السلام عليكم
عندي زوجة رائعة تزوجتها منذ ثلاث سنوات.. يجمعنا حب حقيقي، لكنها ذات شخصية عاطفية جدا وانفعالية جدا، وهذا سبب لها قولونا عصبيا نازفا.. هي شخصية تعطي بلا حدود لي ولأهلي ولابنتي من زواجي السابق (أربع سنوات).
وبما أن والدها تعود أن يقوم بخدمة أمها حتى عمل القهوة وتنظيف البيت فإن زوجتي تتوقع أن كل رجل يجب أن يعامل زوجته كأبيها، وتريد معرفة كل صغيرة وكبيرة في حياتي مهما كانت تافهة.
ويجب أن أبتسم وأنا أحدثها مهما كان الموضوع جادا أو مضايقا، وعندما تعطي وتقدم فإنها تحتاج للإشادة والشكر على كل صغيرة وكبيرة، وهذا ما أقوم به دوما وبلا توقف، وتتحول الأمور إلى نكد إذا أخبرتها أن كل النساء يقمن بذلك، فهي تتوقع أنها أكثر إنسانة معطاءة في الكون ولا يصح أن أشكك بهذا.
وإذا طلبت منها أن تتوقف عن عمل ما من أعمالها الخيرية التي تقدمها لأهلي أو ابنتي حتى لا أتعب من شكواها فإنها تحس بأن حصنها النفسي مهدد ويؤثر -على ما أظن- عقلها الباطن على جسمها فتمرض وتحس بآلام حقيقية وترتفع حرارتها وربما "وخزة" بالقلب أو دوخة، وأشياء أخرى، ولا يتوقف ذلك إلا إذا اعتذرت لها واعترفت بأنها غير عادية وليس لها مثيل في الكون.
أنا سعيد بها، لكن دوما يجب أن أكون مشحونا عاطفيا ورومانسيا ومبتسما وسعيدا ومقدرا لها وصابرا على انفعاليتها.. وهذا يجعلني أختنق، فالحياة غير ممكن أن تستمر هكذا فأنا جزء من الحياة بحلوها ومرها..
والإنسان يحتاج للعزلة والتفكير والبوح والتفريغ.. أرجو المساعدة.
3/9/2024
رد المستشار
ولدي.. أنت لست سعيدا لدرجة الاختناق.. أنت مختنق فقط..
فالسعادة لا تخنق ولا تقتل، ولكن الاختناق يكون من الإحاطة الكاملة مع التكتيف وسلب حرية الحركة إلى أن يصل إلى الحجر على التنفس، وأنت في هذا الوضع.. تقريبا.
ولكنه ليس وضعا سيئا.. ربما يحسدك غيرك عليه.
ربما يقرأ رجل رسالتك ويقول في نفسه: هل كل مشكلتك أن زوجتك تريدك أن تشكرها وتشيد بها، وهي في المقابل تحملك أنت وأهلك وابنتك على رأسها؟؟ والله يا سيدي أنا مستعد أن أحمل زوجتي على أكتافي وأطوف بها الميادين هاتفا بحياتها هي وأهلها إذا كان هذا هو ثمن مراعاتها لي ولمشاعري ولمشاعر أهلي.
باختصار يا ولدي زوجتك وإن كانت على قدر المسؤولية.. خدومة وتعرف واجباتها إلا أنها مدللة من بيت مدلل، بيت اعتادت النساء فيه أن يعشن كالملكات.. يعطفن على الرعية ويقمن على خدمتهن بإخلاص ودأب.. لكنهن في النهاية ملكات.. والباقون رعايا عليهم الانحناء وتلبية الرغبات بمجرد الإشارة بالعين..
وكثيرا ما أنصح الشباب بالنظر إلى الأمهات وليس إلى الفتيات قبل الزواج؛ فالبنت سر أمها، وهي غالبا ستصبح صورة مكررة بطريقة أو بأخرى منها.. أحيانا تكون صورة مطابقة مكررة، وأحيانا تختلف الصورة باختلاف الجيل والثقافة، ولكنها في النهاية تحمل من أمها أغلب الطباع، وأغلب الأداء الزوجي.
كذلك الأب فهو الرجل الأول في حياة أي فتاة.. فإما أن تحبه وتبحث عن شبيهه أو تكرهه وتبحث عن عكسه، ولن أسألك ألم تر حماك وما يفعله؟؟ ألم تلاحظ أثناء فترة الخطوبة هذه المطالبات الدائمة بالحنان والرقة والرومانسية؟؟ أم عزوتها كلها إلى المرحلة وأنها ستتغير حتما بعد الزواج؟
لا يا ولدي.. كلمة لك ولغيرك:
لا أحد يتغير 180 درجة.. الأمور تغلب عليها العواطف في البداية في كثير من الأحيان أو بعضها.. نعم ليس كلها فكم من الزيجات بدأت بمرحلة خطوبية عقلانية جافة ثم انتقلت المشاعر بعد الزواج.. إذن تغلب العواطف على مرحلة الخطبة ثم يعتدل الميزان، ولكنه أبدا لا ينكفئ في الاتجاه المعاكس..
إذن كل ما سيحدث بعد الزواج هو تحوير للهفة الشديدة والرغبة الدائمة في التواجد مع الحبيب.. ويظل الطبع والطبيعة كما هما.. ثم بالمعاشرة والتفاهم والحوار يحدث اندماج بين الطبيعتين، أو كما أحب أن أسميها أنا "صنفرة" للنتوءات الضارة.. ويلتقي الطرفان لقاء ناعما حتى عند الاختلاف.
هذا هو جل التغيير الذي يحدث بعد الزواج؛ توافق وتكامل بعد حوار وتشاور وتباحث فقط.
وتظل العاطفية كما هي، والرومانسية كما هي، والعصبية كما هي، والكسولة والنشيطة والمدللة والعطوفة والمبذرة والمقترة.. وهكذا تظل كل واحدة على حالها بلا تغيير ملحوظ في الصفة أو الصفات الغالبة على شخصيتها.
إذن.. أمامك حل من اثنين؛ أن تحصنها بطعم الاعتدال ببطء كما يحدث حين نطعم الأطفال لنمنحهم المناعة، وذلك بالتجاوز ببطء عن بعض الهتاف والتحيات أحيانا، والصبر على الألم والمرض الذي يصيبها، وشيئا فشيئا ستتحصن وتزداد قدرتها على تحمل قلة الابتسامة وشهادات التقدير.
أو تظل على حالك وأنت تدرب نفسك أنك تستطيع أن تحصل على الجنة بمنشورات التأييد والمباركة.