قصص الخيانة.. لا تنسوا أبواب السماء
بسم الله الرحمن الرحيم.. الإخوة الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
في البداية أحب أن تكون بداية رسالتي هي الدعاء لكم بأن يسدد الله -عز وجل- خطواتكم، ويرزقكم نور البصيرة، ويلهمكم رشدكم، وأن تكونوا دائما محل ثقتنا وثقة جميع أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- اللهم آمين..
الإخوة الكرام حفظكم الله.. إنني سعيدة في موقعكم هذا.. وفي هذه الزاوية الرائعة التي أتمنى من الله -عز وجل- أن يكون من خلال تصفحها لمن يعنيه الأمر الهداية والرشد ورؤية الحق من خلال ردودكم الشافية بإذنه تعالى.
في الواقع كنت قد قرأت بعض مشاكل بعض الأخوات في قصص الخيانة مع أزواجهن، وقد أعجبتني جدا جدا وللغاية قصة الأخت التي أخذت بيد زوجها الذي سار في هذا الطريق، وقد ذرفت دموعي لقصتها؛ ليس لأن زوجها قام بذلك في حقها، ولكن لروعتها!! وقد نشرتم مشكلتها بعنوان: الزوج الخائن وممثلة الإغراء: قصة نجاح هذه الإنسانة التي لم تسِر في طريق ضياع زوجها ودمار بيتها وأسرتها، بل سارت في طريق الحق، وقد كان جزاؤها أن أحبها زوجها حبا شديدا، وأبدى لها شدة تعلقه بها من خلال ما قامت هي به من تصرفات قلما وُجدت فيمن تلقت تلك الصفعة من زوجها. وأنا أريد في هذا المجال أن أقدم ولو القليل من النصيحة الثمينة لأخواتي المسلمات.
في البداية أقول لك يا أختي الكريمة: إن زوجك وبيتك وأسرتك أغلى ما تملكين في هذه الدنيا.. فماذا يكون واجبك تجاه ما تملكين من كنوز ثمينة؟
أولا: إن كنت غير ملتزمة وبعيدة عن الله فأهم خطوة تبدئين بها هي التزامك وقيامك بواجباتك الشرعية، ولن أطيل طبعا في هذا الموضوع، ولكن أبين لك باختصار ما المفروض عليك؟
ثانيا: إن كان زوجك غير ملتزم فابذلي ما بوسعك وجهدك كي يعود إلى الله، وأنا على ثقة بالله وبك؛ لأن الزوجة تمتلك الأساليب الرائعة لأن يتقبل زوجها نصحها أو تذكيرها له بالله. ولا أقول لك: إن الأمر ينتهي هنا؛ فيجب عليك أن تكوني دائمة التذكير له بالله وبأسلوبك الذي يحبه منك، وكل زوجة تعلم ما يحب زوجها وما يكره، ثم بعد ذلك أقول لك يا أختي الكريمة والفاضلة.. وبعد أن ذكرت لك الأهم والأساس الذي يجب أن يكون أقولها لك وبكل يقين وتأكيد على ذلك: إن كنت تخافين على ما تمتلكين من الضياع فسأذكرك وأهديك إن شاء الله إلى السير في طريق آمنة وغير شاقة وسهلة جدا وقريبة، وليست بالبعيدة المتعبة؛ وهي التجاؤك الصادق إلى الله بالدعاء.. هذا السلاح الذي إن تسلحت به تكوني قد امتلكت أقوى وأعظم سلاح تدافعين من خلاله على ما تخافين أن يضيع منك.
أقولها لك يا أختي: اجعلي شروط الدعاء متوفرة بك، واجلسي في لحظة صدق مع الله -عز وجل-، وارفعي يديك الطاهرتين، واذكريه بلسانك المتعطر بذكره الدائم، وناجيه.. واذرفي الدموع من عينيك المتلألئتين نورا من النور الذي رُزقتِه من تلاوتك لكتابه الكريم.. وقولي له سبحانه وتعالى من قلبك الخاشع: يا رب احفظ لي زوجي.. يا رب.. أعنه على غض بصره.. واحفظ فرجه.. ادعيه -سبحانه وتعالى-، وألحي عليه بالدعاء، ولا تيئسي من رحمته فإنه سبحانه وتعالى واسع الرحمة. وأذكرك يا أختي الكريمة ألا تنسي نفسك وأولادك في دعائك.. ادعيه لكل ما تحبينه لك ولزوجك ولأولادك ولكل من تحبين، ولا تنسي في دعائك المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات.
الإخوة الكرام.. أرجو من الله المعذرة على إطالة رسالتي.. ولكن ما جعلني أكتب هذه الرسالة هو خوفي على الزوجات المسلمات من الضياع بسبب التصرفات غير المحمودة عواقبها، ويكفي كل زوجة تأخذ بيد زوجها بسبب وقوعه في هذه المعصية أنها نالت رضى الله إن شاء الله؛ وذلك بسبب إنقاذها لمسلم من التهلكة عدا أنه زوجها، ورب أسرتها، وكم هو عظيم أجرها عند الله عز وجل إن شاء الله .
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفق بين أزواج وزوجات المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات.. وأن يزرع في قلب كل منهم محبة وودّ الآخر.. وأن يديم ذلك الرباط الوثيق بينهم ويهديهم.. ويصلح بالهم.. اللهم آمين يا رب العالمين.. وأسأل الله لكم أيها الإخوة الكرام العاملون في هذه الزاوية أن يبارك فيكم ويعينكم على كل ما يرضي وجهه الكريم.. اللهم آمين.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
8/12/2024
رد المستشار
في علاقة المسلمين والمسلمات بعالم الغيب خلط وخلل أراه يتسع في إدراكي له يومًا بعد يوم.
ونظرة عميقة من مسافة معقولة ببصيرة وتأمل ستكشف فورًا أن المسلمين والمسلمات ينسون أحيانًا وجود الله واليوم الآخر، ويكفون أحيانًا أخرى عن التفكير والتخطيط، والخوض الجاد في غمار الحياة، ناهيك عن التصدي للظلم الاجتماعي أو السياسي، والاكتفاء في دعم فلسطين ومناصرة أية قضية بالدعاء لله، وتنقسم الآراء بين قائل بأهمية الدعاء، وذكر الآثار الواردة في فضله، ويذكره البعض بوصفه من وسائل نصرة أهلنا في فلسطين.
والدعاء مخ العبادة، والغافل عنه مسكين محروم من خير كثير، وفي الوقت ذاته فإنه لا يقوم مقام أي جهد مطلوب في عالم الفعل المادي، وهذه الأفعال المادية المباشرة هي من العبادة أيضًا، وهي واجب على كل صاحب هدف.
وفي حالة الخيانة وغيرها لا أرى من المناسب القول بأن الدعاء هو أقوى سلاح.... إلخ؛ لأن هذا معناه مقارنته بالأسلحة المادية الأخرى، مثل سلاح الأنوثة، أو الحب، أو غيرها من الأمور المفتقدة، أو التي تغفل عنها النساء. وأرى أن هذه المقارنة من الخلط الذي أنتقده؛ فالدعاء شيء آخر، وهو سلاح من نوع مختلف، ولا أحب أن يقال لصاحب الحاجة: "عليك بالدعاء".. هكذا ودمتم، بل نتعلم كيف نفهم مشاكلنا بأسبابها وملابساتها، وظروفها وجذورها، وكيف نسد مواضع الخلل في الأداء الشخصي والاجتماعي؟ وكيف نتعاون جميعًا للإنجاز؟ وهذا فيه فقه غائب، ومعارف ناقصة لم أسمعها في شريط، ولم أقرأها في كتاب، ولم أشاهدها في برنامج على الفضائيات، أما فنون الذكر والدعاء، وأثرها في حياة الإنسان فيمكن أن يجد الباحث عنها عشرات التسجيلات بالساعات، وآلاف الصفحات، والمواعظ المؤثرة.
يا إخواني إذا كان فقه الدين لدينا غائبا، وحضورنا في عالم الغيب ضعيفا، فإن فقه الدنيا لدينا منعدم، وحضورنا في عالم الشهادة فضيحة.
وعليه فإن كلماتك الطيبة يا أختي الكريمة لها قراءتان "على الأقل": واحدة تقول: لا تنسوا وسط العمل والتخطيط واستخدام الأسلحة الأنثوية والعاطفية.. أن الدعاء باب يغفل عنه كثير من الناس على أهميته، وقراءة أخرى سالبة لا أظن أنك تقصدينها، ولكنها شاعت في حياتنا وأفسدتها، لذا لزم التنويه.