا فيه مرارًا أن الأهل في الأغلب الأعم لن يستطيعوا الصمود أمام ضغط الأبناء إذا وجدوا منهم إصرارًا على المضي قدمًا في مشروع الارتباط بمن يرغبون، والغالب أن الأبناء عندما يواجهون برفض الأهل يُصدمون بهذا الرفض ويرفعون الراية البيضاء بدون أي مقاومة، وقد يكون مبررهم في هذا الحرص على إرضاء الوالدين وتجنب إغضابهما، ولكن من الواضح للعيان أن رفض الأهل يزلزل قناعة الأبناء باختياراتهم.
جميل أن تستمع لوجهة نظر والديك وأهلك، وأن تشاورهم وتناقشهم، ولكن في النهاية القرار قرارك وأنت من سيتزوج هذه الفتاة أو غيرها لا أهلك، وبالتالي فالقرار النهائي لك، فإذا اقتنعت أن هذه الفتاة هي الأفضل بالنسبة لك، وأنها اختيار العقل والقلب لك، وأنك قادر على إدارة العلاقة بينكما فأعلنها لوالديك صريحة: "لن أتزوج غيرها، وأنا متحمل نتيجة اختياري".
وإذا شعرت أنه من الأفضل أن تنتظر حبا جديدا أو أن تبحث عن فتاة أصغر سنا أو ترتدي الحجاب من البداية أو غير ذلك من المواصفات فانتظر، ولكن تذكر أنها هي الأخرى لن تخلو من العيوب، فإذا حدث هذا فتجنب أن تضع زوجتك في مقارنة ظالمة مع حبك الأول.
وفي كل الأحوال لا تنسَ استخارة المولى عز وجل، والتماس العون والتوفيق منه سبحانه، وتابعنا بالتطورات
واقرأ أيضًا:
رفض الأهل ليس أهم الجوانب!
حائر بين أهله وحبه رفض الأهل!
ويتبع>>>>>: رفض الأهل وزلزلة قرار الاختيار مشاركة