إخواني الكرام..
أنقذوا هذه الأسرة.. إنها تستغيث.. فهي ترفع يدها عاليا وتقول: (لطفك يا رب).
إخواني.. أخبروني كيف أتعامل مع زوج مغرور بنفسه إلى حد لا يوصف ومتعجرف في قراراته.. لا يسامح عن خطأ إلا نادرا وهو يداري عن أخطائه بشتى الطرق، فهو دائما يردد يجب أن تقبلوني كما أنا، ولكنني أقبلكم كما أريد والويل لمن يخرج عن طاعتي.
هل هذا مرض نفسي أم هو مجرد غطرسة؟ إخواني لقد تعبت من هذا الوضع التعيس، فأنا أدعو الله دائما أن يجمع بيننا في خير أو يفرق بيننا في أقرب الآجال.
مع العلم أننا متزوجان لأكثر من عشرين سنة.. ففي العشر سنوات الأُوَل كان رائعا برغم بعض هفواته، وكان يسعى إلى الالتزام الديني بشتى الطرق، فكان جد محبوبا وخاصة عند مساعدته للمحتاجين، فهو مهندس جد عملي، الآن سنه يفوق الخمسين وهو أب لأربعة أبناء.. أنا ماكثة بالبيت ولي مستوى نهائي.
المهم مرت العشر الأول بسلام، فسافرنا بعد ذلك إلى بلد عربي، مكثنا هناك 4 أشهر، فطرد من العمل لسوء تفاهمه مع المدير، برغم أنه حاول الصلح معه لكن زوجي رفض، انتقلنا إلى بلد عربي آخر واشتغل هناك سنة ونصف ثم طرد لأسباب أخرى، فهو يثير المشاكل دائما ولا يتسامح أبدا، عدنا بعد سنتين إلى موطننا بعد أن جمعنا قدرًا من المال، فاشترينا سيارة جميلة وشقة واسعة ولله الحمد..
هنا بدأت التوترات بيننا، فأصبح مغترا بماله وبنفسه، فصار مسرفًا إلى حد ما، ودخل في مشاكل مع أهله إلى أن قاطعهم جميعًا فغضبت منه والدته ودعت عليه، وكان لا يعترف بذنبه أبدا ولا يبالي بأحد مهما كان.
استجيبت الدعوة وبدأت الابتلاءات من كل جانب، فتغيرت طباع زوجي إلى الأسوأ وأصبح قاسي القلب وبذيء اللسان، دخلت في مشاكل معه لا حصر لها، كنت دائما أتنازل عن حقي لإصلاح الوضع وأسامح من قلبي، لكن هو يخبئ الأخطاء ليذكرني بها من حين لآخر، فازدادت الهوة بيننا إلى أن كرهته، ثم جاء دور البنات، ظل ينغص عليهن حياتهن، فهو يتدخل في كل صغيرة وكبيرة، يستعمل الشتم والتجريح وأحيانا الضرب لأسباب جد تافهة، حيث نادرًا ما يكون في مزاج مقبول.
الكل انفض من حوله، فصار وحيدًا في أسرته بل في مجتمعه. واليوم يحملنا كل أخطائه ويقول لنا بالحرف: أنتم سبب فشلي في كل طموحاتي. أيعقل أن يقول أب لأبنائه سأهرب عليكم وأترككم، وهو يخطط لذلك حقا وأكده لنا البارحة فقط، إنه لا يحاورنا ويقاطعنا باستمرار، بنتان لنا في الجامعة يعاملهما باحتقار مع أنهما متفوقتان في الدراسة ومتدينتان.
نسيت أن أخبركم أنه طرد من الشركة التي عمل بها بعد رجوعنا، وهو الآن في شركة خاصة، ودائما يشتكي من كل شيء.
إخواني هذا ملخص ما أعاني منه من زمن فأشيروا علي بالحل؛ لأننا على حافة الهاوية والطلاق آت لا محالة.
أخبركم أيضا أن زوجي كانت له مشاكل كبيرة مع والده وخاصة في مرحلة الشباب.
2/10/2024
رد المستشار
ابنتي..
مسكينة أنت ومسكين زوجك.. دخلتما في دوائر مفرغة منذ زمن طويل فأصبحت الحلقات تضيق وتضيق.. أنت مسكينة؛ لأن تعامل زوجك معك ومع أبنائه أصبح سيئًا وقاسيًا.. لا مودة فيه ولا رحمة ولا محبة.
وهو مسكين لأن طموحاته انكسرت على صخرتين.. مديره في الدولة العربية الأولى الذي ربما أخطأ فعلا في حقه بدليل طلبه للصلح معه بعد ذلك، وهذا نادرًا ما يحدث إلا إذا كان فعلا خطؤه بين.. وبين طبيعته الطموحة التي تحطمت مع خطأ المدير وشعوره أن هذا التحكم وهذه الإساءة إنما جاءت لاحتياجه للمال أو للعمل تحت إمرة شخص آخر وكانت هنا البداية يا ابنتي..
فبعض الناس تكون دخائلها هشة جدًّا.. وهم أشخاص طيبون.. فيهم حنان وعطف ومحبة.. والناس لا تتغير من النقيض إلى النقيض دون أسباب.. وهو بشهادتك كان زوجًا رائعًا وأبًا حانيًا، ولكن للأسف جاء الطرد من العمل والانتقال إلى مكان آخر بكل آثار انكساره النفسية وبالطبع أفضل وسيلة دفاع عن نفسيته الهشة هي الهجوم.. فأصبح لا يتحمل أي توجيه أو لوم أو ربما مجرد حوار عادي من رئيس لمرءوس؛ لأن نفسه أصبحت تتوجس الخطر وتخاف الانكسار التالي.
هذه هي دائرته.. أصبح عدوانيًّا يستفز كل الناس بمعاملاته القاسية غير المفهومة حتى أهله وأقاربه وأقرب الناس إليه ووالدته.
هو لا يتيه عليك بماله ولا سيارته.. هو يحاول أن يثبت أنه إنسان ناجح.. إنه إنسان يثير الإعجاب والاحترام.. وهذا الجرح النفسي الذي سببه المدير العربي الأول واضح أنه كان شديد الإيلام.. فلقد خرب كل ما بداخله.
ابنتي..
دون الدخول في تفاصيل كثيرة.. أتمنى أن تحاولي اللجوء به إلى طبيب نفساني.. لن يقبل ذلك ببساطة، ولن يعترف به، ولكن لا بد أن يكسر متخصص هذه القشرة القاسية التي بناها حول كرامته وقلبه ونفسه الجريحة ليحميها.. وسيعود إليك بعدها هذا الرجل طيب العشرة الذي عرفته لمدة عشر سنوات وأكثر..
لا تتخلي عنه يا ابنتي فلقد تحملت الكثير وهو فعلا مريض.. فاستعيني بالله.. حتى تستطيعي الصمود في وجه إساءاته وقسوته إلى أن يتم المراد.. ويشفى من هذا الشرخ النفسي.
اتصلي بمتخصص وتحايلي على زوجك بأي حيلة حتى تجمعي بينه وبين هذا المتخصص.. في دعوة على عشاء أو على غداء..
حاولي يا ابنتي.. وأكثري من الدعاء.. والله سبحانه وتعالى هو الشافي المعافي.