أنا شاب في الثلاثين من عمري، أعمل محاسبًا بإحدى دول الخليج.. وحقيقة حتى يتضح الأمر أنا دخلي ليس بالكبير؛ لأني حديث العهد بالعمل الذي أعمل فيه ((أقول هذا لأن المادة قد تكون جزءًا من مشكلتي)).. بفضل الله سبحانه وتعالى تزوجت من فتاة تصغرني بـ10 سنوات، أحببتها كثيرًا وحبي لها يزداد يومًا بعد يوم، وأنجبنا طفلة عمرها الآن 10 أشهر..
مشكلتي -أحبابي في الله- أن زوجتي لا تعيش معي في البلد الذي أعمل فيه لظروف عدة، منها المادية التي لا تسمح لي بأن تقيم معي دائمًا، ومنها الاجتماعية التي تتمثل في والدتي المريضة التي تجلس زوجتي لرعايتها.. مع العلم بأن بالبيت نفسه الذي تسكن فيه زوجة أخي، ولكن زوجتي أقرب لأمي منها.
خلاصة القول إنني لا أستطيع أن آتي بزوجتي لتكون معي دومًا، وحقيقة أنا أعاني بدونها، فحياتي ليس لها طعم من غيرها، فأنا أشتهيها جنسيًّا جدًّا، وأحتاجها لتكون معي دومًا، ولكني لا أستطيع.
فكرت كثيرًا لحل هذه المشكلة فوجدت حلاًّ وسطًا، وهو أن آتي بها كزيارة كل 5 أو 6 أشهر تكون معي شهرين ثم تسافر، ثم بعد 5 أو 6 أشهر أسافر أنا إليها وأقضي معها ومع أسرتي شهرًا أو اثنين على الأكثر؛ لأن ظروف عملي لا تسمح إلا بهذا.. أحبابي أرجو منكم تمام الرجاء أن تشعروا بكمّ معاناتي في البعد عن زوجتي وحبيبتي وأم طفلتي.
وبالفعل أرسلت بالزيارة إلى زوجتي وفرحت كثيرًا جدًّا أكبر من فرحي أنا.. وبعد أن استعدت للمجيء إليّ وقبل السفر بحوالي 15 يومًا، وكنا نَعُدّ باليوم حتى نلتقي بعد فراق دام 4 أشهر إذا بزوجتي تقول لي، وشعرت بأنها تتقطع من داخلها: أنا لا أريد السفر. قالتها لي بعد أن جهزت لها سكنًا أرهقني ماديًّا جدًّا فجاءني كلامها هذا كالصاعقة.. فقلت لها هل أنت متأكدة من كلامك، قالت نعم.. قلت لها إذن أنت لا تلزميني أبدًا اجمعي كافة أغراضك، واذهبي إلى أهلك وسأرسل لك ورقة طلاقك قريبًا.
صعقت من كلامي هذا وكادت أن تموت.. المهم أيها الأحباب ما أردت بهذا الكلام إلا تهديدها، وصدقًا إن أصرت فسأفعل.. بعد وقت صعب ظل ثلاثة أيام حرب داخلية في بيتنا وبيتهم.. أهلي لا يريدونني أن أطلقها وأنا أصر أن تذهب إلى بيت أبيها وأطلقها؛ لأن صدمتي فيها كانت كبيرة.
وبعد أن كدت أموت من الغيظ جاء الخيط الذي أوصلني إلى الحقيقة والذي جعل زوجتي تنقلب في يوم وليلة ولا تريد السفر ((إنه أخوها الأكبر يا سادة الذي هو وليّها بعد وفاة والدها منذ 10 أشهر رحمه الله)) إنه إنسان.. بماذا أصفه ((يكفى أن أقول: لساني عاجز عن وصفه)) المهم.. أخو زوجتي المبجل لا يريد لزوجتي أن تسافر معي لحجج واهية يظهر منها التعنت، وعدم موافقة عمه فهما جماعة سوء.
عذرًا.. أريد أن أدعو لهما وأقول اللهم أصلح حالهما، ولكني لا أستطيع إلا أن أقول اللهم انتقم منهما وأرني فيهما يومًا أسود.. المهم الموضوع كبر جدًّا بين العائلتين، وزوجتي كانت تريد السلامة لي ولأهلي بعد تهديداتهم بأن ابنتهم إن سافرت فسيفعلون بأبي أو أخي أو بي كذا وكذا... كل هذا بعد أن جهزت سكنًا لزوجتي، وكذلك تذكرة السفر لها ولابنتي.. فماذا أفعل؟!
فكنت حائرًا بين خيارين.. أتركها لا تأتي إليّ وأعيش بلا كرامة طول حياتي، فأين الكرامة أيها الأحباب وزوجتي التي في عصمتي وفي بيتي يحكمها الآخرون ويقفون حائلاً بيني وبين سعادتي أنا وزوجتي.. أم أطلقها وأستريح.. وكيف أستريح وأنا أظلمها وأظلم نفسي قبلها لأني أحبها جدًّا.
المهم أيها الأحباب.. بعد تفكير كبير جدًّا اخترت حلاًّ وسطًا، هذا الحل كاد أن يخسرني عملي لولا تفهم صاحب العمل، وإن كنت خسرت بهذا العمل خسارة ليست بالكبيرة، منها أن درجتي الوظيفية تأخرت، وشكلي أمام صاحب العمل الذي أصبح ليس بالمريح نظرًا لكثرة سفري وتركي للعمل، غير الخسارة المادية طبعًا.. الحل كان هو أن أسافر يومًا أو يومين وآتي أنا بزوجتي وليكن ما يكون.. وبالفعل سافرت وأجهدني السفر ماديًّا جدًّا، ولكن لا يهم.
وسافرت وتحديت الجميع ولما سافرت لزوجتي قويت شوكة زوجتي، وقالت لن أدعك أبدًا مهما كان فأنا معك أينما تكون.. لما سافرت حدثت بعض الأمور عالجتها بحكمتي وتريثي، وأخذت زوجتي بعد أن أصدر أهل زوجتي فرمانًا بأن يقاطعوها للأبد، وأنها ليست ابنتهم؛ لأنها اختارت زوجها على أهلها.
المهم أيها الأحباب.. جئت أنا وزوجتي إلى البلد الذي أعمل فيه، وقضيت شهرين هما أجمل أيام حياتي على الإطلاق.. ورجعت زوجتي وتركتني الآن وحيدًا.. أين المشكلة أيها الأحباب؟!
المشكلة تتلخص في أخو زوجتي.. فهو يريد أن يزور أخته في بيتي بعد ضغط من بعض أفراد عائلته المحترمين والذين ساعدوني في الإتيان بزوجتي، ولكن أنا أرفض تمامًا أن يدخل هذا الإنسان بيتي إلا بعد أن يتصل بي هو وعمه تليفونيًّا ويقدمان لي الاعتذار وإلا فلا يدخل بيتي أبدًا، كذلك زوجتي لا تذهب إلى بيت عائلتها أبدًا؛ لأني أشعر أنهم أناس سوء ربما يفسدون عليّ زوجتي.
المهم أحبابي.. زوجتي غاضبة من هذا الفعل وأنا أريد أن أسترجع بعضًا من كرامتي وأشعرهم أنه أخطأ هو وعمه حتى لا يعودا إلى مثل هذه الأفعال الدنيئة في المستقبل.. لا تقولوا إنني أريد أن أقطع رحم امرأتي، حاشا وكلا أن أفعل شيئًا يغضب الله سبحانه وتعالى، ولكن أريد أن أردع هذا الإنسان وعمه عما يفعلان.. وفي الوقت نفسه أنا لا أرفض زيارة أم زوجتي أو إخوتها البنات لها في بيتي أو حتى أخوالها ليس عندي مانع أبدًا من زيارة هؤلاء، ولكن الأمر يقتصر على أخيها وعمها.
فماذا أفعل جزاكم الله خيرًا؟! أرجو الرد بسرعة فإنني في حيرة.
19/1/2025
رد المستشار
يا رجل.. يا طيب..
لقد أثبت أنك أهل لزوجتك وهي أهل لك.. فهذه الإنسانة الطيبة التي تختارها حماتها لتعيش معها.. وحين ينتوي ابنها أن يطلقها تقف له هي -أي أمه- بالمرصاد.. فزوجتك إنسانة رائعة وأنت شخص طيب واضح، نظيف القلب، طاهر المشاعر.. فأيها الشخص الطيب.. هل تريد أن تستمر المشاكل؟!
زوجتك لن تستطيع التبرؤ من أخيها.. قد تبتعد عن عمها.. ولكن أخاها؟!
لا يمكنني أن أنصحك بقطيعة الرحم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس شيء أطيع الله تعالى فيه أعجل ثوابًا من صلة الرحم، وليس شيء أعجل عقابًا من البغي وقطيعة الرحم".
أقول لك إنه قد ورد أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعون، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. قال: "لئن كنت كما تقول فكأنما تسفهم المل (المل هو الرماد الحار)، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك".
يا ولدي..
لم تذكر مكان نشأتك أنت وزوجتك أو المحافظة التي تعيشان فيها وأهليكما.. ولكنني أعتقد أنكما ما دمتما من مصر فإنها إحدى محافظات الصعيد.. حيث ما زال للأخ الأكبر أو العم أو حتى الأب سطوة على البنت حتى بعد زواجها.. وما زال لكبير العائلة وحكمائها كلمة مسموعة عند الجميع.. ولم يصل إليها -تلك المحافظات- بعد هذه الاستقلالية الكئيبة التي تجعل كل شاب أو فتاة وكأنه نبتة بلا جذور في صحراء واسعة يتحرك حيث يشاء وكيف يشاء.
ولكن المفروض أن هذه الكلمة المسموعة أو السطوة تكون في الحق وبالحكمة، وليس كما فعل أخوها بمنعها عن اللحاق بك.. بل كان المتصور أن يساعدها هو وعمها على السفر إليك.
المهم يا ولدي.. سواء عرف وشعر أخوها بذنبه أو لم يفعل، فهو ما زال أقرب أرحامها.. ومن شيم الكرام -وأنت منهم- العفو والصفح حسبة لوجه الله تعالى.. ورغبة في ثوابه وفضله.. أولم تسمع قول الله تعالى: "ولا يأتلِ أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم" (النور: 22).. ألا تحب أن يغفر الله لك؟!.
ولكنني أعرف يا ولدي أن جرح الكرامة جرح غائر وقوي.. فتعالَ نصل إلى حل وسط.. يفتح لك باب مغفرة الرحمن وفضله ويحافظ لزوجتك على علاقتها بأهلها.. أعتقد أنه من المقبول أن تمنع زوجتك من زيارة بيت أهلها.. ولكن دع أخاها إن شاء أن يأتي لزيارتها في بيتك وفي وجود شخص من أهلك.. يستقبله وليكن أخوك مثلاً أو حتى والدتك.. ليعلم ويشعر أنه في بيتك وفي مملكتك وتحت فضل سماحك له بزيارة أخته.
وراجع نيتك دائمًا، لا أريد أن أقول يوميًّا، حتى تذكر نفسك إنما أنت فعلت ذلك لله تعالى لعله يرضى.. والله وحده يرد إليك الفضل والجميل.. أنت شخص طيب وزوجتك كذلك.. وأنتما زوجان متحابان.. فلا تجعل أي شيء أو شخص يفسد هذا البيت الجميل.. وثق يا ولدي أن كرامتك تصنعها أنت بحسن خلقك.. وإلا لاعتبرنا كل عظماء التاريخ بلا كرامة.. فكلهم تعذبوا وأهينوا على يد من لا يستحق ومن دفنه التاريخ في مزابله.
بارك الله لكما، وبارك عليكما، ورزقكما الذرية الصالحة.
وتابعنا دائما بأخبارك