السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة في العشرينيات من عمري، خطبت منذ أشهر لقريب لي يكبرني بعامين.
المشكلة الأساسية تتلخص في أني لا أريد التحدث مع خطيبي في أي شيء يخصني، ولا أريده أن يعرف أي شيء عني ولا عن أحلامي، وهذا الشيء يضايقه جدا ويضايقني أنا أيضا، حاولت عدة مرات ولم أفلح، وكذلك أخجل منه جدا، وأعامله بجفاء كثير، وأحيانا أتصنع الحنان.
إذا سمح وقت حضراتكم أحب أن أحكي القصة من البداية ليتضح لسيادتكم أسباب ذلك:
حينما كان عمري سنتين سافرت إلى دولة خليجية مع والدي حيث كان يعمل هناك، وجئت إلى بلدي بعد أن أخذت الشهادة الابتدائية، وقد أثر جلوسي في تلك الدولة على طباعي، فجعلني شديدة الهدوء وانطوائية جدا، خاصة أنه كان عندي استعداد داخلي شديد لذلك حيث إن أمي مثلي، على العكس عائلة والدي؛ فهم متفتحون واجتماعيون جدا، فكنت دائما أنفر من الجلوس معهم، خاصة أنهم كانوا دائما يسخرون منا ويقولون عنا: "إننا شايفين نفسنا أولاد ذوات، وهما أقل منا، ونحن متكبرين عليهم".
حتى نشأ كره داخلي تجاههم، أنا لا أكرههم، ولكني أحس بعدم الرغبة في وجودي معهم، وكنت دائما أدعو الله أن أتزوج من شخص يحبني جدا حتى أغيظهم، ويأخذ حقي منهم، ويعلمهم أني "كويسة".
وسبحان الله خطبت لقريبي (من عائلة والدي) من الممكن أن يكون ربي يفعل بي ذلك ليثبت لي أنه هو الوحيد الذي يمكن أن يساعدني، ولا بشر يقدر على ذلك.
عندما طلب خطيبي يدي لم أعرف ماذا أقول، لم يكن لي سابق تعامل معه تقريبا لعدم اختلاطي القوي بالعائلة، وهو كان لا يسخر مني، ولكني قلت: لو رفضت هذه الخطبة فسيحدث قطع أرحام، وأنا كنت أحب والدته فوافقت.
هو يقول: إنه يحبني ويريدني، ولكني لا أعرف كيف أتعامل معه، وإذا سخر مني في أي شيء تافه أتشاجر معه بعنف، وإذا جاء شيء يخص الأموال "فالعيلة كلها تقومها في دماغه أني أتكبر عليه"، وللأسف هو يحب العائلة جدا ويقتنع بكلامهم.
أنا أخاف جدا أن يفضل عائلته علي، ولا أعرف كيف سنتعامل مع عائلته.
بالله عليكم ساعدوني وقولوا لي كلاما عمليا يريحني؛ فأنا لا أريد شيئا نظريا؛ فأنا حاولت ووجدت أني أمثل ولا أتعامل بطبيعتي.
للعلم أنا لا أكره خطيبي، بالعكس هو بحنانه علي استطاع أن يجذبني له.
7/11/2024
رد المستشار
هناك سؤال يفرض نفسه في بداية إجابتي وهو:
هل هناك سبب آخر يدفعك للزواج بهذا الشاب غير الأسباب التي ذكرتها؟!
هل فرص الزواج بالنسبة لك –مثلا- قليلة مما اضطرك للقبول بهذا الشاب خوفا من العنوسة؟ هل حظك من الجمال قليل؟
أنت ذكرت أسبابا لا يقوم عليه الزواج: تقولين إنك تخافين من قطع الأرحام، وتقولين إنك كنت تحبين والدته، وتقولين: إن الله فعل ذلك ليثبت لك أنه هو الوحيد الذي يمكن أن يساعدك!
قرار الزواج أمر مصيري ولا يُبنى على هذه الطريقة في التفكير.. لذلك فإني أكرر: هل هناك دوافع أخرى؟!
إن لم يكن هناك أسباب فما الذي يضطرك إذن للارتباط بشخص توجد بينك وبينه كل عناصر الصراع؟ فهناك شيء ما في العقل الباطن للأسرتين يشعر أنك أعلى منه مستوى، وهذا الشيء يشبه النار التي تحت الرماد التي يتراءى للناظرين أنها خامدة بينما هي في حالة استعداد دائم للاشتعال إذا هبّ قليل من الهواء عليها!!
ستظل هذه الحقيقة موجودة بينكما، والدليل على هذا هو أنك مع أي سبب تافه تتشاجرين معه (بعنف)، وهذا لا يحدث إلا من امرأة تحتقر زوجها بشكل أو آخر...
تقولين أيضا: إنه إذا حدث شيء يخص الأموال فإن (العيلة كلها تقومها في دماغه أني أتكبر عليه)...
عناصر الحب مكتملة إذا؟!!
لا تقولي لي: أنا لا أكره خطيبي وإنه استطاع أن يجذبك بحنانه... فليست المشكلة في كراهيتك له، وإنما المشكلة ستكون في كراهيته هو لك إذا استمر شعورك تجاهه على هذا النحو، وعندئذ لن يستمر في حنانه الذي تتحدثين عنه!!
ربما تكون إجابتي قاسية، ولكني أرى الأمر واضحا، إذا وجدت في نفسك في فترة الخطوبة (حبا) و(احتراما) يزداد تجاه هذا الشاب فهذا خير، أما إذا وجدت أن المشاعر سترد دون نفس المبرر وهو أنكم لا تستطيعون الفراق...
سيدتي ،
قد تخسرون قليلا أو كثيرا إذا اخترتم الاختيار الأول...
وقد تخسرون قليلا أو كثيرا إذا اخترتم الاختيار الثاني...
ولكنكم ستخسرون كل شيء إذا اخترتم ألا تختاروا...
سيدتي ،
أعلم وأشعر بمعاناتك؛ فهي ليست باليسيرة أبدا، وأدعو الله أن يريك الحق حقا ويرزقك اتباعه، إنه سبحانه مجيب الدعاء....
لعلك تستخيرين استخارة وتدعين دعاء وأنت صائمة... و"دعوة الصائم لا ترد"