أنا متزوجة منذ 6 سنوات، من رجل عطوف، وطيب العشرة، ونقيم خارج وطننا منذ 5 سنوات لظروف دراسته، ولقد كانت السنوات الخمس قاسية، فلم ينجح فيها في اجتياز أي من اختباراته، مما جعله متوترًا دائمًا، وتنعكس هذه الحالة عليَّ بالتبعية، وتؤدي لتوتري، وقد حاولت مساعدته بتحمل كل تبعات الأسرة والأطفال وأداء الالتزامات وقضاء الحوائج كلها، ولكنه كلما تلقى نبأ رسوبه في امتحان عاد متوتراً ومحبطاً، فأحاول أن أفكر بشكل إيجابي وبهدوء في المشكلة، لكن زوجي الآن يتزايد شعوره بالذنب تجاهي؛ لأنه بعد كل هذه المعاناة والغربة لم يقدم لي شيئًا في المقابل، بل وقد أدى تحملي عنه أعباء الأسرة إلى مرضي ومعاناة وألم بظهري؛ حتى إنني لا أقوى أحياناً الآن على فعل شيء، والحل في نظري أن يهدأ، وتتماسك أعصابه قبل الامتحانات؛ لكنه يتوتر ويضطرب، ويصاب بصداع يمنعه من المذاكرة والتركيز، وتدور الدائرة مرة أخرى.
كما أنه شخص يسهل تشتيت انتباهه، وينشغل تفكيره بأمور بسيطة، وقد اقترحت عليه العودة للوطن قبل الامتحان بشهور، والتركيز في الاستذكار هناك، وقد قَبِل هذه الفكرة، لكنني أخشى إن لم يتغير أن يحدث الشيء نفسه، وأنا لا أريد مواجهة فشل جديد للمرة السادسة، كما لا أريد العودة بعد هذه السنوات خالية الوفاق، وأتعرض للحرج أمام الأهل كلهم، أنا أريد مساعدة زوجي.
فرجاء نصحي حتى نخرج من هذا المأزق المزمن.
وشكراً لكم.
23/9/2024
رد المستشار
أختي الحائرة، هنيئاً لك هذا الحب المتبادل بينك وبين زوجك، والذي على قاعدته كل شيء يمكن أن يتحسن بإذن الله.
يا أختي، اجتمعت عليكما روافد قلق كثيرة، فمن ناحية هناك "قلق الاغتراب" وهو حالة تزداد مع الذين لم يتعودوا البعد عن الوطن، والأهل، وفيها مشاعر من الاضطراب النفسي والذهني والعاطفي، وقد يصل الأمر أحياناً إلى أعراض جسمانية، وأوجاع في أنحاء متفرقة من الجسد.
ثم يبدو أن زوجك يعاني من حالة تسمى "رهاب الامتحان" وهي - كما تصفين جانباً منها - تشمل صداعاً، وقلة في التركيز، وعدم قدرة على الاسترخاء البدني أو الذهني، وما يصاحب هذا من سهولة التشتت خاصة إذا كان الشخص عنده استعداد لهذا التشتت.وقد يكون مستوى زوجك العلمي - أصلاً - دون مستوى ما يريد أن يحصل عليه من شهادة، وقد يكون - أصلاً - غير راغب "حقيقة" في استكمال حياته ضمن التخصص الذي يحاول اجتياز اختبار فيه، فإذا كان يحب تخصصه، وإذا كان مستواه ومستوى تحصيله واستعداده للامتحان يؤهله لاجتيازه تبقى مسألة "رهاب الامتحان" هذه، وهي تحتاج إلى مراجعة طبيب متخصص لمتابعة العلاجات النفسانية والدوائية التي يمكن أن تدعم زوجك في مسعاه، وتجتاز به الامتحان القادم بإذن الله.
وعلى كل حال.. فأعتقد أنكما تحتاجان إلى التخفف قليلاً من ضغط الفشل السابق الذي حدث فعلاً، ومن ضغط الفشل المحتمل لاحقًا لا قدر الله، فليست نهاية الحياة أن يفشل الإنسان في الحصول على شهادة ما، أو يعجز عن اجتياز امتحان ما، فهذا وارد بطبيعة الحال، ولا يعيب الإنسان أن يسقط مرة بل ومرات، ولكن المشكلة أن يبقى في قاع السقوط، وفخ الفشل، وربما كان عليكما أن تبحثا عن آفاق أخرى للتميز والنجاح، والاستعداد للنتيجة القادمة مهما كانت بإذن الله، والله معكما.