أشرح لكم مشكلتي بشيء من التفصيل، كما أتمنى أن تتسع صدوركم لها، بدأت المشكلة وعندي من العمر 17 سنة، عندما كنت أرجع من المدرسة مشيًا على الأقدام، وقد شاهدت فتاة في نفس العمر تقريبًا فانجذبت إليها، المهم كنت دائمًا أتعمد التأخير أو التبكير؛ فقط لرؤيتها، وأنا لا أعرفها بتاتًا، مرت الأيام، وحاولت التعرف عليها (من تكون هي)؟ وكانت فتاة متحجبة أي ليست من أي نوع من البنات، توصلت إلى هويتها حيث إنها إحدى أخوات أحد أصدقائي غير القريبين جدًّا.
الخطوة التالية كانت تتمثل في محاولة الدخول إلى حياتها؛ بقصد الزواج منها مستقبلا؛ وحتى لا ترتبط بأي شخص آخر بطريقة أو بأخرى استطعت أن أكلم هذه الفتاة عن طريق الهاتف بعد محاولات طويلة استمرت أكثر من شهرين باءت بالفشل، استطعت أن أتبادل معها أطراف الحديث، وهي قد تحدثت معي؛ لحل مشكلة الهاتف، واستطعت أن أقنعها بأني لست عدوًّا أو شخصًا لديه غرض ما، استمرت هذه المكالمات دون أن تعرف من أنا سوى اسمي الأول فقط، إلى أن اكتشف أهلها أن لها علاقة مع شخص ما بالهاتف ولم أكن معروفًا في ذاك الوقت؛ فانقطعت عنها لمدة 4 شهور، ولكن خلال هذه الأشهر لم أنقطع عن الاتصال، ولكني لا أستطيع الوصول إليها.
أخيرًا استطعت الوصول إليها، وصرحت لي بحبها لي، اغتنمت الفرصة؛ لأعبر لها عن مشاعري، وعن القصد من هذه العلاقة كلها، وعرضت عليها الزواج مستقبلا؛ لأنني كنت في الثانوية العامة، وحال التخرج سوف أدرس في الجامعة خارج البلاد، وسوف أرجع وأتقدم لها تخرجت في الثانوية، وسافرت وأنا على علاقة وطيدة بها، أرجع من السفر فقط من أجلها، كنا نتراسل، وكانت دائمًا تكتب لي عن عدد الخاطبين الذين يأتون لها، وهي ترفضهم من أجلي، أيضًا هي التحقت بالدراسة الجامعية، واستطاعت العمل بنظام جزئي في مكتبة الجامعة، دام الحال دون مشاكل لمدة سنة ونصف، إلى أن وصلتني رسالة منها تقول: (لا أستطيع الانتظار أكثر من ذلك؛ زاد عدد خطابي؛ وأخاف على نفسي من أهلي لكثرة الرفض) فكرت واستخرت إلى أن قررت أن أترك الدراسة، وأعمل من أجلها عدت إلى البلاد باحثًا عن عمل وسط استنكار الأهل والأصدقاء وضغط شديد منهم من أجل تركي للدراسة، ولكني قلت: من أجلها سأعمل المستحيل.
واستطعت الحصول على عمل، وحاولت أن أجمع مبلغًا من المال بأسرع ما يمكن، وانتقلت من عمل إلى آخر من أجلها أيضًا إلى أن استقررت في عمل مناسب، واستطعت أن أجمع المال من أجلها، وكانت علاقتنا تزداد قوة، وتقدمت لها – أبلغ من العمر الآن 21 سنة – لاقيت معارضة كبيرة من أهلها، ولكنها أصرت، واكتشف الأهل هذه العلاقة، وأخذوا يؤجلون الموضوع شهرًا بعد آخر، وكانوا يمارسون ضغوطًا عليها مثل: إنه صغير – لا يحمل شهادة جامعية – راتبه ضئيل – أين ستسكنين؟
وكانت هي في صفي وكنا متفقين، إلى أن جاءت الكارثة؛ حيث اتصلت لتقول: أنا لا أصلح لك أنت لا تناسبني أنت وأنت وأنت .. ماذا حدث؟؟ لا أعرف بعد كل هذه التضحيات بعد فقدي لدراستي وثقة هذا الصديق – أخيها – وحياتي التي ضاعت من أجلها، عشت في حالة شبيهة بالموت، أحسست أني فقدت كل شيء.
أصبح الوفاء لا قيمة له، أصبح الكلام المعسول سمًّا قاتلا، أعتقد أن هناك هوى آخر خالط هواي،
هكذا ضاع الوفاء، فماذا أعمل؟؟؟؟
19/9/2024
رد المستشار
كلماتك التي تنعي بها الوفاء هل أنت من داخلك على اقتناع بها؟
مشكلتك يا أخي، التي لا تزال ممسكاً بأطرافها حتى الآن متمثلة في الكلام بالأساس.. فقط الكلام، فقبل أن تتهم أحدًا بالخيانة والتخلي عنك أنظر إلى نفسك وواقعك بشكل موضوعي، فقد زالت الآن الأسباب التي ربما جعلتك مغيباً عنه أو بالأحرى.. متظاهراً بتناسيه.
لقد ارتبط قلبك بهذه الفتاة وأنت في سن صغيرة لم تتعدَّ الـ 17 عامًا، وهذه السن هي البيئة الطبيعية التي تنمو فيها المشاعر غير الناضجة التي تنحي العقلانية جانباً وتجعل للميول والأهواء المكانة العليا، وربما بادلتك فتاتك نفس الشعور الذي بدا لكما حباً متبادلاً، بينما هو في حقيقته لا يعدو عن كونه تجربة حالة الحب الأول، ولكن فتاتك أفاقت على اصطدام أحلامها على صخور الواقع بمتطلباته وبشهادتك أنت، هي فعلت كل ما بوسعها فقد انتظرتك عاماً ونصفًا، ورفضت كل من تقدموا إليها، ووقفت صامدة أمام رفض أهلها المتواصل لهذه الزيجة، وتمسكت بك وسط كل هذه الأمواج الهادرة.
ولكنك اتخذت موقفاً سلبيًّا، ولم تفعل شيئاً سوى أنك تركت دراستك، وهي لم تقل لك أن تفعل ذلك، وربما كان موقفك هذا هو الداعم لها كي تفكر في كلام أهلها الصائب، فأنت بالفعل لم تتعدَّ العشرين من عمرك، راتبك ضئيل بل وعملك نفسه غير مضمون، سواء لأنك بدون شهادة جامعية أم لاعتبارات التنقل الدائم بين الأعمال المختلفة كما قلت، فتاتك لم تخنك أو تضرب بمعاني الوفاء عرض الحائط، ولكنها كانت أكثر منك نضجاً وعقلانية؛ بدليل أنها لم ترفض الاستجابة ليديك الممدودة إليها من أجل الهرولة نحو يد أخرى ممتدة بالهدايا الثمينة والشقة والسيارة وغيرها من المغريات التي يمكن أن يقدمها إليها أي عريس آخر، ولكنها أفاقت على الواقع، وتعايشت معه كما يجب.
ولتكن تجربتك هذه بمثابة الضربة التي إذا لم تميتك؛ فإنها ستقويك وتعلو بك فوق أنقاض فشلك نحو نجاح منتظر، فأنت صغير، والحياة أمامك، ويمكن العودة إلى دراستك من جديد، وتستمر في عملك في الوقت ذاته، وتحاشى تماماً أن تبحث عمن تنسيك فتاتك الأولى حاليًا، وإلا ستقع في نفس الخطأ، والزواج من الرزق وربما كان الله قد كتب لك من هي أفضل، فقط عليك الوصول بنفسك إلى الحالة التي تكون أنت فيها راضيا عن نفسك؛ حتى يرضى عنك الآخرون ولا تستعجل أبدا.
واقرأ أيضًا:
الحب الأول.. آخر الدواء الكي!
فشل الحب الأول.. آلام في العمق..
الحب الأول: إكرام الميت دفنه!