ما حكم الرسومات في قصص الأطفال؟ م4
وساوس جديدة تدفعني إلى الهاوية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجوكم أرجوكم ساعدوني..
سأروي تفاصيل ومعلومات هنا لم أروها في استشاراتي السابقة. أرجو أن يتسع صدركم لهذه الاستشارة.
لقد عانيت من وساوس وعقد نفسية كثيرة طوال حياتي. نشأت في عائلة غريبة. الأب مسيطر وعنيف [يمارس العنف اللفظي والمعنوي خصوصا] والأم شخصيتها ضعيفة ومهزوزة. كنت ولا زلت حساسة جدا. منذ سن الرابعة عشرة على ما أذكر، بدأت أعاني من الوساوس، وكان أول وسواس أعاني منه هو وسواس أذية الآخرين. ازدادت عندي الوساوس وكانت مختلفة ومؤلمة، كنت أعاني بصمت. رغم كل هذا استطعت أن أكون جيدة في دراستي واستطعت أن أمثل دور الإنسانة الطبيعية أمام الكل.
كنت أهرُب من أفكاري وواقعي إلى أحلام اليقظة coping mechanism. شاهدت مقاطع إباحية على التلفاز وأنا طفلة أي قبل البلوغ، شعرت بالذنب بعد ذلك وبدأت الصلاة لأول مرة خوفا من الله. لم أنشأ في أسرة متدينة فكنت أبحث في الإنترنت عن الأحكام الدينية. السنوات التي قضيتها في الجامعة كانت أسعد سنوات في حياتي ورغم وجود الوسواس كنت أنجح في تجاهله. كنت واثقة في قدراتي وذكائي، رغم أنني كنت أعاني من رهاب المسرح. فبسببه لم أتمكن من إثبات نفسي ومهاراتي كما يجب. لكن رغم كل شيء كنت سعيدة. كنت طالبة ممتازة جدا، وحظيت باهتمام ومعاملة خاصة من قبل زملائي لم أعهدها من قبل.
الحرب النفسية الحقيقية بدأت معي عندما بدأت في إنجاز رسالة الماجستير وقررت العودة نهائيا إلى بيت أهلي بعد قضاء عدة سنوات في المبيت الجامعي. حينها – كان ذلك سنة 2016- صُدمت بثلاث معارك كنت بصدد خوضها. المعركة الأولى: كنت أعلم أنني أعاني من رهاب التحدث أمام الناس وعندما كنت أكتب رسالة البحث كنت في نكران وتجاهل تام لهذه الحقيقة- حقيقة أنني سأقدم الرسالة أمام الناس وسأتحدث أمامهم. هذا الصراع الداخلي جعلني أعيش في ضغط وكانت تأتيني نوبات قلق وغضب. كنت أصرخ وأفتعل المشاكل. كنت منهارة. لم يخطر على بالي أن أتعالج من هذا الرّهاب عند طبيب. كنت أقول لنفسي هذا الرّهاب سيزول تدريجيا إذا تدربت على التحدث أمام الناس.
المعركة الثانية، أنني وجدت نفسي في بيئة عائلية سامة جدا. أنا لا أتحدث عن عائلتي المصغرة فقط، بل عائلة والدي كذلك. فهم يعيشون بيننا ويحشرون أنفسهم في حياتنا. عائلة والدي سيئون جدا. فهم غريبو الأطوار ويذهبون إلى السحرة والمشعوذين. ففي الوقت الذي كنت أعدّ فيه رسالة البحث، كان موضوع السحر والشعوذة والعين والحسد يذكر بصفة يومية في منزلنا. فكنت أجد نفسي أبحث على طرق لرقية المنزل ورقية نفسي وتأثرت بما كان يحدث حولي. الوضع كان جنوني. حاولت الاستقرار بعيدا والنجاة من ذلك الوسط الخانق لكنني فشلت. سأتحدث عن عمتي تحديدا لأنها السبب فيما أمر به من وساوس حاليا. عمتي هذه تعمل كعرّافة للأسف، هي تدعي أنها على اتصال بالجن وأن لديها قدرات خارقة. أتذكر في صغري، كانت تأتي لزيارتنا وكانت تفقد الوعي والكل يقول إن ذلك بسبب وجود جن بداخلها، وهي تقول إن ذلك الجن يخبرها بالعديد من الأشياء الغيبية [أستغفر الله]. في الأول أنا لم أعر الأمر انتباها حقا.
الشيء المضحك أنه في بداية رحلتي مع رسالة الماجستير صارت شبه علاقة رومانسية إن صح التعبير بيني وبين ابنها. لقد كنت ساذجة جدا ولم أحسن التصرف. ابنها هذا هو شخص ناجح وحسن المظهر. لطالما كنت معجبة به. وأشار لي بطريقة غير مباشرة أنه يريد الارتباط بي. للأسف اتضح بعد ذلك أنه كان يريدني أن أبادر أنا أولا بالإفصاح عن مشاعري تجاهه. اتضح أنه شخص سخيف وتافه وفي المقابل كنت أنا غير ناضجة تنقصني التجربة في موضوع الحب والزواج. هذا الشخص كان قريبا مني جدا عندما كنت صغيرة ربما لهذا السبب تعلقت به. بعد فترة تزوج من فتاة أخرى. رغم أن ما صار بيننا سخيف إلا أنه تسبب لي بالكثير من الألم لأنني عندما صرحت علنا عن إعجابي به اختار هو وأمه إنكار الأمر ونشروا أكاذيب عني. الجميع اتهمني بالجنون حتى أنني أيضا شككت في أمري.
المعركة الثالثة، وهي الأمرّ والأسوأ، هي معركتي مع الوساوس...
كما ذكرت في الاستشارات السابقة كنت أعمل كمدرّسة في مدرسة ابتدائية خاصة وقد فُصلت من عملي وبعدها كانت تأتيني وساوس غريبة حول اختصاصي وأنني لا أستحق أن أكون مدرّسة. أمضيت فترة أتحقّق في ذكرياتي الماضية أحاول أن أثبت لنفسي أنني أستحق أن أكون مُدرّسة. اهتزّت ثقتي بنفسي بشكل كبير. وأصبحت اختياراتي تعكس ذلك. ففي السّنة الماضية، عملت في وظيفة في المجال التعليمي – مركز للدروس الخصوصية والدعم- لكن كنت أشعر أنني أظلم نفسي كل يوم. كنت أشعر أنني في مكان لا يناسبني وكنت لا أشعر بالانتماء أبدا. كنت أتعذب يوميا. كنت أشعر أنني مثيرة للشفقة. فبسبب فشلي في إكمال رسالة الماجستير وجدت نفسي أعمل في وظائف تستنزف طاقتي بمقابل مادي ضعيف حتى أنني كرهت اختصاصي وحياتي. أصبحت لدي أعراض جسدية غريبة كنوبات الهلع، إرهاق غير طبيعي، عدم الاتزان عند المشي، الإحساس بالدوار وترقب الموت وازدادت الوساوس وخرجت عن السيطرة.
المهمّ أنه في الأثناء، قرّرت عمّتي العرّافة الاستقرار بشكل نهائي في المدينة التي أعيش فيها. لا أخفيكم أنني كنت نوعا ما مطمئنّة عندما كانت تعيش بعيدا. شعرت بالخوف لا أعلم لماذا، ربما لأنّني استرجعت الذكريات القديمة. هي لا تزال على عاداتها القديمة تدّعي أنها على اتّصال بعالم الجن. في أحد الأيام أعطتني أمي حقيبة نسائية فتسلل الوسواس إلى عقلي. شعرت أنّ هذه الحقيبة من عمّتي وأنّها تريد أن تسحرني بها. الأمر ازداد سوءا فقد تذكّرت فجأة أن عمتي هذه قدّمت لي سوارا كهديّة في صغري. أصبح عقلي يتساءل "رُبّما كان هنالك سحر في ذالك السوار؟" أصبحت كالمجنونة. أتذكّر أشياء غريبة من الماضي. مثلا، تذكرت أنني قرأت كتاب يحتوي على حرز ظننت أنه كتاب دعاء، فصرت أتساءل "لماذا قرأت ذلك الكتاب؟" . ربما ما قرأته حينها قد أثر في. رُبما.. رُبما..
فصارت تأتيني أفكار من نوع "أنت ذكية وناجحة بسبب سحر فعلته لك عمتك. كل ما حصلت عليه من نتائج متميزة كان بفضل عمتك.. وكان بسبب الجن". واستنتجت أنه لا يحق لي أن أعمل في وظيفة التدريس لأنني الله سيعاقبني إن فعلت ذلك. لا أعلم لماذا مُعظم وساوسي تتضمن الخوف الشديد من الله وعقابه. أنا لا أعلم لماذا أفكر بهذه الطريقة.
أعلم أنها أفكار قد تبدو ساذجة وغبيّة وغير منطقية لكم...لكنها لا تفارقني حاليا. تركت العمل للأسف بسبب الأعراض الجسدية والضغط الشديد الذي كان ينتابني. أنا حاليا عاطلة عن العمل مرة أخرى وأشعر وكأنني عالقة في حلقة من الفشل.
ازدادت الأفكار سوءا. ذات مرة صادفت في الشارع فتاة تكبرني سنّا كانت تسكن بجوارنا فتذكّرت أننا كنا نلعب معا في الصغر وكيف قامت بفعل خدعة سحرية حيث إنها جعلتني أشعر بأن ذراعي قد رفعت في الهواء بطريقة غريبة وكأنّ شيئا خفيا كان يتحكّم بي. أنا لا أعلم لماذا أتذكر هذه الحادثة بعد سنين طويلة. فلم تخطر ببالي أبدا من قبل. شعرت بقوة تدفعني لأذهب لتلك الفتاة وأسألها ماذا حدث بالضبط. نحن لسنا بأصدقاء. لكنني أريد التحقق من أنها لم تسحرني. أصبحت مهووسة بالجن وتأثيره...هل يمكن للجن أن يؤثر إيجابيا في تفكير الإنسان وقدراته الذهنية...أي أن يصبح ذكيا وموهوبا بسبب الجن..
الشيء الوحيد الذي بقي لي في الحياة هي المعرفة التي اكتسبتها وقيمتي كأستاذة، وأشعر أنني سأفقدها في أية لحظة. أشعر أنني لا أساوي شيئا دون ذلك. وكأنّ دماغي أصبح رادارا يفتّش على أي شيء له علاقة بالسحر والجن... ماذا أصابني؟... أنا لم أكن ألقي بالا لهذه المواضيع في السابق. أنا لا أدّعي أنني عبقرية وخارقة الذكاء...لكن الجميع يشيد بذكائي وكفاءتي في مجال اختصاصي طبعا. لكنني لم أعد أطيق سماع مدحهم...أشعر أنني أكذوبة ..حتى أنني تركت المطالعة والكتابة التي كانت بمثابة متنفس لي.
أحاول تذكر الإنسانة التي كنت عليها في الجامعة..لكنها تبدو غريبة...أحاول أن أتذكر ما كنت عليه سابقا وكيف كنت شغوفة وواثقة...وكأنّ الحياة عصفت بي وحولتني إلى إنسانة مختلفة تماما..
أرسل لكم هذه الاستشارة بعد تفكير طويل وتردّد لأنكم نصحتموني مرارا وتكرارا، كنت أحاول تطبيق نصائحكم قدر الإمكان لكنني في الحضيض الآن... لا أعلم كيف وصل بي الحال إلى هنا...
أعتذر على الإطالة..
وأعتذر عن أي أخطاء لغوية.
25/10/2024
رد المستشار
الابنة المتابعة الفاضلة "Rima" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ومتابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
الواضح في هذه الاستشارة والتي تأتي بعد سنتين من آخر تواصل مع الموقع هو أنك مكتئبة أكثر من كونك موسوسة -رغم الكتابة الجميلة الأدبية، خاصة وأنك تحملين ماجستير في النقد الأدبي-، وكنا نصحناك بضرورة علاج الاكتئاب قائلين (أيا كانت الأسباب يا "Rima" عليك أن تناقشي طبيبك في رفع جرعة دواء "سيرترالين" 50 ملغ Sertraline إلى 100 مجم وبسرعة لأن هذا سيحسن اكتئابك ويقلل من انسياقك للأفكار الاجترارية، وفي نفس الوقت أنت بحاجة لعلاج سلوكي معرفي وقتما يتيسر) كان هذا من سنتين... ولا معلومات لدينا كيف وصلت إلى هذه الحالة التي تصفينها بالحضيض، وهي أعراض اضطراب الاكتئاب الجسيم، وهذا يشمل الأعراض النفسانية والأعراض الجسدية، بما فيها نوبات الهلع
تبين سطور تاريخك المرضي مع الاضطراب النفساني كم كنت قادرة على المجابهة والنجاح رغم التحديات، ولا يبدو أنك تقعين فريسة للوساوس إلا وأنت مكتئبة أو في طريقك للاكتئاب، مررت بأزمات عدة ورغم انتصارك إلا أنك كنت تميلين إلى التقليل من إنجازاتك كلما اكتئبت، وبالتدريج أصبحت تختزنين مشاعر وأفكار سلبية تجاه ذاتك وهذا هو الأكثر سُمِّيَّةً من العائلة السامة في الطفولة، أنت الآن وحيدة كذلك وهذا يجعلك أضعف.
كل ما تصفينه يمثل خلطة من أعراض الاكتئاب والقلق ونقص تقدير الذات ويشي بعضه بالسمات القسرية وبعض السمات الهستيرية في شخصيتك وأيضًا قابليتك العالية للإيحاء، ولا يمكن علاج حالتك بالتواصل النصي مع المواقع الإليكترونية، من فضلك توجهي إلى أقرب مكان يقدم خدمات التشخيص والعلاج النفساني
واقرئي أيضا:
الجن بين الحقيقة والوهم!
الجن وعقل الإنسان!
الطبيب النفسي ينكر أثر الجن والسحر والعين مشاركة
خطيبتي والجن.. التفكير الخرافي!
أخيرا ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.