أنا مقبل على اتخاذ قرار في غاية الأهمية، وأود -إن سمحتم- أن أشاوركم في الأمر. أبلغ من العمر 31 عاما، ذو مستوى جامعي ووظيفة جيدة، وضعت منذ أمد بعيد شروطا يجب توفرها في الفتاة التي سأختارها شريكة لحياتي، وقمت بترتيب هذه الشروط على حسب أولويتها بالنسبة لي، وكانت كالتالي: الدين، والأخلاق، والرقة واللطف في المعاملة، وتوافق الطباع بيننا، وقبول العيش مع الوالدين، والمستوى الجامعي.. كل هذا مع الشكل الذي ترتاح إليه نفسي ويسرني، كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولم أكن في يوم من الأيام أتمنى فتاة يجعلني جمالها الفائق أتخلى عن شروطي، وتجعل قلبي يطغى على عقلي، وحيث إن المرأة الكاملة -كما هو الحال بالنسبة للرجل- غير موجودة، فكنت أعلم أنني يوم الاختيار علي أن أتنازل بعض الشيء، وجاء هذا اليوم، وتوفرت في الفتاة كل الشروط، إلا شرط المستوى الجامعي (أولى ثانوي). وهنا محل سؤالي الأول: هل تظنون أن لهذا الفارق أثرا كبيرا على حياتنا الزوجية؟
أما محل سؤالي الثاني؛ فهو أنه خلال محاورتي لها أبدت استعدادها للتعلم، ولكن شريطة أن أساعدها أنا في ذلك، كما لاحظت من جهتي أنه يتوفر لديها الذكاء اللازم لذلك، ولكن رغم هذا فما زالت الشكوك تراودني عن قدرتنا على تحقيق ذلك.
خاصة أنني أعلم أنه سيكون هناك مشاغل عديدة بعد الزواج قد تعرقلنا من جهة، ولا دراية لي بمدى قوة إرادتها الحقيقية من جهة أخرى..
فما رأيكم؟ وأشكركم جزيل الشكر على النصيحة، وفقكم الله.
29/10/2024
رد المستشار
أنت تسأل يا أخي الكريم: هل لهذا الفارق أثر على الحياة الزوجية؟ وأقول لك بأن هذا الفارق في ذاته لا يحدث أثرا؛ لأنه فقط يعادل 6 سنوات من التعليم، هذا هو الفارق بينك وبينها، وهذا التعليم في بلادنا -كما تعلم- يغلب عليه الحشو، وتبتعد معظم مواده عن الحياة العملية والاجتماعية، وبالتالي فليس له تأثير فادح على العلاقة الزوجية، بل ويمكن تعويضه بكثرة الاطلاع العام، ومتابعة القضايا الاجتماعية وغيرها.
ولكن التأثير يأتي من وجه آخر وهو الجانب النفسي في الموضوع؛ فأنت في داخلك ربما تشعر أن هذا نقص فيها، وهذا الشعور ينتقل إليها حتما؛ فإما أن يؤدي لفقدان ثقتها في نفسها، خاصة إذا كان الغالب على أقاربكم أو معارفكم من النساء أنهن ذوات تعليم عال، وإما أن يؤدي بها إلى نتيجة عكسية وهي أن يزداد اعتدادها بنفسها؛ فترى -مثلا- أنها وهي صاحبة التعليم الأقل ولكنها تتمتع بكذا وكذا... وأن هؤلاء الحاقدين والحاقدات من حولها لا يفقهون شيئا...
والأمر هنا بيدك وبيدها؛ فإذا استطعتما من داخلكما أن تصدقا أن هذا الفارق غير مهم، وإذا استطعتما أن تمدا جسور التواصل بينكما كما ذكرت فلا بأس، أما إذا ظلت هذه الفجوة وجها من أوجه النقص تراها في زوجتك؛ فإن النكد سيدخل عليكما من كل باب!!
أما عن سؤالك الثاني فلقد ألقى الدكتور عمرو أبو خليل الضوء على عامل مهم في إمكانية استكمالها للتعليم، وهو مساعدتك وتشجيعك لها، وتنازلك عن بعض مطالبك المنزلية، وألقيت أنت الضوء على عامل آخر، وهو قوة إرادتها.
وأنا هنا أحب أن ألفت انتباهك لأمر مهم، وهو: ماذا تتوقع أن يكون رد فعل فتاة تقدم لها فارس ذو سن مناسبة ومستوى تعليمي ووظيفي جيد، ولكن هذا الفارس وضع أمامها شرطه أو رغبته؛ وهو أن تستكمل تعليمها؟ ماذا تتوقع منها أن تقول؟ ستقول: أنا أوافق وأرحب بشرط أن تساعدني!! وهي حينئذ لا تنوي خداعك؛ فهي فعلا تريد الارتباط بك أيا كانت الضريبة... ولكن بعد شهور كما يقول المصريون "الماء يُكذِّب الغطاس"!!
وهذا ما يجعلني أقف عند عامل ثالث ومهم -غير إرادتها ومساعدتك- "الظروف المساعدة"؛ فلا تقل لي مثلا بأنكما خلال هذه السنوات الست ستنجبان ثلاثة أطفال؟! وإذا أنجبتما طفلا أو طفلين فهل هناك دار حضانة قريبة يمكن أن ترعى الأطفال في أوقات الانشغال؟ هناك أسئلة كثيرة مشابهة تتعلق بالظروف التي سيطلب فيها من زوجتك أن تحصل العلم، وتستعد للامتحانات وغير ذلك.
أخي الكريم، ادرس الأمر جيدا، وحاول أن تتخذ الترتيبات اللازمة قدر استطاعتك، ولا تنس الدعاء والاستعانة بالله..