السلام عليكم ورحمة الله
أود أن أعرض عليكم مشكلتي وأود أن أسمع آراءكم واقتراحاتكم.. وشكرا لكم
أنا فتاة أبلغ من العمر سبعا وعشرين سنة، جميلة وعلى خلق ودين وعلم ومن عائلة معروفة في بلدي.. لم أتزوج حتى الآن.. مع أنهم يقولون لي دائما إنني أكثر فتاة تلقت عروضا للزواج وإنه لم يتبق أحد في البلد لم يتقدم لي... الحقيقة في المرحلة الجامعية كنت أرفض أي عرض لأنني كنت مشغولة بدراستي.. مع أن أهلي كانوا يضغطون علي في بعض الأحيان عندما يكون العريس لديه مواصفات جيدة.. لكنني كنت أرفض لأنني كنت على قناعة بأن الفتاة يجب أن تخوض قليلا في غمار الحياة حتى تتعلم منها وتكتسب خبرة ما قبل أن تصبح أما، وخصوصا أن أمي تزوجت بسن صغيرة وأنا كنت ابنتها البكر أي الكبيرة.
وكنت أحس أنها لم توجهني وجهة صحيحة لأعرف كيف أواجه مشاكلي وأحلها، حتى عندما وصلت لسن الزواج لم أحس أنني مستعدة أو مهيأة للزواج؛ لذلك كنت أتغاضى عن أي عريس يتقدم لي؛ لأنني كنت أريد أن أحتك بالمجتمع والحياة، وأكتسب خبرة تمكنني من تنشئة أولاد وإدارة أسرة، كما أنني لن أستطيع أن أوفق بين تعليمي وزواجي؛ فأكملت تعليمي بحمد الله وعملت في مجال دراستي؛ فقد كان ذلك هدفي الأول في الحياة.
وقبل أن أتخرج من الجامعة بسنة التقيت شابًّا أعجبت به جدا وتعلقت به، وكانت فيه جميع مواصفات فارس أحلامي، ولكن كان زواجي منه مستحيلا بسبب فارق العمر ورفض أهلي له، وبعد تخرجي كنت أرفض أي شاب يتقدم بسبب ارتباطي العاطفي بذلك الشاب، وكان أهلي يضغطون علي جدا ولكني كنت أرفض؛ فكنت لا أريد أن أخدع أي أحد، فقلبي ومشاعري ليسا بيدي، وبعد سنة من تخرجي حاولت أن أنسى الماضي وأبدأ من جديد، وأن أفتح صفحة جديدة مع قلبي، وأخذت قرارا بأن أقبل أول عريس مناسب يتقدم لي، ولكن الآن أصبح الأمر يختلف؛ فالفرص الآن لم تعد مثل السابق، وخصوصا أنني تقدمت بالسن، ولكنني كنت أتنازل في كثير من الأحيان عن بعض النواحي مثل المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي.. فقد كان هدفي الزواج فقط؛ لكن ظهر الآن أمامي حاجز جديد وهو أبي، أصبح الآن أبي هو الذي يرفض.. كان يهمه في أي شخص يتقدم المال والمستوى الاجتماعي والوظيفة التي يعمل بها، وكان كلما يتقدم لي شخص يقول لي لقد تقدم لك أحسن من هذا الشخص مائة مرة ولم تقبلي، إنه شخص غير مناسب لك.. ويبدأ بوضع الحجج المختلفة التي تبرر رفضه.
يقول لي دائما: "أنت ليس لديك خبرة في الحياة".. إنه لا يراعي اختياري أو مشاعري.. لا يهمه إن حدث قبول بيني وبين الشخص المتقدم لي، المهم مركزه الاجتماعي والمال.. الحب يأتي بعد ذلك، ودائما أحس بهاجس الخوف لديه من أن أعود مطلقة لا سمح الله أو تحدث لي مشاكل بعد زواجي؛ لقد أصبحت أتهرب من المناسبات الاجتماعية والحفلات، وأتجنب مواجهة الناس حتى لا أرى في عيونهم ذلك السؤال الذي يؤرقني: "لماذا لم تتزوجي حتى الآن؟!".
لقد تعبت جدا.. وأشعر أنني مخنوقة، والندم على الماضي يعذبني.. أحس بأن الأيام تجري والعمر يمضي، وقد خسرت كل شيء، وكلام الناس لا يرحمني، أشعر بأني كنت وردة جميلة وهي الآن تذبل يوما بعد يوم، وإنني أتألم عندما أرى فتيات في مثل عمري أقل مني جمالا وعلما وفي المستوى الاجتماعي يتزوجن بسهولة ومن أول طارق يطرق بابهن.. لقد تعذبت كثيرا ولا أدري إن كان سيأتي ذلك الشخص الذي يرضي عقلي وقلبي معا ويرضي أبي أولا أم أنه لن يأتي؟.. وسيظل شبح العنوسة يطاردني أو أرضى باختيار أبي حتى لو لم يحصل قبول بيني وبين الشخص المتقدم لي؟.
هناك سؤال يلح علي دائما: لماذا وصلت إلى هنا؟ هل أنا السبب أم الظروف؟ وماذا أريد الآن؟ لا أعرف لماذا تغلق الأبواب في وجهي.. لماذا؟ هل أنا مذنبة يا ترى؟ هل هذا عقاب من الله لي؟ أعرف أني قد أطلت عليكم، لكنني لم أجد غير صفحات هذا الموقع الجميل لكي أبوح لها ولكم ببعض من ألمي وحزني.. شكرا لكم ولسعة صدركم.
16/9/2024
رد المستشار
من أعظم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الكلمة الشافية:
"وإذا أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان".
هذه الجملة البسيطة كفيلة بشفاء نصف أمراضنا؛ لأننا كثيرا ما نستنزف من مستقبلنا لحساب ماضينا بكاء على الأطلال وحسرة على اللبن المسكوب.
أنا أيضا لن أتوقف معك كثيرًا عند "تحليل الماضي" سأكتفي بأن أقول لك إن اختياراتك السابقة ليست حرامًا أو حلالا، وليست خطأ أو صوابًا، ولكنها –كأي اختيار عقلي بشري- له سلبياته وإيجابياته، فمن الإيجابيات أنك نجحت في دراستك وعملك، وأنك لم تتورطي في الزواج برجل يكبرك كثيرًا ويرفضه أهلك، ولم تتسرعي في الارتباط بشخص بينما قلبك ما زال متعلقًا بآخر، ولم تستدرجي للزواج من شخص غير كفء لك اجتماعيا وماديا (وعدم التكافؤ الاجتماعي وليس المادي هو السبب الأول لفشل الزواج).
ولكن على الجانب الآخر: السلبية الأساسية هي: الوقوع تحت تهديد العنوسة.
كما قلت لا نريد أن نتوقف كثيرًا مع الماضي، كانت لك اختيارات اجتهادية وبشرية نتج عنها مشكلة ما.. قدر الله وما شاء فعل.. السؤال الآن هو: كيف ننظر للمستقبل؟
أولا: وقبل كل شيء عليك أن توقني بأن الزواج (رزق) من الله، يهبه من يشاء وقتما يشاء، ونحن نرضى ونسعد برزق الله أيًّا كان.
ثانيًا: لا يدفعك الخوف من العنوسة إلى المبالغة أو عدم الحكمة في التنازل، بل عليك أن تضعي "خريطة التنازل" المناسبة لك، اسألي نفسك: ما التنازلات التي أستطيع تحملها؟
قد توافقين على الزواج من أرمل أو مطلق ولكنك لا توافقين على أن تكوني زوجة ثانية، قد تقبلين بالفقير ولكنك لا تقبلين من هو أدنى منك اجتماعيًا.. وغيرها من الأسئلة.. أنت فقط التي تستطيعين الإجابة عليها، ولكن بشرط أن تتحملي نتيجة اختيارك، وألا تتراجعي عن هذا التنازل أو تبكي –مرة أخرى على الأطلال- كلما تذوقت مرارته، فمثلا إذا تزوجت "فقيرًا" لا تَمُنِّي عليه أو تتكبري دائمًا، عليك أن تمتلئي قبولا ورضا واقتناعًا أن الإنسان "لا" يحصل على كل شيء.
ثالثًا: إذا استقر اختيارك على شخص، وكان أبوك معترضًا عليه قد يكون من المناسب الاستعانة بشخص آخر حكيم من الأسرة أو الأصدقاء، فإن كان رأيه مطابقًا لرأي أبيك فهذا يعني أن (خبرة الكبار) تُجمع على الرفض، وإن كان غير موافق لأبيك، فلعله يستطيع –معك- إقناعه والتأثير عليه.
رابعًا: كل إنسان لديه مشكلة ما تسبب له خجلا أمام الناس، ولو أن كل واحد منا استسلم لهذا الشعور لما خرج أحد من منزله!
الناس ليسوا شياطين، وحتى إن كان بعضهم كذلك فإن الشيطان نفسه لا يملك إلا "الوسوسة" والكلام والإلحاح، ولكن هذا الكلام لا يرفع ولا يخفض ولا يؤدي إلا إلى بعض الصداع الخفيف!
كلما ازدادت شخصيتك قوة، وامتلأت ثقة في نفسك كلما استطعت تجاوز "الصداع"
أختي الكريمة:
مرة أخرى:
"لا تقل لو أني فعلت كذا وكذا! ولكن قل قدر الله وما شاء فعل".
بكل الرضا والهدوء والتفاؤل في اليوم والغد.
اقرئي أيضًا:
الخوف من العنوسة
فضفضة فتاة على أعتاب العنوسة
فتاة بين مطرقة الأم وسندان العنوسة
- الهروب من العنوسة إلى ظل رجل كاذب!
التعليق: بسم الله، إلحقي على نفسك، وتحصني بآية الكرسي كل صبح ومساء وقبل النوم، وسور الثلاثة الإخلاص والفلق والناس 3 مرات صباحا ومساء وقبل النوم، وعليك بسورة البقرة، وتناول على الريق 7 حبات تمر، قبل إفطار