أود شكركم على كل ما تقدمونه للناس مجانا من خدمات جعلها الله في ميزان حسناتكم..
هذه مشكلتي أنا وزوجتي، وسوف نكتب نحن الاثنين عنها سويا، آملين أن تستطيعوا مساعدتنا في حلها إن شاء الله، وسوف تكتب لكم زوجتي أولا ثم أكتب لكم بعدها إن شاء الله..
الزوجة:
لقد تزوجنا منذ سنتين، ومنذ أول الزواج وزوجي ينظر إلى نساء غيري سواء كنا في السوق أو في البيت نشاهد التلفاز مع الأهل والأصدقاء.. حينما يري أي سيدة أخرى يسارع بالنظر إليها بالرغم من أن هذا يجرحني كأنثى.
ناقشته في هذا الموضوع عدة مرات، فيقول لي إنه يلمحهن فقط أي بمجرد أن يقع نظرة عليهن يحول نظره عنهن، ولكني أري العكس أنه يطيل النظر إليهن.. نختلف ولا نصل لأي حل مما ينعكس علي وعلى نفسيتي كثيرا، فلا أستطيع أن أتجاوب معه في أي شيء في المنزل، سواء مداعبة أو حقه الشرعي بالرغم من أني جميلة، وأفعل له ما يريده في المنزل ولا أتأخر عن أي طلب يطلبه مني خاص بلبسي أو بشعري أو بأي شيء يخص هذا الموضوع.
ماذا أفعل حتى لا ينظر إلي غيري؟ لا أدري.. اتفقت معه أنه حين يلمح أي سيدة أخرى يقول لي إنه لمحها حتى لا يتركني لوساوسي وللشيطان، وطلبت منه أيضا أن يقول لي ماذا لمح في جسدها.
أصبح يقول لي مرة، ومرات عديدة لا يقول، ولكن هذا سبب لي ألما أيضا ولم يحل المشكلة، ولم أتجاوب معه أيضا في حقه الشرعي أو أي شيء آخر يطلبه مني.. فأنا مجروحة، وبالرغم من أنه كان مطلبي وهو نفذه لي إلا أنه لم يحل المشكلة.
هو يقول لي ماذا أفعل حتى أرضيك؟ إذا قلت لك لمحت هذا يجرحك، وإن لم أقل لكي لمحت تقولي لا أصدقك، وهو في حيرة في أمره، وهو مقتنع اقتناعا تاما أن الموضوع لا يتجاوز اللمح أو بالمعنى المعروف النظرة الأولى، وأني أنا شديدة الغيرة عليه، ولا يعلم حلا لهذه المشكلة.
أيضا أحس كثيرا أنه متزوج علي أو يعرف امرأة غيري، أو أنه معجب بغيري، ولكنه رجل على خلق ولن يفعل ذلك، ولكني لا أعرف سبب هذا الشعور بالرغم من أنه لم يهددني مطلقا بالزواج علي أو بمعرفة أي امرأة غيري.
أترك له الكتابة الآن حتى يطلعكم على وجهة نظره، ولكم مني جزيل الشكر على هذه المساعدة.. ومعذرة إن أطلت عليكم.
الزوج:
بالنسبة لي في هذه المشكلة فإنني لا أنكر أني ألمح السيدات، أو يقع نظري عليهن في أي موقف مما ذكرت هي، ولكن نقطة اختلافي معها أني أحول نظري أول ما ألمحها أو أغض بصري عنها، وهي تقول لي إني أيضا أري أنك لم تحول بصرك عنها بالسرعة المناسبة.. لا أعلم أي سرعة تناسبها هي.
لن أخفي عليكم أيضا أنه أحيانا، وليس بالكثير قد يطول نظري، ولكني أغض بصري بعدها، ولكن لم يحدث مرة ولمحت سيدة وأثارتني أو تمنيتها، فأنا ولله الحمد مقتنع جدا بزوجتي وأري أنها شديدة الغيرة – وقد يحزنها هذا الكلام - وتفتقد الثقة بنفسها، فإني لم أشعرها أبدا أني سأتزوج عليها، وأخلاقي لا تسمح لي بإقامة أي علاقات خارج الزواج، ومع ذلك فهي مقتنعة كل الاقتناع بأني أعرف غيرها أو متزوج عليها.
أيضا تقول لي إني أعرف أن أخلاقك لن تسمح لك بذلك، فلا أعرف ماذا أفعل؟ اتفقت معها مرة أن بيننا الشرع، أي النظرة الأولى لي، ولن أتبعها بنظرة ثانية، ولن أطيل في النظرة الأولي أي سأتحرى الشرع في هذا الموضوع وأفعله، ومع ذلك ما زالت نفس المشكلة قائمة..
أريد أن أسألكم أيضا ماذا أفعل؟ أأقول لها إني قد لمحت وهذا يضايقها؟ أم لا أقول وهي أيضا تتضايق؟ هذا الموضوع يجرحني أن أقول لها إني لمحت، وله أثر آخر سيئ، إنها تسأل ماذا لمحت فيها فأضطر لاستعادة الموقف، مما قد يذكرني بما قد لمحته وهذا يضايقني أكثر.
نشكركم على سماعكم لنا
وأطلنا عليكم.
25/10/2024
رد المستشار
أبنائي..
على الرغم من أنكما كتبتما معا، فاسمحا لي أن أرد على كل واحد منكما منفصلا.... ولكني أراه ردا كوميديا مثل مفارقات الأفلام التي تجعل من شخص يستمع لحديث موجه إلى شخص آخر كان ينبغي ألا يستمع إليه هو شخصيا.. لأنه ببساطة عنه هو شخصيا.. ولكن هذا شرطكما.
ابنتي..
من ذا الذي يستطيع أن يمنع رجلا من النظر إلى النساء، وأحيانا امرأة من النظر إلى الرجال إلا أمر الله عز وجل بغض البصر؟! أنت واهمة.. هل تتصورين أنك لو أصبحت في بيتك من كثرة اعتنائك بجمالك وشعرك وملابسك مثل جوليا روبرتس، فإنه لن ينظر إلى نيكول كيدمان لو رآها؟ أو إلى كيت وينسليت؟ أو كيت هدسون.. أو ساندرا بولوك أو الشقراء كلوديا شيفر أو الصغيرة المثيرة بريتني سبيرز!
إن الجمال ليس له شكل واحد.. والعين تهفو إلى الجمال دائما.. والنساء في عيون الرجال مثل الفواكه.. لكل فاكهة طعم ورائحة مختلفة.. ليست واحدة أجمل من الأخرى ولا تغني واحدة عن الأخرى.. ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى الرجال قبل النساء بغض البصر..
ومع ذلك فلقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي لا ينطق عن الهوى، أنه رغم كل الاحتياطات والتحرزات فقد تحدث النظرة، فقال لسيدنا علي بن أبى طالب وهو من هو: لك الأولى وليست لك الثانية.. أي أنك إن كنت سائرا ولمحت امرأة رغما عنك فلا تطل النظر إليها.
ثم أضاف في حديث بليغ ربما يلخص شهوة الرجال الكبيرة، والتي من أجلها أمرنا الله سبحانه وتعالى بالحجاب والابتعاد عن الملفتات من الملابس والزينة... قال صلى الله عليه وسلم في إقرار منه عليه الصلاة والسلام إن هذا قد يحدث:
فعن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة، فأتى امرأته زينب، فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه فقال: ((إن المرأة تُقبِل في صُورة شيطان، وتُدبِر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأتِ أهله، فإن ذلك يردُّ ما في نفسه)). أخرجه مسلم.
فلماذا إثارة كل هذه المشاكل.. وتفقدين نفسك وزوجك الاستمتاع بأحلى أيام حياتكما، وبعلاقتكما الجميلة التي تبدو كاملة لا ينغصها أي شيء إلا هذه الغيرة غير المبررة.. ولقد أشفقت على زوجك حين قال لي في رسالته: "أريد أن أسألكم أيضا ماذا أفعل، أقول لها إني قد لمحت وهذا يضايقها أم لا أقول وهي أيضا تتضايق، وهذا الموضوع يجرحني أن أقول لها إني لمحت، وله أثر آخر سيئ، إنها تسأل ماذا لمحت فيها فأضطر لاستعادة الموقف مما قد يذكرني بما قد لمحته وهذا يضايقني أكثر".
من الذكاء يا ابنتي إن أردت أن يتخلص زوجك من صفة ألا تذكريه بها.. وهذا ينطبق على كل الموضوعات وكل الصفات.. فإن الكلام الذي يتم تداوله يولد دائما مشاعر وأحاسيس وأفكارا وكلاما أكثر، وتظل القصة تدور في دوائر مفرغة متتالية... والمولود يصعب قتله ووأده... أما الصمت فلا ينتج حملا بفتح الحاء ولا حملا بكسرها...
زوجك أكد لك مئات المرات أنه يحبك، وأن ما يحدث يكون رغما عنه، وأنه يحاول جاهدا أن يرعى الله في نفسه قبل أن يرعاه فيك.. فإن غض البصر يا ابنتي فرض عليه سواء تزوج أو ظل عزبا... وهو يتوقف عن النظر حسبة لوجه الله تعالى وهذا أقوى سلاح.. فما كان لله اتصل وما كان لأجل خاطر عيونك انقطع وانفصل إذا ارتديت نظارة!!
ولدي...
أظنك قرأت ما كتبته لها!! فالمشكلة ليست عندك، ولكن عندها.. إنما أذكرك يا ولدي بغض البصر وصيانة النفس عن المحارم، فهو أحصن وأفضل... وهي صفة تستجلب الرزق الحلال وصيانة الأبناء والبنات... فلقد قال تعالى في كتابه الكريم: "وكان أبوهما صالحا".. فصلاحك يا ولدي هدية لأبنائك من بعدك وتجارة لهم عند رب العباد.
وطبعا أذكرك أن تطري على جمال زوجتك - خاصة وأنها تبذل جهدا كما يتضح من كلامها في إبرازه لك - وأن تؤكد لها دائما أنها الأولى والأخيرة في قلبك... وأنك لا ولن تستبدل بمكانتها وبحبك لها ملكات جمال الكون ولو عرضوا عليك عرضا...
النساء يا ولدي يحببن الكلمة الحلوة والإطراء، فأكثر من ذلك تكسب قلبها وراحة بالك.
ودعواتي لكما بالسعادة.