والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أود أن أشكركم على صفحتكم الرائعة هذه والتي شجعتني على كتابة مشكلتي لكم.
أنا شاب في منتصف العشرينيات، متدين والحمد لله، ومن عائلة مستقرة ومترابطة، ومستوانا المادي جيد جدًّا والحمد لله.
مشكلتي بدأت -أو بمعنى أدق شعرت بوجودها- خلال فترة المراهقة حيث التفكير مشدود صوب الفتيات كأي شاب طبيعي، وللأسف في ذلك الوقت كان وازعي الديني ضعيفًا، وساعدتني الظروف على الاختلاط بقريبة لي تصغرني سـنًّا؛ حيث إنها كانت متعلقة بي لدرجة كبيرة، وحصل بيننا ملامسات وإمساك أيد فقط، وعلى الرغم من أنني لم أكن أحبها فإنني فعلت ذلك على سبيل التسلية والاكتشاف.
ولكن بعد فترة شعرت أنها أول فتاة في حياتي، ونتج عن ذلك أنني أحببتها بشدة، وهذه المشاعر أيقظت ضميري والوازع الديني لدي فبدأت أصلي، وقررت أن أوقف جميع التصرفات الخاطئة معها، وقررت أن يكون حبي لها عذريًا فقط إلى أن يمـن الله عليّ بالزواج منها في المستقبل.
أما هي فظلت تحبني وتعبر لي عن حبها بالابتسامات والكلام العذب، لكنها تغيرت بعد فترة طويلة وصارحتني بأنها لم تعد تحبني وأنها تحب شخصًا آخر، ولا أخفي عليكم أنها كانت أولى الصدمات القاسـية في حياتي، وتوالت عليّ تجارب الحب الفاشلة وبنفس السيناريو.. في البداية تكون الفتاة منجذبة إليّ، وبعدما أدرس تصرفاتها وأقتنع بأنها جادة فعلا أتودد إليها بشكل عذري ولا أتخطى أبداً حدود الأدب، ثم تدوم العلاقة لفترة قصيرة نوعًا ما، أجد بعدها أن الفتاة لم تعد تحبني وأحياناً تكرهني بشدة، وللأسف فمجموع هذه التجارب العاطفية الفاشلة وصل إلى 5 على مدى 7 سنوات.
وخلال هذه السنوات السبع كانت حالتي في قمة الإحباط واليأس، لكن هذا لم يمنعني من البحث عن السبب، وبعد تفكير طويل عرفت أن السبب يكمن في شخصيتي التي فيها الكثير من العيوب، أهمها: التساهل الكبير الذي أبديه إزاء من هم حولي، والذي يظنه الكثيرون أنه ضعف شخصية. وثانيا اهتماماتي الاجتماعية محصورة بأسرتي وقلة من الأصدقاء الذين أثق فيهم والذين يحبونني حبا شديداً.
وهنا أود أن أضيف أنني مررت بتجارب مع عدد من الشباب وكانت مشابهة لتجاربي العاطفية.. ففي البداية تكون صداقتي بهم أكثر من جيدة، لكن لأسباب كنت أجهلها تسوء علاقتي بهم لاحقًا.
وأخيرًا التسرع وعدم وضوح الأفكار عند الحديث مع الفتيات ومع من هم أكبر مني سنا، ولا أنظر إلى من أتحدث إليه وخصوصا الفتيات، بالإضافة إلى أنني أخجل وهذا يؤدي إلى قيامي بتصرفات خرقاء في بعض الأحيان.
تقريباً كل أمور حياتي من مأكل وملبس وطريقتي في الحديث لم تتغير إلا بشكل طفيف منذ سن المراهقة؛ فأنا أفضل هذا ولكن الناس يرونه شيئاً غريباً.
قبل حوالي سنتين وعن طريق الصدفة شاهدت في التلفاز موضوعًا عن مرض يسمى متلازمة أسبرجر؛ الأمر الذي أثار لدي تساؤلات كثيرة.. فسارعت إلى الإنترنت وبحثت بشكل معمق وذهـلت عندما وجدت أن أعراض هذا المرض تنطبق عليّ بشكل شبه تام، وأن هناك فرقًا بينه وبين أمراض التوحد وضعف الشخصية الأخرى.
وهنا أود أن أؤكد أنني قـلبت مواقـع الإنترنت المتخصصة وبشكل متعمق قبل أن أصل إلى نتيجة أنني مصاب بهذا المرض الذي لا شفاء منه، خصوصًا بعد أن تعديت الطفولة والمراهقة.. والحمد لله على كل شيء.
ومن تجاربي السابقة استنتجت أن معظم الأشخاص لا يفضلون تكوين علاقات مع من يظنون أنهم ذوو خجل أو ضعاف الشخصية.. وأنهم يميلون إلى مصادقة من هو قوي حتى لو كان يؤذيهم أو يستغـلهم أو يجرح مشاعرهم؛ فأصبحت أميل إلى تقليل علاقاتي الاجتماعية التي هي أصلا قليلة، ولا أتكلم مع الآخرين إلا وقت الضرورة طبعا ما عدا بعض أفراد أسرتي وأصدقائي المقربين.
أما بالنسبة لي فأنا لا أعتقد بأني ضعيف الشخصية، لكنني متساهل ومتعاطف في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى أنني عنيد جداً في الأمور التي أقتنع بها، ولكن في الأمور التي تحتمل النقاش وتعدد الآراء أكون متقبلاً لرأي الآخرين وعلى استعداد للحوار.
والآن إن كل ما سبق لا يهمني كثيرا ولا أتذكره سوى لاستخلاص العبرة. أما مشكلتي الفعلية فهي تكمن الآن في أنني أعرف فتاة تصغرني بعامين وأقل ما توصف به أنها رائعة؛ فهي متدينة والحمد لله وعلى قدر من الجمال، وأكثر ما يهمني بها أنها شديدة الخجل لا تختلط بالشباب وعدد صديقاتها لا يتجاوز 3 (طبعا أقـول هذا الكلام بعد أن راقبت تصرفاتها لفترة طويلة).
وقد قررت أنها الفتاة المناسبة لي ويجب أن أعمل المستحيل لأتزوجها، حاولت أن أتكلم معها وفي البداية كانت خجولة جدا وأنا أكثر منها، لكن هذا الخجل قل الآن وبدأت أرى أنها تتقبلني عندما أتحدث إليها.. مع ملاحظة أنه بعد معرفة أكثر من عام ونصف فإن أطول حوار بيني وبينها لم يتجاوز 10 دقائق.
وسؤالي هو:
هل أستمر وأطلب يدها؟ (أنا تخرجت وأعمل بوظيفة جيدة والحمد لله)، وإذا قدر الله لنا أن نتزوج فهل تعتقدون أننا سنواجه مشاكل صعبة أم أن تشابه تصرفاتنا سيكون أمرًا إيجابيًا؟
19/10/2024
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
قرأت استشارتك أكثر من مرة ولا أظن سوى أنك رجل طبيعي ولا أنت مصاب بأي اضطراب عصبي نمائي. تعلمت وتعمل ولديك القدرة على التواصل عاطفيا وتقدر مشاعر الآخرين فلا أعلم من أين حصلت على وسام أسبرجر عبر عالم الفضاء؟
آخر ما يجب أن يفعله الإنسان هو البحث عن أوسمة الاضطرابات العقلية التي يتم تقديمها هذه الأيام على قدم وساق عبر الإنترنت والمراجعات الطبنفسانية. هذه الأوسمة لا معنى لها وهناك العديد منها مثل عجز الانتباه فرط الحركة، وسام أسبرجر أو طيف التوحد، وسام الثناقطبي، وسام الوسواس القهري، بل وحتى وسام القلق الاجتماعي والاكتئاب.
تركيبة الدماغ ودوائره تختلف من إنسان إلى آخر وهناك ما نسميه التباين العصبي Neurodivergence ولكن هذا لا يعني بأن الإنسان الذي يختلف عن أقرانه مصاب باضطراب نفساني أو عليه أن يحمل وسام اضطراب عقلي يميزه عن الآخرين.
إذا كنت تحب الآنسة وتحبك فتقدم لخطبتها والخجل سيتلاشى مع مرور الوقت وتذكر أن الحياء والخجل من الخصال الجيدة. التحديات بعد الخطوبة والزواج لا نهاية لها وهذه الحياة كما نعرفها.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
تشخيصات محملة عبر الإنترنت