السلام عليكم
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 ربيعا قضيت 18 عاما من عمري خارج بلدي بسبب عمل والدي في دولة خليجية ورجعت لبلدي ودخلت جامعة أهلية، كنت فتاة ذات مزاج غريب وصعب يختلف تماما عمن هن بجيلي. وكان انطباع أي شخص عني للوهلة الأولى أنني إنسانة متكبرة، وسمعت الكثير من التعليقات والمقالات، إلا أنني أملك خصلة جميلة جدا وهي عدم المبالاة وكانت من أجمل خصالي حقا.
كنت أهتم بملبسي كثيرا، ربما ستستغربون الآن، والله إني لا أحتاج إلا نصف ساعة فقط لتجهيز نفسي، أنا لا أضع المكياج أبدا سوى الكحل في عيني، وعندما أصل للجامعة كأن أميرة وصلت وتعليقات الإناث أكثر من الذكور، والجميل أنه كانت معي في نفس الجامعة خالتي الصغرى وقريبة لي أيضا ولا تزال علاقاتنا قوية حتى بعد التخرج والحمد لله، كنت فتاة اجتماعية والأغلبية تظنني من خارج البلد ويفاجئون جدا بشخصيتي بعد التعرف علي.
حاول كثير من الشباب التعرف علي وكنت أستغرب من ذلك؛ فأنا لا أملك هذا الجمال، ومظهري الخارجي يوحي بقوة الشخصية والجدية، لا أخفي عليك القول حتى دكاترة الجامعة حصلت معهم مواقف عجيبة، وجاءت سنة تخرجي وكنت خائفة جدا بسبب مشروع تخرجي، لأني أدرس علوم الحاسب. ولكن فجأة وبدون سابق إنذار رأيت ذلك الوجه الغريب الذي أدخل إلي شعورا غريبا لا أعرف بما أصفه، لم يعجبني لما رأيته أول مرة. إلا أنه بدأت التساؤلات، هل يدرس في الجامعة؟ هل..؟ هل..؟ هل..؟
أحببته أصبحت أراقبه دون أن يشعر. لا ألاحقه عفوا بل إذا رأيته أمامي أراقب تصرفاته، لا بل أضحك معهم إذا ضحكوا، لم أعرف اسما له ووضعت له اسما افتراضيا. أخبرت صديقاتي، تعجبن أنت تحبين شخصا كهذا، انظري لملبسه، انظري... انظري.. لم أتوقف بدأت صديقاتي بمضايقتي وإعطاء ألقاب عليه ولم أكترث لذلك.
وبدأت خطتي.. شيء بداخلي يدفعني إليه، كنت أعرف أحدهم ورأيته يحادثه، طلبت أن أتحدث معه وأخبرته أن إحدى صديقاتي معجبة به فمدحه كثيرا، حصلت على رقمه وما أجملها من فرحة، لم أتصل به لأني لم أكن أحب الهواتف المحمولة آنذاك، استخدمت هاتف صديقتي، وبدأت أبعث له الرسائل لأكتشف من هو.
كان شيء بداخلي يتمنى أن يجد شيئا به أكرهه، أخاطب نفسي ماذا حل بي، إنها لعنة حلت بي، ما هذه الكارثة يا إلهي؟! أحببته جدا، وجدت فيه كل ما أتمناه، قلت له كل شيء عن مراقبتي له دونما يشعر، وبعض حركاته التي أضحكتني.
تعجب مني كثيرا وأحبني، كان هادئ الطباع ما شدني إليه أكثر، مسالما ولكنه جامد جدا، خائفا مني أنا الدخيلة التي لا يعرف من أين هبطت عليه؟ طمأنته عني، وقلت له كل شيء عني، بدأت أخرجه من عزلته العاطفية، تفاجأ أصدقاؤه منه، فطوال فترة وجوده بالجامعة لم يحادث فتاة أبدا.
كان انسجاما هادئا لطيفا، الكل لاحظه، شابته بعض الخصومات، ومع الوقت لاحظت أنه يحاول أن يقول لي شيئا، لم أكترث به لكنني أحسست به، وإذا هي مشكلة كبيرة، فقد كان والده من كبار التجار المعروفين بالبلد إلا أنه خسر كل شيء من أموال وبيوت وعقارات، وهرب والدهم إلى الخارج، ليبدأ من جديد، وكان الشاب يعاني بشدة من هذا الوضع، وكان يلمح لي بأنني لن أصبر على هذا الوضع، وقفت إلى جانبه أخبرته بقصص أعرفها وبقصص من محيطه هو، وكنت أمازحه وأخبره أن هذا حسد، وأحيانا ابتلاء، والدك لم يكن يصلي. وكان يهدأ. وتبدأ بعد ذلك المشاكل بزيارتهم من جديد، وهكذا يأتي دوري ناهيك عما أتعرض له من مضايقات منه إذا تعصب علي.
وأنا مدللة عند أهلي ولا أتحمل كلمة تضايقني منهم، لا أعرف كيف صبرت عليه. الغريب أن كل من كان يرانا كان يقول إننا إخوة، فقد كان يجمعنا شبه كبير. وفي إحدى المرات جئت في زيارة للجامعة فجأة، وكان مقررا أن يذهب مع أصدقائه بسيارة أحدهم، ولكنه بقي من أجلي، وبعد ساعة سمعنا بحادث أصابهم، فقال: هذه أول مرة لا أذهب معهم، لقد أنقذت حياتي، والدموع تملأ عينيه على أصحابه، وانصدمت كم هو حنون.
أعرف بهذه الخصلة إلا أنها راقتني بسبب حبه لأصحابه، ولكن مشكلته بقيت معه أينما ذهب يفكر.. ينام يفكر وأنا أخفف عنه. وبعدها سافرت أمي إلى الديار المكرمة لأداء مناسك الحج فكتبت لها رسالة طلبت فيها أن تدعو لي الله بالتوفيق في عملي أولا، وأن يغنيني بفضله بالأموال أنفقها في سبيله، وأخيرا أن يوفقني الله وأتزوج من أحبه، ووضعت الرسالة في حقيبة المال كي تتذكر كلما أخرجت المال.
عندما عادت قلت لها: هل قمت بالدعاء لي؟ فقالت: نعم دعوت لكم أبنائي جميعا أن تحققوا الذي في بالكم، لكن بمرضاة الله، وليس بشيء غير ذلك.
فرحت فرحة ما بعدها فرحة، كأنهم أخبروني أنني فزت باليانصيب، ولكن بعد فترة وجيزة اتصلت به وقد كنت في مزاج سيئ جدا، فلم يرد علي، فقمت بإرسال رسالة لا أقبل أن ترسل إلي أنا. ما هذا وأنا التي كنت حريصة عليه، أحاول ألا أغضبه وأتجنب ذلك، لقد أصابني دعاء أمي (بمرضاة الله). هاتفني وهو مستاء غضبان وطلب الانفصال، ووافقت ولم أكلمه أبدا، بعدها علمت أنه كان في ضيقة شديدة.
أنا لا أريد والله منه شيئا،
"بس معقول أن يتحقق دعاء أمي ويكون نصيبي في الدنيا، طمنوني أرجوكم".
24/11/2024
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لكل أمر إيجابياته وسلبياته وسبحانه مقدر الأمور.. كم هي رائعة ثقتك بنفسك، ولكنها تكاد تفلت من يدك لتتحول من ثقة محمودة لغرور مذموم فراقبي نفسك جيدا، تصفين نفسك بالملفتة للنظر كأنك أميرة، وتذكرني كلماتك بأن للمؤمن هيبة، فإن كان الله قد حباك بحسن الطلة فهي نعمة تستوجب الشكر والحمد من جانبك.
لديك خلط واضح في الحكم على الأشياء فتتسامحين مع تصرفاتك وتكيلين النقد للآخرين، وبينما كان زميلك غافلا سعيت أنت للفت انتباهه وحين اعتذر عن الارتباط بك بسبب سوء أحواله أصررت على غايتك برغم ضيقك وزهدك في المعجبين على اختلافهم من حولك، ورغم أنك ضد المكالمات الهاتفية فإنه لا بأس باستغلال رقم صديقتك في إرسال رسائل، أريدك أن تقرئي رسالتك كما وصلتني وتحكمي عليها كما لو كانت كلمات غيرك، وكوني فكرة عن صاحبة هذه الكلمات فهذه الصورة هي ما يراه الناس وما قد يكون وصل أيضا لمن تحبين.
لا أستطيع للأسف أن أجزم بأن ما حدث هو فضل دعاء والدتك -تقبل الله طاعتها- ولا يعلم الغيب إلا الله وحده العارف أين نصيبك، ولكني أذكرك بأن أمر المؤمن كله خير، فإن أصابه شر صبر وهو خير وإن أصابه خير شكر وهو خير.
بمعرفتنا القاصرة لا نعرف حقا أين الخير؛ لذا نؤجر بمجرد الرضا بما قسم الله. ولا توجد حياة بلا نكسات وألم، ربما لم يكن فضل الدعاء بقدر ما كان غضبك لعدم استجابته لرغبتك وأنت المدللة التي اعتادت أن تنال الإعجاب دون أن تطلبه، تقولين إنك لا تريدين منه شيئا وقد يكون موقفك منه فعلا مجرد رغبة في إثبات ذاتك لأنه مشغول عنك.
أنصحك بألا تشغلي بالك كثيرا بمن كان زميلك، ولا تحاولي محاصرته فهو كما أوضح أكثر من مرة ظروفه سيئة لا تساعده على الارتباط قريبا، ولديه همومه الأسرية التي يجب عليه فعلا أن يجد طريقه من خلالها، واعتبري مواساتك له نوعا من شكر نعم الله عليك، واشغلي نفسك بما يقربك من الله ودعي الأمور تجري في أعنتها ولا تبيتن إلا خالية البال.