السلام عليكم ورحمة الله
السادة المحترمين القائمين على موقع مجانين.. تحية طيبة وبعد: فمنذ أربعة أشهر خطبت فتاة ذات دين وأخلاق وجمال وهي من عائلة طيبة ومن البلد الذي ولدت فيه وبسبب عملي ببلد عربي تم فقط قراءة الفاتحة، حيث جلست مع خطيبتي فترة 10 أيام قبل أن أرجع لعملي، على أن يتم عقد الزواج خلال الإجازة الصيفية أي بعد 6 أشهر من الآن.
خلال الشهور الماضية لم أجد من خطيبتي أي كلام جميل ولم تبادلني أو تشعرني باهتمامها أو بحبها أو بلهفتها أو بغيرتها وكان كلامها يقتصر على سؤالها عن عملي وصلاتي والتزامي.. مع أني كنت أتعمد أن أظهر لها اهتمامي وغيرتي وحبي من خلال الكلام والهدايا ورسائل المحمول ومن خلال سؤالي الدائم عن أحوالها وعن أسرتها والاهتمام بكل تفاصيل حياتها.
ومن خلال بعض التلميحات لها من هنا وهناك وهي كانت تتذرع دائما بأننا في مرحلة خطوبة، حيث لم يتم بعد عقد الزواج وهي لا تستطيع التعبير عن مشاعرها خلال هذه الفترة.. وأيضا هي تعتقد أن فترة الخطبة فترة خداعة ويكثر فيها الكلام المعسول، وهي -كما تقول- لا يمكن أن تنخدع بهذا الكلام.. وهذا الشيء أشعرني باليأس والإحباط حيث امتنعت من فترة عن مغازلتها أو عن قول أي كلمة حلوة لها؛ لأنها تشعرني بأنني كذاب وبأنني أحاول الضحك عليها من خلال هذا الكلام.
وللعلم صارحتها أكثر من مرة بأنها إنسانة باردة المشاعر، وأن تجاوبها معي لا يرتقي أبدا إلى مستوى العلاقة التي تجمعنا لكن للآن لم يحدث أي تغيير، إضافة إلى ذلك كانت تصدر منها أحيانا كلمات قوية لا تناسب الجو الرومانسي الذي يفترض أن نعيشه سويا. وحتى تكتمل الصورة أود أن أشير هنا إلى أنه كانت لي علاقات حب متعددة سابقا مع فتيات عن طريق الشات والمكالمات الهاتفية فقط، ووجدت من تلك الفتيات ما لم أجده أبدا من خطيبتي الحالية، حيث مشاعر الحب رائعة واللهفة والغيرة والعشق الجنوني والاشتياق للحديث والغزل وكنت أبادل تلك الفتيات نفس المشاعر.
لكني بصراحة أفتقد تلك المشاعر عند خطيبتي، حيث لا غيرة ولا حب ولا حنان ولا كلمات جميلة ولا حتى اشتياق. وأنا حاليا كلما أشعر بالوحدة وبالضيق وكلما لا أجد من خطيبتي تجاوبا أهرب إلى إحدى الفتيات لكي أحادثها عن طرق الشات أو الموبايل لكي تطفئ ناري ولكي أغازلها وتغازلني وأسمع منها وأسمعها الكلام الجميل والغرام.
وأنا أعلم أن هذا الأمر حرام ولا مبرر أبدا لما أقوم به.. فهل مقارنتي لمشاعر خطيبتي بمشاعر تلك الفتيات مقارنة سلمية وصحيحة وعادلة، وهل ما أطلبه من خطيبتي شيء يفوق قدرتها؟ وهل كلامها منطقي عندما تتحدث عن أنه لا يجوز أن تبادلني الكلام الجميل إلا بعد عقد الزواج؟؟ وهل الله يعاقبني على ما قمت بها سابقا وأقوم بها حاليا مع تلك الفتيات؟؟
وهل سبب ما أنا فيه من قلق ومن يأس هو علاقاتي السابقة وحالة الفراغ العاطفي التي كنت آمل أن تقوم خطيبتي بتعبئتها والحالة التي أعيشها، وعدم وجود نفس التجاوب من خطيبتي الحالية؟ كيف أتصرف وكيف أعالج هذا الموضوع مع نفسي أولا ومع خطيبتي؟
وكيف أحفزها على أن تبادلني مشاعر أفضل من المشاعر الحالية حتى يكون الحب لها وحدها؟ وكيف أعرف أن خطيبتي فعلا تستطيع التعبير عن مشاعرها ولديها القدرة على ذلك لأنني أخشى أنها من تلك النساء الباردات شعوريا واللاتي لا يتجاوبن أبدا مع أي حركة أو همسة أو كلمة أو هدية يقوم بها الزوج أو الخطيب تجاه من يحب.. شاكرا لكم تفهمكم مسبقا.
28/9/2024
رد المستشار
الأخ الكريم،أستطيع أن ألخص تساؤلاتك في نقاط:
الأولى: حول طبيعة العلاقة بينك وبين الفتاة في فترة الخطبة.
والثانية: حول خوفك من مستقبلك العاطفي مع فتاة قد تكون باردة عاطفيا.
والثالثة: حول معاناتك من الحرمان العاطفي في هذه الفترة مع وجود سبل غير شرعية متاحة لتحقيق الإشباع لك.
وأبدأ بالتساؤل الأول حول فترة الخطبة:
شرع الله الخطبة لهدف واضح وهو: التعارف والقبول، ولم يشرعها -سبحانه وتعالى- لإرواء العطش العاطفي أو الجسدي.. وفارق كبير بين الهدفين!! فعندما يكون الهدف هو مجرد التعارف المبدئي؟ والتأكد من وجود قدر من القبول والميل فكل ما تطلبه الآن من الفتاة غير مقبول شرعا؟ وبالتالي فإن موقفها في غاية الحكمة والتقوى، ولا سبيل للمراجعة معها ولا حتى بينك وبين نفسك، فإن لله حدودا، ومن يتعد حدود الله فإنه يخسر الدنيا والآخرة.
كما أنك عندما اخترتها ذات خلق ودين كان من المنطقي أن تتوقع منها هذا السلوك، فكيف تكون الفتاة ذات دين ثم تسمح لنفسها أن تتبادل العشق والغزل مع رجل ليس بزوجها؟ وإن فعلت ذلك فكيف تستأمنها على بيتك، وإن كان ضعفها تجاه احتياجها العاطفي يدفعها لتعدّي حدود الله فما الذي يضمن لك أن هذا الضعف لن يدفعها نحو رجل غيرك -بعد زواجها منك- إذا غبت عنها أو سافرت أو خاصمتها!! مادام الاحتياج مبررا لفعل الفواحش!!
وهذا يجعلني أنتقل لتساؤلك الثاني: حول معاناتك وحرمانك من إتاحة سبل غير شرعية للإشباع.. ولعليّ أجبت على هذا التساؤل عندما قلت لك بأن الاحتياج ليس مبررا لفعل الفواحش، فحياتنا على سطح هذه الأرض ما هي إلا صراع بين احتياجاتنا ومبادئنا،
والأقوياء -في عزيمتهم وإيمانهم- هم من تنتصر مبادئهم في غالب الأمر على رغباتهم وأهوائهم واحتياجاتهم، ولكننا عندما نعبد رغباتنا وأهواءنا ينطبق علينا قول الله تعالى: "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم...".
أخي الكريم، هذه الكلمات أقولها لك ولقراء صفحتنا ـكما أقولها لنفسي أيضا- فكلنا نعيش هذا الصراع، وقد يغلبنا ضعفنا أحيانا، ولكننا سرعان ما نفيق ولا نخلط بين الحق والباطل؛ فنتقي الله ونستقيم كما أمرنا، وهناك أشياء تعينك على الاستقامة:
أولها أن تتخذ قرار (العفة) و(التقوى) بنفسك، وهو قرار صعب في الحقيقة.
ثم تأتي الصلة بالله والأعمال الصالحة.
ثم صحبة الخير.
ثم الأنشطة المفيدة، والهوايات الممتعة، وممارسة الرياضة.
وتجنب المثيرات، والصيام والدعاء والاستغفار ...الخ.
نأتي إلى النقطة الثالثة في تساؤلاتك وهي الأكثر تعقيدا:
أنت تستلزم الصيام والعفة الآن، ولكنك خائف من أن يستمر هذا الصيام بعد الزواج!! وأن تفاجأ بأن الفتاة باردة عاطفيا!! هذا هو تساؤلك الثالث،وأحب أن أذكر لك أمرين هامين لعلك تسترشد بهما في تفكيرك:
الأمر الأول، أي مقارنة عاطفية بين زوجتك -أيا كانت- وبين مغامراتك خارج إطار الزواج ستكون في صلاح تلك المغامرات، لأسباب منطقية جدا فهذه المغامرات لها وظيفة واحدة وهي إشباع المشاعر، أما الزوجة فلها ألف وظيفة أخرى كما أنك في هذه المغامرات ترى وجها واحدا من المرأة -وهو الوجه الذي تريده- أما مع الزوجة فإنك تجد وجوها أخرى، فترى عيوبها وطباعها، وسلوكها الذي يخالف سلوكك، ومصالحها التي تخالف مصالحك، وشخصيتها التي تخالف شخصيتك ...الخ
لذلك فإن المغامرات أصل فيها المتعة بلا مسؤولية، أما الزواج فبالعكس والأصل فيه المسؤولية مع وجود قدر من المتعة التي تلطف من وطأة المسؤولية وأعبائها، لذلك فإن (المغامرات) تربح دائما في مسابقة "المتعة"!، وعدم فهم هذا المعنى، وعدم الرضا والقناعة به هو السبب في كثير من حالات الطلاق والخيانة والفشل والنكد. والإنسان لا يريد أن يصدق أن الحياة كلها رسالة، وأن المتع المتاحة في الحياة ليست هي محور الحياة، وإنما يُسمح لنا فيها بالقدر الذي لا يتعارض مع الرسالة الأصلية.
الأمر الثاني: ربما لا تكون هناك (امرأة) باردة، ولكن هناك (علاقة) باردة!... عندما يكون هناك بوادر ميل وانجذاب بين الطرفين، وتظهر علامات تؤكد أن هناك تناغما وتواصلا نفسيا بين الشخصيتين فهذه مبشرات تؤكد أن العلاقة بينهما ستنمو مع الوقت، وأن الدفء سيدب فيها شيئا فشيئا.
أما إن كان هناك نفور، أو كانت الشخصيتان غير متقاربتين أو غير متكافئتين، وكان الحوار بينهما جافا فاترا غير متصل حتى على المستوى الإنساني، فإن هذا ينُبئ بفتور العلاقة بينهما.
أنا هنا أتحدث على المستوى النفسي والعاطفي عموما، وليس على مستوى الغزل والعشق.. أنت في حاجة للتوقف عند هذه المظاهر، والتأكد من أن هناك بوادر (علاقة) دافئة، فإن وجدتها فهذا خير، وإن لم تجدها فربما هذه الفتاة لا تناسبك، وربما هي تناسب غيرك فتكون علاقتها به أكثر دفئا، وأنت تبحث عن أخرى أكثر تواصلا وانسجاما معك.
أختم حديثي معك بتعقيب أخير: أنت تقول (هل الله يعاقبني على ما قمت به سابقا وأقوم به حاليا؟)، وأقول لك: الله لا يعاقب التائبين، وهو يحبهم ويقبل عليهم، فإن كنت منهم فإنه ـ سبحانه ـ لن يعاقبك.. هذا هو ظننا به.. فهو الغفور الرحيم.
واقرأ أيضًا:
خطيبتي بعيدة: لإحياء المشاعر خطوات!