السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا فتاة ملتزمة وأتعلم في الجامعة تقدم لخطبتي شاب متدين وملتزم، أعرفه من الجامعة فأعطاه أهلي فترة ليسألوا عنه، وكانت هذه الفترة طويلة لأسباب معينة داخل العائلة، في أثناء هذه الفترة طلب من إحدى أخواتي في الله أن يجلس معي ليتعرف عليّ في وجودها فوافقت، وهكذا بدأت علاقتنا بعد أن كنت متيقنة من أن أهلي سيوافقون عليه؛ لأنه شاب متدين، ففي هذه الفترة تعرفنا على بعضنا، وتوثقت العلاقة وذلك؛ لأننا تأكدنا أن الرد سيكون بالإيجاب، ولكن أهلي لا يعرفون بهذه العلاقة؛ لأنهم متشددون.
بعد ذلك أصبحنا نلتقي معًا، والله يشهد أنه لم يكن بيننا أي شيء يغضب الله، وأصبحنا نتحدث في الهاتف لفترات طويلة قد تتعدى الخمس ساعات، المصيبة جاءت عندما كان الرد بالرفض عندها علمنا أن هذا قدر رب العالمين، ويجب أن نرضى به، وقررنا أن تقطع العلاقة؛ لأنها ستكون بدون سبب وهذا يخالف ديننا، ولكن بعد ذلك مرضت فقال لي إنني لن أتركك إلا بعد أن تُشفي وأطمئن عليك، وهذا ما حصل ويعلم الله أن هذه العلاقة كانت سامية جدًّا.
والآن تعافيت تقريبًا ولكننا قررنا أن نقطع العلاقة فلا نستطيع، فنقرر أنه لن يكون اتصال، ولكن للأسف لأننا تعودنا أن نتكلم معًا لا نستطيع، فنتكلم ساعات طويلة ولا ننتبه؛ لذلك فقد أصبح المسينجر لي وله حالة إدمان، لا نستطيع الابتعاد عنها.
لا أعرف ماذا نفعل خاصة وأننا تعلقنا ببعض لدرجة كبيرة جدًّا وهو في نفس الكلية معي ونسعى لأن نقطع العلاقة،
ولكن...
1/12/2024
رد المستشار
أختي الكريمة: هل يفيد الآن أن أقول لك: إنك تسرعت بجلوسك معه قبل موافقة الأهل؟!
حسناً.. سأقولها لعلها تفيد غيرك، فأمثالك ممن يحافظن على حدود الله ينبغي لهن حساب الخطوات، وإحكام الإجراءات حتى لا نصل إلى نقطة الصراع التي نحن بصددها الآن بين قلبك العاشق، وضميرك الرافض.
نحن يا أختي أمام قصة حب عادية ومتوقعة لم يكن الخطأ الأول فيها أنك تعرفت على زميل، فقد كان من الممكن أن يحدث هذا بصورة أو بأخرى "في المجال العام" دون البدء في علاقة عاطفية تطورت دون أرضٍ تُقِلُّها أو سماء تظلها.
من هنا قلنا ونؤكد أن التعارف العام بين الرجال والنساء في المجال العام لحركة المجتمع هو السبيل الثالث المهجور - عند الملتزمين - في حين يشيع سبيل "اللاعلاقة"، أو سبيل التورط فيما أنتما فيه، ولعلك تراجعين إجابتنا والنقاش الذي دار حول مشكلة سابقة بعنوان "قصة ملتزم".
لا مشكلة تكمن في مبدأ التعارف الطبيعي بحكم زمالة العمل أو الدراسة، وفي حدود الآداب والقيم الشرعية الإسلامية المعروفة، المشكلة - في حالتك - جاءت من بدء واستمرار موافقة الأهل، وما تلا ذلك، ثم زاد الطين بِلّة برفض أهلك الذي لم تذكري لنا أسبابه وملابساته!! وهل هو رفض مطلق غير قابل للنقاش أم أنه متعلق بمتغيرات اقتصادية أو أوضاع هذا الشاب المادية أو الوظيفية مما يمكن تعديله؟!! وهو بطبيعته يتحسن مع الوقت.
سؤالك يبدو متضمناً لنقص فادح في المعلومات حول هذه الجزئية، وأرجو ألا يكون هذا النقص متعمداً قصدت فيه إغفال هذه الجزئية شديدة الأهمية.
على كل حال... أنت أمام عدة اختيارات:
الأول: هو الاستمرار في هذه العلاقة، ونهاية هذا الاستمرار هو الزواج دون موافقة الأهل "في أحسن الأحوال"، وأقول هذا لأن الرجل الشرقي لا يحب أن يتزوج ممن أقامت معه علاقة –بغير علم أهلها- مهما كانت هذه العلاقة خالية مما يغضب الله "كما تقولين"، وراجعي في هذا إجابة مشكلة سابقة لنا بعنوان: "أختنا أحبت.. الشخص الخطأ"، ففيها ما يفيدك بإذن الله، وقد يأتي الرفض من ناحيتك حين تشعرين يوماً أنه ظلمك باستمرار هذه العلاقة بعيداً عن الأهل.
الاختيار الثاني: هو تعليق هذه العلاقة بمعنى تجميدها تماماً لحين إشعار آخر، فلا مكالمات هاتفية، ولا أحاديث جانبية، ولا أية أنشطة منعزلة عن المجال العام - الذي هو الكلية في حالتك - بمعنى أننا ننسحب إلى حدود مصادفات اللقاء الطبيعي الذي يحدث وسط الناس بحكم أنكما في كلية واحدة، فقد ترينه قدراً ودون ترتيب، فلا يكون أكثر من التحية العابرة ثم الانصراف كلٌّ إلى شأنه، لحين أن تتعدل ظروفه بالوضع الذي يقبله أهلك، وعندها يتقدم ثانية لعله يكون أفضل حظًّا تلك المرة.
أما الاختيار الثالث: فهو المرشح في حالة ما إذا كان رفض الأهل لأسباب تتعلق بأخلاقه وسيرته أو أسرته أو غير ذلك مما لن يتغير مع الأيام. وهذا الاختيار هو القطع الحاسم والكامل لهذه العلاقة، وطي هذه الصفحة من حياتك إلى الأبد، والتشاغل عنه وعن هذه العلاقة ببقية شئون حياتك من دراسة وغيرها، وعلى كل حال فإن ما سوى الاختيار الأول سيفرض التزامات صارمة ومؤلمة وصعبة لكنها عادلة وحكيمة وطاهرة، كما يفرض التحلل من الالتزام المتبادل تجاه الطرف الآخر حتى يتجدد هذا الالتزام أو الوعد بالارتباط حسب الظروف والأحوال.
آلام الفراق أو تجميد العلاقة ستكون حادة، ولكنها طارئة، ولن تستمر طويلاً أما آلام تأنيب الضمير، واحتقار الذات، فضلاً عن سماع الهمات، والقيل والقال مما لا يتورع عنه الناس في عصرنا هذا بالحق والباطل – فستكون إلهام مبرحة من النوع الثقيل الذي يستمر، وينال من نفس الإنسان وأعصابه فلا تجعلي العاطفة تجرفك بتيارها الهادر، وما أقوى عاطفة المسلمة الملتزمة حين تحب، وتأملي أين تقفين اليوم بالضبط، ولماذا يستمر هو أيضاً معك في علاقة تحيطها علامات التساؤل والشكوك حل المستقبل؟! إذا كنتما تريدان لهذه العلاقة أن تتوج بالزواج يوماً ما فالسبيل لهذا ليس هو استمرارها على هذا النحو السري، فالحب المرشح للزواج هو مخلوق حساس يموت تدريجياً في الظلام، ولأنه يحب النور، وينمو فيه ويتطور
وتأملي مجدداً من قبل ومن بعد في أسباب رفض أهلك له، ولا تهملي خبرتهم وحرصهم عليك، واستمري في التواصل معنا: أخبرينا عن أسباب رفضهم، وأخبرينا أكثر عنه وعن ظروفه، وعن تصورك للمستقبل في ظل مشاعرك، وفي ظل تفاعلك مع ما قلناه لك يا أخت لا تتحملي هذا العبء وحدك... نحن معك والله معنا