أنا فتاة عمري 24 عامًا، عشت طفولة صعبة بعدما تركنا والدي أنا وأختي حين كنت طفلة صغيرة مع والدتي لتعمل خيّاطة حتى توفر لنا الكتب المدرسية ولم تتوقف عن العمل حتى في ظروف الحرب.
كنا متفوقين في الدراسة، وكنت أنتظر بفارغ الصبر انتهاء المرحلة الثانوية لأبحث عن عمل أعيل به والدتي التي توقفت عن العمل لسوء صحتها، وعائلتي الكبيرة المكونة من عدد من النساء اللواتي لا حول لهن ولا قوة وعدد من الرجال العاطلين عن العمل ليس لهم فائدة سوى الإزعاج والتذمر.
بدأنا نعمل أنا وأختي التي تكبرني بسنة واحدة واستطعت بصعوبة بالغة التسجيل في الجامعة -إدارة أعمال- وكنت أعمل دوامين وأعود إلى المنزل ليلاً لأبدأ بمراجعة دروسي التي أتابعها من خلال بعض الصديقات.
الحمد لله استطعت التخرج في الجامعة بعد عناء طويل بمعدل مقبول لعدم مقدرتي على الحضور لكوني أعمل ليلاً ونهارًا، وكنت أطلب دائمًا الفرج من الله ليعينني في إيجاد وظيفة أفضل.. وأخيرًا وجدت الوظيفة التي كنت أحلم بها في شركة أجنبية براتب أفضل.
بعد ذلك طلبنا أنا وأختي التي تخرجت في قسم الصيدلة بتفوق من عائلتنا أن تنتقل إلى منزل أفضل من المكان الضيق الذي كنا نعيش فيه ظنًّا مني أني سأستطيع دفع الإيجار وكافة المصاريف بعد إيجادي لهذه الوظيفة الجيدة.
اعتمدت عائلتي علينا وكانوا فخورين بي وبقوة إرادتي وعزيمتي دائمًا، بالنسبة للعمل كان الجميع يشهد بأخلاقي العالية وتفانيّ في العمل، ودائمًا يتم ترشيحي للترقيات.
الحمد لله أنا فتاة محجبة وألبس العباءة، وجميع الموظفين من مسلمين وأجانب محترمون في التعامل معي، ولكن مشكلتي بدأت مع المدير العام الذي يخضع له الجميع ويخاف منه الكل.
حيث لاحظت في البداية نظراته الغريبة وكان معظم كلامه ليس عن العمل، بل دائمًا يتغزل بي وبجمالي ويطلب مصافحتي، مع أني شرحت له أني مسلمة ولا يجوز ذلك، ولكنه يطلب مني نسيان كل تلك القواعد كما يسميها وأن هذه هي الحياة القصيرة التي يجب أن نستمتع بها.
حتى جاء اليوم الذي بدأ فيه بالتحرش بي، في البداية ظننت أن لمسته لي كانت غلطة غير مقصودة، ولكن فيما بعد بدأ يطلب مني معانقته بحجة أننا أصدقاء وطلب مني أن أعيش معه وأنه سيجعلني أذهب معه حول العالم، علمًا أنه رجل ذو غناء فاحش، ولكني استنكرت منه كل تلك التصرفات وطلبت منه أن يحترم ديني ومعتقداتي وواجهته في كل شيء، ولكنه قام بالتحرش بي مرة أخرى، ولمسني أكثر من مرة، سواء يدي أو خلف ظهري وذراعي.
وكان يمسك بي بشكل مباغت لكنه مقصود، مظهرًا إعجابه الشديد بي، بكيت وحدي بشدة وشعرت أنه تم استغلالي وحزنت واكتأبت، لم أستطع أن أفكر بترك هذا العمل مع اعتماد عائلتي علي، وخاصة أن الجميع محترمون جدًّا معي ما عداه.. والمشكلة أن الكل يخضع له.
الآن هو يتجاهل كل ما قام به ولا يزال يطلب مني أن أصافحه ويحرجني أمام الجميع بذلك، علمًا منه أنني لا أستطيع إحراج رجل بهيبته ومركزه أمام جميع الضيوف الحاضرين كأنه تحد منه، ويكرر تصرفاته.
لا أستطيع إخبار أحد، خاصة أن حقوق المرأة في البلاد التي أعيش فيها هي للأسف كتابية فقط ويتم لومها هي على ما حدث لها، وهو لديه قوة ونفوذ وأنا لا أستطيع تخييب ظن عائلتي.
علمًا أن هذا الشخص الحقير يحضر للمكتب لفترات فقط ويراسلني دائمًا بالكلام المعسول، محاولة منه لجعلي أنسى ما قام به من تصرفات والتي أتوقع أنه سيعاودها مرة أخرى.
كالعادة يقول لي إنه لا يعتبر الأمر كما أعتبره.. إنها مجرد علاقة بين سكرتيرة ومديرها، بل أكثر، حاولت مواجهته وتجنبه ولكنني خائفة وبعد كل هذا التعب وصعوبة الحصول على الوظيفة، ونظرًا لوضع عائلتي لا أستطيع ترك هذا العمل لأجل شخص واحد.
عائلتي يعتمدون عليّ ويظنون أنني الفتاة القوية التي يأملون منها كل الخير، ولكنني بدأت أفقد ثقتي بنفسي، ولا أدري إلى ماذا سيقودني ذلك،
ولا أستطيع تجاهل تحرش هذا الشخص بي بكل بساطة، هذه مصيبة وابتلاء وأريد أن أحافظ على كرامتي وسلاحي الوحيد هو دعاء الله عز وجل بجلاء همومي. ساعدوني..
26/10/2024
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
تحرش هذا الرجل لن ينتهي، ولكن ليس هناك مدير عام لا رئيس له. استفسري عن القواعد والضوابط المهنية في المكان الذي تعملين فيه.
ما يمكن أن يقدمه الموقع من نصيحة هو كالآتي:
١- لا يكفي أن تكتبي للموقع عن التحرش الذي تتعرضين له ولكن عليك أن تشاركي المعاناة التي تمرين بها مع من حولك من زملاء.
٢- كذلك في نفس الوقت ليس هناك ما يمنع أن تؤرخي كل تحرش تتعرضين له من هذا الوغد وتفاصيله لأنه إن حان الوقت للتحقيق في هذا الأمر يوماً ما فالمطلوب منك تفصيل كل حدث وتاريخه.
٣- هذه الأيام يستعمل الكثير الهاتف الجوال لتسجيل أي نقاش بينك وبينه حول هذا الموضوع. هذا التسجيل قد يساعدك مع تقديم شكوى ضده.
الأهم من كل ذلك لا تستلمي له أبداً ولا تخافي منه فمثل هذا الوغد رجل جبان وفي النهاية سيبحث عن فريسة أخرى حين يدرك بأنه لا يستطيع السيطرة عليك وسيتوقف تحرشه.
هداك الله.
واقرئي أيضًا:
السكوت على متحرش تستر على مجرم!
التخلص من المتحرش الفاسد.. منطق الانتقام أم الضمير؟!
المواجهة والعلنية.. استراتيجية لوقف المتحرش!
مصارحة المتحرش: المواجهة جزء من العلاج!