أخي أصبح عصبي المزاج 19 سنة وصعب التفاهم معه، ولا يريد أن يتكلم مع أحد سواء كان كبيرًا أم صغيرًا، بالإضافة إلى أنه يتطاول كثيرًا على أبي وأمي، ويسيء معاملة أخوتي الصغار،
رغم أنه كان مؤدب جداً وكان يسمع الكلام ويستشير أمي في أمور كثيرة وكانت أمي قريبة منه.
3/1/2025
وفي اليوم التالي أرسلت تقول:
السلام عليكم لدي إضافة
كذلك بدأ يتدهور حاله التعليمي في الكلية رغم أنه شعلة في الذكاء والفهم السريع، وأبي غير راضٍ عن أصحابه وذلك لسوء أخلاقهم، وحذرناه منهم ولكنه لا يسمع النصيحة من أحد،
وقد استعملنا معه كل الطرق بالشدة واللين. فما العمل مع أخي؟!
4/1/2025
رد المستشار
أختي العزيزة: أحمَدُ فيك خوفك على أخيك، وتذكرني الأسئلة التي ترد من أية أخت قلقة بشأن أخيها بالقول المأثور عن العرب: "الابن مولود، والزوج موجود، والأخ مفقود"، ومعناه أن الخلل لو كان في الابن يمكن أن تلد المرأة غيره، وإذا كان في الزوج يمكن أن تتزوج المرأة غيره، أما إن كان في الأخ فالمشكلة تكون أعقد من تلك الناحية، ولقد تلقيت مشكلات متعددة من إناث يتحدثن عن مشكلات أخ أكبر منهن سناً، أو أصغر، على حين لم أتلق مشكلة واحدة حتى الآن تقول: "أنا ألاحظ على أختي كذا" أو ما شابه، ويبدو هذا مفهوماً في إطار نظريات التحليل النفساني، وفي إطار الواقع العملي الذي من السهل فيه أن تبدأ الأنثى في ممارسة دور الأمومة المبكرة، والمجال يضيق عن التفصيل في هذا.
ملاحظة أخرى أحب أن أشير إليها، وهي أنك أرسلت السؤال مرتين في يومين متتاليين، وللوهلة الأولى ظننت أنه نفس نص السؤال تكررينه كما يفعل الكافة، ولكن بعد التدقيق وجدت أنك أضفت معلومة شديدة الخطورة والأهمية، بل هي المفتاح لتشخيص وفهم حالة أخيك، وأنتهز الفرصة لشكرك على هذا، وأنبه الجميع إلى أن دقة الإجابة وتوفيقها بعون الله يتوقف في جزء كبير منه على كم المعلومات والتفاصيل الهامة التي يذكرها صاحب السؤال مثل: السن بالتحديد، الظروف الاجتماعية، المستوى المادي، الأعراض المرضية "إن وجدت"، البلد الذي يعيش فيه ومستواه المادي والتعليمي.. إلخ، إن أكبر كم من المعلومات يعني أن يتحرك المستشار في حقل واضح ومحدد المعالم، أما الأسئلة المعيبة في لغتها أو الناقصة في معلوماتها فتعني إجابة عامة غالباً قد تصيب، واحتمالات خطئها متعددة.
أعود لمشكلة أخيك لأقول:
إن ما تصفيه من أعراض وتغيرات يمكن أن يكون له عدة تفسيرات: الأول: أن يكون هناك حدث معين، أو تجربة محددة قاسية قد مرت أو يمر بها أخوك، وتندرج الاحتمالات من الصدمة العاطفية إلى تعاطي المخدرات في صحبة "رفقاء السوء" الذين هم الكلمة المفتاحية التي أضفتها في رسالتك الثانية.
الثاني: أن يكون أخوك على أعتاب اضطراب نفسي أعمق من مجرد التغير في الطباع، وفي هذه الحالة ستظهر أعراض أخرى غير ما ذكرت مثل: التأخر في القدرات العقلية والدراسية، والتصرفات الشاذة، وعدم الاهتمام بالمظهر والملبس والنظافة الشخصية، والانعزال عن الناس، والمشكل أن هذه الأعراض تتشابه إلى حد كبير بين من يتعاطى المخدرات ومن يعاني مقدمات مرض نفسي، ويفضل في الأمر معرفة معلومة التعاطي من عدمه، ومراجعة طبيب في الطب النفساني.
الثالث: قد يكون الأمر مجرد رد فعل على أسلوب تعامل غير سليم من الأسرة: الأب والأم والأخوة. فمازال أخوك في سن المراهقة، وهي مرحلة تعرف الكثير من التغيرات البيولوجية والمزاجية، وتحتاج إلى تفهم وتعاون من المحيطين.
وفي كل الأحوال فإن المطلوب منكم هو الاقتراب والتفهم، والحكمة وسعة الصدر، والصبر والقدرة على استيعاب تحولات هذه المرحلة بدلاً من التوجيه والنقد واللوم المستمر فهذا كله عقيم، بل ويؤدي إلى عكس المرجو منه.
يحتاج أخوك إلى من يثق فيه، ويتبادل معه الود اللطيف، والحب الأسري الدافئ فيكون موضع سره، وملجأ شكواه، ويحتاج إلى صحبة صالحة غير التي يعرفها الآن، ويمكن المساعدة في ذلك عبر أشقاء صديقاتك أو غير ذلك من المصادر، كما أنك مرشحة للقيام بجزء من دور الصحبة إذا مددت جسور التفاهم معه بمشاركته فيما يهتم به، ومساعدته في شئونه الحياتية، وقضاء بعض حوائجه الشخصية بقدر المستطاع، والإنصات إليه مهما كان حديثه، وتفادي النقد المباشر حتى يتسع صدره لتقبل النصح منك، ولنتوجه جميعاً إلى الله أن يصلح حاله وحالنا، وأن يلهمنا الحكمة في التعامل مع الحياة بأحداثها وأشخاصها فهو سبحانه الحكيم يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يُؤتَى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.. وفقك الله..
وتابعينا بالأخبار