بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم، أتعامل مع الناس بجدية كبيرة ولا أؤذيهم ولا أتهاون في شيء قد يمسهم بسوء ولو على حسابي وبالمقابل أطلب معاملة من نفس المستوى وعندما يؤذيني أحدهم فإنني أتألم وأفقد الرغبة في التواصل معه وكلما زادت إساءته كلما رغبت أكثر في الابتعاد عنه مما يجعلني دائما في حالة فرار من الآخرين.
أفضل الانسحاب على المواجهة لأنني ليس لي نفس لها كما لا أحسن سوق الحجة رغم أن الحق معي فأبقى ملجوم اللسان رغم أنني أنا المظلوم (أحس أن قول الله تعالى "أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين" ينطبق علي في هذه الحالة).
أرجو المساعدة بآرائكم
وشكرا
19/10/2024
رد المستشار
الأخ الكريم دعنا نتفق أولا أن الهروب ليس هو الحل لأن الحوار والتفاوض والإقناع والاقتناع ضرورة من ضرورات الحياة إن لم نحتجها في تعاملنا مع الزملاء والأصدقاء فسنحتاجها حتماً في العمل أو على الأقل في علاقاتنا مع أزواجنا أو زوجاتنا وأولادنا. كذلك فإن أول ما نتفق عليه هو أن تنمية مهارة التعامل مع الآخرين ضرورة لاغنى عنها وأن الهروب ليس هو الحل وهنا يأتي السؤال. كيف يمكن تنمية هذه المهارة؟
دعنا نتفق للمرة الثانية على أن تنمية هذه المهارة ليس ضرورياً فحسب، بل هو ممكن وأنك تستطيع إنضاجها وتحسينها بالتدريج والتدريب ومع الوقت.
عليك أولا أن تكون أكثر توازناً وقوة وصلابة في ردود أفعالك تجاه إساءة الآخرين، ولا أعني بالصلابة هنا أن تكون غليظ القلب فاتر المشاعر وإنما عنيت أن لا تكون شديد الحساسية لهذه الإساءة، وربما يعينك على هذا احتسابك عند الله ثم تقديرك لطبيعة البشر الذين يصيبون ويخطئون ثم قوتك الذاتية وقوة بناء شخصيتك التي لا تهتز أو تنهار لمجرد كلمة أو موقف.ثم عليك شيئاً فشيئاً أن تكتسب مهارة التعبير عن نفسك أو ما يسمى توكيد الذات وهو أمر يأتي بالتدريج ويستلزم شرطاً هاماً وهو أن تكون أفكارك مرتبة في داخلك من البداية حتى تستطيع أن تصوغها بترتيب وإقناع أمام الآخرين. وفي النهاية قد لا يكون الحق المطلق معك. وقد لا يكون أيضاً مع الآخرين وإنما فن الحياة هو أن يتقبل كلاً منا الآخر بما يسمح لنا بالتعاون والتعايش والتسامح.
واقرأ أيضًا:
صعوبة التعامل مع الآخرين: النموذج والعلاج
التعامل مع الناس ما لك وما عليك
التعامل مع الناس: أفخاخ القلق الاجتماعي