أنا أتابعكم منذ فترة طويلة، لكني أخجل من أن أشارك الآخرين مشكلتي، لكن الحق أن رسائل الإخوة شجعتني، وكما قال أحد الخبراء فإن جدار الإنترنت يشجع كذلك. بداية أؤكد أني لا أطمع في حل، الحل صعب ويكاد يكون مستحيلا، لكني أريد أن أحكي...
مشكلتي هي علاقة أبي بنا (بأمي، وبي، وبإخوتي)! أبي ابن عم أمي، تزوجا دون اهتمام بالمشاعر، هو كان في سن الـ21عاما وهي ذات 17 عاما. أعترف أنه عانى الكثير.. الفقر والجهل، لكن من البداية أعلن أبي أن القوة هي الأمر السائد كان يضرب أمي كثيرا، ويتعامل بخشونة لم يكن ينصت لطفل من أطفاله، لم أكن قد ولدت لكن أمي تحكي وإخوتي والعائلة، ثم سافر إلى الخليج حيث الغربة والمال وعاد بالمال الذي يضاف لقوته وعنفه، في إجازته كان لا يهتم بأن يقضي وقتا مع الصغار، فقط التخطيط لاستثمار الأموال، وقد أنجب خلال سفره 3 أطفال ليصل عددهم إلى 6 أطفال، وعندما عاد شعر أن أطفاله لا يعرفونه، وأن الفجوة كبيرة جدا، دائما كان يعيش في مسقط الرأس وتركنا نعيش في العاصمة يزورنا يومين كل أسبوع، وقد تطول المدة، وقد ظننت أني اعتدت خلافات أبي وأمي والمشاجرات على أشياء تافهة جدا، وقد تنتهي بضربها وأن تتمنى هي الموت وتسأل إلى أين تذهب ولمن تلجأ؟ لكن لا أستطيع أن أعتادها خاصة أن الصغار كبروا وتزوج أخي وأختي، وذاع الأمر بين أصهارنا أن أبي دائما يشخط ويصرخ، ولا يقبل المناقشة ولا يهتم لو سب أحدنا أمام الناس حتى وصل الأمر إلى أننا أصبحنا نتحاشى الحديث معه.
الأزمة أنهم أقارب والدائرة ضيقة، ولكن الأحوال لم تنصلح أبدا، بل تزداد سوءا. أبي أمر أختي الكبرى بالزواج من شخص ليس أفضل منها، لكنه رفض الانتظار لفرصة أفضل لأنها تعاني من مرض في القلب، ادعى أنه فعل ذلك بسببي أنا وأخت أصغر مني عملا بالعادة المعروفة أن تتزوج الكبرى حتى لا تحرم أخواتها الصغار من الزواج، ولم يخجل من أن يجاهر بذلك، وما يترتب عليه من مشاعر حقد بين الأخوات، والحق أن زوجها سيئ وقد احتملت كثيرا إلى أن واجه مشكلة مالية واستدان دون علم أبي فغضب أبي، وأعلن أنه لن يدخل بيته، كيف وبه فلذة كبدك؟ ثم ما سيظن زوجها بنا وهي أيضا تسأل لمن تلجأ؟
الله يخفف دائما من المصائب، الأولاد طيبون الأكبر يحبنا جدا، ويسعى لإرضائنا، لكننا نكاد نتمزق بسببه؛ لأن زوجته لا تسطيع إنجاب أطفال نحاول مساعدته بكل طاقتنا.
أبي ينسى الأمر مدة طويلة، ثم يتحدث فيه بخشونة دون مراعاة لحساسية الأمر (لا أريد أن تجف شجرتي، أريد ولدا يحمل اسمي). أبي توقف عن العمل وهو في سن الـ45 عاما اعتمادا على ما جمع بالخليج؛ ولأن الناس ستسأل لماذا يعمل ولديه مبلغ عالٍ، وهل قال الله للأغنياء أن يتوقفوا عن السعي وراء الرزق.
وبالطبع اختل التل لأنه لا يوجد من ينميه، والآن نعيش بالكاد. أبي لا يستطيع مساعدة أخي الثاني في الزواج ويستمر في مناكفته حتى إن أخي اشترى شقة وفق مقدرته المالية فاتصل أبي بوالد خطيبته، وأعلمه أنه يرفض أن تتزوج ابنته في مثل تلك الشقة، وأحدث هذا أزمة بين أخي وأصهاره.
والمشكلة أن أبي أصر على رأيه؛ وهو ما دفع أخي لرفع صوته على أبي أمام أصهاره. والآن هم لا يتبادلون الحديث. وهو لا يتحدث كذلك مع أخي الثالث؛ لأنه يساند أمي.
أبي يخاصم أمي كثيرا لا يتحدث معها ويرفض الطعام والثياب منها لأيام ثم يعود لاستعمال هذا الأشياء، ثم يعود بعد أيام ليتحدث إليها وهو يرفض العتاب فلا نستطيع أن نسأله لماذا غضب في الأساس.
وصل الأمر إلى أن قال إنه يريد طلاقها لكنه لن يفعل خشية الناس وكلامهم. أكثر من مرة يحلف أنه سيعاملها كأخته ولا يخجل من أن يقول لن أعاشرها لن ألمسها، سأعاقبها بالهجر في الفراش. مئات المرات سوينا الأمر بينهم لكن الأمر يسوء يوما بعد يوم.
رغم أن لديه 6 أطفال ولا يتحدث معنا أبدا ولا يهتم بمشاكلنا ولم يهتم بأن يساعدنا على المرور من مرحلة المراهقة.
كذلك أمي.. لكنها لا تقرأ ولا تكتب وأبي يستطيع ودائما يعيرها بذلك، لكن لم يفعل شيئا إيجابيا لعلاج هذا القصور. اكتفى بالتعيير أمام الناس والسخرية منها.
أصبحنا نهاجمه أمام الناس؛ لأنه لا يشغل باله بنا لكنه على استعداد لأن يرعى أبناء صديق له سافر للسعودية يهتم بكل تفاصيل حياتهم: العيش، الجبن، الملابس الأسعار زادت عليهم ولم تزد علينا. وقد كرر الأمر أكثر من مرة. إننا جميعا لا نستطيع تفسير حبه للناس وكرهه لنا.
الآن يكتفي بالمشاجرة بخصوص مصروف البيت وعدم صباغة أمي لشعرها الأبيض، وصوت أخي العالي.
منذ 4 شهور اختلف مع أمي وأنا لا أذكر السبب، نسيته، لا يتحدث مع أمي أبدا ويسبها دائما، أمي أصبحت تدعو عليه. وأنا أكره أن أنظر إلى وجهها أو وجهه حين يتشاجران. لا يوجد أي مؤشر على قرب الصلح، إننا لا يمكن وصفنا بعائلة مسلمة أبي لا يصلي كثيرا ولا يلومنا إذا لم نصلِّ. أنا وأخواتي نصلي دائما. كثيرا لا ألقي عليه السلام، أرفع صوتي لأعبر عن غضبي وكذلك إخوتي، أختي سافرت في بعثة وقابلت مسلما أجنبيا، لكن عائلته تسير على نسق الإسلام ومترابطة وهي تفكر في الزواج منه رغم الفروق بحثا عن الجو العائلي المسلم. أنا لا أومن بالحب، وأشعر أنني لا أستطيع أن أثق بأحد.
مررت بتجربة اقتراب شخص في الـ50 من عمره مني، والحق شعرت بحاجتي إليه وتمنيت أن يعوضني عن حنان أبي المفقود، لكني فكرت في الأمر وابتعدت عنه، أنا في الـ23 من عمري.
الحق أن آراء الخبراء لديكم ساعدتني في اتخاذ القرار. من فضلكم حاولوا أن تقرءوا رسالتي عدة مرات. أنا أكتب وأنا منفعلة أول مرة أوجه كلامي لغريب.
هل ترون ما أمر به وما يحطيني من مشاكل أبي وأمي و5 أشقاء ومشكلتي أنا وما يفرضه علي سني من التفكير في الزواج والذي أصبحت أخشاه ولا أصدق فيه.
لقد سرق أبي منا الغد فلا أرى ما قد يحدث بعد ذلك. بالمناسبة الأخ الأكبر رئيس قناة فضائية. أختي درست الآداب ولديها دبلوم دراسات عليا، أخي الثاني درس التجارة ويعمل بالإعلام، أخي الثالث درس اللغات ويعمل بالإعلام، أنا وأختي نعمل في الجيش على درجة ملازم. رغم ذلك أبي يرى أننا سيئون وأنه لا يوجد من بيننا طبيب محترم. ويمدح في جيران أطباء لكنهم دون مستوى الشبهات. هل ترى لذلك حلا، أرجوك أخبرني به، أكره أن أعامل أبي بفجاجة،
أرجوك أخبرني، أرجوك انشر مشكلتي كاملة حتى يرى الآباء ما يفعلون بنا حين يكونون بعيدين عنا.
شكرا لكم.
25/11/2024
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
استشارتك ليست بالغريبة في المجتمع الشرقي، بل وحتى في المجتمع الغربي أحيانا. تم الزواج بين الأقارب وفي سن مبكرة حيث لم يتجاوز سن والدك ٢١ عاماً ووالدتك ١٧ عاما ومن الصعب القول بأن مثل هذه الزيجة ستكون مكللة بالنجاح. من جانب آخر سافر والدك من أجل كسب الرزق ومساندة عائلته وتحمل ما تحمل في بلاد الغربة وفعل ذلك بصراحة من أجل عائلته.
بعدها عاد وتوقف عن العمل ولم تتغير طباعه كثيراً تجاه والدتك ولا تجاه أطفاله. رغم ذلك فإن التقييم الموضوعي للعائلة يكشف عن نجاحكم جميعاً في العمل رغم قسوة الأب وجبروته.
والدك حاله حال الكثير من الرجال الذي يعرف رجولته بقسوته على زوجه وعلى أطفاله، وهذه المعتقدات يتم توارثها أباً عن جد، وربما ما يفسر جبروته الآن هو اكتسابه لهذه الثقافة من البيئة التي نشأ فيها. كذلك لا يصعب تمييز سماته الشخصية بالنرجسية بكل معنى الكلمة، والأمل الوحيد هو أن يتغير تدريجياً مع تقدمه في العمر.
العيش في بيئة تتميز بالعنف المنزلي تترك آثارها أحياناً على الإنسان حيث يشعر بالكراهية تجاه بعض أفراد العائلة وتدفعه صوب استقطاب الآراء والاكتئاب وفقدان الأمل.
حاولي الانتباه إلى هذا الجانب من سيرتك والذي مصدره عدم وجود أي تعلق بينك وبين الوالد. التعرض لمثل هذه الصدمات في مراحل الطفولة قد تدفعك لاتخاذ قرارات مصيرية لا تساعد رحلتك في الحياة. ما حدث بين والدك ووالدتك لن يتكرر معك، وستأتي الفرصة لكي تختاري شريك حياتك أنت بنفسك برضـى أو بدون رضى الوالدين وتحرصين على رعاية عائلتك الجديدة في المستقبل.
لا يوجد ما تستطيعين أن تفعليه مع والدتك وهي قادرة على التعايش بصورة أو بأخرى مع والدك.
والدك قد يتغير بعض الشيء وتنخفض نرجسيته.
والدتك لن تتغير، ولكنها بالتأكيد فخورة بنجاح أطفالها الآن وفي المستقبل.
والثقافة التي دفعت والدك ووالدتك للزواج لا تتكرر في ثقافة عصرنا هذا.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
أكره أبي.. ومرضه لن يغفر خيانته
أبي نرجسي وأخي متحرش: صدمات وعقابيل!
أنا وأبي: مطارق وقواقع وصخور
أبي.. ولكن كيف لا أكرهه!!
مشاكل أسرية أبي وأفكاري السوداوية
أبي صعب المراس م