بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مشاركة في مشكلة الأخت الكريمة في مواضيع (ثقيلة الدم، خفيفة الدم وهموم ثقيلة، سرابيل الأخطاء المقدسة)، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد، فأتوجه أولاً إلى الأخت الفاضلة:
أولاً: رؤيا المؤمن نعمة كبيرة من الله - تعالى -، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) متفق عليه، ولكن في بعض الأحيان لا يكون كل ما نراه كذلك، فقد فصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك في حديث آخر فقال: (الرؤيا ثلاث: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه) أخرجه مسلم، والمؤمن ينشرح صدره للرؤيا؛ فيعلم أنها بشرى من الله، ويعلم أن الأخرى حديث نفس لا يُعَوِّل عليه، ويعلم أن بعضها تحزين من الشيطان فلا يبالي به و(يستعذ بالله، ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره) كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حديث أخرجه مسلم، وهذا الاستبشار يفرح به المؤمن، فما بالك ببشرى من الله تعالى، تشد من همته في سلوكه وخلقه بالسعي والأخذ بالأسباب والتوكل، أما ما رأته أختنا الكريمة، فإني أظنه بشرى من الله، والله أعلم، فتحديد اسم لم تسمع به من قبل على لسان شيخ جليل، لا يكون من حديث النفس ولا تحزين من الشيطان، وكون الشيخ الجليل من الكويت لا يعني أن صاحب الاسم كويتي، قد يكون رجلاً من نفس البلد، وأنا لو كنت في مكان الأخت لتقصَّيْت عن الاسم قدر ما يتيسر لي، فإن جمعني الله بمعرفة صاحبه اجتهدت واستخرت لأهتدي إلى طريقة صحيحة للتعرف إليه، وإن لم أجده علمت أنه ذاك الخير لثقتي بالله، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وحسن ظني بالله سيُوَطِّن الأمر على أنه لطف من الله تعالى أعانني به على تجاوز هذه التجربة، وعلى أن أعاود نشاطي وعلاقاتي الطبيعية بعد أن أعانني الله تعالى على تجاوز هذه المحنة، شاهدي في ذلك تلك الثقة العظيمة التي قالها سيدنا يوسف – عليه السلام – بعد ما مَرَّ به من ابتلاءات عظيمة: (إِنَّ رَبِّيْ لَطِيْفٌ لِمَا يَشَاءُ، إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيْمُ الْحَكِيْم).
ثانيًا: أختنا الكريمة، ربما ظلمت إخواننا الكرام في الفريق، فهم جزاهم الله خيرًا – ولا نزكي على الله أحدًا - لم يكونوا ليعطوا من أوقاتهم وجهودهم، ومشاعرهم هذا القدر الكبير – وأجرهم على الله - لكي يسيئوا لأحد أو يكسروا بخاطره أو يتهكَّمُوا به، ونحن يجب أن نقدر لهم هذه الجهود الكريمة، وأن نهدي قليل الهفوات إن وجد إلى كثير الفضل، وأن ننصحهم، ونسددهم بلطف وتقدير، فالمؤمن مرآة المؤمن كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يستطيع المؤمن معرفة أخطائه بدقة إلا من إخوانه، وعلينا أن نقدر أن الإخوة هم دكاترة مختصون، وقد يؤدي هذا أحيانًا إلى عرضهم لبعض الأمور ببساطة علمية قد لا يتقبلها الشخص غير المتخصص، فهم يقولون لأحدهم: راجع الطبيب النفسي، كما نقول نحن لأحدهم: راجع طبيب الأسنان دون حرج أو تكلف، وللأسف لا تزال نظرة مجتمعنا لمن يذهب إلى الطبيب النفسي أنه إنسان خارج عن الإطار الطبيعي للبشر، ويجب أن يعامل معاملة غير عادية، والحقيقة – والله أعلم - أنه ينبغي أن يصبح الطبيب النفسي في المجتمع كطبيب الأسنان، خاصة إذا كان طبيبًا مؤمنًا، امتزج إيمانه وفراسته وعلمه بالأدوية الربانية والنبوية مع تخصصه الأكاديمي الذي هو جزء مما علمنا الله تعالى.
ثالثا: أُذَكِّرُ الأخت ببر الوالدين، ولو كانوا على الخطأ، فالله – تعالى - أمرنا بذلك (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)، هذا إن جاهداك على أن تشرك بالله، فما بالك فيما دون ذلك.
رابعًا: أرجو من الأخت أن تعيد قراءة أجوبة الفريق الكريم بنفسية محسن الظن، فإن فيها والله أعلم خيرًا كبيرًا لا يُفوت.
وأتوجه ثانيًا إلى إخواننا الكرام في الفريق بما يلي:
أولا: أحيانا تكون المعالجة للمشكلة علمية (أقصد أسلوب عرض الحل) قد تشعر صاحب المشكلة أنكم قد قسوتم عليه، ولم تراعوا مشاعره الرقيقة والمرهفة، خاصة فيما يتعلق بمشاكل القلوب، فهي حساسة جدًّا ورقيقة جدًّا، قد لا تحتمل إلا الهز الرفيق.
ثانيًا: لي عتاب على الأخ المسؤول عن "عنونة المشاكل"، فالعناوين أحيانًا تكسر الخاطر، وأتخيل مدى الحزن الذي يصيب الأخ الذي صارح، وكشف أسراره فتم عنونة مشكلته باسم يوحي بالتهكم، ولو أن الأمر - إن شاء الله - غير مقصود، ولكني أرجو منكم أن تعطوا عناوين تفيد بموضوع المشكلة، وتراعي مشاعر الأخ السائل.
وفي الختام أرجو أن تسامحوني على الإطالة، أو إن كنت قد أخطأت في حق أحد،
ونسأله تعالى أن يكون من وراء القصد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
13/10/2024
رد المستشار
يصلنا منكم أسئلة، ومشاركات، واقتراحات بالتطوير، ومتابعات من أصحاب مشكلات سابقة، ونسعد بها جميعاً، وسعادتنا بالثانية والثالثة والرابعة أكبر.
أشكرك يا أخي على هذه المداخلة، ومعاذ الله أن نتهكم من أحد في عنوان أو مضمون، فالإجابة قطعة من وجداننا ومشاعرنا وجهدنا نريدها عوناً مخلصاً للأخ السائل، أو الأخت المستفسرة ولهن ولهم جميعاً أماكن ومساحات في قلوبنا، ورغم أنك لم تذكر بالتحديد أمثلة لعناوين تحوي شبهة التهكم، إلا إننا سنراعي هذا مستقبلًا.
كما نعتذر مقدمًا عن أي عنوان أو حتى أية كلمة فاتنا أن نذكر ما هو أحسن وأبلغ منها، ونسأل الله التوفيق والسداد، فمنه سبحانه الإجادة، ومن أنفسنا التقصير، نسأله العفو، ونسألكم الدعاء والمشاركة.