السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا فتاة أبلغ من العمر 23 عاما، أعجب بي معيد في الكلية وأبدى رغبته في الارتباط بي بطريقة التلميح، ومع أني كنت مرتاحة إليه، لكني كنت غير متأكدة من شعوري نحوه وأخذت وقتا في التفكير وعند التأكد من شعوري أحسست أنني أحبه وتعلقت به كثيرا.
أحسسته بإعجابي به أيضا، ولكنه لم يتكلم، ووسطت صديقة لي كلمته فرد عليها بأنه فعلا معجب بي وكان سوف يتخذ خطوة للتقدم، ولكنه رأى أن السن مشكلة وأنه سوف يظلمني معه لأنه يكبرني بـ 15 عاما وفهم عدم ردي عليه بأنني غير موافقة على السن، وأعتقد أن تغيير رأيي حاليا أنني مجرد طالبة تأخذ مدرسها قدوة لها.
لكن عدم ردي عليه كان فرصة للتفكير فقط، والتأكد من شعوري نحوه ولم يخطر على بالي موضوع السن، علما بأنه لمح لي بفرق السن وسط كلامه ولم أهتم بهذا الفرق لأن السن لا يعني لي شيئا، وأني كنت دائما أفكر دائما في الارتباط من شخص أكثر نضجًا مني؛ لأن هذا تفكيري وأنا مقتنعة به تماما، ولأنه على خلق ودين وأعرف أنه يحبني كثيرا، ولكنه يخاف علي من فرق السن.
أنا صليت صلاة استخارة كثيرا وحلمت أنه تعبان ومتضايق.. ماذا أفعل فأنا في حيرة؟ هل أكلمه وأوضح له أن السن ليس مشكلة طالما هناك تفاهم وقبول؟ ولكني محرجة من ذلك، أخاف أن يتمسك برأيه ويحرجني، ولكني في نفس الوقت أثق فيه كثيرا؛ لأنه على درجة كبيرة من التفكير والنضج.
أفيدوني أفادكم الله فأنا أفكر كثيرا، وحالتي النفسية تدهورت كثيرا، ولا أعرف ماذا أفعل..
أرجوكم أجيبوني.
27/12/2024
رد المستشار
كم هو سخيف حين نشعر بحب شخص ونتمنى الارتباط به، فنجد أمرا أكثر سخافة كفارق السن قد أطل علينا برأسه القبيح ثقيل الظل وسط هذا الإحساس الجميل ليقلبه رأسا على عقب! ولكن.. هل هذه هي الحقيقة؟ سؤال جدير بالإجابة.. فلقد أرغمتني جملة سطرتها أن أقف أمامها محدقة حين قلت: "وعند التأكد من شعوري أحسست أنني أحبه"!
فكيف تأكدت؟ ومتى هبط عليك سهم كيوبيد الحب وقد كنت وحيدة تفكرين لتشعري بأنه حقا حبيب لك؟ فهل تركنين لما لمستيه من حسن خلق في ساحات الدراسة، أم للمواقف المتناثرة ولغة العيون؟! فهذا لا يعني أنك تحبينه وتعرفينه كرجل ستحيين معه وستختلطين معه في أمور الحياة بما تحمله من اختبارات زواج وأبوة وقوامة... وغيره.
حقيقة الأمر أنك لم تختلطي معه إلا في جزء المعيد الخلوق، فلا زلت لم تقتربي منه بعد كرجل في ممارسة حياته أو التعرف على خصاله بحق، كما لم يرى كذلك هو منك سوى جزء الطالبة فقط ولم يقترب منك كأنثى يرجو العيش معها ويتمنى الفوز بخصال تحملينها تؤهلك لتكوني زوجة وأما.. ولكن من المهم أن تدركي أن تلك الصورة لن تظهر وتتجلى إلا بعد الارتباط الرسمي، وبضوابط ذلك الارتباط، وأيضًا في إطار العلاقة الأسرية والتواصل الجماعي.
وسأترك لك عدة نقاط لتعرضيها على نفسك بروّية.
*ليس كل "جميل" مناسبا وليس كل "إعجاب" حبا وليس كل سائل أبيض شفاف ماء.
*أنت لست في صحراء لا يسكنها سواك وسواه وهذا الوسيط اللذيذ فأين رأي أهلك في فارق السن هذا؟
*الحياة تتطلب منا أدوارا مختلفة، ونحن نكد ونكافح "قدر المستطاع" لنقوم بها دون تخاذل.. فهل نحمّل حياتنا أدوارا وأعباء إضافية رغم إمكانية تفاديها؟!
فحين تتزوجين يتطلب منك الزواج دورا في مساحة الزوجة، ودورا في مساحة الأم، ودورا في مساحة المسؤولية، وغيرها من الأدوار، لكن حين تتزوجين بمن يكبرك بخمسة عشر عاما فسيتطلب منك زواجك أن تتفهمي -أنت- أنه حين يكون لديك طفل في الخامسة والعشرين من عمرك سيكون والده قد بدأ يضع قدميه على أعتاب الأربعين، وحينها ستحتاجين لروح أخرى غير روح الأربعين. وحين يصل للخمسين سيتطلب زواجك منه دورًا إضافيًّا يتعلق بالجانب النفسي والصحي.. وهكذا كلما تقدم به وبك العمر.
*أحيانا نمر بمرحلة "احتياج" فيها نتصور أننا قابلنا من يناسبنا فنقع في سوء اختيار أو زواج دون أن نعي أننا فقط نروي هذا الاحتياج، وأحيانا يخط لنا القدر مقابلة أشخاصا متميزين فيحدث خلط في أمر دقيق جدا في الشعور بأننا نحبهم لذاتهم وأننا نحب فيهم أمورا جميلة.
أنت تحبين نضجه -وهذا ما جعله يعي فارق السن ويضع له مساحة- وعقله وخلقه لكنك ما زلت لا تحبينه هو كما هو لأنك لم تعرفيه بعد لتحبيه هو بما يحمله من خصال لا ترغبينها أو حتى خصال ترغبينها، أو بمعني أبسط هناك فرق بين أن أحب شخصًا أعرفه، وأن أحب شيئا جميلا في شخص أراه عن بعد.
*في بداية أي علاقة نجتهد لنرى الأمور كلها ونعلمها، لكنا نظل "أحرارًا" في الاختيار، لكن بعد الاختيار نكون "مسؤولين" تماما عن اختيارنا.
*أحلامنا كالطيور الصغيرة جميلة.. رقيقة.. مبهجة، لكن حين تهب ريح الواقع حتما سيطير بعضها؛ لأنها لا تقوى على مواجهتها.
*دوما يعتصرني الألم وأنا أنصح أحدكم بترك محبوبه أو من يتصور أنه محبوب، لكن هكذا تكون الحقيقة ذات مذاق غص وتأخذ وقتا حتى نراها بوضوح.