أنا سيدة متزوجة منذ سنة ونصف ولكنني غير موفقة في زواجي دائما على خلاف مع زوجي من البداية، أنا اضطررت للقبول به؛ لأنني كنت غير سعيدة في حياتي في بيت أخي، وتنازلت عن أشياء كثيرة حتى يتم هذا الزواج لكن النتيجة الآن أنني ليس وحدي فلدي طفلة لا ذنب لها.
ما شجعني على الكتابة رد أحد مستشاريكم لأحد السائلين والذي يقول فيه: إن المرأة تحب أن تشعر بتميز زوجها عليها؛ حتى تشعر باحتوائه لها وقوامته النفسية عليها.. فالقوامة ليست قانونا يستخدمه الرجل ضد امرأته وبحكم كونه الرجل، ولكنها روح وإحسان وشعور.. تحسه المرأة تجاه زوجها بدون إعلان أو تعزيز.. إنها تشعرها بقوته وهيبته وحمايته وتميزه واحتوائه المادي والعاطفي والنفسي الآسر لها ولكيانها.. هنا تأتي القوامة بصورة طبيعية بدون صراخ أو طلب أو قهر أو عنف.
وهذه هي مشكلتي خاصة فإن ظروفي العائلية تسمح لي بالانفصال، وأنا أعمل وأستطيع الاستقلال ماديا ودائما يتوجه تفكيري لذلك، ولكني متأكدة أن لهذا القرار نتائج قاسية علي وعلى ابنتي، فبماذا تنصحوني؟ وهل أستطيع التغلب على مشكلتي معه مع مرور الوقت، خاصة أنه يشعر بما في داخلي، ولكنه غير مقتنع به "أي أنه ليس لي الحق" في هذا التفكير.
أرجو منكم الرد علي
وجزاكم الله خيرا.
8/9/2024
رد المستشار
عزيزتي السائلة.. عندما قرأت رسالتك تذكرت تشبيها رقيقا ومعبرا عن المرأة كان قد لفت انتباهي من قبل، وهو أن نسيج شخصية المرأة يشبه نسيج الحرير، فهو يجمع بين الرقة والقوة، وهذا ما لمسته في خطابك فقد لمست فيه رقة المرأة التي تتعطش لاحتواء زوجها لها وقوامته النفسية، وترفض الصراخ والقهر والعنف حتى يصبح الحرير تحت أسر قوامة من حرير.
وكما لمست رقة الحرير لمست قوته أيضا، فأنت لم تستسلمي ببساطة لرغبتك في الانفصال، وإنما قوتك وعقلك ورشدك تدفعك للتردي، دراسة الأمر، وما سيترتب عليه من تبعات قاسية عليك وعلى ابنتك، وأنا في الحقيقة لن أخاطب فيك رقة الحرير وإنما سأخاطب قوته، وأبدأ من النهاية وهي إجابة سؤالك: هل أستطيع التغلب على مشكلتي مع مرور الوقت؟ والإجابة تستطيعين أن تصلي إليها بنفسك إذا اتفقت معي في نقاط ثلاثة:
1- ليس غريبا على الإطلاق أن يكون العام الأول أو الثاني من الزواج مليئا بالاضطرابات والخلافات، فوجود الخلافات في هذه المرحلة لا يعني إطلاقا الفشل أو عدم التوافق، وإنما هو نتيجة طبيعية لاجتماع شخصين لكل منهما طبيعة ونشأة وشخصية مختلفة عن الآخر، وقد اجتمعا معا ليس فقط في بيت واحد، وإنما هي حياة كاملة مشتركة بكل ما فيها من مشاكل ومواقف وقرارات وأحلام، ونستطيع أن نسمي هذه المرحلة: مرحلة فك الشفرة والتفاوض ووضع الأسس. فكل طرف يحاول أن يفهم الآخر فيقبل أشياء، ويتفاوض على أشياء، ويسعى لتغيير أشياء، فالخلافات إذن في هذه المرحلة أمر طبيعي، وكل ما علينا هو أن نوجهها من أجل الوصول لنتيجة معقولة، عندئذ يكون الخلاف صحيا فيؤدي للمزيد من التقارب والتفاهم في جو من الهدوء. والصدق وسلامة النية.
2- عندما نقبل على الزواج يجب أن يكون تصورنا له أكثر وعيا وفهما، ويجب أن نتخلص من تأثرنا بالأفلام العربية القديمة التي يكون الزواج فيها هو النهاية السعيدة لتبدأ معه الحياة في جنة النعيم.
أنت عندما أقبلت على الزواج كان يمثل بالنسبة لك مهربا من حياتك مع أخيك، وفي الحقيقة هذه بداية ليست صحيحة تماما، فالزواج ليس مجرد مهرب أو نزهة، وإنما هو في حد ذاته مسؤولية ورسالة ضخمة ربما تستلزم منك –لكي تنجحي فيها –أن تتنازلي عن بعض الأمور، أو تغيري في نفسك بعض الأمور لإرضاء الطرف الآخر، وربما تقبلين من الطرف الآخر طباعا ربما لن تتغير أو ربما تتغير بعد وقت وصبر وعطاء كبير منك.
ولا تنزعجي من هذا الكلام فالزواج كأي مسؤولية –كتربية الأولاد مثلا– فيه مشقة وجهد وتضحيات وصبر، ثم تكون ثمرته السكينة والمودة والحياة الطيبة بإذن الله.
ولو أن إنسانا عاش بدون هذا النوع من المسؤوليات لاشتكى من الترهل النفسي والسمنة الروحية، فالمسؤولية هي التي تضيف للإنسان خبرات جديدة وتصقل شخصيته وتزيد من صلابتها وتوازنها.
3- والكلام هنا يتعلق برد (د.عمرو) على أحد الأزواج ليأخذ بيده لطريق القوامة الراشدة، فهذا هو الخطاب للزوج، أما إذا كان الخطاب للزوجة فربما نقول لها – في نفس الموضوع – إن عنف الرجل وخشونته أضعف بكثير من دموع المرأة ورقتها، وإن أي امرأة تستطيع بهدوئها وصبرها وحسن معاشرتها لزوجها أن تكسر أي موجة غضب أو عنف أو إنك قرأت ما على زوج فقط، وهو قرأ ما عليك فقط لن نصل لشيء، ولكن ما أريد أن أقوله إن كل طرف عليه أن يبحث عما عليه كما يبحث عما له وبعد، فإنك عزيزتي السائلة إذا اتفقت معي في هذه النقاط الثلاثة أحسب أنك ستصلين للقرار الصحيح، وسيساعدك على هذا استشعارك أنك تفعلين ما يرضي الله تعالى وأنه سبحانه وتعالى لا يقابل الإحسان إلا بالإحسان.