السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في البداية أنا طالب في السنة الرابعة بإحدى كليات القمة.. وكنت أريد التحدث عن قصتي.
إنني أبلغ من العمر 21 عاما وقد عشت حياتي عاكفا على العلم واهتمامي بالمستوى الدراسي في كل مرحلة تعليمية مررت بها حيث تفوقت والتحقت بالكلية التي كنت أحلم بها.. كل هذا ولم يكن في حياتي ما يعرف بالمشاعر والعواطف والأحاسيس أو حتى الحب تجاه الجنس الآخر. لذا فإني جاد في تعاملاتي مع الآخرين إلى حد ما ولكني خجول جدا في تعاملي مع أي فتاة فلا أستطع التعامل معهن ولم يتسلل إلى قلبي أي شعور بالحب تجاه أي فتاة سواء كانت تربطني بها صلة قرابة أو حتى زميلة دراسة (معاملة عادية).
هذه حياتي باختصار حتى يوم 4 من رمضان المعظم، الساعة التاسعة مساء وبالتحديد حين فرغت من صلاة القيام وخرجت من المسجد الذي كنت أصلي فيه ووقفت أمامه منتظرا أصدقائي حتى يخرجوا فإذا أنا واقف أجد جسدي قد اقشعر وقلبي قد وجل ووجهي بدا محمرا.. ماهذا؟ هذا ما شعرت به حين رأيت فتاة جميلة للغاية تخرج من مصلى النساء فنسيت انتظار أصدقائي وأخذت أتتبعها دون أن تراني.. يعني ملاحقتها إن صح التعبير وهذا لم يكن من أخلاقي في شيء وكذلك سولت لي نفسي لأني أحسست أني أحبها واستمررت في متابعتها حتى فئت إلى أمر الله وعدلت عن متابعتها وابتعدت.
جاء اليوم التالي ووجدت نفسي أقف في انتظارها بعد انتهاء الصلاة وتكرر ما حدث من قبل في داخلي وأعماقي وأخذت في ملاحقتها مرة أخرى حتى لاحظت أني أتبعها في كل مكان تذهب إليه وهكذا الوضع يتكرر من يوم 4 رمضان حتى يومنا هذا ولم أستطع التوقف.. ماذا أفعل هل أذهب إليها وأحدثها بمشاعري نحوها وأطلبها للزواج حيث أني لا أعرف أي معلومات عنها ولا حتى اسمها فقط أعرف عنها ما رأيته في وجهها الجميل وحسنها، وأيضا أنا لن أستطيع الزواج قبل عام حيث أنتهي من دراستي الجامعية وألتحق بمجال العمل وهذا أمر يسير بالنسبة لي..
فماذا أفعل؟ علما بأني أسرح وأفكر فيها باستمرار ولم أستطع المذاكرة..
رجاء الرد علي ولكم جزيل الشكر.
3/11/2024
رد المستشار
أتذكر الصحراء؟ هل تتصور أن حياتك تشبهها رغم تفوقك الدراسي ونجاحك الباهر فيها!.
فرغم سنوات عمرك الصغيرة فإنها جرداء لا زرع فيها ولا ماء، كلها رمال صفراء كثيفة أضناك السير فيها كما أظمأك مناخها الجاف فصرت متعطشا تحتاج ولو قطرة ماء لترتوي.
وفتاتك التي لا تعرفها هي قطرة الماء التي تحتاج إليها في صحرائك؛ دون أن تدري أنها فقط تمثل "احتياجا شديدا" رغم أنها قد لا تناسبك أو ظهورها كان في وقت لا يناسبك أو قد تخص آخر!.
وسأوضح لك ما أقصد.. فلقد خلقك الله عز وجل –وكذلك كل كل البشر- وبك ميل فطري تجاه الجنس الآخر أتعرف منذ كم عاما؟ منذ ما يقرب من ثماني سنوات فالرجل يبلغ غالبا في الثالثة عشرة ومنذ هذه السن يبدأ بداخله نمو ميل فطري أودعه الله فيه تجاه الجنس الآخر من أجل إعمار الأرض بالشكل "الوحيد" المشروع ألا وهو الزواج ولكن هناك الكثير من الأسباب التي تعوق دون الزواج في هذه السن كاكتمال الشخصية واكتمال التعليم والإمكانات المادية وظروف كل مجتمع وما إلى ذلك.
ولكن معك قد يكون لسبب نشأتك أو قوة تدينك، وكذلك خصائص شخصيتك التي تتسم بالجدية والانضباط تقدمت تلك الأمور عن الميل الفطري فظننت اختفائه!.
فظل متواريا حتى اضطرك للاعتراف به وظهوره على السطح بعد أن انتظر مناخا "تقبله" ليستهويك وتحترمه لأنك جاد ولا مانع من أن يضفي عليه غموضا وبهجة وسط ذهولك لتنتبه إليه بقوة.
فكانت فتاة حسناء تخرج من مسجد في أيام رمضان المباركة هو أنسب مناخ ليحثك على الاعتراف بوجوده وليبقى العقل والمنطق جانبا أو ليذهب للجحيم فكم شقي –الميل- منهما دون أن تدري!.
ورغم اعترافي بالفطرة وبأن المشاعر تجعل الحياة أكثر بهاء وتعطيها رونقا أخّاذا وسحرا متميزا فإنني لا أرضى لك أن تضع كل هذا في غير موضعه الحقيقي فتخدع نفسك وتستمر على ما أنت عليه!.
قد أتفق معك أن الحب في بدايته ربما لا يكون مسببا ولكنه بعد ذلك يحتاج لمعرفة عن بيّنة لشريك الحياة وصبر وجهد ورعاية وتقبل وأمور كثيرة لنحافظ على بقائه حيا دون ذبول أو موت.. فهل من المنطق أن يحدث الحب مع إنسان لا أعرف حتى اسمه وأستسلم لخيالات ومشاهد سابقة التجهيز تعلمناها من الأفلام وروايات الحب الملتهب فننتظر حسناء ملائكية تمشي في حياء لنضع قلبنا بين يديها! أو أن نصطدم الاصطدام الأسطوري بكتف فتاه على غير موعد أو أن نحب فتاة الجيران حين تفتح النافذة فجأة حين نفتحها نحن أيضا؟! فهكذا أنت تفعل.
فلعل حسناءك يختبئ وراء وجهها خصال لا تروق لك كالعصبية أو التكبر أو غيره مما لا يتوافق مع طباعك وقد لا تتوافق مع عائلتك ولا فكرك أو مستوى دراستك... ألا يمكن أن تكون مرتبطة أو متزوجة؟! ألم تفكر في حرية اختيارها لعلها لا ترضى بك شريكا لحياتها فمن حقنا أن نحب ومن حق الآخرين الاختيار... فأين أنت من ذلك كله؟.
لم يبق أمامي سوى دفاع واحتمالين أرجو عدم وجود أحدهما: فالدفاع هو دفاع عن نفسي ضد أن أتهم بأني ضد الحب والمشاعر فمن يتتبع إجاباتي فسيعلم أني دوما أدافع عن عالم الحب والمحبين مادام في وجود الضوابط الشرعية المعروفة.
وأما الاحتمال الذي أرجو عدم وجوده هو انزلاقك إلى نوع من الوسواس نسميه كنفسانيين "وسواس الحب" والذي بدأت في اتباع بعض أعراضه كالتتبع والانتظار إلا أنه احتمال ضعيف لا أحب وضعه في المشهد ولكن انتبه لما قلت لتدركه وحتى لا تكون أحد ضحايا ذلك الوسواس لأنه وسواس ثقيل الظل والدم.
والاحتمال الآخر أن تحسم الأمر فتأخذ خطوة جادة مع نفسك وليس معها فمادمت لن تستطيع التحدث حول الزواج قبل عام وأتصور أكثر من ذلك قليلا فلتنتبه للدراسة من جديد فتنتهي منها على خير لتحقق أول مقومات قبولك سواء لها أو لغيرها لتنتقل للمقوم الثاني وهو التحاقك بعمل يحقق لك مستقبلا يطمئنك ويطمئن أهل أي فتاة لترتبط بك وحتى يحين ذلك لا تقم بأي تصرف يهز صورتك أمام نفسك أو أمامها.
ورغم اعترافي بصعوبة ما أطلبه منك فإن الحقيقة هكذا تكون أحيانا مؤلمة صادمة، لكن عزاءنا الوحيد أننا نحترمها لأننا لا نرضى لأنفسنا أن نعيش زيفا أو وهما أو وضعا لا نرضاه لها.