السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أولا أشكركم على هذا الموقع الجميل الذي أوليتموه الكثير من جهدكم، وطاقتكم، ولكم فيه آراء راجحة قادرة على إقناعنا بحلولكم الحكيمة؛ مما شجعني على الكتابة إليكم لأسترشد برأيكم الحكيم.
أنا فتاة لدي من العمر25 سنة، حاصلة على البكالوريوس من كلية رفيعة المستوى، وأنا والحمد لله أحافظ على صلاتي، وأحفظ حق ربى قدر المستطاع، وأحافظ دائما على طهارتي وصحة وضوئي حتى إن أهلي كثيرا ما اعتقدوا في إصابتي بالوسواس القهري لكثرة حبي أن أكون دائما طاهرة وعلى وضوء .
أما مشكلتي التي تؤرقني سيدي فتكمن في موقعكم هذا؛ فقد كنتُ قبله لا أعلم ما الاحتلام، ولا أن الفتيات يحتلمن وعليهن غسل، أو ماذا تعني العادة السرية هذه أو كيف تكون؟!
كل هذا سيدي لم أكن أعلم عنه أي شيء بالمرة، ولكنني أعتبر أن معرفتي بتلك الأشياء كانت وبالاً عليَّ، فمنذ ذلك الوقت وأنا لا أهنأ بطهارة أبدا، فكثيرا ما أقع تحت طائلة المثيرات دون أي قصد أو تعمد، فهل أصبح بذلك غير طاهرة؟! وكيف لي أن أعرف أنني احتلمتُ مع وجود الإفرازات الطبيعية؟! لقد أصبحتْ حياتي جحيمًا، وأصبحت أستحم 3 أو 4 مرات في اليوم الواحد أحيانا، وخاصة أيام ما قبل الدورة الشهرية والتي أشعر فيها بقليل من الإثارة الطبيعية.
ولم يكن هذا الأمر يؤرقني فيما قبل؛ بل لم أكن أعيره أدنى اهتمام؛ أما الآن فهو يشغل كل تفكيري حتى إنني من كثرة التفكير فيه أتصور أنني أصبحتُ على غير طهارة.
سيدي قربتُ كثيرًا من اليأس التام من التخلص مما أنا فيه، وأصبحتُ أؤدي العبادات مع شعوري الدائم أنها غير مقبولة مني لأنني دائما على غير طهارة.
وفقكم الله لما فيه صالح المسلمين كافة.
ولكم منِّى جزيل الشكر.
28/9/2024
رد المستشار
الأخت الكريمة، لا توجد مشكلة في العالَم من حولنا: معلوماته وعلاقاته وأطروحاته، فهو كان وما يزال يموج بكل طيب وخبيث، ونافع وضار... إلخ
المشكلة فينا نحن، وقد كتبنا على هذه الصفحة مرارًا أن الهلع الذي يصيب البعض عندما يزورنا ويقرأ مشاكلنا وإجاباتنا فيتصور أن هذا هو العالم، وأن السلبيات هي المكون الوحيد للصورة، فينقلب من نعيم وطمأنينة الجهل الذي كان يعيش فيه إلى هواجس نصف المعرفة، ووساوس الإصابة بكل مرض أو عَرَض أو أمر يقرأ عنه عندنا ـ يعود إلى مشكلة في الزائر أو الزائرة وليست في صفحتنا بالطبع، وعلاجها المزيد من المعرفة لتتضح الصورة أكثر، ويوضع كل شيء في نصابه الصحيح دون تضخيم أو تهوين.
وآثرت أن أتركك للدكتورة فيروز عمر وهي مضيفة تقول لكِ: ابنتي الحبيبة:
أولاً: وقبل كل شيء أريد أن أتفق معك على مبدأ هام ربما فيه نصف الحل:
وهو أن الوساوس والظنون إنما هي من صلب عمل الشيطان، والانقياد وراءها ليس ورعًا، ولا تقوى كما يتوهم البعض، وإنما هو نجاح يسعد به الشيطان كثيرًا.
الوسوسة هي السلاح الوحيد الذي يملكه الشيطان حيث لا سلطان له علينا، وهو يدرس مداخل قلوبنا؛ فيوسوس لكل واحد منا بالطريقة المناسبة لبنائه النفسي، فأنتِ مثلاً شخصية تميل للدقة، وتحري الصواب والتدين؛ فَتَدُق الوساوس على هذا الوتر، فيبدأ التشكيك في طهارتكِ حتى تصِلي إلى (اليأس التام) كما تقولين في خطابكِ فتشعرين مع الوقت أن العبادات غير مقبولة، ثم تصبح العبادات ثقيلة، وربما ينتهي الأمر مع كثرة المشاغل ـ بعد الزواج مثلاً ـ إلى ترك العبادات نهائيًّا، أو تظلين مدى العمر منشغلة بالموضوع بهذا الشكل على حساب اهتمامات أخرى ترضي الله، وهي أكثر أهمية غالبًا.
أنا أقول لكِ أنكِ يمكنكِ ترويض نفسك شيئًا فشيئًا، لدرء تلك الوساوس نهائيًّا إذا التزمتِ بالضوابط التي وضعها الشرع، فالشرع يضبط كل شيء بميزان.
اسمحي لي أن أذكر لك مثالاً واحدًا يعبر عن تعامل الشرع ببساطة مع الظنون:
الشخص الذي يشك هل هو متوضأ أم أنه أحدث هل يعيد وضوءه؟!
الجواب العملي هو أن يتبع ببساطة ما هو متأكد منه، فإن كان متأكدًا من أنه توضأ ويشك هل أحدث بعدها فلا يتوضأ، وإن كان متأكدًا أنه أحدث ويشك هل توضأ بعدها فليتوضأ، هذا مجرد مثال أمرنا فيه الشرع بالبناء على اليقين لا الظن.
أما عن احتلام المرأة فلا حيرة فيه إذا حدث في اليقظة نتيجة استمناء أو عادة سرية فهو عندئذٍ يكوم مصحوبًا بلذة واضحة (الشبق) وليس مجرد شعور بالشهوة، وهذا قطعًا يوجب الغسل.
أما الاحتلام للمرأة في أثناء النوم فهو فيه شيء من حيرة، والشرع وضع له مقياسان: الأول (إذا رأتِ الماء) وهو أصفر رقيق، وفي الحقيقة أحيانًا تحتلم المرأة في منامها ولا ترى الماء عندما تستيقظ إما لأنه جف، أو لأنه محبوس مؤقتًا في المهبل وسينزل بعدما تتحرك المرأة (بالجاذبية)، الثاني: (أن ترى في منامها مثل ما يرى الرجل) من رؤى جنسية في طابعها، أي أنها تحلم وتصل لدرجة الشبق في الحلم، وهذا أيضًا ربما لا تستطيع المرأة أن تتأكد منه لأنها ربما تنسى ما حلمت به!!
احتلام المرأة في النوم فيه شيء من اللبس، وعليها عندئذٍ أن تأخذ بغالب الظن وتتحرى الصواب دون إفراط أو تفريط فإما أن ترى الماء فعلاً (بللاً واضحًا) أو أن ترى ما يراه الرجل في أحلامها، فإذا لم يحدث هذا ولا ذاك فلا غسل عليها، أما ما سوى ذلك من إفرازات فهو موجب للوضوء وليس الغسل، وللمزيد من التفاصيل يمكنك الرجوع إلى الارتباطات أدنا... وإن كنتُ أظن أن الأمر واضح بسيط.
وفي النهاية يا ابنتي أريد أن أتفق معك اتفاقا أخيرًا وهو أن:
المعلومات التي تعرفينها من خلال الموقع تخاطب طائفة واسعة من الشباب الذين تختلف احتياجاتهم ومشكلاتهم، ويجب على كل منهم أن يضع كل معلومة في مكانها الصحيح بالنسبة له هو؛ فمثلاً العادة السرية معلومة هامة بالنسبة لمن يمارسها أو يدمنها، كيف يتخلص منها؟! أما بالنسبة لكِ فهذه معلومات أرشيفية، لا تضعيها في مركز اهتمامك، وهذه قاعدة عامة بالنسبة للأمور جميعًا، أن ينشغل الإنسان بالأهم ثم المهم، وهكذا تهتمين بكل شيء بالقَدْر الذي يستحقه وليس أكثر.
وفي النهاية يا ابنتي أدعو الله أن يرشدكِ دائمًا للخير، ويتقبل منكِ أعمالكِ الصالحة.
واقرئي على مجانين:
وسواس الغسل: وسواس الاحتلام في البنات!
الوسواس والشك في الاحتلام!
وسواس الاحتلام: إذا رأت الماء!
وسواس الصيام والنجاسة والاحتلام!
وسواس الصلاة والصيام والاحتلام والشهوة!
وسواس البول وسواس الاحتلام آخر كلام!