لا أجد معني للحياة!
السلام عليكم.، أنا إسمي "محمد"، عندي ٢٩ سنة، من ريف محافظة الشرقية بجمهورية مصر العربية.
مؤهلي الدراسي: ثانوية عامة، الخدمة العسكرية: أديت الخدمة لمدة سنتين، المهنة: فرد أمن. مكان العمل: القاهرة. الحالة الاجتماعية: أعزب
للأسف أنا أكبر إخوتي، وده حاليا بقى يسبب لي إحراج كبير جدا من إخوتي، وندمان جدا على كل لحظة قصرت فيها ومكنتش الأخ الناجح واللي أثبت ذاته. كان نفسي أكون الأخ اللي يفتخر به أهله جميعا وكل الناس التي توسمت فيه التفوق والنجاح، لكن للأسف أنا خيبت آمال كل الناس التي تحبني في القرية. دي أكتر حاجة أنا بعاني منها، حتي لو معي دلوقت كنوز الدنيا!
أنا حاليا مش لاقي معني لحياتي، ودي بقا المشكلة الأكبر، أنا عمري ما فكرت في الانتحار ولا بحب أفكر في الموت، بس أنا عايش زي اللي مستني يكبر عشان يموت وينتهي أمره،
ناس كثير تقول لي أنت لازم تتجوز عشان كبرت وخلاص داخل على سن ٣٠ سنة وكده، بس أنا رافض إني إتجوز ويمكن مبحبش أفكر في الموضوع ده تماما، وللأمانة أنا مبقولش ده قدام أي حد عشان ميبقاش نوع من نشر السلبيات وكدا، وعمري ما قعدت مع شاب أصغر مني إلا ولازم أشجعه إنه يتجوز ويبني أسرة، ولو سألني هتتجوز إمتى بقوله قريب ادعي لي!
أنا مش شايف إن الجواز حل للأزمة النفسية اللي أنا غرقان فيها ، ذا غير أني للأسف أنا بكره موضوع الحب والارتباط عشان أنا شايف إنه خدعة بنضحك بها على بعض كرجال أو نساء، المهم إني مش هتجوز أبدا، وده مش سببه إني مريت بعلاقة عاطفية فاشلة، لا أبدا، أنا عمري ما دخلت في علاقة أصلا!، يمكن حاولت ورفضت، وبرضه الرفض مكنش السبب في إني دلوقتي كاره الجواز والارتباط، لا أبدا والله، كل الحكاية هو إني مش قد دخول التجربة دي أصلا،
أنا مش عارف حتى أشيل مسؤولية نفسي، أنا أخدت على الكسل والتبلد واللامبالاة بشكل مميت، لدرجة إني قربت أتقبل أي سخرية من أي حد عادي، المهم هو إني من وأنا صغير كنت دائما أتعرض للتنمر بسبب طول بالي، وإني دائما شارد الذهن، ومكنتش منتبه غير للعب وتضييع الوقت دون فائدة، والجميع كان يتهمني بالغباء، وأنا كنت بتضايق من ده أوووي، بس لما كبرت وبدأت أتعرف علي نفسي وعلى طفولتي، قلت والله كانوا عندهم حق ههههه لأني كنت طفل بليد وأخدت على الكسل والدلع ومكنتش أحب المدرسة ولا المذاكرة وكنت أكره الامتحانات وأرتعب منها ،
للأسف وأنا في المدرسة مكنتش ذكي اجتماعيا خالص ومكنش عندي شخصية وكنت متوهم إن أنا قوي وأقدر أضرب أي حد من العيال زمايلي، ولكن اكتشفت إني كنت بخاف وكنت ضعيف جدا، مكنتش شرير، بس كنت بحب السلام عشان كدا كنت بخاف، ولما كان حد من العيال زمايلي يضربني كنت بقعد أعيط، حتى ولو كنت قادر آخذ حقي وأضربه! ، مكنتش الطفل اللي بيقدر يأخذ حقه والكلام ده، مع إني كنت عصبي وعنيد نوعا ما ودائما الند بالند مع زمايلي، بس كنت بحب السلام أكثر ، والحمد لله إني مطلعتش شخص شرير وما زلت أحب السلام للدنيا كلها، ويا رب مكونش متوهم إني كده أو بكتب كلام حلو في حق نفسي.
المهم أقدر أحكم على نفسي إني مكنتش ذكي اجتماعيا نهائي، وحقي دائما كان ضائع، ومكنش عندي أصحاب خالص، كنت مصاحب المدرسة كلها إنما مكنش عندي صاحب معين، لذلك لما خلصت المرحلة الثانوية ملقتش حد جنبي، والكل راح المرحلة الجامعية، وأنا رفضت أكمل، وعرفت وقتها إن صديق كل الناس ليس صديقا لأحد!
بعدها بفترة دخلت الجيش لمدة سنتين، وبرضه نفس السيكولوجية في تكوين الأصدقاء، كنت أصاحب أي أحد، وكان لي معارف كثير ، ولكن للأسف بعد ما خلصت جيش، ملقتش أحد منهم معي وانتهت الفترة بنفس طريقة المراحل التعليمية، ولا استفدت أي حاجة من فترة الجيش للأسف! أحس أني حياتي عبارة عن وقت يعدي دون فائدة.
لما خلصت الجيش قعدت في البيت فترة طويلة مبعملش حاجة، ولما حسيت إن العمر يجري على الفاضي، قلت لازم أشتغل أي حاجة، على الأقل أعرف أصرف على نفسي ولو بالقليل، والدافع اللي خلاني أخرج وأشتغل هو إشفاق إخوتي الصغيرين علي، ده غير إني لأول مرة كنت أحس بالفشل بجد!
طبعا مبعرفش حاجة غير أني أقرأ وأكتب، وبحثت على جوجل على أي شغلة حتى لو بعيدة عن البيت، فلقيت متوفر شغل أفراد أمن، وقدمت واشتغلت، وبنزل في الشهر ٥ أو ٦ أيام إجازة، وعلى الحال ده بقى لي سنين كثيرة ولكن مفيش أي معنى لحياتي.
أنا حد يرضى بأقل حاجة، يعني مش فارق معي الفلوس ولا الجواز ولا المكانة الاجتماعية، أنا بس نفسي ألاقي معنى لحياتي،
نفسي أحس أني بعمل حاجة صح!
16/10/2024
رد المستشار
الابن العزيز:
لا يهم كثيرا أن تشغل بالك وتشغلنا معك باجترار ذكريات الماضي، صحيح أنه أوصلنا إلى هنا، لكن الأهم أن نسأل: إذن ماذا؟؟
هنا.. الآن؟؟
فما تزال في عنفوان شبابك، وتستطيع عمل الكثير، وأنت من تمنح حياتك المعنى، وهذا ما قصده ومارسه «فيكتور فرانكل» صاحب مصطلح وفكرة وكتاب الإنسان يبحث عن معنى أو عن المعنى.
الإنسان هو مانح المعنى لحياته ولما يقع عليه ومنه، فأنت من يسمي أحداثا مرت بك «معاناة» أو «فشل»، وأنت من تختار أن تتعامل معها كخبرات أو «دروس مستفادة»... أنت صاحب التسمية وبالتالي تحدد الأثر النفسي والسلوكي المترتب على ما جرى ويجري!!
نحن نقرر ونسمي وقائعَ معينة على أنها «رسائل من الله» أو «علامات» تهدينا على الطريق، وقد نختار إهمالها وعدم الالتفات لها، كما قد نختار اعتبارها عقابا أو لعنات!!
وبناءً على إدراكنا وتوصيفنا والمعنى الذي نصنعه/نختاره يكون التأثير في حاضرنا، وقادم أيامنا!!
حياتك ما تزال أمامك لا خلفك، وأنت وحدك تختار قضاء الوقت في اجترار الماضي والحسرة عليه أو استثمار الحاضر لمصلحة مستقبل مختلف.
يمكنك الالتحاق بالجامعة بنظام التعليم المدمج، أو نظام الانتساب، وتكييف حياتك على هذا النظام لتحصل على شهادة جامعية سيكون لها تأثير إيجابي على وضعك الاجتماعي والنفسي وربما المادي أيضا، وعلى تحسين صورتك أمام نفسك وإخوتك والناس!!
يمكنك تحسين روحانياتك والاقتراب أكثر من الله بما في ذلك من أثر لضبط خرائط يومك وسلوكك والمعاني التي تبحث عنها.
وأنت وحدك من تقرر إضافة أنشطة ثقافية أو فنية أو رياضية، ولو حتى بممارسة المشي يوميا، ولهذه الأنشطة آثار أكيدة على حياتك الخامدة الخاملة منزوعة الدسم والطعم، والأنشطة مدخل ذهبي للتعارف على أصدقاء جدد!!
أعطاك الله وأعطانا القدرة على صناعة المعاني وإعطاءها للحياة والأحداث، لكننا أحيانا نتجاهل هذه القدرة والنعمة أو نعطلها ثم نشكو من حياة نعيشها «خالية من المعنى»!!!
قد تحتاج حالتك لمراجعة طبيب/ة متخصص/ة لوصف مضاد اكتئاب، وأكرر لمن يبحث أن هناك العيادات الخارجية في المستشفيات الجامعية وكذلك مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية بمستشفيات وزارة الصحة المصرية وستجد خدمة معقولة بسعر بسيط.
سننتظر أخبارك، ودمت سالما.