السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بداية أود أن أشكركم شكرا جزيلا لما تقدمونه من مساعدات للناس في حل مشاكلهم، وأتمنى أن أجد عندكم حلا لمشكلتي التي تؤرقني وكلي ثقة فيكم وفي موقعكم هذا الذي هو هداية للأمة العربية والإسلامية بأسرها. لقد ترددت كثيرا قبل أن أبدا بكتابة رسالتي وأبعث بها إليكم، لكني لم أجد بدا ولا مفرا من أن أبعث بها بعد أن وصلت لأقصى درجات العذاب.
أبلغ من العمر 24 عاما، ومشكلتي تتلخص في أني أحب ابنة خالي حبا ملك علي قلبي، حتى أني لا أعرف ما يحدث لي، لن أكذب عليكم إن قلت إني أبكي من شدة حبي لها وألوم نفسي كثيرا لأني أشعر أن هذا الحب ليس في محله.. ولكم أن تتخيلوا أن من أحبها تبلغ من العمر 13 عاما.
أعرف أنكم مندهشون الآن لكوني أحب فتاة في هذا العمر، أنا أيضا مندهش من نفسي وألومها كثيرا لأني أحبها، ودائما ما أصف نفسي بالجنون؛ لأنه حب لا يمت بأي صلة للواقع ولا للمنطق، لكنه قلبي ماذا أفعل به؟!
دائما أريد أن أقول لنفسي: إني لا أحبها وإنها صغيرة، لكن لا أستطيع، فأنا أرى فيها كل شيء أريده في شريكة حياتي، أرى فيها الفتاة الناضجة المتفتحة فعقلها أكبر من سنها بكثير، أجد فيها ما لم أجده في أي فتاة أخرى، فحبي لها يفوق الوصف، وأشعر أني لن أستطيع العيش مع غيرها، ففكرة أن أعيش مع غيرها تقتلني، فأنا أتعلق بها تعلقا شديدا.
فكرت في أن أصارحها بحقيقة مشاعري تجاهها، وترددت كثيرا قبل مصارحتها، وكنت أقول لنفسي ماذا سأقول لفتاة في هذه السن، لكني صارحتها في النهاية تحت ضغط وإلحاح منها؛ فقد ظلت أسبوعا كاملا تلح علي كي أقول لها ماذا بي ولم أنا حزين، حتى استسلمت أمام ضغطها وإلحاحها، لكنها تفاجأت ولم تتوقع أبدا أني حزين لحبي لها، ولم تتصور إطلاقا أني أحبها.
قلت لها: إني أستطيع أن أنتظرها حتى تنتهي من تعليمها، أو على الأقل تنتهي من دراستها الثانوية، فقالت: لا أعرف ماذا أقول لك، قلت لها: خذي مهلة للتفكير في الأمر وبعدها ردي علي، فوافقت.
بعد أن أخذت وقتا للتفكير أخبرتني أنها ما زالت صغيرة على الحب، وأن أمامها مشوارا طويلا في الدراسة، ولن تستطيع أن تحب وتدرس في آن واحد، وأخبرتني أنها لن تستطيع أن تحبني، وقالت: إني أخوها الكبير، وقالت أيضا: إنها سوف تظلمني وتظلم نفسها إن قالت لي: إنها تحبني وإنه شيء ليس بيدها، وقالت: منذ أن أخبرتها وهي لا تستطيع أن تأكل ولا تنام ولا تستطيع التركيز في مذاكرتها.
بعد أن قالت لي هذا الكلام أخذت تبكي فهدأتها ثم تركتها، لقد صدمني ردها، فأنا لم أتوقع هذا الرد، وإن كانت صغيرة، شعرت بأني أظلمها بوضعها في هذا الموقف؛ لأنها صغيرة على هذا الكلام، وحتى لا أصغر في عينها قررت في اليوم التالي أن أقول لها أن تنسى ما قلته لها، وإنها حقا ما زالت صغيرة، وتعاهدنا على أن أكون أخاها لا أكثر ولا أقل، لكنني ما زلت أحبها ولا أستطيع طردها من مخيلتي، فهي أمامي كل لحظة وكل دقيقة، ولا أرى سواها أمامي.
حاولت أن أنساها، لكن لم أستطع، فهي تعيش معنا في نفس السكن فكيف أنساها وهي أمامي كل يوم، أريد أن أنتظرها حتى تنتهي من دراستها الثانوية، ومن ثم أتقدم لها، ولكن هل أضمن أن توافق على ارتباطي بها إن انتظرتها، أنا حقا في حيرة من أمري ولا أدري ماذا أفعل أأنتظرها أم لا؟ وهل أنا حقا مجنون لأني أحب فتاة في هذا العمر؟ وهل أعاني من مرض نفسي ما لأني أحبها؟ وإن كنت حقا أعاني من مرض نفسي يذكر، فهل هناك من طبيب أذهب إليه عله ينسيني حبي لها؟ لكنني حقا أحبها من كل قلبي، وهل يحب من قلبه مريض؟! أرجو ألا تقسوا علي في ردكم، فأنا نادم أشد الندم؛ لأني صارحتها بحبي، وقولوا لي ماذا أفعل في هدوء؟ فأنا حقا أتعذب كل يوم بحبي لها.
وأرجو ألا تهملوا رسالتي فهي إن كانت تافهة في نظركم، فإنها تعني عندي الكثير والكثير..
وآسف جدا على الإطالة وعلى أسلوب الكتابة، وعدم ترتيب الكلمات بشكل جيد، وشكرا لكم وجزاكم الله خيرا.
23/10/2024
رد المستشار
أنت طبيب نفسك يا صديقي، فلا ألومك على حبك لها فلقد بلغت الرابعة والعشرين من عمرك، وأتصور أنك أنهيت دراستك وتشرع في العمل أو تعمل بالفعل، فلا ينقصك الاختلاط الاجتماعي، أو المرور بتعارف على فتيات أخريات لتستبين مدى حبك لفتاتك، ولكن يبدو أنها بالفعل عاقلة كما تقول؛ ولكنك بعد ردها عليك لا تزال تتحدث حول إمكانية انتظارها رغم ردها الواضح جدًّا عليك بأنها تنظر لك نظرة أخوية، ولا تقوى على غير ذلك، ولا تريد ظلمك أو ظلم نفسها؛ فحقك أن تحب وحقها أن تختار، فلا تنس.
ونسيان المحبوب أمر شاق ويأخذ من النفس والذهن والمشاعر الكثير، ولكنه في النهاية يفيد! ولا تتعجب، فهو يفيد في القرب الشديد من النفس الذي لم يكن ليحدث بدون المرور بتلك التجربة، ففيها نعرف أنفسنا ونضع أيدينا على مساحات لم نكن نتطرق لها، ومن الفراق نتعلم الضبط والتحكم في رغباتنا ونقرّ من داخل قلوبنا بمراد الله سبحانه الذي ينكشف ولو بعد حين، وستمر الأيام وتعلم أنها لم تكن الشخص المناسب رغم كل جمالها وروعتها في عينيك فتعلم أن ليس كل جميل ورائع يصلح لأن نشاركه الحياة.
أما موضوع كيف تنساها وهي أمامك؟ فالقصة قصة "قرار" فحين نقرر نحسم أمورا كثيرة، ولكننا نتأخر في اتخاذ القرار الصحيح حتى يفرض الواقع علينا نفسه، فنهرع لأخذه؛ لأنه هو المناسب! وحين نأخذ القرار لا يفرق كثيرا وجود الحبيب الأول أمامنا أو لا؛ لأننا نضعه في مساحة أخرى؛ فنبدأ بالنظر إليه بشكل مختلف رغم وجود بعض الألم بالطبع، إلا أن قوة الألم ومذاقه يختلفان بعد قرار العقل.
أعلم جيدا أن حديثي إليك صعب، ولكنه ليس مستحيلا؛ فلتتخذ مدرسة "الحكماء" درعا لك للتعامل مع قرار الفراق، ولتنظر لآلاف الأحبة الذين تفرقوا لسبب أو لآخر، وأتموا مشوار الحياة مع شركاء آخرين؛ فلتحتفظ بأمنياتك في مكان بعيد في قلبك حتى لا يؤلمك كلما تفقدت قلبك، فتذهب إليه بين الحين والحين لتبتسم أحيانا أو لتدمع عيناك أحيانا دون حسرة أو ندم، وأتمنى أن يضع المحرر لك الرابط الذي تحدث من قبل عن مراحل الفراق والفقد التي يمر بها الحبيب وتوصيفها، فالعلم بها يخفف وطأة الفراق نسبيًّا ويوضح لك أن الفراق يمكن تجاوزه ولو بعد حين.
فلتجلس مع نفسك جلسة رجل ناضج، وتضع النقاط فوق الحروف وتدع تلك التجربة جانبا –قليلا أو كثيرا- دون تقييم أو تعايش مستمر مع تفاصيلها، ولتغرق في هوايات لك، أو في عملك لفترة قوية مع تجنب خوض تجربة جديدة في تلك الفترة، وكلما داهمتك تجربتك حاول أن تتبع الآتي:
** كلما داهمك التفكير فيها فاهرع عن "عمد" لعمل شيء يأخذ منك مجهودا ذهنيًّا ليصرفك عن الغرق في التفكير، حتى وإن كنت لا تهواه بشكل كبير وبمرور الوقت ستنجح في الهروب مرة بعد أخرى.
** ساعد نفسك بالانخراط مع أصدقاء لك يحبونك وتحبهم في تنزه أو عمل أو جلسات أو ترفيه حتى وإن كنت غير راغب؛ فالتكرار هنا يكون له أثر مادمت وسط أصدقاء يحبونك وتحبهم.
** ممارسة أي رياضة ولو بسيطة؛ فهي تعمل على إخراج الطاقة وتساعد على الاسترخاء وتعمل على تناغم الجهاز العصبي النفسي.
** شارك أحدا تثق به بقص قصتك عليه، فحديثك في الموضوع مع أحد "عاقل ثقة" سيوضح لك أمورا تغيب عنك تساعدك على تخطي مراحل الفقد المؤلمة؛ فلا تشعر بكتم مشاعرك، ولكن التعبير عنها أثبت أنه -رغم أنه يسبب تأخير الشفاء نسبيا- أصح على المستوى النفسي والصحي، ولا ضير من الاتفاق معه على أن يتابعك سواء في الخروج من ألم تجربة الفراق أو بالانخراط معك فيما قد يشغلك.
** البحث في أوراقك القديمة سواء في الهوايات أو الأصدقاء أو المعارف لتنشغل بهم عن المكث مع نفسك.
** تقليل الاحتكاك العائلي بأسرتها، حتى ولو حاولت هي شخصيًّا أن تثنيك عن ذلك، فأنت تعلم لماذا تفعل ذلك، وهي لا تعلم.
** حاول ألا تجر عليك الأحزان، وتتشبث بالبقاء معها طويلا حتى لا تزيد عليك أعراض الاكتئاب فتصبح أحد ضحاياه، أو تتحول لشخصية اكتئابية.
** تعلم بعض تمارين الاسترخاء ولا تستهنْ بها، فقد أثبتت الدراسات والواقع العملي أن المداومة عليها تؤثر على إحداث سلام نفسي وتقبل للأمور التي نضطر للتعامل معها على كراهتها.
** الدعاء والتضرع لله عز وجل؛ الذي يعلم الخير لنا بأن يقدّر لك الخير حيث كان، وأن يُنعم عليك بالثبات ونعمة النسيان العظيمة.
كل ما حدثتك عنه يضيع أدراج الرياح إن كنت لا ترغب -بصدق- في نسيانها، ولكن كن على نفس المنوال الذي اتفقت معك عليه، حتى وإن جد جديد؛ فهي لا زالت صغيرة رغم عقلانيتها، ولم تخض الحياة الاجتماعية، ولم تر رجالا آخرين، وينتظرها طريق للنضوج؛ لتستطيع أن تتخذ قرارات كبيرة مثل الزواج، ودع الأمور تسري في مجراها دون التورط في الحديث معها ثانية في أي شيء، حتى يقدر الله أمرا كان مقضيًّا.