بسم الله الرحمن الرحمن،
السلام عليكم ورحمة الله، أود أن أطرح هذه المشكلة، سائلاً الله أن يوفقكم إلى أن تساعدوني في حلها:
لي صديق عقد قرانه منذ شهرين على فتاة مطلقة، ولديها طفلة وتكبره بعامين. المشكلة أن الفتاة سيئة السمعة؛ فهي تعرف كثيرًا من الشباب، وصديقي لا يعرف عن هذا الأمر شيئًا.
ذات مرّة كنت جالسًا مع بعض الأصدقاء في مجلس، فذكر أحد الجالسين أن هذه الفتاة طلقها زوجها وهو يصبح ولد عمها؛ لأن شاهدها مع شخص، ويذكر بأن تزوجها شخص ما وذكر اسم الصديق، وقال أحد الجالسين ما أدراك عنها قال إنهم جيراني وأعرفهم، مع العلم أن المتحدث لا يعلم أن الذي يتحدث عنه صديقي،
فماذا ترشدوني على هذا: هل أصارحه أم أستر على ما سمعت على فكرة زواج صديقي بعد ثلاثة أشهر.
وجزاكم الله ألف ألف خير على هذا العمل الجبار.
18/12/2024
رد المستشار
إضافة إلى طَلاسِم التفاصيل التي يُغفلها البعض نجد أنفسنا أمام لغة عربية ملغزة – إذا صح التعبير- في بعض الأحيان، وأنتهز فرصة سؤالك المكتوب بلغة طلسمية لأؤكد على أهمية استخدام الألفاظ الأسهل، والتراكيب الأبسط، وضمائر الإسناد الصحيحة لنفهم.
على كل حال فهمنا أنك سمعت سوءاً عن زوجة صديق لك، ولم يتأكد لك شيئًا عن أخلاق هذه المرأة المطلقة ذات الولد التي ارتبط بها صديقك فماذا تريد أن تقول له؟!
ما قاله الشخص الذي سمعت منه هو مجرد قول لا يستند إلى دليل، وأفهمنا بربك ما معنى أنه "شاهدها مع شخص" ما معنى هذه الجملة.
يا أخي الكريم، هل شاهدها تزني أم في مكان عام أم في وضع غير لائق أم ماذا؟!
هذه كلها معاني ممكنة تحتملها جملتك "شاهدها مع شخص".
فهل أعراض الناس والخوض فيها صار بهذه السهولة؟!
يا أخي، في الإسلام يُعَدُّ هذا قذفًا، إما أن يأتي صاحبه بالبينة أو يستحق حدًّا بالجلد، وليت شريعة الإسلام تُطبّق لتردع مثل هؤلاء.
يا أخي الله يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين" ويقول: "إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْم...".
فهل ترضى لنفسك أن تنقل عن فاسق لم يأتِ ببينة على قولة السوء التي يقولها غير قوله: إنه "رآها مع شخص"؟!!
بالطبع أنت مشكور على حرصك وإخلاصك لصديقك، ورغبتك في إنقاذه من هذه الزيجة لو صحَّ ما يقال عن هذه المرأة، ولكن الذي سمعته ليس في الحقيقة شيئًا يذكر.
من لديه شيء حقيقي: رأى بعينه، وسمع بأذنه فليتوجه لهذا الصديق ويخبره فهذا واجبه، وتلك شهادة هو مسؤول عنها يوم القيامة، أما الافتراء أو التُرّهات أو تسالي المجالس بالغيبة، وأكل لحوم الناس بالباطل والحرام فلا يليق بمسلم أن يفعله فضلاً عن أن ينقل عنه.
التحري عن أخلاق هذه المرأة وسيرتها ليس واجبك، ولا مسؤولاً منك إلا أن ترى بعينيك منها أو عليها ما يثبت صحة ما سمعته عنها على وجه اليقين، وكل ما تستطيعه أن تنتهز فرصة مناسبة - أو لعلك تصطنعها - لتتحدث مع صديقك عن أهمية التحري عن شريكة الحياة، وأهمية حسن الاختيار المتوازن فيه حكم العقل والقلب.. وهكذا والمزيد من السؤال عنها وعن أسرتها وملابسات زواجها الأول ثم طلاقها لن يضر، بل هو أدعى أن تقوم الزيجة الجديدة على أساس قوي من الثقة والاطمئنان، خاصة أن أوضاع المطلقات في مجتمعنا، والنظرة إليهن غالبًا ما تكون غير منصفة، فالتحري الزائد يعني الاطمئنان الأعمق، وهو أساسي لأسرة مثل هذه.
الأمر يتطلب منك حكمة في الترتيب، وكياسة في العرض، وتوجيها غير مباشر للسؤال والتحري، لا ذكر ما سمعته من قذف، فإذا فعل صاحبك ما هو لازم من استطلاع وتقصٍ، فيكون دورك قد انتهى، بغضّ النظر عن النتائج. وشكرًا لك.